المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌47 - باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١١

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الجِهَادِ

- ‌1 - باب ما جاءَ في الهِجْرَة وَسُكْنَى البَدْوِ

- ‌2 - باب في الهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ

- ‌3 - باب في سُكْنَى الشَّامِ

- ‌4 - باب في دَوامِ الجِهادِ

- ‌5 - باب في ثَواب الجِهَادِ

- ‌6 - باب في النَّهْى عَنِ السِّياحَةِ

- ‌7 - باب في فَضْلِ القَفْلِ في سَبيلِ اللِّه تَعَالَى

- ‌8 - باب فَضْل قِتَالِ الرُّومِ عَلَى غيْرِهمْ مِنَ الأُمَمِ

- ‌9 - باب في رُكُوبِ البَحْرِ في الغَزْوِ

- ‌10 - باب فَضْلِ الغزْوِ في البَحْرِ

- ‌11 - باب في فَضْلِ مَنْ قَتَلَ كافِرًا

- ‌12 - باب في حُرْمَةِ نِساءِ المُجاهدِين عَلَى القاعِدِينَ

- ‌13 - باب في السَّرِيَّةِ تُخْفقُ

- ‌14 - باب في تَضْعِيفِ الذِّكْرِ في سَبيلِ الله تَعالَى

- ‌15 - باب فِيمَنْ ماتَ غازِيًا

- ‌16 - باب في فَضْلِ الرِّباطِ

- ‌17 - باب في فَضْلِ الحَرْسِ في سَبيلِ الله تعالى

- ‌18 - باب كَراهِيَةِ تَرْكِ الغَزْوِ

- ‌19 - باب في نَسْخِ نَفِيرِ العامَّةِ بِالخاصَّةِ

- ‌20 - باب في الرُّخْصَةِ في القُعُودِ منَ العُذْرِ

- ‌21 - باب ما يُجْزِئُ مِنَ الغزْوِ

- ‌22 - باب في الجُرْأَةِ والجُبْنِ

- ‌23 - باب في قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌24 - باب في الرَّمْى

- ‌25 - باب في مَنْ يَغْزُو ويَلْتَمِسُ الدُّنْيا

- ‌26 - باب مَنْ قاتَل لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هيَ العُلْيا

- ‌27 - باب في فَضْلِ الشَّهادَةِ

- ‌28 - باب في الشَّهِيدِ يُشَفَّعُ

- ‌29 - باب في النَّورِ يُرى عِنْدَ قبْرِ الشَّهيدِ

- ‌30 - باب في الجَعائِلِ في الغزْوِ

- ‌31 - باب الرُّخْصَةِ في أَخْذ الجَعائِلِ

- ‌32 - باب في الرَّجُلِ يغْزو بأَجِيرٍ لِيَخْدُمَ

- ‌33 - باب في الرَّجُلِ يغْزُو وَأبَواهُ كارِهانِ

- ‌34 - باب في النِّساءِ يغْزُونَ

- ‌35 - باب في الغَزْو مَعَ أئمَّة الجَوْرِ

- ‌36 - باب الرَّجُلِ يَتَحَمَّل بِمالِ غيْرِهِ يَغْزُو

- ‌37 - باب في الرَّجُلِ يَغْزو يَلْتمِسُ الأَجْر والغَنِيمَةَ

- ‌38 - باب في الرَّجُلِ الذي يشْري نَفْسَهُ

- ‌39 - باب فِيمَنْ يسْلِمُ ويُقْتلُ مكانهُ في سَبيلِ اللهِ عز وجل

- ‌40 - باب في الرَّجُلِ يَفوت بِسِلاحِهِ

- ‌41 - باب الدُّعاء عِنْدَ اللِّقاءِ

- ‌42 - باب فِيمنْ سَأَلَ الله تَعالَى الشَّهادَةَ

- ‌43 - باب في كَراهةِ جَزِّ نَواصي الخيْلِ وأذْنابِها

- ‌44 - باب فِيما يُسْتَحَبّ منْ أَلْوان الخيْلِ

- ‌45 - باب هَلْ تُسَمَّى الأنْثَى مِن الخيْلِ فرَسًا

- ‌46 - باب ما يُكْرهُ مِنَ الخيْلِ

- ‌47 - باب ما يؤْمرُ بِهِ منَ القِيام علَى الدَّوابّ والبَهائِمِ

- ‌48 - باب في نُزُولِ المَنازل

- ‌49 - باب في تَقْييد الخيْلِ بِالأَوْتارِ

- ‌50 - باب إِكْرامِ الخيْلِ وارْتِباطِها والمَسْحِ عَلَى أَكْفالِها

- ‌51 - باب في تَغلِيقِ الأَجْراس

- ‌52 - باب في رُكُوبِ الجَلالَّةِ

- ‌53 - باب في الرَّجُلِ يُسَمّي دابَّتَهُ

- ‌54 - باب في النِّداءِ عِنْد النَّفِير: يا خيْلَ اللهِ ارْكَبي

- ‌55 - باب النَّهْيِ عنْ لَعْنِ البَهِيمَةِ

- ‌56 - باب في التَّحْرِيشِ بيْنَ البَهائِمِ

- ‌57 - باب في وَسْمِ الدَّوابِّ 2563 - حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ هِشامِ بْنِ زيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: أَتيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِأَخٍ لي حِينَ وُلدَ لِيُحَنِّكَهُ فَإِذا هُوَ في مِرْبَدٍ يَسِمُ غَنَمًا - أَحْسِبُهُ قالَ - في آذانِها

