الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يده، فَيُسْلَبُ حقّه في الولاية؛ [وللسلطان في ذلك شأن وتدبير] * (1).
جاء في "الفتاوى"(32/ 101): "وسئل رحمه الله عن رجل تزوّج بامرأة، وليها فاسق يأكل الحرام ويشرب الخمر؛ والشهود أيضاً كذلك، وقد وقع به الطلاق الثلاث: فهل له بذلك الرخصة في رجعتها؟
فأجاب: إِذا طلقها ثلاثاً وقع به الطلاق. ومن أخذ ينظر بعد الطلاق في صفة العقد، ولم ينظر في صفته قبل ذلك: فهو من المتعدين لحدود الله، فإِنه يريد أن يستحل محارم الله قبل الطلاق، وبعده. والطلاق في النكاح الفاسد المختلف فيه عند مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة، والنكاح بولاية الفاسق: يصح عند جماهير الأئمة، والله أعلم".
المرأة لا تزوّج نفسها:
ليس للمرأة أن تزوّج نفسها؛ لأنّ الولاية شرط في صحّة العقد. ومن الأدلّة على ذلك:
قوله -سبحانه-: {وأنْكحُوا الأيَامَى منكم والصَّالحين مِن عبَادكُم وإِمَائِكم} (2).
فكان الخطاب هنا للأولياء.
وكذلك قوله -سبحانه-: {وإِذا طلَّقتم النّساء فَبَلَغْنَ أجلهُنَّ فلا تَعضُلوهنّ أن يَنْكِحْنَ أزواجَهنَّ إِذا تَراضَوا بينهم بالمعروف ذلك يُوعَظُ به
(1) ما بين نجمتين عن "فقه السّنّة"(2/ 447).
(2)
النور: 32.
من كان مِنْكُم يُؤمن بالله واليوم الآخر ذلكُم أزكى لكُم وأطْهَر والله يَعْلم وأنتم لا تعلمون} (1).
قال ابن كثير رحمه الله بحذف: "
…
عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين، فتنقضي عدتها، ثمّ يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها. وكذا روى العوفي عنه. وكذا قال مسروق، وإِبراهيم النخعي، والزهري والضحاك أنها نزلت في ذلك. وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية. وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تُزوِّج نفسها، وأنه لا بدّ في تزويجها مِن وليّ؛ كما قاله الترمذي وابن جرير عند هذه الآية، كما جاء في الحديث: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها
…
" (2).
ثمّ أشار إِلى ما ورد عن الحسن قال: {فلا تَعْضُلُوْهُنّ} قال: حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه، قال:"زوجتُ أختاً لي من رجل فطلَّقها، حتى إِذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأفرشْتُك وأكرمتُك، فطلقتَها، ثمّ جئتَ تخطبها! لا والله لا تعود إِليك أبداً، وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إِليه، فأنزل الله هذه الآية: {فلا تَعْضُلُوْهُنّ}؛ فقلتُ: الآن أفعل يا رسول الله! قال: فزَوجها إِيّاه"(3).
(1) البقرة: 232.
(2)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1527) وغيره، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1841).
(3)
أخرجه البخاري: 5130.
وعن أبى موسى أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إِلا بوليّ"(1).
وفي رواية: "لا نكاح إلَاّ بِوَلِيٍّ وشاهِدَيْ عدل"(2).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيّما امرأة نُكحت بغير إِذن مواليها؛ فنكاحها باطل -ثلاث مرات-. فإِنْ دخَل بها؛ فالمهر لها بما أصاب منها، فإِنْ تشاجروا فالسلطان وليُّ من لا وليّ له"(3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كُنّا نعدُّ التي تنكح نفسها هي الزانية"(4).
وأمّا استدلال بعض الفقهاء بقول الله -تعالى-: {فإنْ طَلّقَهَا فلا تَحِلُّ له من بَعْد حتَّى تًنْكِح زوجاً غَيْرَه} (5).
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1836)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(879)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1526)، وانظر "الإرواء"(1858)، و"المشكاة"(3130).
(2)
أخرجه أحمد، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(1858، 1860)، وتقدّم.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1835)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(880)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1524)، وانظر "الإروإء"(1840)، وتقدّم.
(4)
أخرجه الدارقطني، والبيهقي، وقال شيخنا رحمه الله في "الإِرواء" (6/ 249): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(5)
البقرة: 230.