الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
156 - باب في النَّفَلِ
2737 -
حدثنا وَهْبُ بْن بَقِيَّةَ، قالَ: أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ داوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: قالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: " مَنْ فَعَلَ كَذا وَكَذا فَلَة مِنَ النَّفْل كذا وَكَذا ". قال: فَتَقَدَّمَ الفِتْيان وَلَزِمَ المَشْيَخَةُ الرّاياتِ فَلَمْ يَبْرَحُوها فَلَمّا فَتَحَ الله عَليْهِمْ قالَتِ المَشْيَخَة كنّا رِدْءًا لَكُمْ لَوِ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتمْ إِليْنا فَلأ تَذْهَبُوا بِالَمغْنَمِ وَنَبْقَى فَأَبَى الفِتْيانُ وَقالوا جَعَلَه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَنا فَأَنْزَلَ الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ} إِلى قَوْلِهِ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} يَقول: فَكانَ ذَلِكَ خيْرًا لَهُمْ فَكَذَلِكَ أيْضًا فَأَطِيعُوني فَإِنِّي أَعْلَمُ بِعاقِبَةِ هذا مِنْكُمْ (1).
2738 -
حدثنا زِيادُ بْن أيّوبَ، حدثنا هُشيْمٌ، أَخْبَرَنا داوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ يَوْمَ بَدْرٍ:" مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كذا وَكذا وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كذا وَكذا ". ثمَّ ساقَ نَحْوَهُ وَحَدِيث خالِدٍ أَتَمُّ (2).
2739 -
حدثنا هارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكّارِ بْنِ بِلالٍ، حدثنا يَزِيدُ بْن خالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الهَمْدانيُّ، قالَ: حدثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيّا بْنِ أَبِي زائِدَةَ قال: أَخْبَرَني داوُدُ بهذا الحَدِيثِ بِإِسِنادِهِ قال: فَقَسَّمَها رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّواءِ. وَحَدِيثُ خالِدٍ أَتَمُّ (3).
2740 -
حَدَّثَني هَنّادُ بْن السَّريِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: جِئْتُ إِلى النَّبي صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ بِسيْفٍ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ شَفَى صَدْري اليَوْمَ مِنَ العَدُوِّ فَهَبْ لي هذا السّيْفَ. قالَ: " إِنَّ هذا السّيْفَ
(1) رواه النسائي في "الكبرى"(11197)، والحاكم 2/ 131 - 132.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2445).
(2)
رواه الحاكم 2/ 221، وانظر الحديث السابق.
(3)
انظر الحديث السابق.
ليْسَ لي وَلا لَكَ ". فَذَهَبْتُ وَأَنا أقولُ يُعْطاهُ اليَوْمَ مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلائي. فَبيْنا أَنا إِذْ جاءَني الرَّسُولُ فَقال: أَجِبْ. فَظَنَنْتُ أَنَّهُ نَزَلَ فيَّ شَيء بِكَلامي فَجِئْتُ فَقالَ لي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ سَأَلْتَني هذا السّيْفَ وَليْسَ هُوَ لي وَلا لَكَ وَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُ لي فَهُوَ لَكَ " ثمَّ قَرَأَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} وإِلى آخِرِ الآيَةِ ..
قالَ أَبُو داوُدَ: قِراءَةُ ابن مَسْعُودٍ يَسْأَلُونَكَ النَّفْلَ (1).
* * *
باب في النَّفَل
بفتح الفاء كما تقدم.
[2737]
(حدثنا وهب بن بَقِية) بفتح الباء الموحدة، وكسر القاف، بن عبيد الله بن سابور الواسطي، يعرف بوهبان (قال: حدثنا خالد) بن عبد الله الواسطي (عن داود) بن أبي هند، واسم أبي هند دينار مولى امرأة من قشير (عن عكرمة، عن) مولاه عبد الله (بن عباس) أصله (2) من البربر.
(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم) وقعة (بدر) قبل القتال) من فعل كذا وكذا) بصيغة الشرط. أي: حرضهم على القتال بقوله: من قتل قتيلًا فله كذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا (فله من النَّفَل) بفتح الفاء، ويجوز إسكانها، وأصله في اللغة: الزيادة، قال الله تعالى:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (3)[قال الحسن، وغيره: ليس لأحد نافلة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم](4)
(1) رواه مسلم (1748).
(2)
الضمير فيها يعود على عكرمة.
