الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
110 - باب في الجاسُوسِ المُسْتأْمنِ
2653 -
حَدَّثَنا الحَسَن بْنُ عَلَيٍّ، حَدَّثَنا أَبو نُعَيْمٍ قالَ: حَدَّثَنا أَبو عُمَيْسٍ، عَنِ ابن سَلَمَةَ بْنِ الأكوَعِ عَنْ أَبِيهِ قالَ أَتَى النَّبي صلى الله عليه وسلم عيْنٌ مِنَ المُشْرِكِينَ- وَهُوَ في سَفَرٍ - فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحابِهِ ثمَّ انْسَلَّ فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"اطْلُبُوهُ فاقْتُلُوهُ". قالَ: فَسَبَقْتُهُمْ إِلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْت سَلَبَة فَنَفَّلَنَي إِيّاهُ (1).
3654 -
حَدَّثَنا هارُونُ بْن عَبْدِ اللهِ أَنَّ هاشِمَ بْنَ القاسِمِ وَهِشامًا حَدَّثاهُمْ قالا: حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ بْن عَمّارٍ، قالَ: حَدَّثَنَي إِياسُ بْنُ سَلَمَةَ، قالَ: حَدَّثَنَي أَبي قالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هوازِنَ، قالَ: فَبَيْنَما نَحْنُ نَتَضَحَّى وَعامَّتنا مُشاة وَفِينا ضَعَفَةٌ إِذْ جاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فانْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حِقْوِ البَعِيرِ فَقَيَّدَ بِهِ جَمَلَهُ ثُمَّ جاءَ يَتَغَدى مَعَ القَوْمِ فَلَمّا رَأى ضَعَفَتَهُمْ وَرِقَّةَ ظَهْرِهِمْ خَرَجَ يَعْدُو إِلى جَمَلِهِ فَأَطْلَقَهُ ثمَّ أَناخَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثمَّ خَرَجَ يَرْكُضُهُ واتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَلَى ناقَةٍ وَرْقاءَ هَيَ أَمْثَلُ ظَهْرِ القَوْمِ، قالَ: فَخَرَجْت أَعْدُو فَأَدْرَكْتُهُ وَرَأْسُ النّاقَةِ عِنْدَ وَرِكِ الجَمَلِ وَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النّاقَةِ ثمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى كُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ الجَمَلِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطامِ الجَمَلِ فَأَنَخْتُهُ فَلَمّا وَضَعَ رُكْبَتَهُ بِالأرْضِ اَخْتَرَطْت سَيْفي فَأضْرِبَ رَأْسَهُ فَنَدَرَ فَجِئْتُ بِراحِلَتِهِ وَما عَلَيْها أَقُودُها فاسْتَقْبَلَنَي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في النّاسِ مُقْبِلاً فَقالَ: "مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟ ". فَقالُوا سَلَمَةُ بْن الأكوَعِ. قالَ: "لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ".
قالَ هارُونُ: هذا لَفْظُ هاشِمٍ (2).
* * *
باب الحكم في الجاسوس المستأمن
[2653]
(حدثنا الحسن بن علي) الخلال (حدثنا أبو نعيم) الفضل بن
(1) رواه البخاري (3051).
(2)
رواه مسلم (1754).
دكين (حدثنا أبو عُمَيس) مصغر وهو عُتْبة بضم المهملة وسكون الفوقانية، ابن عبد الله الهذلي (عن) إياس (ابن سلمة، عن أبيه) سلمة بن الأكوع (قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين) تبينه رواية البخاري: عين من المشركين (1). والعين: الجاسوس (وهو في سفر) الغزو (فجلس عند أصحابه) أي: بغير أمان، فإن البخاري بوب عليه باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان (2).
(ثم انسل) أي: خرج من بينهم كما تخرج المسلة من الثوب، ورواية البخاري: ثم انفتل (فقال النبي صلى الله عليه وسلم اطلبوه فاقتلوه) قال المهلب: هذا الحديث أصل في أن الجاسوس الحربي يقتل، وعلى هذا جماعة العلماء (3). (قال) سلمة (فسبقتهم إليه فقتلته) فيه المسابقة إلى طاعة الإمام والوالد والمعلم وغيرهم (فأخذت سَلَبَه) بالمفتوحات، أي: ما عليه من لباس وآلة حرب (فنفَّلني) بتشديد الفاء (إياه) أي: أعطاني ما سلبته منه، وأما النفل باصطلاح الفقهاء فهو مع ما شرطه الأمير لمتعاطي الخطر.
هذا الحديث ظاهر الدلالة في أن السلب الذي عليه لمن قتله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل السلب لسلمة وحده لكونه قتله، وهو قول محمد بن الحسن (4).
