الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب فَضْل قِتَالِ الرُّومِ عَلَى غيْرِهمْ مِنَ الأُمَمِ
2488 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ محَمَّدٍ، عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَبْدِ الخَبِيرِ بْنِ ثابِتِ بْنِ قيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: جاءَتِ امْرَأَةٌ إِلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يقال لَها: أُمِّ خَلَّادٍ وَهيَ مُنْتَقِبَةٌ تَسْأَلُ عَنِ ابْنَهَا وَهُوَ مَقْتولٌ، فَقالَ لَها بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: جِئْتِ تَسْأَلِينَ عَنِ ابنكِ وَأَنْتِ مُنْتَقِبَةٌ. فَقالَتْ: إِنْ أُرزَأِ ابني فَلَنْ أُرْزَأَ حيائِي. فَقالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ابْنُكِ لَهُ أَجْرُ شَهِيديْنِ". قالَتْ: وَلَمِ ذاكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: "لأنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الكِتَابِ"(1).
* * *
باب فضل قتال الروم
وهم أولاد الروم بن عيصو بن إسحاق عليه السلام، فمنهم مسلمون كسكان مُلْكِ ابن عثمان وسكان القسطنطينية وقبرس (2).
[2488]
(حدثنا عبد الرحمن بن سلَّام) بفتح المهملة وتشديد اللام (أنا حجاج بن محمد) الأعور (عن فرج بن فضالة) ضعيف (عن عبد الخبير بن ثابت بن قيس بن شمَّاس) بتشديد الميم (عن أبيه، عن جده) ثابت بن قيس.
(قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم)(3) وهي منتقبة) بإسكان النون وفتح المثناة بعدها، يقال: انتقبت المرأة بالنقاب بكسر النون.
(1) رواه أبو يعلى (1591)، والبيهقي 9/ 175.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(428).
(2)
ورد بعدها في (ر)، (ل): نسخة: في فضل قتال الروم على غيرهم من الأمم.
(3)
ورد بعدها في (ر)، (ل): نسخة: يقال لها: أم خلاد.
قال أبو عبيد (1): النقاب عند العرب الذي يبدو منه محجر العين.
قوله (وهي منتقبة) جملة منصوبة على الحال من (جاءت) أي: جاءت في حال كونها منتقبة، وهذا يدل على ما حكى الإمام اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات؛ لأنهن لو جاز لهن كشف الوجه لكن كالمرد، وهذا عند خوف الفتنة، أما مع الأمن فعلى الصحيح عند النووي يحرم، والثاني لا يحرم، ونسبه الرافعي للأكثرين؛ لقوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (2)، وفسر بالوجه واليدين، وما حكاه الإمام من الاتفاق معارض بما حكى القاضي عياض أنه لا يلزمها لمشر وجهها في طريقها، وعلى الرجال غض البصر للآية (3).
وإذا قلنا بتحريم خروجهن سافرات الوجوه فيتعين عليها ستر وجهها وعينيها، فلو كانت منتقبة بنقاب صفيق يستر البشرة كما هو ظاهر الحديث إلا أنه يظهر منها محاجر عينيها، وعيناها من الوجه، فالظاهر كما صرح به بعضهم المنع؛ لأن ما حرم رؤيته حرم رؤية بعضه، وقد قيل:
وعينان قال الله كونا فكانتا
…
فعولان بالألباب ما تفعل الخمر (4)
وظاهر الحديث الجواز، فلو كان النقاب تشف منه البشرة كما هو
(1)"غريب الحديث" 4/ 463.
(2)
النور: 31.
(3)
"الشرح الكبير" 7/ 472.
(4)
البيت من الطويل التام الذي لزمه رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 48/ 149 بإسناده إليه، وله قصة.
الغالب في هذا الزمان فينبغي أن يجيء فيه الخلاف في الاكتفاء به في الشهادة عليها، وقضية كلام الرافعي في النكاح الاكتفاء (تسأل عن ابنها) إن كان في الجَنَّة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء (وهو مقتول) في قتال الروم كما بوب عليه المصنف مع الفرس.
(فقال لها بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة) لعله أُنكر عليها ستر وجهها من النبي صلى الله عليه وسلم في حال سؤالها، والوجه لا يستر بالنقاب إلا لخوف الفتنة، فكان الأولى كشف وجهها عند مخاطبته فيقع نظر النبي صلى الله عليه وسلم على وجهها فتشمله البركة.
(فقالت: إن أُرزأ ابني) بضم الهمزة وهمزة في الآخر تكسر في الوصل لالتقاء الساكنين، أي: إن أُصَبْ" (1) بمصيبة موت ابني الذي (2) هو بضعة مني (فلن: أرزأ حيائي) بمد وهمزة قبل الياء الأخيرة، أي: فلا أضم إليها مصيبة أخرى وهي ترك الحياء الذي هو من الإيمان، ولعلها إنما تركت النقاب على وجهها حياء ممن كان حاضرًا عند النبي صلى الله عليه وسلم.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ابنك له أجر شهيدين) ممن قتل في سبيل الله، يبشرها بما له من النعيم المقيم والكرامة عند الله ليهون صبرها على ابنها، وابنها اسمه خلاد الأنصاري قتل في بني قريظة (قالت: ولم ذاك؟ ) أي: ما سبب تضاعف أجره حتى يرغب غيره في ذلك (قال: لأنه قتله أهل الكتاب) فيه الحث على جهاد أهل الكتاب وفضله
(1) في الأصلين: أصيب، والمثبت أولى بالسياق.
(2)
ساقطة من (ر).
على غيرهم، والظاهر أن من قتل كافرًا من أهل الكتاب في الحرب له أجر من قتل كافرين كما أن مقتولهم له أجران، ولعل سبب المضاعفة أنهم لما علموا ما في كتبهم من صفة محمد وكذبوا به وبالقرآن فكفر أتباعهم، فكان عليهم إثمهم وإثم أتباعهم، كما قال تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} (1).
* * *
(1) العنكبوت: 13.