الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
91 - باب في الحَزقِ في بلاد العَدُوِّ
2615 -
حَدَّثَنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللّيثُ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ نَخْلَ بَني النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهيَ البُويْرَةُ فَأَنْزَلَ اللهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} (1).
2616 -
حَدَّثَنا هَنَّادُ بْنُ السَّريِّ عَنِ ابن المُبارَكِ عَنْ صالِحِ بْنِ أَبى الأخضَرِ عَنِ الزُّهْريِّ قالَ عُروَةُ فَحَدَّثَني أُسامَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ عَهِدَ إِليْهِ فَقالَ: " أَغِرْ عَلَى أُبْنَى صَباحًا وَحَرِّقْ"(2).
2617 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الغَزّيُّ سَمِعْتُ أَبا مُسْهِرٍ قِيلَ لَهُ أُبْنَى. قالَ نَحْنُ أَعْلَمُ هيَ يُبْنَى فِلَسْطِينَ (3).
* * *
باب في الحرق في بلاد العدو
أي: الحرق بالنار.
[2615]
(حدثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي (حدثنا الليث، عن نافع) مولى ابن عمر، (عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّق) بتشديد الراء (نخل بني النضير وقطع أشجارهم) وفي معنى النخل جميع الأشجار والنبات، وهدم البناء في معنى الحريق (وهي) موضع بأرض (البُويرة)
(1) رواه البخاري (2326)، ومسلم (1746).
(2)
رواه ابن ماجه (2843)، وأحمد 5/ 205.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(451).
(3)
رواه البيهقي 9/ 84.
وقال الألباني في "ضعيف أبي داود"(452): أثر مقطوع.
بضم الباء الموحدة مصغر. وفيه دليل على جواز إتلاف أشجارهم وبنائهم بهدم وقطع وغير ذلك؛ لأنه إذا جاز بالإحراق جاز بغيره، وروى البيهقي (1): أنه قطع لأهل الطائف كرومًا.
وهذا إذا لم يرج حصولها للمسلمين مغايظة للعدو، فإن رجي حصولها ندب الترك حفظًا لحق الغانمين، وقيل: يحرم القطع، وحمل فعله صلى الله عليه وسلم على حالة غلبة الظن بعدم الحصول. وجعل الماوردي ذلك أربعة أقسام:
أحدها: أن يعلم أن لا يصل إليهم إلا بذلك، فيجب؛ لأن ما أدى إلى الظفر بهم واجب.
[والثاني: أن يقدر على الظفر بهم بدون ذلك فيحرم القطع لأنها مغنم لنا](2).
والثالث: أن ينفعنا ذلك ولا ينفعهم فهو مباح.
الرابع: أن لا ينفعنا ولا ينفعهم فهو مكروه لا محظور (3).
(فأنزل الله عز وجل في ذلك: ({مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}) وهي أنواع التمر كلها إلا العجوة، وقيل: كل النخل. وقيل: كل الشجر للينها. وقد قيل: إن أنواع نخل المدينة مائة وعشرون نوعًا، فأهل المدينة يسمون ما خلا العجوة الألوان واحدها لون. ولينة أصلها لون بفتح الواو، وكسرت الواو لكسرة ما قبلها.
(1)"سنن البيهقي الكبرى"(17896).
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
"الحاوي" 14/ 186.
[2616]
([حدثنا هناد بن السري، عن ابن المبارك، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري] (1) قال عروة) بن الزبير يعني أنه حدثه: (فحدثني أسامة بن زيد) بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن رسول الله كان عهد إليه) أي: أوصى إليه يوم الاثنين لأربع بقين من رجب سنة إحدى عشرة بالتهيؤ لغزو الروم. ورواه الشافعي (2) بلفظ: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير صباحًا على أهل أُبنى وأحرق. فرواية الشافعي هي حكاية قول أسامة عند خطابه لعروة، ورواية أبي داود ردًّا من المتكلم إلى الغائب، فعروة حكى ما قاله أسامة لا بلفظه، ورواية الشافعي أعاد فيها لفظه عند خطابه وهو أبلغ وأتقن؛ لأن رواية الحديث بالمعنى مختلف فيها. ويجاب عن رواية أبي داود أنها أبلغ؛ لأنها حكاية لفظ النبي صلى الله عليه وسلم. (أن أَغِر) بفتح الهمزة وكسر الغين من الإغارة، وهي: المهاجمة على القوم لاستلاب أموالهم ونفوسهم بالخيل الذي يغير في أول النهار وهم غافلون.
