المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌98 - باب في كراهية تمني لقاء العدو - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١١

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الجِهَادِ

- ‌1 - باب ما جاءَ في الهِجْرَة وَسُكْنَى البَدْوِ

- ‌2 - باب في الهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ

- ‌3 - باب في سُكْنَى الشَّامِ

- ‌4 - باب في دَوامِ الجِهادِ

- ‌5 - باب في ثَواب الجِهَادِ

- ‌6 - باب في النَّهْى عَنِ السِّياحَةِ

- ‌7 - باب في فَضْلِ القَفْلِ في سَبيلِ اللِّه تَعَالَى

- ‌8 - باب فَضْل قِتَالِ الرُّومِ عَلَى غيْرِهمْ مِنَ الأُمَمِ

- ‌9 - باب في رُكُوبِ البَحْرِ في الغَزْوِ

- ‌10 - باب فَضْلِ الغزْوِ في البَحْرِ

- ‌11 - باب في فَضْلِ مَنْ قَتَلَ كافِرًا

- ‌12 - باب في حُرْمَةِ نِساءِ المُجاهدِين عَلَى القاعِدِينَ

- ‌13 - باب في السَّرِيَّةِ تُخْفقُ

- ‌14 - باب في تَضْعِيفِ الذِّكْرِ في سَبيلِ الله تَعالَى

- ‌15 - باب فِيمَنْ ماتَ غازِيًا

- ‌16 - باب في فَضْلِ الرِّباطِ

- ‌17 - باب في فَضْلِ الحَرْسِ في سَبيلِ الله تعالى

- ‌18 - باب كَراهِيَةِ تَرْكِ الغَزْوِ

- ‌19 - باب في نَسْخِ نَفِيرِ العامَّةِ بِالخاصَّةِ

- ‌20 - باب في الرُّخْصَةِ في القُعُودِ منَ العُذْرِ

- ‌21 - باب ما يُجْزِئُ مِنَ الغزْوِ

- ‌22 - باب في الجُرْأَةِ والجُبْنِ

- ‌23 - باب في قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌24 - باب في الرَّمْى

- ‌25 - باب في مَنْ يَغْزُو ويَلْتَمِسُ الدُّنْيا

- ‌26 - باب مَنْ قاتَل لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هيَ العُلْيا

