الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسة
(إذ)
في القرآن الكريم
(إذ) من الظروف المبنية، والدليل على اسميتها قبولها التنوين، والإخبار بها؛ نحو: مجيئك إذ جاء زيد، والإضافة إليها بلا تأويل.
وهي تلزم الإضافة إلى الجملة الاسمية أو الفعلية.
وفي الهمع 1: 205 «يشترط في الجملة ألا تكون شرطية، فلا يقال: أتذكر إذ إن تأتنا نكرمك، ولا إذ من يأتك تكرمه إلا في ضرورة» .
وقال المبرد في المقتضب 4: 348 «فإذا كان بعدها فعل ماض قبح أن يفرق بينها وبينه. تقول: جئتك إذ زيد يقوم ويقبح: جئتيك إذ زيد قام
…
لأنك إذا قلت: جئتم غذ زيد يقوم فإنما وضعت (يقوم) في موضع (قائم)، لمضارعته إياه، و (قام) لا يضارع الأسماء.
و (إذ) إنما تضاف إلى فعل وفاعل، أو ابتداء وخبر، فإذا أضيفت إلى الفعل قدم، وإذا أضيفت إلى الابتداء قدم، ولم يكن الخبر إلا اسمًا، أو فعلاً مما يضارع الأسماء» وانظر سيبويه 1: 54 - 55، والرضى 2: 108، ابن يعيش 4: 96، الدماميني 1:182.
وتلزم (إذ) الظرفية عند الجمهور، فلا تتصرف بأن تقع فاعلة، أو مبتدأ وتخرج عن الظرفية إن أضيف إليها اسم الزمان.
وجوز الأخفش والزجاج، وابن مالك وقوعها مفعولاً به في قوله تعالى:{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} 7: 86.
وبدلاً منه نحو: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ} 19: 16. والجمهور لا يثبتون ذلك.
في شرح الكافية للرضي 2: 108 «وتقع مفعولاً بها كقولك: أتذكر إذ من يأتنا نكرمه، وقوله تعالى:
{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ} 46: 21.
على أن (إذ) بدل من قوله: {أخا عاد} وانظر المغني 1: 74.
وفي أمالي الشجري 1: 176 «والتقدير الآخر: أن يكون أراد: اذكروا
…
كما قيل في قوله عز وجل:
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} 2: 30.
إن التقدير: واذكروا إذ قال ربك للملائكة، وقد ظهر هذا العامل المقدر هاهنا في قوله تعالى:
{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} 7: 86».
وفي المغني 1: 74: «والغالب على المذكورة في أوائل القصص في التنزيل أن تكون مفعولاً به تقدير: اذكر» وانظر بدائع الفوائد 1: 208.
الحوفي في إعرابه للقرآن، وأبو البقاء العكبري في إعرابه، والزمخشري في كشافه يعربون (إذ) مفعولاً به لاذكر في آيات كثيرة من القرآن.
أما أبو حيان فهو مع الجمهور في أن (إذ) لا تكون مفعولاً به لاذكر. قال في البحر المحيط 4: 410: «وأما قول من ذهب إلى أنه يتصرف فيها بأن تكون معفولة باذكر فهو قول من عجز عن تأويلها على ما ينبغي لها من إبقائها ظرفًا» .
وقال في البحر 1: 192: «قدمنا أن لا نختار أن يكون مفعولاً به لاذكر، لا ظاهرة ولا مقدرة، لأن ذلك تصرف فيها، وهي عندنا من الظروف التي لا يتصرف فيها إلا بإضافة اسم زمان لها» .
كما منع أبو حيان أن يتعلق (إذ) باذكر. قال في البحر 4: 486:
«قال الحوفي: (إذ) ظرف العامل فيه (اذكروا) وهذا لا يتأتى أصلاً، لأن (اذكر) للمستقبل، فلا يكون ظرفه إلا مستقبلاً، و (إذ) ظرف ماض يستحيل
أن يقع فيه المستقبل».
وقال في 6: 85: «لا يتأتى تعلقه باذكر لأنه ظرف ماض» .
وانظر 11: 15، 152، 137، 4:240.
