الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
79 - باب ما يَقُول الرَّجُلُ إِذا سافَرَ
2598 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ حَدَّثَني سَعِيدٌ المَقْبُرىُّ، عَنْ أَبي هُريْرَةَ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا سافَرَ قالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ الصّاحِبُ في السَّفَرِ، والخَلِيفَةُ في الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ وَسُوءِ المَنْظَرِ في الأهْلِ والمالِ، اللَّهُمَّ اطْوِ لَنا الأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَليْنا السَّفَرَ"(1).
2599 -
حَدَّثَنا الحَسَن بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا ابن جُريْجٍ، أَخْبَرَني أَبُو الزُّبيْرِ، أَنَّ عَلِيّا الأَزْديَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابن عُمَرَ عَلَّمَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذا اسْتَوى عَلَى بَعِيرِهِ خارِجًا إِلى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاثًا ثُمَّ قالَ:" {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 13، 14] اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ في سَفَرِنا هذا البِرَّ والتَّقْوى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللهُمَّ هَوِّنْ عَلينا سَفَرَنا هذا، اللَّهُمَّ اطْوِ لَنا البُعْدَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصّاحِبُ في السَّفَرِ، والخَلِيفَةُ في الأَهْلِ والمالِ". وَإذا رَجَعَ قالَهنَّ وَزادَ فِيهِنَّ: "آيِبُونَ، تائِبُونَ، عابِدُونَ، لِرَبِّنا حامِدُونَ". وَكانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَجُيُوشُهُ إِذا عَلَوُا الثَّنايا كَبَّرُوا وَإذا هَبَطوا سَبَّحُوا، فَوُضِعَتِ الصَّلاة عَلَى ذَلِكَ (2).
* * *
باب ما يقول إذا سافر
[2598]
(حدثنا مسدد، حدثنا يحيى) بن سعيد القطان، (حدثنا محمد بن عجلان) المدني، (حدثني سعيد المقبري، عن أبي هريرة:
(1) رواه الترمذي (3438)، والنسائي 8/ 273، وأحمد 2/ 401.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(2338): حسن صحيح.
(2)
رواه مسلم (1342).
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر) أي: سفرًا طويلًا أو قصيرًا (قال) فيه استحباب هذا الدعاء عند ابتداء سفره وركوب الدابة.
(اللهم أنت الصاحب في السفر) إطلاق الصاحب هنا نظرًا إلى أن قدرة الله مصاحبة لكل مخلوق ومسافر، وأنه هو الذي يرجى منه حفظ المسافر ورعايته، (والخليفة في الأهل) أي: وإنه الذي يرجى منه إصلاح من يخلف عنه من الأهل والزوجة والولد والأقارب والخدم والمال (1) وإصلاح أمر ما يخلف عنه من جميع أمواله لا أحد من المخلوقين، وزاد عبد الله: والحامل على الظهر والمستعان على الأمر (2). (اللهم إني أعوذ بك من وَعثاء السفر) بفتح الواو، وإسكان العين المهملة، وبالثاء المثلثة، وبالمد، وهي المشقة والشدة، أصله من الوعث وهو أرض فيها رمل تزج فيها الأرجل، فجعل مثلًا لكل ما يشق.
(وكآبة) بفتح الكاف، وبالمد، أي: تغير النفس من حزن وغيره وكأنه استعاذ من أن ينقلب إلى أهله كئيبًا حزينًا لا يقضي حاجته (المنقلب) بفتح القاف واللام، وهو: المرجع، قاله النووي في كتاب المناسك من "شرح مسلم"(3).
(وسوء المنظر) بفتح الظاء أي: وأعوذ بك من ما يسوء المنظر إليه (4)
(1) مكانها بياض في: (ل) وأثبتاها من: (ر).
(2)
رواها المحاملي في "الدعاء"(34).
(3)
"شرح النووي على مسلم" 9/ 111.
(4)
زيادة من (ل).
(في الأهل والمال)"والولد"(1)، ويورث الكآبة والحزن (اللهم اطو لنا الأرض) وفي رواية للترمذي (2):" اللهم ازو لنا الأرض " ومعناهما متقارب أي: اجمع لنا الأرض وضمها (وهون علينا) مشقة (السفر) ونصبه.
[2599]
(حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا) عبد الملك (ابن جريج، أخبرني أبو الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس بفتح التاء (أن عليًّا) وهو ابن رباح البارقي، وبارق جبل نزله سعد بن عدي فسمي به (3). روى له مسلم (الأزدي أخبره أن) عبد الله (ابن عمر) رضي الله عنهما (علمه) فيه فضيلة التعليم وتضاعف أجره:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى) أي: استقر (على بعيره) أو غيره من الدواب (خارجًا إلى) أي (سفر) كان من أسفاره غزوًا أو حجًّا أو غيرهما (كبر) الله أي قال: الله أكبر (ثلاثًا) وفي رواية لأحمد (4): كبر الله ثلاثًا، وحمد الله ثلاثًا، وسبح الله ثلاثًا، وهلل الله واحدة، وفي رواية له:" ما من بعير إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله إذا ركبتموها كما أمركم الله، ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يَحمِل الله عز وجل ".
