الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان بن يسار: أنَّ طليحة الأسديَّة كانت تحت رشيد الثَّقفي، فطلَّقها، فنَكَحت في عدَّتها، فضربها عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، وضرب زوجها بالمِخفقة (1) ضربات، وفرَّق بينهما، ثمَّ قال عمر بن الخطَّاب:"أيّما امرأة نكحَت في عدّتها، فإِن كان زوجها الذي تزوَّجها لم يدخل بها، فرِّق بينهما، ثمّ اعتدَّت بقيَّة عدَّتها من زوجها الأوَّل، ثمَّ كان الآخر خاطباً من الخطَّاب، وإن كان دخل بها، فرَّق بينهما، ثمَّ اعتدَّت بقيَّة عدَّتها من الأوَّل ثمَّ اعتدَّت من الآخر، ثمَّ لا يجتمعان أبداً؟ قال سعيد: ولها مهرها بما استحلَّ منها"(2).
نَفَقَة المُعْتَدَّة
إِذا كانت عدّة المرأة رجعية فإِنها تجب لها السكنى والنفقة لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها: "إِنّما النفقة والسُّكنى للمرأة إِذا كان لزوجها عليها الرجعة"(3).
وإذا كانت مبتوتة فلا نفقة لها ولا سُكْنى (4)، كما في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها المتقدم، وفي رواية عنها: "أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب. فأرسل إِليها وكيله بشعير. فسخطته، فقال: والله! ما لكِ
(1) المِخفقة: الدِّرّة، وهي التي يُضرب بها.
(2)
أخرجه مالك في "الموطَّأ" وصحَّحه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(2124).
(3)
أخرجه أحمد والنسائي "صحيح سنن النسائى"(3186) وغيرهما، وانظر "الصحيحة"(1711).
(4)
وانظر -إِن شئت المزيد- ما جاء في "تهذيب السنن" لابن القيّم رحمه الله مع "عون المعبود"(6/ 277).
علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقال: "ليس لكِ عليه نفقة"(1).
وفي رواية: "لا نفقة لك ولا سُكنى"(2).
أمَّا قوله -تعالى-: {أسكنوهن من حيث سكنتم مِن وُجْدِكم} (3) فهذا سياقه في الرجعيَّة، كما ذكَر ابن القيّم رحمه الله في "تهذيب السنن"(4).
ولا نفقة للمبتوتة إِلا أن تكون حامِلاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نفقة لك؛ إِلا أن تكوني حاملاً"(5).
ولا نفقة للمعتدة من وفاة إِلا أنْ تكون حاملاً كذلك.
جاء في "الروضة"(2/ 165): "
…
ولا في عدّة الوفاة؛ فلا نفقة ولا سُكنى إِلا أن تكونا حاملتين؛ لعدم وجود دليلٍ يدلّ على ذلك في غير الحامل، ولا سيّما بعد قوله -صلى الله عديه وآله وسلم-:"إِنما النفقة والسُّكنى للمرأة إِذا كان لزوجها عليها الرجعة، فإِذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى"(6).
(1) أخرجه مسلم: 1480.
(2)
أخرجه مسلم: 1480.
(3)
الطلاق: 6.
(4)
انظر التفصيل في "العون"(6/ 278).
(5)
أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي، ورواه مسلم بمعناه، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء":(2160).
(6)
تقدم تخريجه قبل سطور.
وفيه (ص 166): "ويؤيده أيضاً تعليل الآية المتقدمة بقوله -تعالى-: {لا تدري لعلّ الله يُحدِثُ بعد ذلك أمراً} (1) وهو الرجعة، ولم يبق في عدة الوفاة ذلك الأمر.
ويفيده أيضاً مفهوم الشرط في قوله -تعالى-: {وإنْ كنّ أولاتِ حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ} (2) وهي أيضاً تدل على وجوب النفقة للحامل سواء كانت في عدة الرجعي، أو البائن، أو الوفاة، وكذلك يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس:"لا نفقة لكِ إلَاّ أن تكوني حاملاً"(3).
وقال في الصفحة نفسها: "وينبغي أن يُقيَّد عدم وجوب السكنى لمن في عدة الوفاة؛ بما تقدّم في وجوب اعتدادها في البيت الذي بلَغها موت زوجها وهي فيه، فإِنَّ ذلك يفيد أنها إِذا كانت في بيت الزوج؛ بقيت فيه حتى تنقضي العدة؛ ويكون ذلك جمعاً بين الأدلة؛ من باب تقييد المطلق، أو تخصيص العام فلا إِشكال".
وفيه (ص 167): "الحقُّ أنّ المتوفى عنها زوجها لا تستحق في عدة الوفاة لا نفقة، ولا سكنى، سواء كانت حاملاً أو حائلاً؛ لزوال سبب النفقة بالموت، واختصاص آية السكنى بالمطلَّقة رجعياً، واختصاص آية إِنفاق الحامل بالمطلَّقة
…
فإِذا مات وهي في بيته اعتدت فيه لا لأنَّ لها السُّكنى؛ بل لوجوب الاعتداد عليها في البيت الذي مات وهي فيه".
(1) الطلاق: 1.
(2)
الطلاق: 6.
(3)
تقدَّم قبل سطور.
وقال رحمه الله (ص 167) أيضاً: "فتقرر بمجموع ما ذُكِر أن المتوفّى عنها مطلقاً؛ كالمطلقة بائناً، إِذا لم تكن المطلقة بائناً حاملاً في عدم وجوب النفقة والسكنى، فإِنْ كانت المطلقة بائناً حاملاً؛ فلها النفقة ولا سُكنى لها.
وأمّا المطلقة الرجعية فلها النفقة والسكنى سواء كانت حاملاً أو حائلاً. وأمّا المطلقة قبل الدخول فلا عدة عليها؛ فالنفقة ساقطة بلا ريب، وكذلك السكنى، والمتعة المذكورة لها في القرآن هي عِوَض عن المهر.
والملاعِنة لا نفقة لها ولا سكنى؛ لأنها إِنْ كانت المطلقة بائناً كانت مثلها في ذلك، وإن كانت المتوفى عنها زوجها فكذلك
…
".