- ‌27 - باب في فَضْلِ الشَّهادَةِ

- ‌28 - باب في الشَّهِيدِ يُشَفَّعُ

- ‌29 - باب في النَّورِ يُرى عِنْدَ قبْرِ الشَّهيدِ

- ‌30 - باب في الجَعائِلِ في الغزْوِ

- ‌31 - باب الرُّخْصَةِ في أَخْذ الجَعائِلِ

- ‌32 - باب في الرَّجُلِ يغْزو بأَجِيرٍ لِيَخْدُمَ

- ‌33 - باب في الرَّجُلِ يغْزُو وَأبَواهُ كارِهانِ

- ‌34 - باب في النِّساءِ يغْزُونَ

- ‌35 - باب في الغَزْو مَعَ أئمَّة الجَوْرِ

- ‌36 - باب الرَّجُلِ يَتَحَمَّل بِمالِ غيْرِهِ يَغْزُو

- ‌37 - باب في الرَّجُلِ يَغْزو يَلْتمِسُ الأَجْر والغَنِيمَةَ

- ‌38 - باب في الرَّجُلِ الذي يشْري نَفْسَهُ

- ‌39 - باب فِيمَنْ يسْلِمُ ويُقْتلُ مكانهُ في سَبيلِ اللهِ عز وجل

- ‌40 - باب في الرَّجُلِ يَفوت بِسِلاحِهِ

- ‌41 - باب الدُّعاء عِنْدَ اللِّقاءِ

- ‌42 - باب فِيمنْ سَأَلَ الله تَعالَى الشَّهادَةَ

- ‌43 - باب في كَراهةِ جَزِّ نَواصي الخيْلِ وأذْنابِها

- ‌44 - باب فِيما يُسْتَحَبّ منْ أَلْوان الخيْلِ

- ‌45 - باب هَلْ تُسَمَّى الأنْثَى مِن الخيْلِ فرَسًا

- ‌46 - باب ما يُكْرهُ مِنَ الخيْلِ

- ‌47 - باب ما يؤْمرُ بِهِ منَ القِيام علَى الدَّوابّ والبَهائِمِ

- ‌48 - باب في نُزُولِ المَنازل

- ‌49 - باب في تَقْييد الخيْلِ بِالأَوْتارِ

- ‌50 - باب إِكْرامِ الخيْلِ وارْتِباطِها والمَسْحِ عَلَى أَكْفالِها

- ‌51 - باب في تَغلِيقِ الأَجْراس

- ‌52 - باب في رُكُوبِ الجَلالَّةِ

- ‌53 - باب في الرَّجُلِ يُسَمّي دابَّتَهُ

- ‌54 - باب في النِّداءِ عِنْد النَّفِير: يا خيْلَ اللهِ ارْكَبي

- ‌55 - باب النَّهْيِ عنْ لَعْنِ البَهِيمَةِ

- ‌56 - باب في التَّحْرِيشِ بيْنَ البَهائِمِ

- ‌57 - باب في وَسْمِ الدَّوابِّ 2563 - حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ هِشامِ بْنِ زيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: أَتيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِأَخٍ لي حِينَ وُلدَ لِيُحَنِّكَهُ فَإِذا هُوَ في مِرْبَدٍ يَسِمُ غَنَمًا - أَحْسِبُهُ قالَ - في آذانِها

- ‌58 - باب النَّهْى عَنِ الوَسْم في الوَجْهِ والضَّرْبِ في الوَجْهِ

- ‌59 - باب في كَراهِيَةِ الحُمُرِ تُنْزى عَلَى الخيْلِ

- ‌60 - باب في رُكُوبِ ثَلاثَةٍ عَلَى دابَّةٍ

- ‌61 - باب في الوُقوفِ عَلَى الدّابَّةِ

- ‌62 - باب في الجَنائبِ

- ‌63 - باب في سُرْعة السّيْرِ والنَّهْى عَن التَّعْرِيِس في الطَّرِيق

- ‌64 - باب في الدُّلْجَةِ

- ‌65 - باب رَبُّ الدّابَّةِ أحَقُّ بِصَدْرِها

- ‌66 - باب في الدّابَّةِ تُعرْقَبُ في الحَرْب

- ‌67 - باب في السَّبْقِ

- ‌68 - باب في السَّبْقِ عَلَى الرِّجْلِ

- ‌69 - باب في المُحَلِّلِ

- ‌70 - باب في الجَلَب عَلَى الخيْلِ في السِّباقِ

- ‌71 - باب في السّيْفِ يُحَلَّى

- ‌72 - باب في النَّبْلِ يُدْخَلُ بِهِ المَسْجِدُ

- ‌73 - باب في النَّهْي أَنْ يَتَعاطَى السّيْف مَسْلُولاً

- ‌74 - باب في النَّهْى أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بيْن أُصْبُعيْنِ

- ‌75 - باب في لُبْس الدُّرُوعِ

- ‌76 - باب في الرّاياتِ والأَلْوِلَةِ

- ‌77 - باب في الانْتِصارِ بِرذْلِ الخيْلِ والضَّعَفَةِ

- ‌78 - باب في الرَّجُلِ ينادي بِالشِّعارِ

- ‌79 - باب ما يَقُول الرَّجُلُ إِذا سافَرَ

- ‌80 - باب في الدُّعاءِ عِنْد الوَداعِ

- ‌81 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ

- ‌82 - باب ما يَقول الرَّجُلُ إذا نزَلَ المَنْزِلَ

- ‌83 - باب في كَراهِيَةِ السّيْرِ في أَوَّل اللّيْلِ

- ‌84 - باب في أيِّ يَوْمٍ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ

- ‌85 - باب في الابْتِكارِ في السَّفَرِ

- ‌86 - باب في الرَّجُلِ يُسافِرُ وَحْدَهُ

- ‌87 - باب في القَوْمِ يُسافِرُونَ يؤَمِّرُونَ أَحَدَهُمْ

- ‌88 - باب في المُصْحف يُسافَرُ بِهِ إلى أَرْضِ العَدُوِّ

- ‌89 - باب فِيما يُسْتَحَبُّ مِنَ الجُيُوشِ والرُّفقاء والسَّرايا

- ‌90 - باب في دُعاءِ المُشْرِكِينَ

- ‌91 - باب في الحَزقِ في بلاد العَدُوِّ

- ‌92 - باب بَعْثِ العُيُونِ

- ‌93 - باب في ابن السَّبيلِ يَأكُلُ مِنَ التَّمْرِ ويَشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ إِذا مَرَّ بِه