ولما منع أبو حيان أن يكون (إذ) مفعولاً به لاذكر، أو ظرفًا متعلقًا باذكر - قدر مضافا محذوفًا يعمل في (إذ) إن كان لا يوجد لها عامل في الكلام.
قال في قوله تعالى:
{وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} 7: 69.
«أي اذكروا آلاء الله عليكم وقت كذا، والعامل في (إذ) والعامل في (إذ) ما تضمنه النعم من الفعل» البحر 4: 324.
كذلك صنع في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} 7: 86 [البحر: 4: 34]
واستحسن تقدير ابن عطية: اذكروا حالكم الكائنة أو الثابتة إذ أنتم قليل في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ} [البحر 4: 485].
وأعجب لأبي حيان بعد ذلك، فقد أجاز في آيات كثيرة أن يكون عامل (إذ) (اذكر). ذكر ذلك في كتابيه: البحر والنهر من غير إنكار ولا اعتراض، بل ذكر ما يحسن تقدير (اذكر) في قوله تعالى:
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} 50: 16 - 17. [البحر 8: 123، والنهر ص 122].
وقال في قوله تعالى:
«العامل في (إذ) اذكر، ويبعد أن يكون بدلاً من (إذ) ويكون العامل فيه {يختصمون}. النهر 2:459. وقال في قوله تعالى:
{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} 37: 83 - 84.
قال - بعد أن أبطل قول الزمخشري -: «وأما: تقدير: (اذكر) فهو المعهود عند المعربين» البحر 7: 364 - 365.
كذلك أجاز أبو حيان تقدير (اذكر) عاملاً في (إذ) في هذه الآيات:
1 -
{أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا * إذ أوى الفتية إلى الكهف} . [18: 9 - 10].
قال في البحر 6: 102: «العامل في (إذ) (اذكر) مضمرة. وقيل: عجبًا» .
2 -
{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل} [21: 51 - 52].
في البحر 6: 320: «(إذ) معمولة لآتينا، أو (رشده) أو (عالمين)، أو بمحذوف، أي اذكر من أوقات رشده هذا الوقت» .
3 -
{لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابًا أليمًا * إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} [48: 25 - 26].
في البحر 8: 99: «(إذ) معمول (لعذبنا)، أو (وصدوكم)، أو (لاذكر) مضمر» .
4 -
{هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلامًا} [51: 24 - 25].
في البحر 8: 138: «(إذ) معمولة للمكرمين إذا كانت صفة حادثة بفعل إبراهيم، وإلا فبما في (ضيف) من معنى الفعل، أو بإضمار (اذكر) وهذه أقوال منقولة» .
5 -
{وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للتقال} [3: 121].
في البحر 3: 45: «العامل في (إذ) اذكر. وقيل: هو معطوف على قوله: {قد كان لكم آية في فئتين} 3: 13 أي وآية إذ غدوة، وهذا في غاية البعد، ولولا أنه مسطور في الكتب ما ذكرته» .
6 -
{وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين} [14: 7]
في البحر 5: 407: «احتمل (إذ) أن يكون منصوبًا باذكروا، وأن يكون معطوفًا على (إذ أنجاكم)» .
7 -
{وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين} [26: 10]
في البحر 7: 6 - 7: «العامل في (إذ) قال الحوفي وابن عطية: يجوز أن يكون مسطورًا. وقيل: العامل اذكر حين أخذنا» .
9 -
{وإذ يتحاجون في النار} [40: 47].
في البحر 7: 469: «العامل في (إذ) فعل مضمر تقديره: اذكروا، وقال الطبري: (إذ) هذه عطف على قوله {إذ القلوب لدى الحناجر} وهذا بعيد» .
10 -
{ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم} [2: 130 - 131].
قال في البحر 1: 195 بعد أن ذكر أقوالاً كثيرة في عامل (إذ): «وقيل: محذوف تقديره: اذكر» .
وكذلك فعل في قوله تعالى:
11 -
{إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا} [2: 166]. [البحر 4: 473].
12 -
{إذ قالت امرأة عمران} [3: 35].
في البحر 2: 437: «العامل في (إذ) مضمر تقديره (اذكر) قاله الأخفش والمبرد، أو معنى الاصطفاء» .
