المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌91 - باب في الحزق في بلاد العدو - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١١

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الجِهَادِ

- ‌1 - باب ما جاءَ في الهِجْرَة وَسُكْنَى البَدْوِ

- ‌2 - باب في الهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ

- ‌3 - باب في سُكْنَى الشَّامِ

- ‌4 - باب في دَوامِ الجِهادِ

- ‌5 - باب في ثَواب الجِهَادِ

- ‌6 - باب في النَّهْى عَنِ السِّياحَةِ

- ‌7 - باب في فَضْلِ القَفْلِ في سَبيلِ اللِّه تَعَالَى

- ‌8 - باب فَضْل قِتَالِ الرُّومِ عَلَى غيْرِهمْ مِنَ الأُمَمِ

- ‌9 - باب في رُكُوبِ البَحْرِ في الغَزْوِ

- ‌10 - باب فَضْلِ الغزْوِ في البَحْرِ

- ‌11 - باب في فَضْلِ مَنْ قَتَلَ كافِرًا

- ‌12 - باب في حُرْمَةِ نِساءِ المُجاهدِين عَلَى القاعِدِينَ

- ‌13 - باب في السَّرِيَّةِ تُخْفقُ

- ‌14 - باب في تَضْعِيفِ الذِّكْرِ في سَبيلِ الله تَعالَى

- ‌15 - باب فِيمَنْ ماتَ غازِيًا

- ‌16 - باب في فَضْلِ الرِّباطِ

- ‌17 - باب في فَضْلِ الحَرْسِ في سَبيلِ الله تعالى

- ‌18 - باب كَراهِيَةِ تَرْكِ الغَزْوِ

- ‌19 - باب في نَسْخِ نَفِيرِ العامَّةِ بِالخاصَّةِ

- ‌20 - باب في الرُّخْصَةِ في القُعُودِ منَ العُذْرِ

- ‌21 - باب ما يُجْزِئُ مِنَ الغزْوِ

- ‌22 - باب في الجُرْأَةِ والجُبْنِ

- ‌23 - باب في قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌24 - باب في الرَّمْى

- ‌25 - باب في مَنْ يَغْزُو ويَلْتَمِسُ الدُّنْيا

- ‌26 - باب مَنْ قاتَل لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هيَ العُلْيا