(قال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا})(5) أي: ذلل لنا هذا المركب.
(1) زادها النسائي 8/ 272، وابن حبان 6/ 413 (2696).
(2)
"سنن الترمذي"(3438).
(3)
انظر: "التاريخ الكبير" 6/ 283.
(4)
"مسند أحمد" 1/ 330.
(5)
الزخرف: 13.
قال مقاتل والكلبي: هو أن يقول: الحمد لله الذي رزقني هذا [وحملني عليه](1). ({وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}) أي: مطيقين لتذليله والانتفاع به من تحميل وركوب وغير ذلك. ({وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}) أي في الآخرة ({لَمُنْقَلِبُونَ}) أي: راجعون إليه، وفيه دليل لأهل السلوك، وهو إذا كان في حال من أحوال الدنيا تذكر نظيره من أحوال الآخرة؛ لأن الله لما ذكره نعمته عليه في سفر الدنيا ذكره سيره (2) إلى الله يوم القيامة ورجوعه إليه ومحاسبته على هذا الركوب ومسائلته عنه.
(اللهم إني أسألك) رواية مسلم (3): إنا نسألك. أي: نتضرع إليك. في سفرنا هذا) بخصوصه، وفي كل سفر بالعموم (البر) يعني: الطاعة (والتقوى) وهي: كلمة فيها جماع الخير كله، (ومن العمل) يعني الصالح (ما) تحب (وترضى) علينا به (4) (اللهم هون علينا) مشقة (سفرنا هذا) الذي نحن فيه (اللهم اطو لنا البعد) هو: كناية عن سرعة الرجوع إلى الوطن؛ فإن المسافر إذا رجع إلى وطنه بسرعة طوي عنه بعد ذلك السفر ومشقته [(اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال](5) وإذا رجع) من سفره (قالهن) يعني هذِه الدعوات المذكورة.
(وزاد فيهن) أي: عليهن. وفي بمعنى على كقوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي
(1) في الأصل: وحملنيه. والمثبت من "الوسيط" للواحدي 4/ 65.
(2)
في الأصول: ستره. وما أثبتناه ما يقتضيه السياق.
(3)
"صحيح مسلم"(1342).
(4)
زيادة من (ل).
(5)
ليست في الأصل، ومستدركة من المطبوع.
جُذُوعِ النَّخْلِ} (1) أي: عليها (آيبون) خبر مبتدأ محذوف تقديره: نحن آيبون. أي: راجعون من سفرنا (تائبون) إلى الله تعالى (2) من التقصير في عبادته ومن الذنوب الكثيرة (عابدون لربنا حامدون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه) إذا كانوا معه أو منفردين عنه (إذا علوا الثنايا) جمع ثنية وهي الطريق في الجبل، أي: إذا ساروا في الطرق (3) المرتفعة في الجبال (كبروا) الله تعالى، وفي رواية الترمذي (4):"عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف ". وفي رواية أحمد (5) وأبي يعلى (6): كان إذا علا نشزًا من الأرض قال: " اللهم لك الشَّرَفُ على كل شَرَفٍ، ولك الحمد على كل حال ".
(وإذا هبطوا) في وادٍ ونحوه (سبحوا) ورواية البخاري (7): كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا. وفي "مسند أحمد" عن قيس بن عباد (8): كنا مع علي فكان إذا هبط واديًا قال: سبحان الله صدق الله ورسوله (فوضعت الصلاة على ذلك) أي: التكبير في حالة القيام والارتفاع، والتسبيح في حال الانهباط وهو السجود والركوع،
(1) طه: 72.
(2)
من (ر).
(3)
في (ر): الطريق، والمثبت من (ل).
(4)
"سنن الترمذي"(3445).
(5)
"مسند أحمد" 3/ 239.
(6)
"مسند أبي يعلى"(4297).
(7)
"صحيح البخاري"(2831).
(8)
"مسند أحمد" 2/ 385.
والمعنى في ذلك: أن المسافر إذا ارتفع على شرف من الأرض فيذكر بقلبه ولسانه أن الله أشرف من هذا الشرف وأكبر منه وأعظم، وكذلك القيام في الصلاة وأنه يكون مرتفعًا، وأما إذا نزل واديًا منهبطًا فيذكر بقلبه ولسانه أن الله تعالى متنزه عن الانهباط والتسافل فيقول: سبحان الله، ومعناها: تنزيه الله عما لا يليق من ذلك المكان المنهبط، وكذلك الساجد والراكع في الصلاة فإنه في غاية ما يكون من الانهباط إذا وضع جبهته على الأرض فينزه الله عن ذلك ويسبح الله في السجود والركوع.
* * *