(3)
الإسراء: 79.
(4)
ساقطة من (ر).
كاملة، وأما غيره فلا تخلو فرائضه من نقص فنوافله تكمل منها فرائضه (1). وقوله تعالى:{وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} (2) هو ولد الولد؛ لأنه زيادة على الولد الذي سأله (كذا وكذا) قال العلماء: يجوز للإمام أو الأمير أن يشترط للغانمين زيادة على قدر الاستحقاق إن فعل ما فيه نكاية للكفار زائدة على ما يفعله بقية الجيش كما يتقدم على طليعة العسكر، أو يهجم على قلعة لهم، أو يحفظ مكمنًا، أو يتجسس حال العدو، وهذا الشرط يكون قبل الإقدام على الفعل الذي يستحق به الزيادة، وهذِه الزيادة التي شرطها الإمام هي نظير الجعالة يستحقها الفاعل بعد الفراغ من العمل المشروط، ويتعين للإمام أو الأمير الوفاء بهذا الشرط على الأصح.
(قال: فتقدم الفِتيان) بكسر الفاء جمع فتى، ويجمع على فتية كعصبة وفُتُوٌّ (3) على فُعُول وفُتِيُّ مثل عُصِيُّ، وفي رواية ابن مردويه: فتنازع (4) في ذلك شبان الرجال (5)(ولزم المَشْيخة) بفتح الميم وإسكان الشين.
وقال المنذري: قيدها بعضهم بكسر الشين المعجمة، والمعروف في
(1) ذكره ابن الملقن في "غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم "(ص 7).
(2)
الأنبياء: 72.
(3)
كتبت في النسخ: فتوا. بإثبات ألف في آخره، والمثبت من "مختار الصحاح".
(4)
كذا في النسخ الخطية، وفي المصادر: فتسارع.
(5)
ذكره ابن حجر في "تغليق التعليق" 4/ 215 وساق إسناد ابن مردويه، واللفظة رواها أيضًا ابن أبي شيبة في "مصنفه"(37816)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(5208)، (5368) من طرق عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
اللغة سكونها وفتح الياء جمع شيخ، وهو من جاوز أربعين سنة كما قاله النووي في "تحريره" (1) وقيل: من خمسين إلى آخر عمره، ورواية ابن مردويه (2): وبقي الشيوخ تحت (الرايات) جمع راية. فيه استحباب الألوية والرايات في الجهاد.
(فلم يَبْرحوها) بفتح أوله وثالثه وإسكان الموحدة من قولك: برح مكانه. أي: زالوا عنه، والاسم البراح بالفتح أي: لم يزولوا من تحت الرايات حتى فتح الله عليهم.
(فلما فتح الله عليهم) وحصلت المغانم جاؤوا يطلبون الذي جعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في رواية ابن مردويه.
(قال المشيخة) لا تستأثروا علينا فإنا (كنا ردءًا) بكسر الراء وإسكان الدال (لكم) أي: عونًا، قال الله تعالى:{فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} (3)(لو انهزمتم) أي: انكشفتم عن القتال (لَفِئْتم) بكسر الفاء وإسكان الهمزة أي: رجعتم إلينا، يقال: فاء يفيء إذا رجع، وفلان سريع الفيء من غضبه، وإنه لحسن الفِيئة بكسر الفاء: أي حسن الرجوع.
(فلا تذهبوا بالمغنم) أي: الغنائم دوننا (ونبقى) نحن (فأبى الفتيان، وقالوا) نحن أحق به منكم، فإنا طلبنا العدو وقاتلناه وقد (جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا) وسبب هذا التنافر ما يقع في نفوس البشر من إرادة الأثرة والاختصاص (فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} أي: عن حكم
(1)"تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 90).
(2)
كذا رواية ابن أبي شيبة، والطحاوي.
(3)
القصص: 34.
الأنفال.
فيه دليل على ما ذهب إليه الجمهور من أن المراد بالأنفال المسئول عنها الغنائم التي حصلت يوم بدر وحصل فيها التنازع.
وهذا الحديث صحيح رواه النسائي (1) وابن جرير (2) وابن مردويه (3)، وابن حبان في "صحيحه"(4) والحاكم في "المستدرك"(5). ولما نزلت الآية رضي المسلمون وسلموا، وأصلح الله ذات بينهم.
