الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: إن المرأة تُقبل في صورة شيطان، وتُدْبر في صورة شيطان، فإِذا أبصر أحدكم امرأة فلْيأت أهله، فإِنّ ذلك يردّ ما في نفسه" (1).
وصايا الإِمام الألباني رحمه الله إِلى العروسين
(2):
أولاً: أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله تبارك وتعالى واتّباع أحكامه الثابتة في الكتاب والسّنّة، ولا يُقدِّما عليها تقليداً أو عادة غلبَت على النّاس، أو مَذْهباً، فقد قال عز وجل:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إِذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً} (3).
ثانياً: أن يلتزم كل واحد منهما القيام بما فرض الله عليه من الواجبات والحقوق تجاه الآخر، فلا تطلب الزوجة -مثلاً- أن تساوي الرجل في جميع حقوقه، ولا يستغلّ الرجل ما فضّله الله -تعالى- به عليها من السيادة والرياسة؛ فيظلمها، ويضربها بدون حقّ، فقد قال الله عز وجل:{وَلَهُنَّ مثْل الذي عَلَيْهِنَّ بِالمعْرُوف ولِلرّجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة واللهُ عَزِيزٌ حَكِيم} (4). وقال: {الرِّجالُ قَوَّامُونَ على النِّساء بِمَا فَضَّل اللهُ بعضهم على بعض وبمَا أنْفَقُوا مِنْ أمْوَالِهِم فَالصَّالحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ للغيبِ بِما حَفِظَ الله واللاتي
(1) أخرجه مسلم: 1403.
(2)
عن "آداب الزفاف"(278) بتصرّف.
(3)
الأحزاب: 36.
(4)
البقرة: 228.
تخافون نُشوزهنّ (1) فَعِظُوهُنَّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهن فإِنْ أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً إِنّ الله كان عليّاً كبيراً} (2).
وقد قال معاوية بن حيدة رضي الله عنه: يا رسول الله! ما حقّ زوجةِ أحدِنا عليه؟ قال: "أن تُطعمها إِذا طَعِمْت، وتكسوها إِذا اكتسيت، ولا تقبح الوجه (3)، ولا تضرب، [ولا تهجر إِلا في البيت، كيف وقد أفضى بعضكم إِلى بعض (4)؛ إِلا بما حلّ عليهنّ (5) "(6).
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِنّ المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين-؛ الذين يعدلون في حُكمهم وأهليهم وما وَلُوا"(7).
فإِذا هما عَرفا ذلك وعمِلا به، أحياهما الله تبارك وتعالى حياةً طيّبة، وعاشا -ما عاشا معاً- في هناء وسعادة، فقد قال عز وجل: {مَن عَمِل
(1) أي: خروجهنّ عن الطاعة، قال ابن كثير:"والنشوز: هو الارتفاع، فالمرأة الناشز: هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه".
(2)
النساء: 34.
(3)
أي: لا تقُلْ: قبَّح الله وجهك.
(4)
يعني: الجماع.
(5)
يعني: من الضرب والهجر بسبب نشوزهنّ.
(6)
أخرجه أحمد والزيادة له، وأبو داود، والحاكم وقال:"صحيح"، ووافقه الذهبي، وانظر "آداب الزفاف"(ص 280)، وتقدّم.
(7)
أخرجه مسلم: 1827.
صالحاً مِن ذكر أو أُنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيينّه حياةً طيبة ولَنَجْزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (1).
ثالثاً: وعلى المرأة بصورة خاصّة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به، في حدود استطاعتها، فإِنّ هذا مما فضّل الله به الرجال على النساء؛ كما في الآيتين السابقتين:{الرجال قوّامون على النساء} ، {وللرجال عليهنّ درجة} ، وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة مؤكِّدة لهذا المعنى، ومُبيِّنة بوضوح ما للمرأة، وما عليها إِذا هي أطاعت زوجها أو عصَتْه، فلا بد من إِيراد بعضها، لعلّ فيها تذكيراً لنساء زماننا، فقد قال -تعالى-:{وذكّر فإِنّ الذكرى تنفع المؤمنين} .
الحديث الأول: "لا يحلّ للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد (2) إِلا بإِذنه [غير رمضان]، ولا تأذن في بيته إِلا بإِذنه"(3).
الثاني: "إذا دعا الرجل امرأته إِلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعَنَتها الملائكة حتى تصبح (وفي رواية: أو حتى ترجع. وفي أخرى: حتى يرضى عنها) "(4).
الثالث: "والذي نفس محمد بيده، لا تؤدّي المرأة حقَّ ربّها حتى تؤدّي حقّ
(1) النحل: 97.
(2)
شاهد؛ أي: حاضر.
(3)
أخرجه البخاري: 5195، ومسلم: 1026، وانظر للزيادة "آداب الزفاف"(ص 282).
(4)
أخرجه البخاري: 3237، ومسلم:1436.
زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قَتَب (1)؛ لم تمنعه نفسها" (2).
الرابع: "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا؛ إِلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلكِ الله، فإِنما هو عندك دخيل (3)، يوشك أن يفارقك إِلينا"(4).
