الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القرطبي رحمه الله: "وإذا كانت المرأة بموضع لا سلطان فيه، ولا وليّ لها، فإِنها تُصيِّرُ أمرها إِلى من يوثَق به من جيرانها، فيزوجها ويكون هو وليّها في هذه الحال؛ لأن الناس لا بد لهم من التزويج، وإِنما يعملون فيه بأحسن ما يمكن.
وعلى هذا، قال مالك في المرأة الضعيفة الحال: إِنه يزوجها مَن تُسند أمرها إِليه؛ لأنها ممن تضعُف عن السلطان، فأشبهت من لا سلطان بحضرتها، فرجعت في الجملة إِلى أن المسلمين أولياؤها" (1).
وجاء في "المحلّى"(11/ 30): "وصح عن ابن سيرين في امرأة لا ولي لها، فولت رجلاً أمرها، فزوّجها، قال ابن سيرين: لا بأس بذلك، المؤمنون بعضهم أولياء بعض".
عضْل الوليّ:
عضْل المرأة: هو منْعها من التزوّج ظُلماً.
وليس للولي أن يعضل من يلي أمرها دون مسوّغ، أو سبب شرعي، فتقدُّم من يُرضى عن دينه وخُلُقه -حين يدفع مهر المِثل- لا يجوز ردّه، ومن حقّها أن تشكو وليّها إِلى القاضي.
قال الله -تعالى-: {وإِذا طلَّقْتُم النَّسَاء فَبَلَغْن أجلهُنّ فلا تَعْضُلُوهُنّ أنْ يَنْكِحْنَ أزواجَهنّ إِذا تراضَوا بينهم بالمعروف} (2).
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 76)، وذَكَرْهُ الشيخ السيد سابق رحمه الله في "فقه السنة"(2/ 459).
(2)
البقرة: 232.
وقد نزلت هذه الآية في معقل بن يسار -كما تقدّم-.
فعن الحسن قال: {فلا تَعْضُلُوهُنّ} قال: حدثني معقل بن يسار أنها نزَلَت فيه قال: "زوجْتُ أختاً لي من رجل فطلَّقها، حتى إِذا انقضت عدّتها جاء يخطُبُها، فقلت له: زوجْتُك وأفرشتُك وأكرمتُك، فطلقتَها، ثمّ جئت تخطبها! لا والله لا تعود إِليك أبداً! وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إِليه، فأنزل الله هذه الآية: {فلا تَعْضُلُوهُنّ}، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله! قال: فزوجها إِيّاه"(1).
جاء في "المحلّى"(11/ 61) تحت المسألة (1841): "ولا يكون الكافر وليّاً للمسلمة، ولا المسلم وليّاً للكافرة، الأب وغيره سواء، والكافر ولي للكافرة التي هي وليّته، يُنكحها من المسلم والكافر.
برهان ذلك قول الله عز وجل {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (2)، وقال -تعالى-:{والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} (3)، وهو قول من حفِظْنا قوله، إِلا ابن وهب صاحب مالك قال: إِن المسلم يكون ولياً لابنته الكافرة في إِنكاحها من المسلم أو من الكافر! وهذا خطأ لما ذكرنا. وبالله -تعالى- التوفيق".
وجاء فيه أيضاً (43 - 44) تحت المسألة (1828): "وإذا أسلمت البكر ولم يسلم أبوها، أو كان مجنوناً؛ فهي في حُكم التي لا أب لها؛ لأن الله
(1) أخرجه البخاري: 5130، وتقدّم.
(2)
التوبة: 71.
(3)
الأنفال: 73.
-تعالي- قطع الولاية بين الكفار والمؤمنين، قال -تعالى-:{يا أيّها الذين آمنوا لا تَتَولَّوا قوماً غَضِبَ الله عليهم} (1).
وقال -تعالى-: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (2).
وصح في المجنون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة"؛ فذكر منهم: "المجنون حتى يفيق"(3).
وقد صحّ أنه غير مخاطب باستئمارها ولا بإِنكاحها، وإنما خاطب عز وجل أولي الألباب، فلها أن تنكح من شاءت بإِذن غيره من أوليائها، أو السلطان".
جاء في "الفتاوى"(32/ 35): "وسئل -رحمه الله تعالى- عن رجل أسلم: هل يبقى له ولاية على أولاده الكتابيِّين؟
فأجاب: لا ولاية له عليهم في النكاح، كما لا ولاية له عليهم في الميراث، فلا يزوج المسلم الكافرة، سواء كانت بنته أو غيرها، ولا يرث كافر مسلماً ولا مسلم كافراً، وهذا مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم من السلف والخلف
…
(4) ".
(1) الممتحنة:13.
(2)
التوبة: 71.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3698)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1660) واللفظ له وغيرهما، وانظر "الإرواء"(297)، وتقدّم.
(4)
انظر تتمّة الإِجابة للمزيد من الفائدة -إن شئت-.