وضمير الفاعل في {يَسْأَلُونَكَ} ليس عائدًا (6) على مذكور قبله، إنما يفسره وقعة بدر فهو عائد على من حضرها من الصحابة، وكان السائل معلوم معين ذلك اليوم، فعاد الضمير عليه والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، والسؤال قد يكون لاقتضاء معنى في نفس المسئول عنه فيتعدى إذ ذاك بلفظة (عن) كما قال الشاعر:
سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ
…
فَليْسَ يسَوَاءً عَالِمُ (7) وَجَهُولُ (8)
(1) في "الكبرى"(11133).
(2)
"تفسير الطبري"(15651).
(3)
كما في "الدر المنثور" 4/ 6.
(4)
"صحيح ابن حبان"(5093).
(5)
"المستدرك" 2/ 131 - 132.
(6)
في الأصلين: عائد. والجادة ما أثبتناه.
(7)
زيادة من (ل).
(8)
ذكره ابن عاشور في "التحرير والتنوير" 5/ 39 وعزاه للسموأل أو الحارثي.
وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} (1)، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} (2) وكذلك هنا: يسألونك عن حكم الأنفال، ولمن تكون، وكذلك جاء الجواب:{قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (3) وقد يكون السؤال لاقتضاء مال ونحوه، فيتعدى إذ ذاك إلى مفعولين تقول: سألت زيدًا مالًا (4) وقد جعل بعض المفسرين السؤال هنا بهذا المعنى وادعى زيادة لفظة عن، وأن التقدير: يسألونك الأنفال، [وهذا التقدير](5) لا ضرورة تدعو إليه، وينبغي أن تحمل قراءة من قرأ بإسقاط عن علي إرادتها؛ لأن حذف الحرف وهو مراد معنى أسهل من زيادته لغير معنى التأكيد، وهي قراءة سعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وعلي بن الحسين، وولديه جعفر ومحمد الباقر، وولده جعفر الصادق، وعكرمة راوي الحديث، وعطاء، والضحاك (6). وقيل: عن بمعنى من، أي: يسألونك من الأنفال. أو لا ضرورة إلى تضمين الحرف معنى الحرف (7).
({قُلِ الْأَنْفَالُ}) ليس الحكم فيها لأحد من المهاجرين ولا من الأنصار ولا فوض إلى أحد، وكل ذلك مفوض ({لِلَّهِ}) على ما يريده ({وَالرَّسُولِ}) حيث هو مبلغ عن الله الأحكام (إلى قوله تعالى)
(1) الأعراف: 187، النازعات:42.
(2)
البقرة: 217.
(3)
الأنفال: 1.
(4)
في (ر): قتالًا. والمثبت من (ل).
(5)
سقط من (ر).
(6)
انظر: "المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات" 1/ 272.
(7)
انظر: "تفسير الطبري" 13/ 377 - 378، و"المحرر الوجيز" لابن عطية 2/ 568، و"الدر المصون في علم الكتاب المكنون" 1/ 2065.
{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} اضطرب أهل التفسير بالمراد بهذِه الآية على خمسة عشر قولًا: أحدها: أن الكاف بمعنى واو القسم، وما بمعنى الذي واقعة على ذي العلم وهو الله كما وقعت في قوله تعالى:{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (1)، وجواب القسم {يُجَادِلُونَكَ} والتقدير: والله الذي أخرجك من بيتك يجادلونك في الحق، قاله أبو عبيدة (2)، وهو ضعيف في علم النحو؛ لأن الكاف ليست من حروف القسم كما قاله ابن الأنباري، وفيه أيضًا أن جواب القسم المضارع المثبت جاء بغير لام ولا نون تأكيد ولابد منهما في مثل هذا على مذهب (3) البصريين أو من معاقبة أحدهما الآخر على مذهب (4) الكوفيين، أما خلوه عنهما أو عن أحدهما فهو قول مخالف لما أجمع عليه البصريون والكوفيون (5).
القول الثاني: أنه شبه كراهية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجه من المدينة حين تحققوا خروج قريش للدفع عن أبي سفيان وحفظ عيره بكراهتهم (6) نزع المغانم من أيديهم وجعلها للرسول أو التنفيل منها، وهذا القول أخذه الزمخشري واستحسنه فقال: يرتفع محل الكاف على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذِه الحال كحال إخراجك. يعني: أن حالهم في كراهة ما اقتضى رأيك من قسمة الأنفال مثل
(1) الليل: 3.