وانظر البحر 2: 473، 3: 19، 82، 4:324.
تقدير (اذكر) ليكون عاملاً في (إذ) لم يكن شيئًا انفرد به (إذ) وإنما هو شيء معهود عند النحويين، لقد قدروا (اذكر) عاملا في (يوم) في آيات كثيرة، ورجح أبو حيان تقدير (اذكر) عاملاً في (يوم) في قوله تعالى:
{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ} 25: 22. [البحر 6: 492].
ثم أقول: لقد كان من المعربين والمفسرين للقرآن الكريم إسراف في تقدير اذكر عاملاً في (إذ) لم يكتفوا بهذا التقدير في الكلام الذي ليس فيه ما يصلح للعمل في (إذ) وإنما قدروا (اذكر) مع وجود ما يصلح للعمل في (إذ):
1 -
{وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [2: 30]. [البحر 1: 139 الكشاف 1: 61].
2 -
{ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم} [2: 130 - 131].
3 -
{ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا} [2: 165 - 166]. [العكبري 1: 41. البحر 1: 473].
4 -
{إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني} [3: 35]. [الكشاف 1: 185. العكبري 1: 74. البحر 2: 437].
5 -
{وما كنت لديهم إذ يختصمون * إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح} [3: 44 - 45]
[العكبري 1: 76، البحر 2: 459، الجمل 1: 271].
6 -
{ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين * إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك} [3: 54 - 55]. [البحر 2: 473].
7 -
{ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم} [3: 123 - 142][العكبري 1: 83].
8 -
{والله ذو فضل على المؤمنين * إذ تصعدون ولا تلوون على أحد} [3: 152 - 153].
[الكشاف 1: 223. العكبري 1: 86. البحر 3: 82. الجمل 1: 325]
9 -
{إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك} [5: 110].
[العكبري 1: 129. البحر 4: 50].
10 -
{قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون * إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم} [5: 111][العكبري 1: 130].
11 -
{ولوطا إذ قال لقومه أتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد العالمين} [7: 80][الكشاف 2: 73. العكبري 1: 156. البحر 4: 333].
12 -
{إذ تستيغيون ربكم فاستجاب لكم} [8: 9]
[العكبري 2: 3. البحر 4: 465].
13 -
{إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} [8: 11]
[الكشاف 2: 117. البحر 4: 467].
14 -
{إذ يريكهم الله في منامك قليلاً} [8: 43].
[الكشاف 2: 128. العكبري 2: 50. البحر 4: 502. أبو السعود 2: 240].
15 -
{إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم} [8: 49].
[العكبري 2: 5].
16 -
{لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} [9: 25].
[الكشاف 2: 145. أبو السعود 2: 262].
17 -
{إذ قال يوسف لأبيه يا أبت} [12: 4].
[الكشاف 2: 241. العكبري 2: 26. البحر 5: 279].
18 -
{ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما} [15: 51 - 52].
[العكبري 2: 40، أبو السعود 3: 152].
19 -
{نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك} [17: 47]
20 -
{فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم} [17: 107]
[الكشاف 2: 377. العكبري 2: 51].
21 -
{أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا * إذ أوى الفتية إلى الكهف} [18: 9 - 10]. [العكبري 2: 52. البحر 6: 102].
22 -
{وهل أتاك حديث موسى * إذ رأى نارًا فقال لأهله امكثوا} [20: 9 - 10]
[الكشاف 2: 428، والعكبري 2: 62، البحر 6: 230].
23 -
{وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني * إذ تشمي أختك} [10: 39 - 40].
[العكبري 2: 64، البحر 6: 42].
24 -
{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل} [21: 51 - 52].
[الكشاف 3: 14، العكبري 2: 70، البحر 6: 220].
25 -
{وإنك لتلقي القرآن من لدن حكيم عليم * إذ قال موسى لأهله} [27: 6 - 7].
26 -
{وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم * إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون} [37: 83 - 85].
[الكشاف 3: 303، العكبري 2: 107، البحر 7: 365، أبو السعود 4: 273].