- ‌27 - باب في فَضْلِ الشَّهادَةِ

- ‌28 - باب في الشَّهِيدِ يُشَفَّعُ

- ‌29 - باب في النَّورِ يُرى عِنْدَ قبْرِ الشَّهيدِ

- ‌30 - باب في الجَعائِلِ في الغزْوِ

- ‌31 - باب الرُّخْصَةِ في أَخْذ الجَعائِلِ

- ‌32 - باب في الرَّجُلِ يغْزو بأَجِيرٍ لِيَخْدُمَ

- ‌33 - باب في الرَّجُلِ يغْزُو وَأبَواهُ كارِهانِ

- ‌34 - باب في النِّساءِ يغْزُونَ

- ‌35 - باب في الغَزْو مَعَ أئمَّة الجَوْرِ

- ‌36 - باب الرَّجُلِ يَتَحَمَّل بِمالِ غيْرِهِ يَغْزُو

- ‌37 - باب في الرَّجُلِ يَغْزو يَلْتمِسُ الأَجْر والغَنِيمَةَ

- ‌38 - باب في الرَّجُلِ الذي يشْري نَفْسَهُ

- ‌39 - باب فِيمَنْ يسْلِمُ ويُقْتلُ مكانهُ في سَبيلِ اللهِ عز وجل

- ‌40 - باب في الرَّجُلِ يَفوت بِسِلاحِهِ

- ‌41 - باب الدُّعاء عِنْدَ اللِّقاءِ

- ‌42 - باب فِيمنْ سَأَلَ الله تَعالَى الشَّهادَةَ

- ‌43 - باب في كَراهةِ جَزِّ نَواصي الخيْلِ وأذْنابِها

- ‌44 - باب فِيما يُسْتَحَبّ منْ أَلْوان الخيْلِ

- ‌45 - باب هَلْ تُسَمَّى الأنْثَى مِن الخيْلِ فرَسًا

- ‌46 - باب ما يُكْرهُ مِنَ الخيْلِ

- ‌47 - باب ما يؤْمرُ بِهِ منَ القِيام علَى الدَّوابّ والبَهائِمِ

- ‌48 - باب في نُزُولِ المَنازل

- ‌49 - باب في تَقْييد الخيْلِ بِالأَوْتارِ

- ‌50 - باب إِكْرامِ الخيْلِ وارْتِباطِها والمَسْحِ عَلَى أَكْفالِها

- ‌51 - باب في تَغلِيقِ الأَجْراس

- ‌52 - باب في رُكُوبِ الجَلالَّةِ

- ‌53 - باب في الرَّجُلِ يُسَمّي دابَّتَهُ

- ‌54 - باب في النِّداءِ عِنْد النَّفِير: يا خيْلَ اللهِ ارْكَبي

- ‌55 - باب النَّهْيِ عنْ لَعْنِ البَهِيمَةِ

- ‌56 - باب في التَّحْرِيشِ بيْنَ البَهائِمِ

- ‌57 - باب في وَسْمِ الدَّوابِّ 2563 - حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ هِشامِ بْنِ زيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: أَتيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِأَخٍ لي حِينَ وُلدَ لِيُحَنِّكَهُ فَإِذا هُوَ في مِرْبَدٍ يَسِمُ غَنَمًا - أَحْسِبُهُ قالَ - في آذانِها

- ‌58 - باب النَّهْى عَنِ الوَسْم في الوَجْهِ والضَّرْبِ في الوَجْهِ

- ‌59 - باب في كَراهِيَةِ الحُمُرِ تُنْزى عَلَى الخيْلِ

- ‌60 - باب في رُكُوبِ ثَلاثَةٍ عَلَى دابَّةٍ

- ‌61 - باب في الوُقوفِ عَلَى الدّابَّةِ

- ‌62 - باب في الجَنائبِ

- ‌63 - باب في سُرْعة السّيْرِ والنَّهْى عَن التَّعْرِيِس في الطَّرِيق

- ‌64 - باب في الدُّلْجَةِ

- ‌65 - باب رَبُّ الدّابَّةِ أحَقُّ بِصَدْرِها

- ‌66 - باب في الدّابَّةِ تُعرْقَبُ في الحَرْب

- ‌67 - باب في السَّبْقِ

- ‌68 - باب في السَّبْقِ عَلَى الرِّجْلِ

- ‌69 - باب في المُحَلِّلِ

- ‌70 - باب في الجَلَب عَلَى الخيْلِ في السِّباقِ

- ‌71 - باب في السّيْفِ يُحَلَّى

- ‌72 - باب في النَّبْلِ يُدْخَلُ بِهِ المَسْجِدُ

- ‌73 - باب في النَّهْي أَنْ يَتَعاطَى السّيْف مَسْلُولاً

- ‌74 - باب في النَّهْى أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بيْن أُصْبُعيْنِ

