الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب في الهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ
2471 -
حَدَّثَنَا إِبْراهِيمُ بْنُ مُوسَى الرّازِيُّ، أَخْبَرَنا عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُعاوِيةَ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها"(1).
2480 -
حَدَّثَنَا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ طاوُسٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ: "لا هِجْرَةَ، ولكن جِهادٌ وَنِيَّة وَإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا"(2).
2481 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْماعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عامِرٌ قالَ: أَتَى رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو وَعِنْدَهُ القَوْمُ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَهُ فَقالَ: أَخْبِرْنِي بِشَيء سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ والمُهاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عَنْهُ"(3).
* * *
[2 - باب في الهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ]
(باب في الهجرة) أي: إلى (4) مدينة النبي صلى الله عليه وسلم (هل انقطعت) بفتح مكة أم هي باقية إلى يوم القيامة.
(1) رواه أحمد 4/ 99، الدارمي (2555)، والنسائي في "الكبرى"(8711).
وصححه الألباني في "الإرواء"(1208).
(2)
رواه البخاري (1834)، ومسلم (1353).
(3)
رواه البخاري (10).
(4)
زيادة من (ل).
[2479]
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي) الفراء المعروف بالصغير (أنا عيسى) بن يونس (عن حريز) بالحاء المهملة المفتوحة وزاي آخره (ابن عثمان) الرحبي (عن عبد الرحمن بن أبي عوف) الجرشي.
قال أبو داود (1): شيوخ الرحبي ثقات (عن أبي هند) البجلي، أخرج له النسائي (عن معاوية قال: سمعت رسول الله يقول: لا تنقطع الهجرة) المستحبة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وروى هذا الحديث الإمام أحمد في مسند عبد الرحمن بن عوف (2)، وأوله أن الهجرة خصلتان: إحداهما: [أن](3) يهجروا السيئات، والأخرى: أن يهاجروا إلى الله ورسوله، ولا تنقطع الهجرة (حتى تنقطع التوبة) أي: المقبولة، ولفظ رواية أحمد:"لا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة"(4). [وفي رواية أحمد والنسائي](5)"لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو (6) ".
[(ولا تنقطع التوبة)](7) المقبولة (حتى تطلع الشمس من مغربها) قال العلماء: طلوع الشمس من مغربها حد يعرف به [امتناع](8) قبول التوبة،
(1) ذكره المزي في "تهذيب الكمال"(8/ 163) عن الآجري. ولم أجده في "سؤالات الآجري".
(2)
"مسند أحمد" 1/ 192.
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
(4)
"المسند" 1/ 192.
(5)
ساقطة من (ر).
(6)
"سنن النسائي"(4172)، "مسند أحمد" 5/ 270.
(7)
زيادة من (ل)، والمطبوع.
(8)
زيادة يقتضيها السياق.
وقد روى الترمذي (1) في حديث حسن صحيح، والبيهقي (2) واللفظ له عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن من قبل المغرب لبابًا مسيرة عرضه أربعون عامًا - أو سبعون سنة - فتحه الله تعالى للتوبة يوم خلق السماوات والأرض، فلا يغلقه حتى تطلع الشمس منه".
وعن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للجنة ثمانية أبواب: سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه". رواه أبو يعلى، والطبراني بإسناد جيد (3).
[2480]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي (حدثنا جرير، عن منصور) بن المعتمر (عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح) يعني (فتح مكة) شرفها الله تعالى (لا هجرة) أي: لا تجب الهجرة من مكة إلى المدينة بعد فتح مكة؛ لأن الله تعالى لما فتح مكة دخل الناس في دين الله أفواجًا، وبقي وجوب الهجرة من المواضع التي لا يتأتى فيها أمر الدين كما تقدم [(ولكن جهاد ونية) أي: لن بقي فرض الجهاد والنية الصالحة على
(1)"سنن الترمذي"(3535).
(2)
"سنن البيهقي الكبرى"(1252).
(3)
رواه أبو يعلى في "المسند"(5012)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10479)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(307)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 261. من طرق عن شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي صادق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود به. قالى الهيثمي في "المجمع" 10/ 198: إسناده جيد.
قلت: لكن فيه شريك القاضي وهو سيئ الحفظ وقول الهيثمي: إسناده جيد من باب تساهله المعروف كما قال الشيخ الألباني. انظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(4329).
من عجز عن الجهاد، وقيل:"ولكن جهاد ونيته" فإن الجهاد لا يكون بغير (1) نية مدى الدهر على من قام بفرضه أو نزل به عدو من الكفار (وإذا استنفرتم فانفروا)] (2) بضم التاء وكسر الفاء، أي: إذا استغيث بكم أو دعيتم للجهاد فبادروا بالخروج ولا تقعدوا؛ لأن الجهاد كان على الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض كفاية، وقيل: فرض عين على كل قادر.
قال الخطابي (3): هما هجرتان، فالمنقطعة منهما هي: الفرض، والثانية هي: الندب، وهذا وجه الجمع بين الحديثين. قال الماوردي (4): الصحيح عندي أن ابتداء فرضه كان على الأعيان في المهاجرين وعلى الكفاية في غيرهم؛ لأن المهاجرين انقطعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصرته، وأما بعده فإن كان الكفار ببلادهم ففرض كفاية، وإن دخلوا بلدة لنا أو أطلوا علينا قاصدين تعين الجهاد على القادر.
[2481]
(قال: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى)[بن سعيد القطان](5)(عن إسماعيل بن أبي خالد)[الأحمس مولاهم الكوفي التابعين](6) (حدثنا عامر قال: أتى رجل عبد الله بن عمرو وعنده القوم فقال:
(1) تكررت في (ل).
(2)
ساقط من (ر)، وبعدها: باب.
(3)
"معالم السنن" 2/ 234.
(4)
"الحاوي في فقه الشافعي" 14/ 112.
(5)
بياض في (ر)، (ل)، والمثبت كما هي عادة المصنف في ترجمة الرجال.
(6)
بياض في (ر)، (ل)، والمثبت كما هي عادة المصنف في ترجمة الرجال.
أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سمعت رسول الله يقول: المسلم) أي: الكامل، وليس المراد نفي أصل الإسلام عمن لم يكن بهذِه الصفة، بل هذا كما يقال: العلم ما نفع. أي: العلم المحبوب ما نفع، ويدل على ذلك ما جاء في رواية لمسلم في أول الحديث (1): أي المسلمين خير؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده". ثم اعلم [أن كمال الإسلام متعلق به خصال أخر.
(من سلم المسلمون) أي: لم يؤذ أحدًا] (2) من المسلمين: بل سلموا (من لسانه ويده) أي من قوله باللسان ومن فعله، وخصت اليد بالذكر؛ لأن معظم الأفعال بها، ومنه قوله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (3)، وخص اللسان واليد بالذكر؛ لأن ضررهما أكثر من القلب (والمهاجر) الكامل (من هجر ما نهى الله عنه) ولا يتكل على هجرته، ويحتمل أنه قال ذلك لما شق فوات الهجرة على بعضهم فأعلمهم أن هذا هو المهاجر المطلوب تحصيله الكامل فضله، وهذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وفصيحه كما يقال: المال الإبل والناس [العرب](4) إذا أريد الفضيلة لا أنه يراد به الحصر وإخراج ما سواها، ويدخل فيما نهى الله عنه الحرام والمكروه وخلاف الأولى.
* * *
(1)"صحيح مسلم"(40).
(2)
ما بين المعقوفين ساقط من (ر).
(3)
الشورى: 30.
(4)
ساقطة من الأصلين، والمثبت من "إكمال المعلم" 1/ 77.