- ‌94 - باب مَنْ قالَ إِنَّهُ يَأكل مِمّا سَقطَ

- ‌95 - باب فِيمنْ قال: لا يَحْلِبُ

- ‌96 - باب في الطّاعَة

- ‌97 - باب ما يُؤْمَرُ مِنَ انضمامِ العَسْكرِ وَسِعَتِهِ

- ‌98 - باب في كَراهيةِ تَمَنّي لِقاء العَدُوِّ

- ‌99 - باب ما يُدْعَى عِنْد اللِّقاءِ

- ‌100 - باب في دُعاءِ المُشْرِكِينَ

- ‌101 - باب المَكْرِ في الحَرْب

- ‌102 - باب في البَياتِ

- ‌103 - باب في لُزومِ السّاقَةِ

- ‌104 - باب علَى ما يُقاتَل المُشْركونَ

- ‌105 - باب النَّهْي عنْ قَتْلِ من اعتصمَ بِالسُّجُودِ

- ‌106 - باب في التَّوَلي يوْمَ الزّحْفِ

- ‌107 - باب في الأَسِيرِ يكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ

- ‌108 - باب في حُكْمِ الجاسوسِ إِذا كانَ مُسْلِمًا

- ‌109 - باب في الجاسوس الذِّمَّيِّ

- ‌110 - باب في الجاسُوسِ المُسْتأْمنِ

- ‌111 - باب في أي وَقْتِ يسْتَحَبُّ اللّقاءُ

- ‌112 - باب فِيما يُؤْمَر بِه مِن الصَّمْتِ عِنْد اللّقاءِ

- ‌113 - باب في الرَّجُلِ يَتَرجَّلُ عِنْد اللِّقاءِ

- ‌114 - باب في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ

- ‌115 - باب في الرَّجُلِ يُسْتَأْسَرُ

- ‌116 - باب في الكُمَناءِ

- ‌117 - باب في الصُّفُوفِ

- ‌118 - باب في سَلِّ السُّيُوفِ عِنْدَ اللِّقاءِ

- ‌119 - باب في المُبارَزَةِ

- ‌120 - باب في النَّهْي عَنِ المُثْلَةِ

- ‌121 - باب في قَتْلِ النِّساءِ

- ‌122 - باب في كَراهِيَةِ حَرْقِ العَدُوِّ بالنّارِ

- ‌123 - باب في الرَّجُلِ يَكْرِي دابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ أَوِ السَّهْمِ

- ‌124 - باب في الأَسِيرِ يُوثَقُ

- ‌125 - باب في الأَسِيرِ يُنالُ مِنْهُ وَيُضْرَبُ ويُقَرَّرُ

- ‌126 - باب في الأَسِيرِ يُكْرهُ عَلى الإِسْلامِ

- ‌127 - باب قَتْلِ الأَسِيرِ ولا يُعْرَضُ علَيْهِ الإِسْلامُ

- ‌128 - باب في قَتْلِ الأَسِيرِ صَبْرًا

- ‌129 - باب في قَتْلِ الأَسِيرِ بِالنَّبْلِ

- ‌130 - باب في المَنِّ على الأَسِيرِ بِغيْرِ فِداءٍ

- ‌131 - باب في فِداءِ الأَسِيرِ بِالمالِ

- ‌132 - باب في الإِمامِ يُقِيمُ عنْدَ الظُّهُورِ عَلَى العَدُوِّ بِعرْصَتِهمْ

- ‌133 - باب في التَّفْريقِ بينَ السَّبْى

- ‌134 - باب الرخْصَة في المُدْرِكِينَ يُفَرَّقُ بيْنَهُمْ

- ‌135 - باب في المالِ يصِيبهُ العدوُّ مِنَ المُسْلِمين ثُمّ يدْرِكه صاحِبُة في الغَنِيمَةِ

- ‌136 - باب في عَبِيدِ المًشْركينَ يَلْحقُونَ بِالمُسْلِمِينَ فيسْلمُونَ

- ‌137 - باب في إِباحَةِ الطَّعامِ في أَرْضِ العَدُوّ

- ‌138 - باب في النَّهْى عَنِ النُّهْبَى إِذا كانَ في الطَّعامِ قِلَّة في أَرْضِ العَدوِّ