- ‌75 - باب في لُبْس الدُّرُوعِ

- ‌76 - باب في الرّاياتِ والأَلْوِلَةِ

- ‌77 - باب في الانْتِصارِ بِرذْلِ الخيْلِ والضَّعَفَةِ

- ‌78 - باب في الرَّجُلِ ينادي بِالشِّعارِ

- ‌79 - باب ما يَقُول الرَّجُلُ إِذا سافَرَ

- ‌80 - باب في الدُّعاءِ عِنْد الوَداعِ

- ‌81 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ

- ‌82 - باب ما يَقول الرَّجُلُ إذا نزَلَ المَنْزِلَ

- ‌83 - باب في كَراهِيَةِ السّيْرِ في أَوَّل اللّيْلِ

- ‌84 - باب في أيِّ يَوْمٍ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ

- ‌85 - باب في الابْتِكارِ في السَّفَرِ

- ‌86 - باب في الرَّجُلِ يُسافِرُ وَحْدَهُ

- ‌87 - باب في القَوْمِ يُسافِرُونَ يؤَمِّرُونَ أَحَدَهُمْ

- ‌88 - باب في المُصْحف يُسافَرُ بِهِ إلى أَرْضِ العَدُوِّ

- ‌89 - باب فِيما يُسْتَحَبُّ مِنَ الجُيُوشِ والرُّفقاء والسَّرايا

- ‌90 - باب في دُعاءِ المُشْرِكِينَ

- ‌91 - باب في الحَزقِ في بلاد العَدُوِّ

- ‌92 - باب بَعْثِ العُيُونِ

- ‌93 - باب في ابن السَّبيلِ يَأكُلُ مِنَ التَّمْرِ ويَشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ إِذا مَرَّ بِه

- ‌94 - باب مَنْ قالَ إِنَّهُ يَأكل مِمّا سَقطَ

- ‌95 - باب فِيمنْ قال: لا يَحْلِبُ

- ‌96 - باب في الطّاعَة

- ‌97 - باب ما يُؤْمَرُ مِنَ انضمامِ العَسْكرِ وَسِعَتِهِ

- ‌98 - باب في كَراهيةِ تَمَنّي لِقاء العَدُوِّ

- ‌99 - باب ما يُدْعَى عِنْد اللِّقاءِ

- ‌100 - باب في دُعاءِ المُشْرِكِينَ

- ‌101 - باب المَكْرِ في الحَرْب

- ‌102 - باب في البَياتِ

- ‌103 - باب في لُزومِ السّاقَةِ

- ‌104 - باب علَى ما يُقاتَل المُشْركونَ

- ‌105 - باب النَّهْي عنْ قَتْلِ من اعتصمَ بِالسُّجُودِ

- ‌106 - باب في التَّوَلي يوْمَ الزّحْفِ

- ‌107 - باب في الأَسِيرِ يكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ

- ‌108 - باب في حُكْمِ الجاسوسِ إِذا كانَ مُسْلِمًا

- ‌109 - باب في الجاسوس الذِّمَّيِّ

- ‌110 - باب في الجاسُوسِ المُسْتأْمنِ

- ‌111 - باب في أي وَقْتِ يسْتَحَبُّ اللّقاءُ

- ‌112 - باب فِيما يُؤْمَر بِه مِن الصَّمْتِ عِنْد اللّقاءِ

- ‌113 - باب في الرَّجُلِ يَتَرجَّلُ عِنْد اللِّقاءِ

- ‌114 - باب في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ

- ‌115 - باب في الرَّجُلِ يُسْتَأْسَرُ

- ‌116 - باب في الكُمَناءِ

- ‌117 - باب في الصُّفُوفِ

- ‌118 - باب في سَلِّ السُّيُوفِ عِنْدَ اللِّقاءِ

- ‌119 - باب في المُبارَزَةِ

- ‌120 - باب في النَّهْي عَنِ المُثْلَةِ

- ‌121 - باب في قَتْلِ النِّساءِ

- ‌122 - باب في كَراهِيَةِ حَرْقِ العَدُوِّ بالنّارِ

- ‌123 - باب في الرَّجُلِ يَكْرِي دابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ أَوِ السَّهْمِ

