المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النهي عن المغالاة في المهور: - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة - جـ ٥

[حسين العوايشة]

فهرس الكتاب

- ‌النِّكاح

- ‌النِّكاح

- ‌التَّرغيب في النكاح

- ‌حُكم الزواج:

- ‌الزواج الحرام

- ‌هل يقدّم الزواج على الحجّ

- ‌في ذمِّ العِشْق:

- ‌الرغبة عن الزواج:

- ‌اختيار الزّوجة:

- ‌التقارُب في السِّنِّ:

- ‌تزويج الصغار من الكبار

- ‌أيّ النساء خير

- ‌اختيار الزوج:

- ‌عرْض الإِنسان ابنتَه أو أختَه على أهل الخير

- ‌التَّزْيين للتنفيق والتّرغيب في النكاح:

- ‌صلاة المرأة إِدْا خُطِبَت واستخارتُها ربَّها

- ‌الخِطبة

- ‌ماذا يقول إِذا دُعي ليزوِّج

- ‌خِطبة معتدَّة الغير

- ‌تحريم خِطبة الرجل على خِطبة أخيه:

- ‌تفسير ترْك الخِطبة

- ‌إِذا استشارت المرأة رجلاً فيمن يخطبها؛ هل يخبرها بما يعلم

- ‌إِذا استشار رجلٌ رجلاً في المرأة هل يخبره بما يعلم

- ‌النظر إِلى المخطوبة:

- ‌إِلامَ ينظُر

- ‌نظر المرأة إِلى الرجل:

- ‌محادثة الرجل المرأة:

- ‌تحريم الخلوة بالمخطوبة:

- ‌العدولُ عن الخِطْبة وأثره

- ‌أركان عقد النكاح:

- ‌ما يُشترط في الشهود:

- ‌شهادة النساء:

- ‌ألفاظ الإِيجاب والقَبول:

- ‌الخُطبة قبل الزواج

- ‌نيّة الطلاق عند العقد:

- ‌زواج الأخرس

- ‌تزويج الصغير:

- ‌توثيق الزواج بالكتابة:

- ‌الأنكحة المحرّمة

- ‌الزواج الذي تحلُّ به المطلقة للزوج الأول

- ‌فائدة:

- ‌الشروط في النكاح

- ‌هل يحقّ فسْخُ العقد إِذا ثبَتَ العيب

- ‌فائدة:

- ‌المحرّمات من النّساء

- ‌المُحَرَّمات مُؤبَّداً

- ‌أولاً: المحرمات من النسب هنّ:

- ‌ثانياً: المحرّمات بسبب المصاهرة:

- ‌ثالثاً: المحرّمات بسبب الرضاع:

- ‌الرِّضاع الذي يثبُت به التحريم:

- ‌اللبن المختلط بغيره:

- ‌رضاع الكبير:

- ‌قَبول قول المرضعة:

- ‌لبن الفحل:

- ‌المحرمات مؤقَّتاً

- ‌نكاح الكفار

- ‌نكاح الزانية:

- ‌فائدة:

- ‌عقد المُحرم

- ‌نكاح الملاعِنَة:

- ‌نكاح المشرِكة:

- ‌نكاح المسلمة بغير المسلم:

- ‌فائدة:

- ‌تحريم الزيادة على الأربع:

- ‌تعدُّد الزوجات:

- ‌ماذا يُشترط على من يريد التعدّد

- ‌من محاسن التعدّد:

- ‌توجيهات وكلمات مضيئة في التعدّد

- ‌فائدة:

- ‌مسائل في التعدّد:

- ‌1 - مَن أَوْلَمَ على بعض نسائه أكثر من بعض

- ‌2 - إِذا تزوّج البكر على الثيّب، والثيب على البكر:

- ‌3 - القُرْعة بين النّساء إِذا أراد سفراً

- ‌4 - النهي عن افتخار الضَّرَّة

- ‌5 - استئذانُ الرجلِ نساءَهُ في أن يُمرَّض في بيت بعضهنّ:

- ‌فائدة:

- ‌الولاية على الزّواج

- ‌معنى الولاية

- ‌من هو الوليّ

- ‌شروط الوليّ:

- ‌عدم اشتراط العدالة:

- ‌المرأة لا تزوّج نفسها:

- ‌إِذا كان الوليّ هو الخاطب

- ‌غَيْبَةُ الوليّ:

- ‌ولاية غير الآباء على الصغار:

- ‌السلطانُ وليُّ من لا ولي له:

- ‌عضْل الوليّ:

- ‌اليتيمة تُستأمر في نفسها:

- ‌استئذان المرأة قبل النكاح:

- ‌الوكالة في الزواج:

- ‌المهر

- ‌حُكمه:

- ‌قدْر المهر:

- ‌فائدة:

- ‌النهي عن المغالاة في المهور:

- ‌إِثقال الصَّداق يجعل العداوة في نفس الزوج:

- ‌هل يدخل على زوجه إِذا لم يُمْهِرْهَا

- ‌ماذا إِذا دخَل بها ولم يفرض لها صَداقاً

- ‌الزواج بغير ذِكر المهر:

- ‌فيمن تزوّج ولم يُسمِّ صداقاً حتى مات

- ‌مهر المِثل:

- ‌العدْل في المهور:

- ‌العَدْل في صداق اليتيمة:

- ‌الرجل هو الذي يحدّد المهر:

- ‌متى يجب عليه نصف المهر

- ‌ماذا يجب مِن المهر إِذا أغلق الباب وأرخى الستر ولم يدخل بزوجه

- ‌فوائد متفرِّقة:

- ‌الإِمهار عن غيره:

- ‌الرجل هو الذي يُعدّ البيت ويؤثثه ويجهّزه:

- ‌النفقة

- ‌حُكمها:

- ‌ماذا إِذا كان الزوج بخيلاً

- ‌نفقة زوجة الغائب:

- ‌نفقة المعتدة

- ‌لا تنتهك المرأة شيئاً من مالها الا بإِذن زوجها:

- ‌متى يستحبّ البناء بالنساء

- ‌موعظةُ الرّجلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوَاجها

- ‌ذهاب النّساء والصبيان إِلى العُرس

- ‌استعارة الثياب للعروس

- ‌الهديّة للعروس

- ‌آداب الزِّفاف

- ‌1 - ملاطفة الزوجة عند البناء بها:

- ‌2 - وضْعُ اليدِ على رأس الزوجة والدعاءُ لها:

- ‌3 - صلاة الزوجين معاً:

- ‌4 - ما يقول حين يجامعها:

- ‌5 - كيف يأتيها

- ‌6 - تحريم الدُّبُر:

- ‌لا كراهة في الكلام حال الجماع:

- ‌7 - الوضوء بين الجماعين:

- ‌8 - الغُسل أفضل:

- ‌9 - اغتسال الزوجين معاً:

- ‌10 - توضُّؤ الجُنُب قبل النوم:

- ‌11 - حُكم هذا الوضوء:

- ‌12 - تيمُّم الجُنُب بدل الوضوء:

- ‌13 - اغتساله قبل النوم أفضل:

- ‌14 - تحريم إِتيان الحائض:

- ‌15 - ما يحِلّ له من الحائض:

- ‌16 - ولا يأتيها بعد الطُّهر إِلا أن تغتسل:

- ‌17 - جواز العزل:

- ‌18 - الأوْلى ترْك العزل:

- ‌19 - ما ينويان بالنكاح:

- ‌20 - ما يفعل صبيحةَ بنائه:

- ‌21 - تحريم نشْر أسرار الاستمتاع:

- ‌22 - وجوب الوليمة:

- ‌23 - السُّنة في الوليمة:

- ‌24 - جواز الوليمة بغير لحم:

- ‌25 - مشاركة الأغنياء بمالهم في الوليمة:

- ‌26 - تحريم تخصيص الأغنياء بالدعوة:

- ‌27 - وجوب إِجابة الدعوة:

- ‌28 - ترْك حضور الدعوة التي فيها معصية:

- ‌29 - الدعاء للعروسين بالخير والبركة:

- ‌31 - الغناء والضرب بالدُّفِّ:

- ‌32 - الامتناع من مخالفة الشرع:

- ‌1 - تعليق الصُّوَر:

- ‌2 - نتف الحواجب وغيرها

- ‌3 - تدميم الأظفار وإِطالتها:

- ‌4 - حلْق اللحى:

- ‌5 - خاتم الخطبة:

- ‌إِذا رأى المرء من امرأةٍ ما يعجبه؛ فليأت أهله:

- ‌وصايا الإِمام الألباني رحمه الله إِلى العروسين

- ‌وجوب خدمة المرأة لزوجها

- ‌حقّ الزوجة على زوجها

- ‌1 - حُسن المعاشرة:

- ‌2 - صيانتها

- ‌3 - إِتيانها ووطْؤُها:

- ‌حقّ الزوج على زوجته:

- ‌الطَّلاق

- ‌الطلاق

- ‌معناه:

- ‌مشروعيته

- ‌حُكمه:

- ‌الطلاق من حق الرجل وحده:

- ‌تحريم سؤال الزَّوجة الطَّلاق من غير سبب موجبٍ له:

- ‌من يقع منه الطلاق:

- ‌طلاق المكره والمجنون والسكران والغضبان والمدهوش ونحو ذلك:

- ‌طلاق الهازل:

- ‌الطلاق قبل الزواج:

- ‌بماذا يقع الطلاق:

- ‌الطلاق باللفظ:

- ‌الطلاق بالكناية:

- ‌حُكم الطلاق بلفظ التحريم:

- ‌الطلاق بالكتابة:

- ‌طلاق الأبكم ومن لا يُحسن العربية:

- ‌طلاق كلّ قوم بلسانهم:

- ‌إذا طلّق في نفسه فلا يقع الطلاق:

- ‌الوكالة في الطلاق:

- ‌التعليق والتنجيز

- ‌والتعليق قسمان:

- ‌الطلاق السُّني والبدعي

- ‌يقسم الطلاق إلى قِسمين:

- ‌1 - الطلاق السُّنّي:

- ‌2 - الطّلاق البدعي:

- ‌طلاق الآيسة والصغيرة ومنقطعة الحيض:

- ‌هل يقع طلاق الحائض

- ‌عدد الطلقات:

- ‌هل يقع طلاق الثلاث جملةً أم يُحسب طلقة

- ‌الإِشهاد على الطَّلاق:

- ‌الطلاق الرجعي وأحكامه

- ‌الطلاق البائن وأحكامه

- ‌أقسامه:

- ‌حُكم البائن بينونة صُغرى:

- ‌حُكم الطَّلاق البائن بينونة كُبرى:

- ‌مسألة الهدم:

- ‌هل يقع طلاق المريض مرض الموت

- ‌متى يطلّق القاضي

- ‌1 - عدم الإِنفاق:

- ‌2 - غَيبة الزوج:

- ‌3 - التطليق للضَّرر:

- ‌متعة الطّلاق

- ‌الخُلع

- ‌تعريفه:

- ‌مشروعيته:

- ‌لا يجوز التضييق على الزوجة لأجل الافتداء:

- ‌الخُلع بتراضي الزوجين

- ‌جواز الخُلع في الطُّهر والحيض:

- ‌هل يجوز للزّوج أخْذ الزيادة على المهر

- ‌المختلعة تعتدّ بحيضة واحدة:

- ‌هل الخُلع فسْخٌ أم طلاق

- ‌علاج نشوز الرجل:

- ‌علاج نشوز المرأة:

- ‌هل للزَّوجة النَّاشِز نفقة أو كِسْوَة

- ‌ماذا إِذا وقع الشِّقاق بين الزوجين:

- ‌الظِّهار

- ‌هل الظهار مختصٌّ بالأم

- ‌ماذا يفعل من يُظاهر امرأته

- ‌ماذا إِذا مسّ قبل التَّكفير

- ‌كفّارة الظهار:

- ‌الإِيلاء

- ‌تعريفه:

- ‌الفسخ

- ‌تعريفه:

- ‌اللِّعان

- ‌مشروعيته:

- ‌متى يكون اللّعان

- ‌صفة اللعان

- ‌الحاكم هو الذي يقضي باللعان:

- ‌اشتراط العقل والبلوغ:

- ‌لعان الأخرسَيْن

- ‌مسائل في الامتناع عن اللعان أو عدم إِتمامه:

- ‌ماذا يترتب على اللعان:

- ‌آداب التطليق المستنبطة من الكتاب الكريم والسّنة الصحيحة

- ‌العدّة

- ‌تعريفها:

- ‌حِكمة مشروعيتها:

- ‌أنواع العِدّة:

- ‌عِدَّة غير المدخول بها:

- ‌عدّة المدخول بها:

- ‌عدّة الحائض:

- ‌عِدّة غير الحائض:

- ‌حُكم المرأة الحائض إِذا لم تر الحيض:

- ‌سِنّ اليأس:

- ‌عِدّة الحامل:

- ‌عدة المتوفّى عنها زوجها:

- ‌عِدّة المستحاضة:

- ‌عدة المطلّقة ثلاثاً:

- ‌عدّة المختلعة:

- ‌وجوب العدّة في غير الزواج الصحيح:

- ‌تحول العدة من الحيض إِلى العِدَّة بالأشهر:

- ‌تحول العدة من الأشهر إِلى الحيض:

- ‌ انقضاء العدة [

- ‌لزوم المطلقة المعتدة بيت الزوجية:

- ‌أين تعتد المرأة المتوفَّى زوجها

- ‌لا يجوز للمعتدَّة الرَّجعية الخروج إِلا بإِذن زوجها:

- ‌حِداد المُعْتدَّة:

- ‌فائدة:

- ‌ماذا إِذا نكحت المرأة في عدَّتها

- ‌نَفَقَة المُعْتَدَّة

- ‌الحضانة

- ‌تعريفها:

- ‌الحِضانة حقٌّ مشترك

- ‌الأولى بحضانة الطفل أُمّه ما لم تنكح:

- ‌حضانة الأب:

- ‌إِذا بلغ الصّبي سنَّ التمييز خُيِّر بين أبويه:

- ‌الاقتراع على الولد:

- ‌ضابط باب الحضانة:

الفصل: ‌النهي عن المغالاة في المهور:

صحّ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق (1) "، ولا أظن مسلماً سليم الفطرة، لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق، كيف لا؟! وكثيراً ما يكون سبباً للمتاجرة بالمرأة إِلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر، والحظ الأكبر، وإلا أعضلها! وهذا لا يجوز؛ لنهي القرآن عنه" (2). انتهى.

‌النهي عن المغالاة في المهور:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنّ مِن يمُن (3) المرأة تيسير خِطبتها، وتيسير صَداقها، وتيسير رحمها". قال عروة: يعني: "تيسير رحمها للولادة". قال عروة: "وأنا أقول مِن عندي: مِن أوّل شُؤمها: أن يكثر صَداقها"(4).

وعن أنس: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه وَضَرٌ (5) من

(1) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد، والحاكم وغيرهم، وصححه شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(45).

(2)

وانظر -إِن شئت- ما قاله الإِمام ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(11/ 127) تحت المسألة (1855)

(3)

اليُمْنُ؛ أي: البركة، وضدّه الشُّؤم. "النهاية".

(4)

أخرجه أحمد وغيره، وحسّنه شيخنا رحمه الله في "الإرواء" تحت (1928)، وكان شيخنا رحمه الله قد تردد في أسامة بن زيد؛ أهو الليثي أم العدوى؟! وفي التحقيق الثاني "للإرواء" (6/ 350) قال رحمه الله:"ثم رأيت ما يرجّح أنه الليثي، وهو قول السخاوي في "المقاصد" (ص 404)، وسنده جيّد".

(5)

الوضر: لطخ من خلوق، أو طيب له لون، وذلك من فعل العروس إِذا دخل على زوجته، والوضر: الأثر من غير الطيب. "النهاية".

ص: 160

صُفرةٍ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: مَهْيَمْ (1)؟! فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأة من الأنصار، قال: ما سُقت إِليها؟ قال: وزن نواة (2) من ذهب، قال: أوْلِمْ ولو بشاة" (3).

وعن أبي سلمة قال: "سألت عائشة: كم كان صَداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صَداقه لأزواجه ثنتي عشرة أُوقية ونشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية (4) "(5).

وعن أبي العجفاء السلمي، قال:"خطَبنا عمر فقال: ألا لا تغالوا بصُدُق النساء، فإِنها لو كانت مَكرُمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أُصْدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية"(6).

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير النكاح أيسره"(7).

(1) أي: ما أمْرُك وشأنك؟ "النهاية".

(2)

جاء في "النهاية": "النواة: اسم لخمسة دراهم، كما قيل للأربعين: أوقية وللعشرين: نشٌّ

والنواة في الأصل: عجمة التمرة".

(3)

أخرجه البخاري: 2049، ومسلم:1427.

(4)

النَّشّ: نصف الأوقية، وهو عشرون درهماً، والأوقية: أربعون، فيكون الجميع خمسمائة درهم. "النهاية".

(5)

أخرجه مسلم: 1426.

(6)

أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1852)، والنسائي، والترمذي وصححه، وغيرهم، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1927).

(7)

أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1859)، وابن حبان، والحاكم =

ص: 161

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إِنّي تزوّجتُ امرأةً من الأنصار، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: هل نظرت إِليها؟ فإِنّ في عيون الأنصار شيئاً، قال: قد نظرت إِليها، قال: على كم تزوجتها؟ قال: على أربع أواقٍ. فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: على أربع أواقٍ؟ كأنّما تنحِتون الفضّة من عُرْض هذا الجبل"(1).

جاء في "الفتاوى"(32/ 192 - 194): "ويُكره للرجل أن يصدق المرأة صدقاً فيضرّ به إِنْ نَقَده، ويعجز عن وفائه إِنْ كان ديناً. قال أبو هريرة رضي الله عنه: جاء رجل إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إِني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال صلى الله عليه وسلم: على كم تزوّجتها؟ قال: على أربع أواقٍ. فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: على أربع أوَاقٍ؟ فكأنما تنحتون الفضة من عُرْض هذا الجبل! ما عندنا ما نعطيك؛ ولكن عسى أن نبعثك في بعْث تصيب منه! قال: فبعث بعثاً إِلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم. رواه مسلم في "صحيحه" (2). والأوقية عندهم: أربعون درهماً، وهي مجموع الصَّداق، ليس فيه مقدم ومؤخر.