- ‌139 - باب في حَمْلِ الطَّعامِ منْ أرْضِ العَدُوّ

- ‌140 - باب في بيع الطّعامِ إذا فضَلَ، عَنِ النّاس في أرْض العَدوّ

- ‌141 - باب في الرّجل يَنْتَفِع مِنَ الغنِيمَةِ بِالشَّيء

- ‌142 - باب في الرخْصَةِ في السِّلاحِ يقاتَل بهِ في المعْرَكَةِ

- ‌143 - باب في تَعْظِيم الغُلُولِ

- ‌144 - باب في الغلُول إِذا كانَ يَسِيرًا يَتْركهُ الإِمامُ وَلا يحَرّقُ رحْلَهُ

- ‌145 - باب في عُقُوبَةِ الغالِّ

- ‌146 - باب النَّهْي عَنِ السَّتْرِ علَى مَنْ غَلَّ

- ‌147 - باب في السَّلَبِ يعْطَى القاتلُ

- ‌148 - باب في الإمامِ يَمْنَعُ القاتِلَ السَّلب إِنْ رَأى والفَرَسُ والسِّلاحُ مِنَ السَّلَبِ

- ‌149 - باب في السَّلَبِ لا يُخمَّسُ

- ‌150 - باب مَنْ أَجازَ عَلَى جريحٍ مُثخنٍ يُنَفَّلُ مِنْ سَلَبِه

- ‌151 - باب فيمنْ جاءَ بعْدَ الغَنِيمةِ لا سَهْمَ لَهُ

- ‌152 - باب في المرْأَةِ والعبْد يُحْذيان مِنَ الغنِيمَةِ

- ‌153 - باب في المُشْركِ يُسْهَمُ لَهُ

- ‌154 - باب في سُهْمانِ الخيْلِ

- ‌155 - باب فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا

- ‌156 - باب في النَّفَلِ

- ‌157 - باب في نَفْل السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ مِنَ العَسْكَرِ

الفصل: ‌98 - باب في كراهية تمني لقاء العدو

‌98 - باب في كَراهيةِ تَمَنّي لِقاء العَدُوِّ

2631 -

حَدَّثَنا أَبُو صالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنا أَبُو إِسْحاقَ الفَزاريُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالمٍ أَبي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ - يَعْني ابن مَعْمَرٍ وَكانَ كاتِبًا لَهُ - قالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي أَوْفَى حِينَ خَرَجَ إِلى الحرُورِيَّةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ أَيَّامِهِ التي لَقيَ فِيها العَدُوَّ قالَ: "يا أَيُّها النَّاسُ لا تتمَنَّوْا لِقاءَ العَدُوِّ وَسَلُوا اللهَ تَعالَى العافِيَةَ فَإذا لَقِيتُمُوهُمْ فاصْبِرُوا واعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ". ثُمَّ قالَ: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتاب وَمُجْريَ السَّحاب وَهازِمَ الأحْزابِ اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنا عَلَيْهِمْ"(1).

* * *

باب كراهية تمني لقاء العدو

[2631]

(حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى، أخبرنا أبو إسحاق الفزاري، عن موسى بن عقبة) من موالي أمية (عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله) تصغير عبد (يعني: ابن معمر) بقوله إلا أن تفسير عمر بن عبيد الله بأنه (وكان) ليس هو من كلام الراوي الذي سمع منه (كاتبًا) يعني: سالمًا (له) أي: لعمر بن عبيد الله (قال): يعني: سالمًا (كتب إليه) يعني: إلى عمر بن عبيد الله (عبد الله بن أبي أوفى) الأسلمي، واسمه علقمة الأسلمي.

قال النووي: واتفاق البخاري ومسلم على روايته حجة في جواز

(1) رواه البخاري (2818)، ومسلم (1742).

ص: 379

العمل بالمكاتبة والإجازة، وقد جوزوا (1) العمل (2) بالمكاتبة، وبه قال جماهير العلماء من أهل الحديث والأصول والفقه، ومنعت طائفة العمل بها، وهو غلط (3).

(حين خرج إلى الحرورية) نسبة إلى حروراء، وهو موضع أو قرية بظاهر الكوفة. قال السمعاني (4): وهي على ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج فيه فتعاقدوا في هذِه القرية على مذهبهم الفاسد؛ فنسبوا إليها. وكان عبد الله آخر من بقي بالكوفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتنى بها دارًا، ومات بالكوفة سنة سبع وثمانين بعدما كف بصره.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقِي) بكسر القاف (فيها العدو، قال: يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو) فيه الدليل على كراهة تمني لقاء العدو خشية اضطراب النفوس عند اللقاء وتغيرها عما عزمت عليه لصعوبة فقد الحياة عند الملاقاة أو غير ذلك مما علمه عليه السلام، وقد نهى عن تمني الموت.

