الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمحات عن دراسة
[أن] و [أن]
في القرآن الكريم
1 -
بين النحويين خلاف في وقوع الجملة الطلبية خبرا لإن، وأخواتها: قال ابن عصفور: على المنع نصوص شيوخنا، وكذلك نقل عن النحويين ابن هشام، وقالا في قول الشاعر:
إن الذين قتلتم أمس سيدهم
…
لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
إنه على إضمار القول.
واضطرب كلام ابن عصفور في هذا البيت؛ صحح جوازه في شرحه الصغير للجمل، وتأول ذلك في شرحه الكبير.
وجوز الرضي أن تقع الجملة الطلبية خبرا لإن، ولكن، وإن كان قليلا.
وقال الدسوقي 2: 218: «الصحيح أن المبتدأ يجوز أن يخبر عنه بالجملة الخبرية والإنشائية، لكن لا يجوز أن يدخل عليه ناسخ كإن وأخواتها، وكان وأخواتها، إلا إذا كان خبره جملة خبرية» .
لم يحتكم أحد من النحويين في هذا النزاع إلى أسلوب القرآن الكريم وقد وجدت في القرآن خبر [أن] جملة طلبية، متعينة لذلك لا تحتمل غير الخبرية وذلك قوله تعالى:{إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم} 3: 21.
عرض الزمخشري، والعكبري، وأبو حيان لدخول الفاء في خبر [أن] وكذلك الأنباري، ولم يتحدث واحد منهم عن وقوع الطلبية خبرا لإن.
الكشاف 1: 181، البيان 1: 196، العكبري 1: 73، البحر 2:413.
وأجاز ابن عطية أن يكون خبر [أن] الجملة الطلبية في قوله تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم} 24: 11.
قال: الخبر قوله: {لا تحسبوه} و {عصبة} بدل من ضمير {جاءوا} .. ثم قال: وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون {عصبة} خبر [أن]. البحر المحيط 6: 436.
وأجاز أبو حيان أن يكون خبر [أن] الجملة الإنشائية في قوله تعالى: {وأن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى} 8: 40.
قال: الأعرق في الفصاحة أن يكون {مولاكم} خبر [أن] ويجوز أن يكون عطف بيان، والجملة بعده خبر [أن] والمخصوص بالمدح محذوف، أي الله. البحر 4:495.
2 -
يجوز في نواسخ الابتداء أن تكون أسماؤها نكرات محضة؛ كما يجوز فيها الإخبار بالمعرفة عن النكرة، ذكر ذلك سيبويه وغيره.
جاء في القرآن الإخبار بمعرفة عن نكرة مع [إن} في قوله تعالى:
1 -
{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة} [3: 96].
2 -
{فإن حسبك الله} [8: 62].
3 -
{إن ولي الله الذي نزل الكتاب} [7: 196].
في قراءة أبي عمرو {ولي} ذكرها الجزري في النشر وصاحب الإتحاف، وحذف منها التنوين، وخرجها أبو علي على حذف لام الكلمة وبقاء ياء الإضافة.
3 -
تكلم سيبويه 1: 284 على حذف خبر [إن] وأخواتها، وفي أمثلته كان الاسم نكرة ومعرفة مع التكرير، وكان معرفة من غير تكرير، والخبر المحذوف ظرف.
وذكر المبرد في المقتضب أن المعرفة والنكرة سواء، ولم يشترط إلا علم المخاطب 4: 130 - 131.
وفي أمالي الشجري: 1: 322، وشرح الكافية للرضي 2: 337، وابن يعيش 1: 104، شواهد نثرية لحذف الخبر، والاسم فيها معرفة، والخبر غير ظرف.
ولا يرى الكوفيون حذف الخبر إلا مع النكرة ويشترط الفراء التكرار.
وجاء الخبر محذوفا في قوله تعالى:
1 -
{إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء للعاكف فيه والباد} [22: 25].
الكشاف 3: 30، العكبري 2: 75، البيان 2: 173، البحر 6: 362، القرطبي 5: 4423، الرضي 2: 337، المغني 1: 168، الخزانة 2: 441، 4:382.
وجعل الكوفيون الخبر [ويصدون] والواو زائدة. معاني القرآن 2: 221.
2 -
{إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز} [41: 41].
الخبر محذوف. وقيل الخبر [أولئك ينادون] ورد بكثرة الفصل. واختار أبو حيان أن يكون الخبر قوله: {لا يأتيه الباطل} وحذف الرابط. [البحر 7: 500، الكشاف 3: 393، العكبري 2: 116، المغني 2: 29، 168، الهمع 1: 136، القرطبي 7: 5811].
