الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
109 - باب في الجاسوس الذِّمَّيِّ
2652 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ حَدَّثَنَي مُحَمَّد بْن مُحَبَّبٍ أَبُو هَمّامٍ الدَّلالُّ، حَدَّثَنا سُفْيانُ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أَبي إِسْحاق، عَنْ حارِثَةَ بْنِ مضَرِّبٍ عَنْ فُراتِ بْنِ حَيّانَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَكانَ عَيْناً لأبي سُفْيانَ وَكانَ حَلِيفًا لِرَجُلٍ مِنَ الأنصارِ فَمَرَّ بِحَلْقَةٍ مِنَ الأنصارِ فَقالَ: إِنَّي مُسْلِمٌ. فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ يا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّي مُسْلِمٌ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْكُمْ رِجالاً نكلُهُمْ إِلى إِيمانِهِمْ مِنْهُمْ فُراتُ بْنُ حَيانَ"(1).
* * *
باب حكم الجاسوس الذمي
[2652]
(حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن مجيب) بضم الميم وكسر الجيم والباء، الكوفيِّ (2)(أبو همام الدلال) وثقه المصنف (3) وأبو حاتم (4)(حدثنا سفيان بن سعيد) الثوري (عن أبي إسحاق) عمرو السبيعي، وثقه ابن معين (عن حارثة) بحاء مهملة (بن مُضَرب) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المكسورة، ثم باء موحدة
(1) رواه أحمد 4/ 62، 336، وابن الجارود (1058)، والحاكم 2/ 115، 4/ 366. وصححه الألباني في "الصحيحة" (1701).
(2)
هكذا ضبطه الشارح، وهو خطأ، والصَّواب أنه محمد بن محبب بموحدتين بعد المهملة على وزن محمد، وهو أبو همام الدلال، وهو ثقة، وهو الذي أخرج له أبو داود، أما محمد بن مجيب بالجيم على وزن مطيع الكوفيِّ فلم يخرج له أحد من أصحاب الستة، وهو متروك. انظر:"تقريب التهذيب"(6516، 6517).
(3)
"سؤالات الآجري لأبي داود"(150).
(4)
"الجرح والتعديل" 8/ 96.
(عن فُرَات) بضم الفاء وتخفيف الراء (بن حَيّان) بفتح المهملة وتشديد المثناة تحت، ابن ثعلبة العجلي من بني عجل بن لجيم.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتله) فصار قتله فرضًا على كل من استطاع قتله من غير تعيين فاعله، وهذا القتل فرض كفاية أو في معناه؛ لأنه [مهم ديني يقصد](1) الشرع حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله، وهذا حد فرض الكفاية، وإنما أمر بقتله؛ لأنه (كان عينًا) أي: جاسوسًا (لأبي سفيان) وهذا علة للأمر بقتله؛ لأنه حربي دخل دار الإسلام بغير أمان، وفي بقائه مفسدة عامة، فلو أمن الجاسوس مسلم لم يصح أمانه ووجب قتله؛ فإن الإمام صرح بأن شرط الأمان المعقود للحربي أن لا يكون فيه ضرر عائد على المسلمين، ومال الجاسوس إذا قتل يكون فيئًا؛ لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وعند بعض العلماء أنه لمن قتله؛ لأن النبي نفل (2) سلمة بن الأكوع العين الذي قال النبي فيه:"اطلبوه فاقتلوه"؛ لأنه الذي قتله، رواه البخاري (3).
(وكان) فوات بن حيان (حليفًا) بفتح الحاء وكسر اللام، تجمع على حلفاء وأحلاف، وهو ما كان عليه الجاهلية من التزام ونصرة (4) بعضهم لبعض، وأن لا يتخاذلوا، وأن يرث بعضهم بعضًا، وأصله من الحلف التي هي اليمين، كانوا يتقاسمون عند عقدهم الالتزام، ولعل حلفه
(1) في (ر): متهم وهي تعضد، والمثبت من (ل).
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
"صحيح البخاري"(3051).
(4)
في (ر): ونصرته.
هذا (لرجل من الأنصار) كان قبل الإسلام، قال الطبري (1): لا يجوز الحلف اليوم، والحلف المذكور في الحديث كله منسوخ بقوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ، قال الحسن: نسخ التوارث بالحلف بآية المواريث.
(فمر فرات بحلقة) قوم (من الأنصار) في بعضها معتمدة بحليفه [يعني: الأنصاري](2)، والحلْقة بإسكان اللام على اللغة الفصحى (فقال) حين علم أنه [حليف لرجل] (3) منهم (إني مسلم. فقال رجل من الأنصار) لعله حليفه المذكور (يا رسول الله إنَّه يقول إني مسلم) قد يستدل بهذا من قال: إن الكافر إذا قال أنا مسلم أو مؤمن أنه يحكم بإسلامه بهذا، وإن لم يتلفظ بالشهادتين؛ لأنهما اسمان لشيء معلوم وهو الشهادتان، فإذا أخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين كان مخبرًا بهما، ومذهب الشافعي أنه لا يصير مسلماً بهذين اللفظين ولا بأحدهما كما لو قال: آمنت أو أسلمت؛ لاحتمال أن يريد أنا مؤمن بموسى أو عيسى، وأن يريد بقوله: أنا مسلم. أي: مستسلم، وأسلمت استسلمت (4).
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن منكم) وفي رواية غير أبي داود: وإن فيكم (رجالاً نكلهم إلى إيمانهم) أي: نكتفي منه ومن أمثاله بالمنطق بالشهادتين،
(1)"تفسير الطبري"(8/ 274).
(2)
في (ر): من الأنصار، والمثبت من (ل).
(3)
في (ل): حليفًا لرجل، وفي (ر): حليف الرجل، والمثبت هو الصواب.
(4)
انظر: "روضة الطالبين" 10/ 85.
فإنهما أصل الإسلام (منهم فرات بن حيان)[قال ابن عبد البر: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فرات بن حيان](1) إلى ثمامة بن أثال في قتل مسيلمة وقتاله (2). ولم يزل يغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي، وهو فرات ابن حيان بن ثعلبة الربعي البكري ثم العجلي رضي الله عنه.
* * *
(1) ساقطة من (ر).
(2)
"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" 1/ 389.