- ‌124 - باب في الأَسِيرِ يُوثَقُ

- ‌125 - باب في الأَسِيرِ يُنالُ مِنْهُ وَيُضْرَبُ ويُقَرَّرُ

- ‌126 - باب في الأَسِيرِ يُكْرهُ عَلى الإِسْلامِ

- ‌127 - باب قَتْلِ الأَسِيرِ ولا يُعْرَضُ علَيْهِ الإِسْلامُ

- ‌128 - باب في قَتْلِ الأَسِيرِ صَبْرًا

- ‌129 - باب في قَتْلِ الأَسِيرِ بِالنَّبْلِ

- ‌130 - باب في المَنِّ على الأَسِيرِ بِغيْرِ فِداءٍ

- ‌131 - باب في فِداءِ الأَسِيرِ بِالمالِ

- ‌132 - باب في الإِمامِ يُقِيمُ عنْدَ الظُّهُورِ عَلَى العَدُوِّ بِعرْصَتِهمْ

- ‌133 - باب في التَّفْريقِ بينَ السَّبْى

- ‌134 - باب الرخْصَة في المُدْرِكِينَ يُفَرَّقُ بيْنَهُمْ

- ‌135 - باب في المالِ يصِيبهُ العدوُّ مِنَ المُسْلِمين ثُمّ يدْرِكه صاحِبُة في الغَنِيمَةِ

- ‌136 - باب في عَبِيدِ المًشْركينَ يَلْحقُونَ بِالمُسْلِمِينَ فيسْلمُونَ

- ‌137 - باب في إِباحَةِ الطَّعامِ في أَرْضِ العَدُوّ

- ‌138 - باب في النَّهْى عَنِ النُّهْبَى إِذا كانَ في الطَّعامِ قِلَّة في أَرْضِ العَدوِّ

- ‌139 - باب في حَمْلِ الطَّعامِ منْ أرْضِ العَدُوّ

- ‌140 - باب في بيع الطّعامِ إذا فضَلَ، عَنِ النّاس في أرْض العَدوّ

- ‌141 - باب في الرّجل يَنْتَفِع مِنَ الغنِيمَةِ بِالشَّيء

- ‌142 - باب في الرخْصَةِ في السِّلاحِ يقاتَل بهِ في المعْرَكَةِ

- ‌143 - باب في تَعْظِيم الغُلُولِ

- ‌144 - باب في الغلُول إِذا كانَ يَسِيرًا يَتْركهُ الإِمامُ وَلا يحَرّقُ رحْلَهُ

- ‌145 - باب في عُقُوبَةِ الغالِّ

- ‌146 - باب النَّهْي عَنِ السَّتْرِ علَى مَنْ غَلَّ

- ‌147 - باب في السَّلَبِ يعْطَى القاتلُ

- ‌148 - باب في الإمامِ يَمْنَعُ القاتِلَ السَّلب إِنْ رَأى والفَرَسُ والسِّلاحُ مِنَ السَّلَبِ

- ‌149 - باب في السَّلَبِ لا يُخمَّسُ

- ‌150 - باب مَنْ أَجازَ عَلَى جريحٍ مُثخنٍ يُنَفَّلُ مِنْ سَلَبِه

- ‌151 - باب فيمنْ جاءَ بعْدَ الغَنِيمةِ لا سَهْمَ لَهُ

- ‌152 - باب في المرْأَةِ والعبْد يُحْذيان مِنَ الغنِيمَةِ

- ‌153 - باب في المُشْركِ يُسْهَمُ لَهُ

- ‌154 - باب في سُهْمانِ الخيْلِ

- ‌155 - باب فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا

- ‌156 - باب في النَّفَلِ

- ‌157 - باب في نَفْل السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ مِنَ العَسْكَرِ

الفصل: ‌91 - باب في الحزق في بلاد العدو

‌91 - باب في الحَزقِ في بلاد العَدُوِّ

2615 -

حَدَّثَنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللّيثُ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّقَ نَخْلَ بَني النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهيَ البُويْرَةُ فَأَنْزَلَ اللهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} (1).

2616 -

حَدَّثَنا هَنَّادُ بْنُ السَّريِّ عَنِ ابن المُبارَكِ عَنْ صالِحِ بْنِ أَبى الأخضَرِ عَنِ الزُّهْريِّ قالَ عُروَةُ فَحَدَّثَني أُسامَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ عَهِدَ إِليْهِ فَقالَ: " أَغِرْ عَلَى أُبْنَى صَباحًا وَحَرِّقْ"(2).