الخامس: عن حصين بن مُحصن قال: حدثتني عمّتي قالت: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال: أَيْ هذه! أَذاتُ بَعْلٍ؟ قلت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه (5)؛ إِلا ما عَجَزت عنه، قال: [فانظري] أين أنت منه؟ فإِنما هو جنّتك ونارك"(6).
السادس: "إِذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها؟ قيل لها: ادخلي الجنة من أيِّ أبواب الجنة شئت"(7).
(1) قال في "النهاية": "القَتَب للجمل: كالإِكاف لغيره [والإِكاف: ما يوضع على الحمار أو البغل ليُركب عليه، كالسرج للفرس]. ومعناه: الحثّ لهنّ على مطاوعة أزواجهنّ، وأنه لا يسعهنّ الامتناع في هذا الحال، فكيف في غيرها؟! ".
(2)
أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن حبّان في "صحيحه"، وصححه شيخنا رحمه الله في "آداب الزفاف"(ص 284).
(3)
الدَّخيل: الضيف والنزيل. "النهاية".
(4)
أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(937)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1637) وغيرهما، وانظر "آداب الزفاف"(ص 284).
(5)
أي: لا أقصّر ولا أُبْطِئُ عن طاعته وخدمته.
(6)
أخرجه أحمد، والنسائي بإِسنادين جيدين وغيرهما، وانظر "صحيح الترغيب والترهيب"(1933)، و"آداب الزفاف"(ص 285).
(7)
أخرجه أحمد والطبراني، وحسنه لغيره شيخنا رحمه الله في "صحيح الترغيب والترهيب"(1932).
جاء في "الفتاوى"(32/ 261): "وسئل رحمه الله عن امرأة تزوّجت، وخرجت عن حكم والديها؛ فأيهما أفضل: بِرُّها لوالديها، أو مطاوعة زوجها؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين. المرأة إِذا تزوّجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب، قال الله -تعالى-:{فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}
…
". ثمّ ذكَر رحمه الله عدداً من الأحاديث في وجوب طاعة المرأة زوجها.
ثمّ قال رحمه الله: "والأحاديث في ذلك كثيرة عن النَبيَ صلى الله عليه وسلم، وقال زيد ابن ثابت: الزوج سيِّد في كتاب الله، وقرأ قوله -تعالى-: {وألفيا سيدها لدى الباب}. وقال عمر بن الخطاب: النكاح رقّ فلينظر أحدكم عند من يُرِقُّ كريمته (1). وفي "الترمذي" وغيره عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "استوصوا بالنساء خيراً، فإِنّما هنّ عندكم عوانٍ" (2). فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرج من منزله إِلا بإِذنه؛ سواءٌ أمَرها أبوها أو أمها، أو غير أبويها باتفاق الأئمة.
وإِذا أراد الرجل أن ينتقل بها إِلى مكان آخر -مع قيامه بما يجب عليه وحِفْظِ حدود الله فيها- ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك؛ فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها؛ فإِن الأبوين هما ظالمان؛ ليس لهما أنْ يَنْهَيَاهَا عن طاعة مثل هذا
(1) قال العلامة العراقي رحمه الله في تخريج "الإحياء"(2/ 47): "رواه أبو عمر التوقاني في "معاشرة الأهلين" موقوفاً على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر رضي الله عنهم قال البيهقي: ورُوي ذلك مرفوعاً؛ والموقوف أصحّ".
(2)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1501)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(929) وغيرهما، وحسنه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(2030).
ومعنى (عوانٍ)؛ أي: أسيرات، جمع (عَانِيَة).
الزّوج، وليس لها أن تطيع أمّها فيما تأمرها به من الاختلاع منه، أو مضاجرته حتى يطلقها؛ مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصَّداق بما تطلبه ليطلقها، فلا يحل لها أن تطيع واحداً من أبويها في طلاقه إِذا كان متقياً لله. ففي "السنن الأربعة" و"صحيح أبي حاتم" عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس؛ فحرام عليها رائحة الجنّة"(1). وفي حديث آخر: "المختلعات والمنتزعات هنّ المنافقات"(2). وأمّا إِذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله: مثل المحافظة على الصلوات؛ وصدق الحديث، وأداء الأمانة، ونهوها عن تبذير مالها وإضاعته، ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه: فعليها أن تطيعهما في ذلك، ولو كان الأمر من غير أبويها، فكيف إِذا كان من أبويها؟!
وإذا نهاها الزوج عما أمر الله، أو أمرها بما نهى الله عنه، لم يكن لها أن تطيعه في ذلك، فإِن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إِنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"(3). بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله؛ لم يجز له أن يطيعه في معصية، فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية؟! فإن الخير كلّه في طاعة الله ورسوله، والشر كلّه في معصية الله ورسوله".
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1947)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1672) واللفظ له، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(948) وغيرهم، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(2035).
(2)
أخرجه أحمد والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3238)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(947) وغيرهم، وانظر "الصحيحة"(632).
(3)
أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما، وانظر "الصحيحة"(180).