(1)"صحيح البخاري"(3051).
(2)
"صحيح البخاري" 4/ 69.
(3)
انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 213.
(4)
"السير الصَّغير" 1/ 118.
وقال الشافعي: هو فيء إلا أن يسلم قبل الظفر به؛ لأن هذا مال لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب. وأجاب عن هذا الحديث بأن الفيء للإمام أن يعطيه من يشاء (1).
[2654]
(حدثنا هارون بن عبد الله) بن مروان بن عبيد (2)، بغدادي (أن هاشم بن القاسم) الليثي (وهشامًا حدثاهم) يعني: ابن عبد الله الدستوائي أو الفردوسي (قالا: حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني إياس بن سلمة، حدثني أبي) يعني: سلمة بن الأكوع (قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن) هي قبيلة من قيس، وغزاة حنين هي غزاة هوازن.
(قال: فبينما نحن نَتضحَى) أي: نتغدى وقت الضحاء بفتح الضاد والمد، وهو بعد امتداد النهار وفوق الضحى بالمد والقصر. فيه فضيلة الفطر للغازي ليتقوى على الجهاد، وفضيلة الأكل جماعة، وتأخير الغداء إلى نزول المركب وارتفاع النهار.
(وعامَّتنا) بتشديد الميم. قال الجوهري: العامة خلاف الخاصة (3)، ورواية مسلم: وبعضنا (4).
(مشاة) بضم الميم جمع ماشٍ كقاضٍ وقضاة (وفينا ضَعَفَة) بمفتوحات جمع ضعيف، قال النووي في "شرح مسلم": ضبطوه على وجهين الصحيح المشهور رواية الأكثرين بفتح الضاد وإسكان العين.
(1) انظر: شرح صحيح البخاري" لابن بطال 5/ 213.
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
"الصحاح" 5/ 271.
(4)
"صحيح مسلم"(1754).
أي: حالة ضعف وهزال. قال: وفي بعض النسخ بحذف الهاء (1)(إذ جاء رجل على جمل أحمر) فأناخه كما في رواية مسلم.
(فانتزع طَلَقاً) بفتح الطاء واللام وبالقاف. وهو عقال من حبل أو سير يقيّد به البعير (من حَقْو) بفتح الحاء وإسكان القاف (البعير) وهو مؤخر القتب، هذِه الرّواية الصحيحة، والرواية الثانية من حَقَب البعير -بفتح الحاء والقاف- وهو حبل يشد على حقو البعير وهو أعلى الخاصرة. قال القاضي: لم يرو هذا الحرف إلا بفتح القاف، قال: وكان بعض شيوخنا يقول: صوابه بإسكان القاف، أي: مما احتقب خلفه وجعله في حقيبته وهي الرفادة في مؤخر القتب (2). (فقيد به جمله) فيه أنه من سافر وكان معه دابة تهرب أن يستصحب معه عقالًا في السفر وإذا نزل عقله به (ثم جاء يتغدى مع القوم) ظاهره أنه أكل معهم ولم يدعه أحد إلى الأكل، وهذِه عادة العرب، وهي مستمرة فيهم إلى الآن.
(فلما رأى ضعفتهم) فيه وجهان كما تقدم (ورِقَّة) بكسر الراء (3) وتشديد القاف (ظهرهم) أي: ضعف دوابهم التي يركبون على ظهورها ويحملون عليها الأثقال (خرج يعدو إلى جمله فأطلقه) من قيده (ثم أناخه فقعد عليه) وأثاره، كما في مسلم (ثم خرج يركضه) أي يضربه برجله ليسرع المشي هاربًا قال الله تعالى:{إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} أي:
(1) شرح النووي على مسلم" 12/ 66.
(2)
"إكمال المعلم شرح "صحيح مسلم" 6/ 34.
(3)
ساقطة من (ر).
يهربون (واتَّبعه رجل من أسلم) قبيلة معروفة (على ناقة ورقاء) أي: في لونها بياض إلى سواد وهو أطيب الإبل لحمًا، وليس بمحمود عندهم في حمله وسيره، قاله الجوهري (هي أمثل ظهر القوم) أي: خير إبلهم.
