الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
62 - باب في الجَنائبِ
2568 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن رافِعٍ، حَدَّثَنا ابن أَبي فُديْكٍ، حَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبي هِنْدٍ قالَ: قالَ أَبُو هُريرَةَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَكُونُ إِبِلٌ لِلشّياطِينِ وَبُيُوتٌ لِلشّياطِينِ فَأَمّا إِبِلُ الشّياطِينِ فَقَدْ رَأيْتُها يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ بِجَنِيباتٍ مَعَهُ قَدْ أَسْمَنَها فَلا يَعْلُو بَعِيرًا مِنْها ويَمُرُّ بِأَخِيهِ قَدِ انْقَطَعَ بِهِ فَلا يَحْمِلُهُ وَأَمّا بُيُوتُ الشّياطِينِ فَلَمْ أَرَها". كانَ سَعِيدٌ يَقُولُ: لا أُراها إِلَاّ هذِه الأَقْفاصَ التي يَسْتُرُ النّاسُ بِالدِّيباجِ (1).
* * *
باب في الجنائب
الجنائب واحدها جنيبة، وهي الدابة التي تقاد مع الراكب أو مع الماشي فلا راكب عليها ولا حمل.
[2568]
(حدثنا محمد بن رافع) بن أبي زيد (حدثنا) محمد بن إسماعيل (بن أبي فديك، حدثنا عبد الله بن أبي يحيى) الأسلمي (عن سعيد بن أبي هند) الفزاري.
(قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون) أي: ستكون (إبل للشياطين) وهي التي تتخذ للفخر والخيلاء، والتي يتخذها من بطر عبثًا لا لحاجة، ونسبت إلى الشياطين؛ لأنه دعا الإنسان إلى اتخاذها فأجابه إلى ذلك وأطاعه في ذلك فكانت له.
(1) رواه البخاري في "الأدب المفرد"(459)، والبيهقي 5/ 255.
وضعفه الألباني في "الضعيفة"(2303).
قال قتادة في قوله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (1): إن للشيطان خيلاً ورجالة من الجن والإنس (2). فكل من دعاه الشيطان إلى معصية فذهب فيها راكبًا فرسًا فهو من خيله، ومن ذهب ماشيًا فهو من رجالته، ومن دعاه أن يستصحب معه جنائب تقاد من الإبل فتلك إبله، ومن دعاه إلى استصحاب (بيوت) من خشب تستر بالحرير بطرًا وفخرًا فهي (للشياطين) الآمرين بفعلها، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم:"فراش لك وفراش لأهلك وفراش للضيف وفراش للشيطان"(3). وهو الذي اتخذ عبثًا ليفخر به على غيره لا لحاجة، بل دعاه الشيطان إلى فعله فأجابه.
(فأما إبل الشياطين فقد) وجدت و (رأيتها) وهي: أن (يخرج أحدكم) إلى السفر (بجنيبات) يعني: من كرائم الإبل الجياد النفيسات تقاد معه بأيدي ركاب ومشاة قد أكثر لها من العلف والراحة والخدمة حتى (أسمنها) بفتح النون من السمن (فلا يعلو) صاحبها (بعيرًا منها) لاستغنائه عنها (ويمر) بتلك الجنائب (بأخيه) المؤمن الفقير أو المسكين الذي قد تعب من المشي (قد انقطع به) بضم الهمزة والقاف (4). أي: عجز عن السفر من نفقة ذهبت منه أو وقفت عليه راحلته، أو أتاه أمر لا يقدر على أن يتحرك معه أو يمشي (فلا يحمله)
(1) الإسراء: 64.
(2)
رواه الطبري في "جامع البيان" 17/ 491.
(3)
سيأتي برقم (4142) في كتاب اللباس، باب في الفرش.
(4)
في الأصول: الطاء. والمثبت هو الصواب.
على جنيبة من تلك الجنائب التي لا ينتفع بها، وقد كثر استعمال هذِه الجنائب حتى صار الأمير له نحو المآت من ذلك.
(وأما بيوت الشياطين) يعني التي دعتهم الشياطين إلى فعلها فأجابوا إلى اتخاذها، قال صلى الله عليه وسلم:(فلم أرها) وجدت، و (كان سعيد) بن أبي هند مولى سمرة بن جندب توفي بالمدينة في أول خلافة هشام بن عبد الملك، حكى المنذري (1) عن أبي حاتم الرازي (2): أن سعيدًا لم يلق أبا هريرة، ثم قال: وفي كلام البخاري ما يدل على ذلك (3).
(يقول: لا أُراها) بضم الهمزة، أي: أظنها -يعني: بيوت الشياطين (إلا هذِه الأقفاص) الكبيرة التي على هيئة قفص الطير مرتفعة، وأظنها التي تسمى بالمحفة (التي يسترها الناس بالديباج) ويحفونها به كما يحف الهودج بالثياب، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي أخبر بها عن المغيبات، ثم وجدت بعده على الهيئة التي أخبر بها، فلله الحمد على أن جعلنا من أمته وعلى شريعته.
* * *
(1)"مختصر سنن أبي داود" 3/ 395.
(2)
"المراسيل"(ص 28).
(3)
قال في "التاريخ الكبير" 3/ 518: سمع ابن عباس، وعن أبي هريرة، وعن علي.