(2)
"مجاز القرآن"(ص 240).
(3)
في (ر): ما ذهب.
(4)
في (ر): ما ذهب.
(5)
ذكره أبو حيان في "البحر المحيط" 4/ 456.
(6)
في النسخ: بكرهتهم. والمثبت المناسب للسياق.
حالهم في كراهة خروجهم للقتال (1). قال القطب في "حواشي الكشاف": ويجوز أن يكون المقدر جملة فعلية أي: حكم الله بأن الأنفال لله كما أخرجك، وإنما قدر الكراهة في المشبه المقدر لاعتبارها في المشبه به في قوله:{وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} .
({مِنْ بَيْتِكَ}) قال أبو حيان (2): الظاهر أن المراد بالبيت مقام (3) سكناه، وقيل: المدينة لأنها مهاجره ومختصة به. وقيل: مكة. وفيه بعد؛ لأن الظاهر من هذا الحديث أن هذا إخبار عن خروجه إلى بدر، فصرف البيت إلى مكة ليس بظاهر. ({بِالْحَقِّ}) أي: بالوحي الحق حين أوحي إليه، وأمره بالخروج لأبي جهل، وعن ابن عباس: المراد به الهجرة من مكة إلى المدينة.
({وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}) الخروج معك لتركهم مكة وديارهم وأموالهم وأقاربهم فيها وكراهتهم لذلك، إما لنفرة الطبع أو لأنهم لم يستعدوا له (يقول) لما اختلف المؤمنون في المغانم وتشاححوا فيها وانتزعها الله منهم وجعلها إلى قسمه وقسم رسوله صلى الله عليه وسلم فقسمها على العدل والتسوية (فكان ذلك) أي: هذِه القسمة (خيرًا لهم) أي للمؤمنين لما فيه من المصلحة التامة العائد نفعها عليهم (فكذلك أيضًا فأطيعوني) فيما آمركم به من قتال وغيره (فإني أعلم بعاقبة هذا) الأمر (منكم) والله أعلم مني بعاقبة الأمور مني ومنكم.
(1)"الكشاف" 2/ 236.
(2)
تفسير "البحر المحيط" 4/ 458.
(3)
في (ر): مكان. والمثبت من (ل).
[2738]
(حدثنا زياد بن أيوب) بن زياد أبو هاشم الطوسي، معروف بدلويه (قال: حدثنا هشيم) بن بشير أبو معاوية السلمي الواسطي، حافظ بغداد، عاش ثمانين سنة، [توفي سنة] (1) 183 (قال: أنبأنا داود بن أبي هند) واسمه دينار كما تقدم.
(عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر) لما رأى كثرة المشركين وقلة المسلمين (من قتل قتيلًا فله كذا وكذا) من الغنائم (ومن أسر أسيرًا) من العدو المخذول (فله كذا وكذا) أو فهو له ليرغبهم في القتال ويحرضهم على الاجتهاد فيه (ثم ساق نحوه) أي: نحو الحديث المتقدم.
(وحديث خالد) الذي قبله (أتم) مما قبله، وأكثر فوائد، ولكن في هذا بيان لما أبهم في الحديث قبله:" من فعل كذا "، بيّنه هنا بقوله: "من قتل قتيلًا
…
من أسر أسيرًا ".
[2739]
(حدثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال) العاملي الدمشقي، وهو ثقة (2)(حدثنا يزيد بن خالد) بن يزيد بن عبد الله (بن مَوهَب) بفتح الميم والهاء (الهمداني) الرملي، أبو خالد الزاهد الثقة.
(قال: أنبأنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة) الوادعي أبو سعيد الحافظ (قال: أخبرني داود) بن أبي هند (بهذا الحديث) المتقدم (بإسناده) المذكور (قال: فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: غنائم وقعة بدر بينهم (بالسواء) بفتح
(1) زيادة من (ل).
(2)
انظر: "الكاشف" للذهبي (5916).
السين والمد أي: بالعدل بينهم من غير حيف، قال الله تعالى:{فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (1) أي: إذا علمت من قوم خيانة فألق إليهم عهدهم على اعتدال في أمرهم.
وفيه دليل على أن الإمام لا يفضل بعض الفرسان على بعض، ولا بعض الرجالة على بعض، وهو مذهب الشافعي (2) بلا خلاف، ومذهب الجمهور، وعند أبي حنيفة، ومالك رحمهما الله تعالى: يجوز التفضيل بينهم في القسمة إذا رآه الإمام بالاجتهاد فيه.