(قال) سلمة بن الأكوع (فخرجت أعدو) على رجلي خلفه (فأدركته ورأس الناقة) التي عليها الرجل الذي تبعه (عند وَرِك الجمل)[بكسر الراء](1) والورك ما فوق الفخذ وهي مؤنثة، وقد تخفف مثل فخذ وفخذ (وكنت عند ورك الناقة ثم تقدمت) أعدو [خلفه (حتى كنت عند ورك الجمل) الأحمر (ثم تقدمت أعدو] (2) حتى أخذت بخطام الجمل) أي: زمامه الذي يقاد به (فأنخته، فلما وضع) الجمل (ركبته بالأرض) ليبرك عليها (اخترطت سيفي) أي: سللته من غمده (فأضرب) أي: ضربت. كما في رواية مسلم (رأس الرجل) الذي على الجمل (فَنَدر) بفتح النون والدال المهملة. أي: سقط رأسه إلى الأرض.
(فجئت براحلته) أي: بالجمل. كما في رواية مسلم، وسمي الجمل (3) راحلة؛ لأنه يوضع عليه الرجل، وهو أصغر من القتب، والهاء للمبالغة فهو فاعل بمعنى مفعول {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي (4): مرضية ورحل الرجل منزله وأثاثه (وما عليها) من أثاث الرجل المقتول وسلاحه (أقودها)(5) يعني: الجمل. ولم يذكر في الحديث أنه دفن
(1) في (ر): أعدو خلفه الجمل، والمثبت من (ل).
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
في (ر): الرجل، والمثبت من (ل).
(4)
الحاقة: 21، الغاشية:7.
(5)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: أقوده.
رأس المقتول ولا حمله معه، فيحتمل أنه تركه مكانه، فعلى هذا يستدل به على أن الكافر الحربي والذمي لا يغسل، ولا يكفن، [ولا يدفن](1)، وفي الحربي وجه أنه يجب مواراته.
(قال: فاستقبلني رسول الله في) جماعة من (الناس مقبلاً) رواية مسلم: فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم والنّاس معه. وفيه استقبال الإمام ومن معه للسرايا إذا رجعوا، والثناء على من فعل جميلًا [أو ما](2) فيه مصلحة للمسلمين.
(فقال: من قتل الرجل؟ ) لعله إنما سأل عنه لينبه على فضيلته وشجاعته؛ ليتأسى به غيره (فقالوا: ابن الأكوع) فيه الاقتصار على اسم أبي الرجل دون اسمه إذا كان مشهورًا به (قال: له سلبه أجمع) اعلم أن هذا الحديث والذي قبله بوب عليه أبو داود: باب في الجاسوس المستأمن، والحديث الذي قبله بوب عليه البخاري: باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان (3)، فيتعين حمل هذا الحديث على المستأمن، وليس في الحديث أن أحدًا أمنه، فيحتمل تركهم قتله بعد رؤيته، وإقراره على الإقامة في دار الإسلام قائم مقام الأمان بالنطق، وهذا احتمال ضعيف لكن هذا (4) لا يتأتى إلا لمن يقرأ الجاسوس المستأمن بفتح الميم التي قبل النون، أما من كسر ميم
(1) ساقطة من (ر).
(2)
في (ر): ومن، والمثبت من (ل).
(3)
قبل حديث (3051).
(4)
ساقطة من (ر).
المستأمن على أن يكون اسم الفاعل. أي: الجاسوس الذي يطلب الأمان [(1) في الظاهر بهيئة خديعة منه ومكر؛ ليتوصل إلى مقصوده من الفساد في الأرض، فهذا يقتل إذا علم به، والظاهر أنهم لم يشعروا بكونه جاسوسًا إلا عند انفتاله وعدوه هارباً منهم.
قال النووي: وفي هذا الحديث دليل على قتل الجاسوس الكافر الحربي، وهو كذلك بإجماع المسلمين، وفي رواية النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمرهم بطلبه وقتله، وأما الجاسوس المعاهد والذمي فقال جماهير العلماء: لا ينتقض عهده بذلك. قال أصحابنا: إلا أن يكون قد اشترط عليه انتقاض عهده بذلك.
وأما الجاسوس المسلم فقال الشافعي وجماهير العلماء: يعزره الإمام بما يراه من حبس وضرب ونحوهما، ولا يجوز قتله (2).
وفي هذا الحديث دلالة ظاهرة لمذهب الشافعي وموافقيه أن القاتل يستحق السلب، وأنَّه لا يخمس (3).
وفيه استحباب محاسنة الكلام واستعمال السجعان إذا لم [يكن](4) فيه تكلف ولا فوات مصلحة.
(قال هارون) شيخ أبي داود (هذا لفظ هاشم) شيخ هارون المذكور.
* * *
(1) من هنا يبدأ سقط ورقتين من (ر).
(2)
"شرح النووي على مسلم" 12/ 67.
(3)
انظر: "الحاوي" 8/ 393، "نهاية المطلب" 11/ 450.
(4)
زيادة يقتضيها السياق.