الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها، لا من أجل إِعداد الجهاز لبيت الزوجية، فالمهر حقٌّ خالصٌ لها. ليس لأبيها، ولا لزوجها، ولا لأحد حقّ فيه* (1).
وقد قال الله -تعالى-: {الرِّجال قَوّامون على النِّساء بمَا فَضَّل الله بَعضهم على بعض وبِما أنْفَقُوا مِن أمْوَالِهم} (2).
قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: " {وبمَا أنفقوا من أمْوَالِهِم}؛ أي: من المهور والنفقات والكُلَف التي أوجبها الله عليهم لهنّ في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم".
النفقة
المراد بالنفقة: الشيء الذي يبذله الإِنسان؛ فيما يحتاجه هو أو غيره؛ من الطعام والشراب وغيرهما (3).
حُكمها:
النفقة واجبة بالكتاب والسّنّة والإِجماع.
قال الله -تعالى-: {وعلى المولود له رِزقُهنّ وكِسْوَتُهُنّ بالمعروف لا تُكلَّف نفسّ إِلا وُسْعَها} (4).
قال ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسير هذه الآية: "أي: وعلى والد
(1) ما بين نجمتين عن "فقه السنة"(2/ 490) -بحذف-.
(2)
النساء: 34.
(3)
"سبل السلام"(3/ 414).
(4)
البقرة: 233.
الطفل نفقة الوالدات، وكسوتهنّ بالمعروف، أي: بما جرت به عادة أمثالهنّ في بلدهنّ؛ من غير إِسراف ولا إِقتار، بحسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره، كما قال -تعالى-:{لينفق ذُو سَعَة من سَعَته ومن قُدرَ عليه رِزْقُهُ فَلْيُنْفِق ممَّا آتاه الله لا يُكَلّفُ الله نفساً إِلا ما آتاها سَيَجْعَل الله بعد عُسْرٍ يُسْراً} (1). قال الضحاك: إِذا طلّق الرجل زوجته وله منها ولد، فأرضعت له ولده، وجب على الوالد نفقتها وكسوتها بالمعروف.
وقال سبحانه وتعالى: {أسكنوهنّ من حيث سَكَنْتُم من وُجْدِكم ولا تُضارُّوهنّ لتضيِّقوا عليهنّ وإِن كُنَّ أُولاتِ حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتى يضعن حملهنّ فإِن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهن وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف وإِن تعاسرتم فَسَتُرْضِعُ له أخرى} (2).
*وقوله -سبحانه-: {أسكنوهنّ من حيثُ سكنتم} ، أَي: عندكم.
وقوله -تعالى-: {مِن وُجْدِكُم} ، قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: يعني سعتكم. حتى قال قتادة. إِن لم تَجِد إِلا جنب بيتك فأسكِنها فيه* (3).
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّة الوداع: "اتقوا الله في النساء، فإِنكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنِّ بكلمة الله، ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فُرُشَكم أحداً تكرهونه، فإِن فَعَلْن ذلك؛ فاضربوهنّ
(1) الطلاق: 7.
(2)
الطلاق: 6.
(3)
ما بين نجمتين من "تفسير ابن كثير".
ضرباً غير مبرِّح (1). ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف" (2).
وعن عائشة رضي الله عنها: "أنّ هنداً قالت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: إِنّ أبا سفيان رجل شحيح؛ فأحتاج أن آخذ من ماله؟ قال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدَك بالمعروف"(3).
وعن معاوية القُشَيْرِي قال: "قلت: يا رسول الله! ما حقُّ زوجة أحدِنا عليه؟ قال: أن تُطعِمَها إِذا طَعِمْت، وتَكْسُوَها إِذا اكتسيت، ولا تضربَ الوجه، ولا تُقَبِّحَ، ولا تهجرَ إِلا في البيت"(4).
وعن جابر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ابدأ بنفسك فتصدّق عليها، فإِن فَضَل شيء فلأهلك، فإِن فَضَل عن أهلك شيء فلذي قرابتك"(5).
وجاء في "الروضة الندية"(2/ 79): "والواجب الأصلي هو المعاشرة بالمعروف، وبيّنها النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالرزق والكسوة وحُسن المعاملة، ولا يمكن في الشرائع المستندة إِلى الوحي أن يُعيّن جنس القوت وقدره مثلاً، فإِنه لا يكاد يتفق أهل الأرض على شيء واحد، ولذلك إِنما أمر أمراً مطلقاً".
وجاء في "السيل الجرّار": "ثبت الإِجماع على وجوب نفقة الزوجات على
(1) أي: غير شاق. "النهاية".
(2)
أخرجه مسلم: 1218.
(3)
أخرجه البخاري: 7180، ومسلم:1714.
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1875)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1500)، وانظر "الإِرواء"(2033).
(5)
أخرجه مسلم: 997.