(وحديث خالد أتم) وإن كان في هذا زيادة عليه.
[2740]
(حدثنا هناد بن السري) بن مصعب التميمي الدارمي الوراق (عن أبي بكر) شعبة بن عياش أحد راوي عاصم في قراءة عنه، والأصح أن اسمه كنيته؛ لأنه روي عنه: ما لي اسم غير أبي بكر (عن عاصم) بن أبي النَّجُود بفتح النون وضم الجيم واسمه بهدلة بفتح الباء الموحدة وإسكان الهاء كما صرح به الترمذي في روايته في التفسير (3)، وعاصم هو أحد القراء السبعة الذين تواترت قراءتهم.
(عن مصعب) أبو زُرَارة بضم الزاي وتخفيف الراءين (ابن سعد) بن أبي وقاص (عن أبيه) رضي الله عنه.
(قال: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم) لما كان. كما في الترمذي (4) (يوم بدر
(1) الأنفال: 58.
(2)
"الأم" 3/ 195.
(3)
"سنن الترمذي"(3079).
(4)
"سنن الترمذي"(1714).
بسيف) سعيد بن العاص حين قتلته به، وكان يسمى ذات الكتيبة (فقلت: يا رسول الله، إن الله قد شفى صدري اليوم) نصب على الظرفية [(من العدو) رواية أحمد (1) والترمذي: من المشركين (فهب لي هذا السيف) وفي رواية للطبري (2): فأعطينيه] (3).
(قال: إن) عطية (هذا السيف ليس لي) وفي رواية: ليس إلي (ولا لك)" فاطرحه في القبض "(4)[بفتح القاف](5) هو المال المقبوض من أموال المشركين أو غيرهم (فذهبت) وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي عمير وأخذ سلبي (وأنا أقول: ) عسى (يعطاه اليوم من لم يُبْلِ) بضم أوله وكسر اللام، رواية الترمذي (6): من لا يبلي (بلائي) قال المنذري: أي: يعطى لمن لا يعمل مثل عملي في الحرب ولا يغني غناي. ومنه: ما أبلى منا أحد أي: ما أغنى قال الله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} (7) قال أبو القاسم: البلاء يكون حسنًا، ويكون سيئًا، وأصله: المحنة والاختبار.
(فبينا أنا) رواية الطبري (8): فما جاوزت إلا قريبًا (إذ جاءني الرسول)
(1)"مسند أحمد" 1/ 178.
(2)
"تفسير الطبري "(15656).
(3)
زيادة من (ل).
(4)
"سنن سعيد بن منصور"(2689)، وأحمد 1/ 80.
(5)
سقط من (ر).
(6)
5/ 119 (3079).
(7)
الأنفال: 17.
(8)
"تفسير الطبري"(15659).
رواية الإمام أحمد (1): إذا رجل يدعوني من ورائي (فقال: أجب) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فظننت أنه نزل في) أي: في أمري (شيء بكلامي) نسخة: من كلامي. يعني الذي ذكره من قبل (فجئت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إنك سألتني هذا السيف) آنفًا (وليس هو) حين سألتني (لي ولا لك، وإن الله قد جعله لي) رواية أحمد: وإن الله قد وهبه لي (فهو لك) زاد الطبري: "فاذهب فخذ سيفك".
فيه دليل على أن قول المالك: جعلته لك. أو: هو لك فخذه. تحصل به الهبة ويكون هذا من صرائح الإيجاب. (ثم قرأ {يَسْأَلُونَكَ}) فكبر الناس عند سماعها ({قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ}) لاشك في ذلك ({وَالرَّسُولِ}) يضعها حيث يشاء من غير مشاركة فيها ولا مشاجرة فيما يراه. (إلى آخر الآية) مؤمنين.
(قال أبو داود: هي قراءة عبد الله) بن مسعود (يسألونك عن النَّفَل) بفتح الفاء، هذا نقل بالآحاد ولم أره في الشواذ فلا يعد قرآنًا، والثابت في المصاحف التي بعث بها عثمان إلى الأمصار وتواترت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} ، وفي الشواذ:(يسألونك الأنفال)(2) بإسقاط عن.
* * *
(1)"مسند أحمد" 1/ 178.
(2)
سبق تخريجها قريبًا.