الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42 - باب فِيمنْ سَأَلَ الله تَعالَى الشَّهادَةَ
2541 -
حَدَّثَنا هِشامٌ بْنُ خالِدٍ أَبُو مَرْوانَ وابْن المُصَفَّى، قالا: حَدَّثَنا بَقِيَّةُ، عَنِ ابن ثَوْبانَ، عَنْ أَبِيهِ يَرُدُّ إِلى مَكْحُولٍ إِلى مالِكِ بْنِ يُخَامِرَ أَنَّ مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:"مَنْ قاتَلَ في سَبِيلِ اللهِ فُواقَ ناقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ وَمَنْ سَأَلَ اللهَ القَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صادِقًا ثُمَّ ماتَ أَوْ قُتِلَ فَإِنَّ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ". زادَ ابن المُصَفَّى مِنْ هُنا: "وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا في سَبِيلِ اللهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإِنَّها تَجيءُ يَوْمَ القِيامَةِ كَأَغْزَرِ ما كانتْ لَوْنُها لَوْنُ الزَّعْفَران وَرِيحُها رِيحُ المِسْكِ وَمَنْ خَرَجَ بِهِ خُراجٌ في سَبِيلِ اللهِ فَإِنَّ عَليْهِ طابَعَ الشُّهَداءِ"(1).
* * *
باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة
[1254]
(حدثنا هشام بن خالد أبو مروان) الأزرق (و) محمد (بن المصفى، قالا: حدثنا بقية، عن) عبد الرحمن بن ثابت (بن ثوبان، عن أبيه - يرد) الحديث (إلى مكحول -) ثم (إلى مالك بن يَخَامر) بفتح الياء تحت والخاء المعجمة، بعضهم بعضا (أن معاذ بن جبل سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قاتل في سبيل الله فُواق) بضم الفاء (ناقة) أي: قدر ما بين حلبتي الناقة كونها تحلب ثم تترك قليلًا يرضعها الفصيل لقدر (2) ثم تحلب، ويحتمل أن الفواق ما بين الغداة إلى
(1) رواه الترمذي (1657)، والنسائي 6/ 25، وابن ماجه (2792)، وأحمد 5/ 235.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2291).
(2)
ساقطة من (ر).
المساء؛ لأنها تحلب في الغداة ثم تحلب في المساء، وقيل: هو ما بين رفع يدك عن الضرع حال الحلب ووضعها، وزمن القتال على هذا القول أقصر من القول الأول.
(فقد وجبت له الجنة) أي: التي أعدها الله للمجاهدين أو وجب له دخول الجنة مع السابقين، وإلا فالجنة للمؤمن وإن لم يقاتل (ومن سأل الله القتل من نفسه) ورواية الترمذي (1):"القتل في سبيله"(صادقًا)"من قلبه" كما في رواية الترمذي (ثم مات أو قتل فله أجر شهيد) ورواية ابن حبان في "صحيحه"(2) بنحوه، إلا أنه قال فيه:"ومن سأل (3) الله الشهادة مخلصًا أعطاه الله أجر شهيد وإن مات على فراشه". أما من سأل الله الشهادة ومات على فراشه فله أجر شهيد بسؤاله الشهادة وإن لم تحصل له، وأما من قتل شهيدًا فقد حصلت له الشهادة لكن يعطى أجر شهيد زيادة على من قتل شهيدًا لم يسأل الله الشهادة قبل القتل.
(زاد ابن المصفى) بضم الميم وتشديد الفاء، قال المنذري: هو عبد الله محمد بن المصفى القرشي الحمصي شيخ أبي داود (من هاهنا) أي: بعد قوله: "أجر شهيد"(ومن جُرح جَرحا) بفتح الجيم هو المصدر، وبالضم الاسم منه، وهو المراد (في سبيل الله أو نكب) بضم النون وكسر الكاف (نكبة) بسكون الكاف، هو ما يصيب الإنسان من الحوادث.
الفرق بين الجرح والنكبة: أن الجرح من الكفار، والنكبة من دابته أو
(1)"سنن الترمذي"(1654).
(2)
"صحيح ابن حبان"(1764).
(3)
في (ر): يسأل.
من سلاح نفسه، والنكبة بفتح النون، هي: الصدمة، مثل العثرة التي تدمي منها الرجل إذا كانت في سبيل الله.
(فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر) أي: كأكثر (ما كانت) في الدنيا يوم طعن أو عشر، والجرح أو النكبة يتفجر دمًا، وفيه أن الشهيد يبعث يوم القيامة على أحسن هيئة كان في الدنيا (لونها) أي: لون دم النكبة أو الجرح (لون الزعفران) لعل المراد به زعفران الجنة لا زعفران الدنيا.
وقد يستدل بهذا الحديث على أن تغير رائحة (1) الماء بطول المدة يخرجه عن أصل طهارته كما هو مذهب جماعة، أو وجه الاستدلال أن الدم لما استحالت رائحته الخبيثة إلى رائحة المسك خرج عن كونه مستخبثًا نجسًا، فإنه صار مسكًا، والمسك بعض دم (2) الغال، فكذلك الماء إذا تغيرت رائحته خرج عن كونه طاهرًا وصار مسلوب الطهورية.
(وريحها ريح المسك) قال النووي (3): والحكمة في مجيئه يوم القيامة كأغزر ما كانت في الدنيا أن يكون معه شاهد فضيله وبذل نفسه في طاعة الله، قال: وفيه دليل على أن الشهيد لا يزال عنه الدم بغسل ولا غيره. (ومن خرج به خُرَاج) بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء. هو: ما يخرج من البدن من القروح (4) وأكثر الأدواء والأوجاع في
(1) ساقطة من (ر).
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
"شرح النووي على مسلم" 13/ 21.
(4)
ساقطة من (ر).
كلام العرب ينبني منها على فعال بضم الفاء، كصداع وزكام وسعال (في سبيل الله) أي: في الجهاد الذي يبتغى به وجه الله.
قال ابن بطال: ويدخل في معناه كل (1) جرح أو خراج وهو في سبيل بر كحج أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر (2).
(فإن) المجروح أو المنكوب أو من به الخراج (عليه طابَعَ)[بفتح الباء الموحدة، وكسر الباء لغة فيه، هو: الخاتم يختم به على الشيء، والطابع كالخاتم والخاتم، أي: إذا جاء يوم القيامة تظهر عليه علامة الشهداء، ويختم عليه بخاتم (الشهداء)](3) ليكون ذلك شاهدًا له بفضيلته وبذله نفسه ابتغاء مرضات الله.
(1) أقحم بعدها في الأصول: من.
(2)
"شرح البخاري" لابن بطال 5/ 20.
(3)
ساقطة من (ر).