الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطلاق باللفظ:
واللفظ قد يكون صريحاً، وقد يكون كناية، فالصريح هو الذي يُفهم من معنى الكلام عند التلفظ به، مثل: أنت طالق، ومطلقة، وكل ما اشتق من لفظ الطلاق.
ولو قال من طلَّق بلفظٍ صريح: لم أُرِد الطلاق ولم أقصده؛ وإِنما أردت معنى آخر؛ لا يُصدّق قضاءً، ويقع طلاقه (1).
الطلاق بالكناية:
يقع الطلاق بالكناية مع النية.
عن عائشة رضي الله عنها "أنّ أبنة الجَوْنِ لما أُدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: لقد عُذتِ بعظيم، الحقي بأهلك"(2).
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلُّفه قال: " .. إِذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إِن رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أُطلّقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها ولا تقربها
…
فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك" (3).
فكلمة "الحقي بأهلك" أفادت في الحديث الأول الطلاق مع القصد، ولم
(1) انظر "فقه السُّنّة"(3/ 19).
(2)
أخرجه البخاري: 5254.
(3)
أخرجه البخاري: 4418، ومسلم:2769.
تُفِد الطلاق في الحديث الثاني لعدم القصد.
*والحاصل أن "ما يحتمل الطلاق وغيره، مثل: أنتِ بائن، فهو يحتمل البينونة عن الزواج، كما يحتمل البينونة عن الشر، ومثل: أمرك بيدك، فإِنها تحتمل تمليكها عصمتها
…
كما تحتمل تمليكها حرية التصرّف.
عن أبي الحلال أنّه وفد إِلى عثمان فقال قلت: "رجلٌ جعَل أمْرَ امرأته بيدها؟ قال: فأمْرها بيدها"(1).
وقال الزهري: إِن قال: ما أنتِ بامرأتي نيّته، وإن نوى طلاقاً فهو ما نوى (2).
ومثل: أنتِ عليّ حرام، فهي تحتمل حرمة المتعة بها، وتحتمل حرمة إِيذائها
…
والصريح: يقع به الطلاق من غير احتياج إِلى نية تبين المراد منه، لظهور دلالته ووضوح معناه.
ولو قال الناطق بالكناية: لم أنوِ الطلاق بل نويت معنى آخر؛ يُصدّق قضاءً، ولا يقع طلاقه لاحتمال اللفظ معنى الطلاق وغيره. والذي يُعيِّن المراد هو النيّة والقصد* (3).
والحديثان المتقدمان دليل ذلك.
(1) أخرجه البخاري في "التاريخ" وابن أبي شيبة في "المصنف" وغيرهما، وحسّنه شيخنا رحمه الله فى "الإِرواء"(2049).
(2)
رواه البخاري معلَّقاً مجزوماً به وذكر الحافظ رحمه الله في "الفتح"(9/ 393) وصْله عند ابن أبي شيبة.
(3)
ما بين نجمتين من "فقه السّنّة"(3/ 19) بتصرُّفٍ وزيادة، وانظر "المحلى"(11/ 493) تحت المسألة (1960).