الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحقُّ به ما لم تنكحي" دليل على حضانة الأب بعد الأم.
إِذا بلغ الصّبي سنَّ التمييز خُيِّر بين أبويه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إِنَّ امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: فداك أبي وأمّي، إِنّ زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نَفَعَني وسقاني من بئر أبي عِنبة (1) فجاء زوجها وقال: من يخاصمني في ابني؟ فقال: يا غلام! هذا أبوك، وهذه أمّك، فخذ بيد أيّهما شِئتَ. فأخَذ بيد أمّه، فانطلقَت به"(2). قال الخطّابي في "المعالم": هذا في الغلام الذي قد عقل واستغنى عن الحضانة، وإذا كان كذلك؛ خُيِّرَ بين والديه (3).
وقال شيخنا رحمه الله في التعليق على "الرّوضة"(2/ 338) في التخيير: "وينبغي أن لا يكون هذا على إِطلاقه، بل يقيّد بما إِذا حصلت به مصلحة الولد؛ وإلا فلا يلتفت إِلى اختيار الصّبي، لأنه ضعيف العقل، وتفصيل هذا في الزاد" انتهى.
وإِليك -يرحمني الله وإيّاك- كلام ابن القيّم الذي أشار إِليه شيخنا
(1) أي: أظهرت حاجتها إلى الولد، ولعلَّ محمل الحديث بعد مدّة الحضانة مع ظهور حاجة الأمِّ إلى الولد، واستغناء الأب عنه، مع عدم إِرادته إِصلاح الولد، قاله السندي كما في "عون المعبود"(6/ 266).
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1992)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1094)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1903)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3271)، واللفظ له. وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(992).
(3)
انظر "عون المعبود"(6/ 266).
-رحمهما الله تعالى- في "زاد المعاد/ (4/ 475): "فمن قدّمناه بتخيير أو قرعة أو بنفسه، فإِنما نقدِّمه إِذا حصَلت به مصلحة الولد، ولو كانت الأمُّ أصون من الأب وأغير منه قُدّمت عليه، ولا التفات إِلى قُرعة ولا اختيار الصّبي في هذه الحالة، فإِنه ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب، فإِذا اختار من يساعده على ذلك، لم يُلتَفت إِلى اختياره، وكان عند من هو أنفع له وأخير، ولا تحتمل الشريعة غير هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال:"مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع"(1) والله -تعالى- يقول: {يا أيُّها الذين آمنوا قُوا أَنْفسَكُمْ وأهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ} (2).
وقال الحسن: علِّموهم وأدِّبوهم وفقِّهوهم، فإِذا كانت الأمُّ تتركه في المكتب، وتُعلِّمه القرآن، والصّبيّ يُؤْثِر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإِنها أحقّ به بلا تخيير، ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخلّ أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصّبيّ وعطّله، والآخر مُراعٍ له، فهو أحقّ وأولى به.
وسمعت شيخنا رحمه الله يقول: تنازع أبوان صبيّاً عند بعض الحكّام، فخيّره بينهما، فاختار أباه، فقالت له أمّه: سله لأي شيء يختار أباه، فسألَه، فقال: أمّي تبعثني كلّ يوم للكتاب، والفقيه يضربني، وأبي يتركني للّعب مع الصبيان، فقضى به للأمّ. قال: أنت أحقُّ به.
قال شيخنا: "وإذا ترك أحد الأبوين تعليم الصبي، وأمْره الذي أوجبه الله
(1) أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(466)، وغيرهم وانظر "الإِرواء"(247).
(2)
التحريم: 6.