واحتمل الخبر أن يكون محذوفا في هذه القراءات:
1 -
{قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} [5: 109].
قرئ في الشواذ، [علام]، بالنصب، فحذف الخبر للعلم به. ابن خالويه ص 36، البحر 4:49.
ويرى الزمخشري أن الكلام تم عند {إنك أنت} ، أي الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره. الكشاف 1:371.
2 -
{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله} [33: 40].
قرئ {ولكن رسول الله} فالخبر محذوف، أي من عرفتموه، أو هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. الكشاف 3: 239، البحر 7:236.
وأجاز بعضهم أن يكون الخبر محذوفا في قوله تعالى:
1 -
{قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} [14: 30].
أجاز الحوفي أن يكون {إلى النار} متعلقا بمصيركم، فعلى هذا يكون الخبر محذوفا. البحر 5:425.
2 -
{وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} [34: 24].
قيل: الخبر محذوف: خبر الأول أو خبر الثاني. العكبري 2: 102، البحر 7: 280، البيان 2:280.
3 -
{فإنكم وما تعبدون} [37: 161].
في البيضاوي ص 434: «ويجوز أن يكون {وما تعبدون} لما فيه من معنى المقارنة سادا مسد الخبر، أي إنكم وآلهتكم قرناء» .
وفي الجمل 3: 551 «وعلى هذا فيحسن السكوت على {تعبدون} كما يحسن في قولك: إن كل رجل وصنيعته» .
في التسهيل ص 26: «وإذا علم الخبر جاز حذفه مطلقا، خلافا لمن اشترط تنكير الاسم» .
4 -
حكى سيبويه عن الخليل أن ناسا من العرب يقولون: إن بك زيد مأخوذ على حذف ضمير الشأن. وأجاز ابن مالك حذف أسماء هذه الحروف في الاختيار قال في التسهيل ص 62 «ولا يخص حذف الاسم المفهوم معناه بالشعر، وقلما يكون إلا ضمير الشأن» .
لم يجيء حذف اسم هذه الحروف في القراءات السبعية أو العشرية وإنما جاء في الشواذ:
1 -
{وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يهبط من خشية الله} [2: 74].
قرأ طلحة بن مصرف [إن] بالتشديد و [لما] بالتشديد في الموضعين وتخريجها على حذف اسم [إن] البحر 1: 264 - 265.
2 -
قرأ العباس بن غزوان [وإن] بتشديد النون. قال أبو حيان: وهي قراءة عسرة التخريج. البحر 3: 393.
3 -
{إن هذان لساحران} [20: 63].
خرجت قراءة [إن] بالتشديد على حذف ضمير الشأن، وفيها وجوه أخرى.
البحر 6: 255.
5 -
زيدت الباء في خبر [أن] في قوله تعالى: {أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى} 46: 33.
لاشتمال النفي في أول الآية على [أن] وما في حيزها. الكشاف 3: 451، العكبري 2: 124، البحر 8: 68، المغني 2:188.
6 -
في جواز تعدد خبر هذه الأحرف خلاف. قال أبو حيان: والذي يلوح من مذهب سيبويه المنع.
وفي القرآن آيات كثيرة تحتمل تعدد الخبر عند من يجيزه، ويخرجها على وجه آخر المانعون للتعدد.
7 -
في القرآن آيات طال بها الفصل بين اسم [إن] وخبرها هي:
1 -
خبر [إن]، أولئك يسارعون. البيان 2: 186 - 187. الجمل 3: 397.
2 -
البيان 2: 269.
3 -
{إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون
نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا} [4: 150 - 151].
4 -
8 -
إني، إني، لكني: في المحذوف قولان: نون الوقاية، أو نون إن ولكن.
أمالي الشجري 2: 3، الأشباه والنظائر 1:34.
1 -
لم يجيء في القرآن أنني من غير حذف، وإنما جاء بالحذف أني.
2 -
لم يجيء [لكنني] بالإتمام، وإنما جاء [ولكني] بالحذف.
3 -
جاء {إني} و {إنني} والأكثر بالحذف.
9 -
إنا، إننا، أنا، أننا، لكنا.
الصحيح أن المحذوف نون الحرف، وليس نون الضمير، لأنها اسم.
[البحر 1: 451، 5: 238، الأشباه 1: 35].