2617 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الغَزّيُّ سَمِعْتُ أَبا مُسْهِرٍ قِيلَ لَهُ أُبْنَى. قالَ نَحْنُ أَعْلَمُ هيَ يُبْنَى فِلَسْطِينَ (3).

* * *

باب في الحرق في بلاد العدو

أي: الحرق بالنار.

[2615]

(حدثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي (حدثنا الليث، عن نافع) مولى ابن عمر، (عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّق) بتشديد الراء (نخل بني النضير وقطع أشجارهم) وفي معنى النخل جميع الأشجار والنبات، وهدم البناء في معنى الحريق (وهي) موضع بأرض (البُويرة)

(1) رواه البخاري (2326)، ومسلم (1746).

(2)

رواه ابن ماجه (2843)، وأحمد 5/ 205.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(451).

(3)

رواه البيهقي 9/ 84.

وقال الألباني في "ضعيف أبي داود"(452): أثر مقطوع.

ص: 350

بضم الباء الموحدة مصغر. وفيه دليل على جواز إتلاف أشجارهم وبنائهم بهدم وقطع وغير ذلك؛ لأنه إذا جاز بالإحراق جاز بغيره، وروى البيهقي (1): أنه قطع لأهل الطائف كرومًا.

وهذا إذا لم يرج حصولها للمسلمين مغايظة للعدو، فإن رجي حصولها ندب الترك حفظًا لحق الغانمين، وقيل: يحرم القطع، وحمل فعله صلى الله عليه وسلم على حالة غلبة الظن بعدم الحصول. وجعل الماوردي ذلك أربعة أقسام:

أحدها: أن يعلم أن لا يصل إليهم إلا بذلك، فيجب؛ لأن ما أدى إلى الظفر بهم واجب.

[والثاني: أن يقدر على الظفر بهم بدون ذلك فيحرم القطع لأنها مغنم لنا](2).

والثالث: أن ينفعنا ذلك ولا ينفعهم فهو مباح.

الرابع: أن لا ينفعنا ولا ينفعهم فهو مكروه لا محظور (3).

(فأنزل الله عز وجل في ذلك: ({مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}) وهي أنواع التمر كلها إلا العجوة، وقيل: كل النخل. وقيل: كل الشجر للينها. وقد قيل: إن أنواع نخل المدينة مائة وعشرون نوعًا، فأهل المدينة يسمون ما خلا العجوة الألوان واحدها لون. ولينة أصلها لون بفتح الواو، وكسرت الواو لكسرة ما قبلها.

(1)"سنن البيهقي الكبرى"(17896).

(2)

ساقطة من (ر).

(3)

"الحاوي" 14/ 186.

ص: 351

[2616]

([حدثنا هناد بن السري، عن ابن المبارك، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري] (1) قال عروة) بن الزبير يعني أنه حدثه: (فحدثني أسامة بن زيد) بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن رسول الله كان عهد إليه) أي: أوصى إليه يوم الاثنين لأربع بقين من رجب سنة إحدى عشرة بالتهيؤ لغزو الروم. ورواه الشافعي (2) بلفظ: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير صباحًا على أهل أُبنى وأحرق. فرواية الشافعي هي حكاية قول أسامة عند خطابه لعروة، ورواية أبي داود ردًّا من المتكلم إلى الغائب، فعروة حكى ما قاله أسامة لا بلفظه، ورواية الشافعي أعاد فيها لفظه عند خطابه وهو أبلغ وأتقن؛ لأن رواية الحديث بالمعنى مختلف فيها. ويجاب عن رواية أبي داود أنها أبلغ؛ لأنها حكاية لفظ النبي صلى الله عليه وسلم. (أن أَغِر) بفتح الهمزة وكسر الغين من الإغارة، وهي: المهاجمة على القوم لاستلاب أموالهم ونفوسهم بالخيل الذي يغير في أول النهار وهم غافلون.