وعن أبي عمرو الأسلمي: أنه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يستعينه في مهر امرأة، فقال: كم أمهرتها؟ فقال: مائتي درهم. فقال: لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم (3).

= وغيرهم، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1924).

(1)

أخرجه مسلم: 1424.

(2)

برقم: 1424.

(3)

أخرجه الحاكم، وأحمد وقال الحاكم:"صحيح الإِسناد"، ووافقه الذهبي، وانظر "الصحيحة"(2173).

ص: 162

رواه الإِمام أحمد في "مسنده". وإذا أصدقها ديناً كثيراً في ذمته وهو ينوي أن لا يعطيها إِياه؛ كان ذلك حراماً عليه (1).

وما يفعله بعض أهل الجفاء والخيلاء والرياء، من تكثير الهر للرياء والفخر، وهم لا يقصدون أخْذه من الزوج، وهو ينوي أن لا يعطيهم إِياه؛ فهذا منكر قبيح، مخالف للسنة، خارج عن الشريعة.

وإِنْ قصد الزوج أن يؤديه، وهو في الغالب لا يطيقه؛ فقد حمَّل نفسه، وشغل ذمّته، وتعرّض لنقص حسناته، وارتهانه بالدَّين؛ وأهل المرأة قد آذوا صهرهم وضرّوه.

والمستحب في الصَّداق -مع القدرة واليسار- أن يكون جميع عاجله وآجله لا يزيد على مهر أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا بناته، وكان ما بين أربعمائة إِلى خمسمائة بالدراهم الخالصة، نحواً من تسعة عشر ديناراً. فهذه سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مَنْ فَعَلَ ذلك فقد استن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصَّداق، قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان صَداقنا إِذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر أواق، وطبق بيديه، وذلك أربعمائة درهم. رواه الإِمام أحمد في "مسنده"، وهذا لفظ أبي داود في "سننه"(2).

وقال أبو سلمة: سألْت عائشة: كم كان صَداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان

(1) وفي الحديث: "مَنْ تزوَّج امرأة على صَدَاق؛ وهو ينوي أنْ لا يُؤدِّيه إِليها، فهو زانٍ" أخرجه البزّار وغيره وانظر "صحيح الترغيب والترهيب"(1806 - 1807).

(2)

وهو في سنن النسائي "صحيح سنن النسائي"(3140) ولفظه: "كان الصَّداق إِذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر أواق".

ص: 163

صَداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشاً. قالت: أتدري ما النشّ؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية: فتلك خمسمائة درهم. رواه مسلم (1) في "صحيحه". وقد تقدّم عن عمر أن صَداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نحواً من ذلك. فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صَداق ابنته على صَداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهنّ أفضل نساء العالمين في كل صفة: فهو جاهل أحمق. وكذلك صَداق أمهات المؤمنين، وهذا مع القدرة واليَسار. فأمّا الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إِلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة.

والأولى فعجيل الصَّداق كله للمرأة قبل الدخول إِذا أمكن، فإِنْ قدّم البعض وأخّر البعض: فهو جائز، وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصَّداق. فتزوّج عبد الرحمن بن عوف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على وزن نواة من ذهب. قالوا: وزنها ثلاثة دراهم وثلث. وزوّج سعيد بن المسيب بنته على درهمين، وهي من أفضل أَيِّمِ من قريش، بعد أن خطبها الخليفة لابنه، فأبى أن يزوجها به، والذي نُقل عن بعض السلف من تكثير صَداق النّساء؛ فإِنما كان ذلك لأن المال اتسع عليهم، وكانوا يعجلون الصَّداق كلّه قبل الدخول؛ لم يكونوا يؤخرون منه شيئاً. ومن كان له يَسار ووجد، فأحب أن يعطي امرأته صَداقاً كثيرًا؛ فلا بأس بذلك، كما قال -تعالى-:{وآتيتم إِحداهنّ قِنْطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً} (2). أمّا من يشغل ذمّته بصَداق لا يريد أن يؤديه، أو يعجز عن وفائه، فهذا مكروه، كما تقدّم. وكذلك من جعل في ذمّته صَداقاً كثيراً

(1) برقم: 1426.

(2)

النساء: 20.

ص: 164