وفي هذا الحديث جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار بالإغارة.
واختلفوا في هذِه المسألة على ثلاثة (3) مذاهب:
أحدها: يجب الإنذار قبل الإغارة مطلقًا، قاله مالك (4) وغيره، وهو ضعيف.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، واستدركناه من المطبوع.
(2)
"مسند الشافعي"(1495).
(3)
في الأصول: ثلاث. وما أثبتناه هو الجادة.
(4)
"المدونة" 1/ 496.
والثاني: لا يجب مطلقًا، وهذا أضعف منه.
والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم، لكن يستحب، وهذا هو الصحيح. وهو قول الشافعي والجمهور (1).
(على) أهل (أُبْنى) بضم الهمزة [وإسكان الباء الموحدة ثم نون ثم ألف مقصورة، أرض بالسراة في ناحية البلقاء التي قتل فيها أبوه](2)(صباحًا) أي: في وقت الصباح (وحرَّق) عليهم، أي: زروعهم وقطع أشجارهم. وفيه دليل على جواز ذلك إذا (3) لم يرج حصوله للمسلمين ولا دعت الحاجة إلى إتلافه كالذي يقرب من حصونهم ويمنع من قتالهم أو يستترون به عن المسلمين أو يحتاج إلى قطعه لتوسعة طريق أو نحو ذلك، وبه قال مالك والشافعي (4).
قال إسحاق: هو سنة إذا كان أنكى في العدو (5).
وقال الأوزاعي، والليث، وأبو ثور: لا يجوز؛ لحديث أبي بكر ووصيته، ولأن فيه إتلافًا محضًا فلم يجز كعقر الحيوان (6).
[2617]
(حدثنا عبد الله بن عمرو) بن عمر (الغزي) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي (قال: سمعت أبا مسهر) هو عبد الأعلى بن
(1) انظر: "شرح النووي على مسلم" 12/ 36.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ر).
(3)
في (ر): إن.
(4)
"المدونة" 1/ 500، "الأم" 5/ 306.
(5)
"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(2761).
(6)
انظر: "المغني" 13/ 146.
مسهر الغساني (قيل له: أبنى) بضم الهمزة كما تقدم قرية من أرض الكرك في أطراف الشام. (قال: نحن أعلم) ببلادنا من غيرنا (هي يُبْنَى) بضم الياء المثناة تحت وإسكان الباء الموحدة قرية كبيرة بين الرملة وغزة بالقرب من عسقلان من أرض (فلسطين) بكسر الفاء وفتح اللام صقع من الشام منه الرملة، وغزة وقاعدته إيلياء، وهي بيت المقدس؛ سميت بذلك لأن أول من سكنها فليشين (1) بن كسلوخيم بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام.
قال موفق الدين عبد الله بن قدامة في "المغني": الصحيح أنها أبنى كما جاءت الرواية وهي قرية من أرض الكرك في الناحية التي قتل فيها أبوه، فأما يبنى فهي من أرض فلسطين، ولم يكن أسامة ليصل إليها ولا يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإغارة عليها لبعدها، والخطر بالمصير إليها لتوسطها في البلاد وبُعدها من طَرف الشام، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليأمره بالتغرير بالمسلمين، فكيف يُحمل اللفظ عليها مع مخالفة لفظ الرواية وفساد المعنى! (2)
قال ابن الأثير (3): هي مدينة عند الرملة والمشهور في اسمها يبنى (4) كما تسمى اليوم، والله أعلم.
* * *
(1) في الأصول: فلسطين. وما أثبتناه كما في "معجم البلدان" 4/ 274.
(2)
"المغني" 13/ 147 - 148.
(3)
"النهاية في غريب الأثر" 1/ 18.
(4)
ساقطة من (ر).