1 -
جاء في القرآن: إنا، إننا وبالحذف أكثر.
ب- جاء أنا، أننا، والحذف أكثر.
ج- لم يجيء في القرآن [لكننا] بالإتمام وإنما جاء بالحذف.
10 -
وقع المصدر المؤول من [أن] ومعموليها فاعلا في آيات.
11 -
ذهب المبرد والكوفيين أن المصدر المؤول من [أن] ومعموليها الواقعة بعد [لو] فاعل لفعل محذوف، لأن [لو] الشرطية مختصة بالفعل وذهب سيبويه إلى أن المصدر مبتدأ محذوف الخبر.
ويرى الزمخشري أنه يجب أن يكون خبر [أن] الواقعة بعد [لو] فعلا. قال في المفصل جـ 2 ص 216: «ولطلبهما الفعل وجب في [أن] الواقعة بعد [لو]
أن يكون خبرها فعلا، كقولك: لو أن زيدا جاءني لأكرمته. وقال الله تعالى: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به} ولو قلت: لو أن زيدا حاضري لأكرمته لم يجز». وانظر ابن يعيش 9: 11.
وقال ابن الحاجب: يجب أن يكون الخبر فعلا، إن كان الخبر مشتقا، وإن لم يكن الخبر مشتقا جاز أن يقع الخبر جامدا، كما في قوله تعالى:{ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام} 31: 27. وقال عن قوله تعالى: {وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب] 33: 20 في نظم كافيته:
لو أنهم بادون في الأعراب
…
لو للتمني ليس من ذا الباب
وقال ابن هشام في المغني 1: 214: «وقد وجدت آية في التنزيل وقع لخبر فيها اسما مشتقا ولم يتنبه لها الزمخشري، كما لم يتنبه لآية لقمان، ولا ابن الحاجب وإلا لما منع من ذلك. ولا ابن مالك وإلا لما استدل بالشعر، وهي قوله:{يودوا لو أنهم بادون في الأعراب} .
ووجدت آية الخبر فيها ظرف، وهي:{لو أن عندنا ذكرا} 37: 168.
وذكر ابن هشام أيضا هذا في شرحه لبانت سعاد 28 - 29.
وكلام ابن هشام: وجدت آية في التنزيل وقع الخبر فيها ظرفا
…
قد يوهم أنه ليس في القرآن غير هذه الآية وفي القرآن غيرها:
1 -
{قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر} [6: 58].
2 -
{وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين} [37: 167 - 168].
كما جاء الخبر جارا ومجرورا في قوله تعالى:
1 -
{إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه} [5: 36].
2 -
{ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به} [10: 54].
3 -
{قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} [11: 80].
4 -
{لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به} [13: 18].
5 -
{ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به} [39: 47].
وفي التسهيل ص 240: «وإن وليها [أن] لم يلزم كون خبرها فعلا، خلافا لزاعم ذلك.
11 -
تصرف المصدر المؤول في مواقع كثيرة من الإعراب في القرآن: وقع مبتدأ، وخبرا، واسما لكان وليس، ومنصوبا على نزع الخافض، ومفعولا به، وسادا مسد المفعولين ومجرورا بالحرف، وبالإضافة، وبدلا، واحتمل أن يكون مفعولا معه في قوله تعالى:
1 -
{هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون} [5: 59].
الواو بمعنى مع، أو معطوف على {أن آمنا} أو على المجرور، أو تعليل لمحذوف. الكشاف 1:348.
2 -
{ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} [8: 14].
الواو بمعنى مع أو عطف على {ذلكم} . الكشاف 2: 118، العكبري 2: 3، البحر 4:472.
12 -
جاء كسر همزة [إن] في ابتداء الكلام حقيقة في آيات كثيرة جدا، كما جاء كسرها في ابتداء جملتها؛ كالواقعة بعد النداء، وبعد {بلى} وفي صدر جملة الصلة، وبعد [ألا] الاستفتاحية، وبعد [كلا].
13 -
إذا وقعت [إن] بعد القول وقصد به الحكاية كسرت همزتها، وإذا القول ماضيا، ومضارعا، وأمرا كما كان مصدرا.
وقد أجرت أفعال كثيرة في القرآن مجرى القول، فكسرت همزة [إن] بعدها.
الكوفيون يقولون: إن هذه الأفعال أجريت مجرى القول لما تضمنت معناه، والبصريون يضمرون القول بعد هذه الأفعال.