وفي هذا الحديث جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة من غير إنذار بالإغارة.

واختلفوا في هذِه المسألة على ثلاثة (3) مذاهب:

أحدها: يجب الإنذار قبل الإغارة مطلقًا، قاله مالك (4) وغيره، وهو ضعيف.

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، واستدركناه من المطبوع.

(2)

"مسند الشافعي"(1495).

(3)

في الأصول: ثلاث. وما أثبتناه هو الجادة.

(4)

"المدونة" 1/ 496.

ص: 352

والثاني: لا يجب مطلقًا، وهذا أضعف منه.

والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم، لكن يستحب، وهذا هو الصحيح. وهو قول الشافعي والجمهور (1).

(على) أهل (أُبْنى) بضم الهمزة [وإسكان الباء الموحدة ثم نون ثم ألف مقصورة، أرض بالسراة في ناحية البلقاء التي قتل فيها أبوه](2)(صباحًا) أي: في وقت الصباح (وحرَّق) عليهم، أي: زروعهم وقطع أشجارهم. وفيه دليل على جواز ذلك إذا (3) لم يرج حصوله للمسلمين ولا دعت الحاجة إلى إتلافه كالذي يقرب من حصونهم ويمنع من قتالهم أو يستترون به عن المسلمين أو يحتاج إلى قطعه لتوسعة طريق أو نحو ذلك، وبه قال مالك والشافعي (4).

قال إسحاق: هو سنة إذا كان أنكى في العدو (5).

وقال الأوزاعي، والليث، وأبو ثور: لا يجوز؛ لحديث أبي بكر ووصيته، ولأن فيه إتلافًا محضًا فلم يجز كعقر الحيوان (6).

[2617]

(حدثنا عبد الله بن عمرو) بن عمر (الغزي) بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي (قال: سمعت أبا مسهر) هو عبد الأعلى بن

(1) انظر: "شرح النووي على مسلم" 12/ 36.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ر).

(3)

في (ر): إن.

(4)

"المدونة" 1/ 500، "الأم" 5/ 306.

(5)

"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(2761).

(6)

انظر: "المغني" 13/ 146.

ص: 353

مسهر الغساني (قيل له: أبنى) بضم الهمزة كما تقدم قرية من أرض الكرك في أطراف الشام. (قال: نحن أعلم) ببلادنا من غيرنا (هي يُبْنَى) بضم الياء المثناة تحت وإسكان الباء الموحدة قرية كبيرة بين الرملة وغزة بالقرب من عسقلان من أرض (فلسطين) بكسر الفاء وفتح اللام صقع من الشام منه الرملة، وغزة وقاعدته إيلياء، وهي بيت المقدس؛ سميت بذلك لأن أول من سكنها فليشين (1) بن كسلوخيم بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام.

قال موفق الدين عبد الله بن قدامة في "المغني": الصحيح أنها أبنى كما جاءت الرواية وهي قرية من أرض الكرك في الناحية التي قتل فيها أبوه، فأما يبنى فهي من أرض فلسطين، ولم يكن أسامة ليصل إليها ولا يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإغارة عليها لبعدها، والخطر بالمصير إليها لتوسطها في البلاد وبُعدها من طَرف الشام، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليأمره بالتغرير بالمسلمين، فكيف يُحمل اللفظ عليها مع مخالفة لفظ الرواية وفساد المعنى! (2)

قال ابن الأثير (3): هي مدينة عند الرملة والمشهور في اسمها يبنى (4) كما تسمى اليوم، والله أعلم.

* * *

(1) في الأصول: فلسطين. وما أثبتناه كما في "معجم البلدان" 4/ 274.

(2)

"المغني" 13/ 147 - 148.

(3)

"النهاية في غريب الأثر" 1/ 18.

(4)

ساقطة من (ر).

ص: 354