قال ابن عباس: لم يتمن الموت غير يوسف عليه السلام (5).

وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: اللهم رق عظمي وانتشرت رعيتي فتوفني

(1) في الأصول: قال ابن الجوزي. والمثبت من "شرح النووي على مسلم".

(2)

ورد بعدها في الأصول: ابن خالد. ولا معي لها، وراجع "شرح النووي على مسلم".

(3)

"شرح النووي على مسلم" 12/ 47.

(4)

"الأنساب" للسمعاني 2/ 207.

(5)

"تفسير الطبري"(19941).

ص: 380

غير مقصر ولا عاجز (1).

قال الإمام: وقد يشكل في هذا الموضع أن يقال: إذا كان الجهاد طاعة فتمني الطاعة كيف ينهى عنه؟ !

قيل: قد يكون المراد بهذا أن التمني ربما أثار فتنة وأدخل حسرة إذا التحق به ومن استخف بعدوه فقد أضاع الحزم، فيكون المراد: لا تتمنوا لقاء العدو في حالة الشك في غلبته عليكم، أو يخاف منه استباحة (2) الحريم ويذهب بالأنفس (3) والأموال.

(وسلوا الله العافية) قد كثرت الأحاديث في الأمر بسؤال العافية، وهي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في البدن والباطن في الدين والدنيا والآخرة، وقيل: لما يخاف من ظفر العدو بالمسلمين: "اللهم إني أسألك العافية العامة لي ولأحبابي وجميع المسلمين".

(فإذا لقيتموهم فاصبروا) فيه الحث على الصبر في القتال وهو أركز أركانه، وقد جمع الله آداب القتال في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (4)، فوعد الله أن يكون مع الصابرين، ومن كان الله معه فلا يبالي.

(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1506).

(2)

في الأصول: استباح.

(3)

في الأصول: الأنفس.

(4)

الأنفال: 46.

ص: 381

(واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) فمعناه أن ثواب الله والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله، وهذا من المجاز البليغ الحسن جدًّا، فإن ظل الشيء لما كان ملازمًا له جعل ثواب الجنة واستحقاقها سبب الجهاد وإعمال السيوف لازمًا لذلك كما يلازم الظل، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم لمن استشاره للجهاد، وذكر أن له والدين:"الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما". رواه الطبراني بإسنادٍ جيد (1).

وتخصيص السيوف دون غيرها؛ لأنها الغالب ما يقاتل به.

(ثم قال: اللهم (2) منزل الكتاب) منادى مضاف فيه إشارة إلى السبب الذي تطلب به الإجابة، وهو طلب النصرة لكتاب الله المنزل عليه كأنه قال: كما أنزلته فانصره وأعله وأهله (مجري السحاب) فيه إشارة إلى قدرته سبحانه وتعالى، وفيه التوسل بالنعمة السابقة (وهازم الأحزاب) جمع حزب وهم القطعة من الناس، ويعني به الذين تحزبوا عليه بالمدينة فهزمهم الله. فيه التوسل بالنعمة اللاحقة، وقد ضمن الشعراء هذا المعنى أشعارهم بعدما أشار إليه كتاب الله حكاية عن زكريا عليه السلام {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (3) وعن إبراهيم عليه السلام:{سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} (4) أي: بارًّا وصولًا. وقال الشاعر:

(1)"المعجم الكبير"(2202).

(2)

بعدها في (ل): منادى مضاف. وحقها أن توضع بعد (منزل الكتاب) كما أثبتناها، حيث لفظ الجلالة هنا منادى مفرد، و (منزل) منادى مضاف.

(3)

مريم: 4.

(4)

مريم: 47.

ص: 382

كما أحسن الله فيما مضى

كذلك يحسن فيما بقى

وفي قوله: (هازم الأحزاب) إشارة إلى تفرد الله سبحانه بالفعل وتجريد التوكل وإطراح الأسباب واعتقاد أن الله هو الفاعل، وفيه دليل على أنه يستحب الدعاء (1) بصفات الله التي تناسب طلبة الداعي كقوله: وهازم الأحزاب (اهزمهم) وفيه الدعاء على العدو بالانهزام (وانصرنا عليهم) فيه الدعاء بالنصر والغلبة على الكفرة، وفيه دليل على جواز السجع في الدعاء إذا لم يتكلف.

* * *

(1) زيادة من (ل).

ص: 383