- ‌58 - باب النَّهْى عَنِ الوَسْم في الوَجْهِ والضَّرْبِ في الوَجْهِ

- ‌59 - باب في كَراهِيَةِ الحُمُرِ تُنْزى عَلَى الخيْلِ

- ‌60 - باب في رُكُوبِ ثَلاثَةٍ عَلَى دابَّةٍ

- ‌61 - باب في الوُقوفِ عَلَى الدّابَّةِ

- ‌62 - باب في الجَنائبِ

- ‌63 - باب في سُرْعة السّيْرِ والنَّهْى عَن التَّعْرِيِس في الطَّرِيق

- ‌64 - باب في الدُّلْجَةِ

- ‌65 - باب رَبُّ الدّابَّةِ أحَقُّ بِصَدْرِها

- ‌66 - باب في الدّابَّةِ تُعرْقَبُ في الحَرْب

- ‌67 - باب في السَّبْقِ

- ‌68 - باب في السَّبْقِ عَلَى الرِّجْلِ

- ‌69 - باب في المُحَلِّلِ

- ‌70 - باب في الجَلَب عَلَى الخيْلِ في السِّباقِ

- ‌71 - باب في السّيْفِ يُحَلَّى

- ‌72 - باب في النَّبْلِ يُدْخَلُ بِهِ المَسْجِدُ

- ‌73 - باب في النَّهْي أَنْ يَتَعاطَى السّيْف مَسْلُولاً

- ‌74 - باب في النَّهْى أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بيْن أُصْبُعيْنِ

- ‌75 - باب في لُبْس الدُّرُوعِ

- ‌76 - باب في الرّاياتِ والأَلْوِلَةِ

- ‌77 - باب في الانْتِصارِ بِرذْلِ الخيْلِ والضَّعَفَةِ

- ‌78 - باب في الرَّجُلِ ينادي بِالشِّعارِ

- ‌79 - باب ما يَقُول الرَّجُلُ إِذا سافَرَ

- ‌80 - باب في الدُّعاءِ عِنْد الوَداعِ

- ‌81 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ

- ‌82 - باب ما يَقول الرَّجُلُ إذا نزَلَ المَنْزِلَ

- ‌83 - باب في كَراهِيَةِ السّيْرِ في أَوَّل اللّيْلِ

- ‌84 - باب في أيِّ يَوْمٍ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ

- ‌85 - باب في الابْتِكارِ في السَّفَرِ

- ‌86 - باب في الرَّجُلِ يُسافِرُ وَحْدَهُ

- ‌87 - باب في القَوْمِ يُسافِرُونَ يؤَمِّرُونَ أَحَدَهُمْ

- ‌88 - باب في المُصْحف يُسافَرُ بِهِ إلى أَرْضِ العَدُوِّ

- ‌89 - باب فِيما يُسْتَحَبُّ مِنَ الجُيُوشِ والرُّفقاء والسَّرايا

- ‌90 - باب في دُعاءِ المُشْرِكِينَ

- ‌91 - باب في الحَزقِ في بلاد العَدُوِّ

- ‌92 - باب بَعْثِ العُيُونِ

- ‌93 - باب في ابن السَّبيلِ يَأكُلُ مِنَ التَّمْرِ ويَشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ إِذا مَرَّ بِه

- ‌94 - باب مَنْ قالَ إِنَّهُ يَأكل مِمّا سَقطَ

- ‌95 - باب فِيمنْ قال: لا يَحْلِبُ

- ‌96 - باب في الطّاعَة

- ‌97 - باب ما يُؤْمَرُ مِنَ انضمامِ العَسْكرِ وَسِعَتِهِ

- ‌98 - باب في كَراهيةِ تَمَنّي لِقاء العَدُوِّ

- ‌99 - باب ما يُدْعَى عِنْد اللِّقاءِ

- ‌100 - باب في دُعاءِ المُشْرِكِينَ

- ‌101 - باب المَكْرِ في الحَرْب

- ‌102 - باب في البَياتِ

- ‌103 - باب في لُزومِ السّاقَةِ

- ‌104 - باب علَى ما يُقاتَل المُشْركونَ

- ‌105 - باب النَّهْي عنْ قَتْلِ من اعتصمَ بِالسُّجُودِ

- ‌106 - باب في التَّوَلي يوْمَ الزّحْفِ

- ‌107 - باب في الأَسِيرِ يكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ

- ‌108 - باب في حُكْمِ الجاسوسِ إِذا كانَ مُسْلِمًا

- ‌109 - باب في الجاسوس الذِّمَّيِّ

- ‌110 - باب في الجاسُوسِ المُسْتأْمنِ

- ‌111 - باب في أي وَقْتِ يسْتَحَبُّ اللّقاءُ

- ‌112 - باب فِيما يُؤْمَر بِه مِن الصَّمْتِ عِنْد اللّقاءِ

- ‌113 - باب في الرَّجُلِ يَتَرجَّلُ عِنْد اللِّقاءِ

- ‌114 - باب في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ

- ‌115 - باب في الرَّجُلِ يُسْتَأْسَرُ

- ‌116 - باب في الكُمَناءِ

- ‌117 - باب في الصُّفُوفِ

- ‌118 - باب في سَلِّ السُّيُوفِ عِنْدَ اللِّقاءِ

- ‌119 - باب في المُبارَزَةِ

- ‌120 - باب في النَّهْي عَنِ المُثْلَةِ

- ‌121 - باب في قَتْلِ النِّساءِ

- ‌122 - باب في كَراهِيَةِ حَرْقِ العَدُوِّ بالنّارِ

- ‌123 - باب في الرَّجُلِ يَكْرِي دابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ أَوِ السَّهْمِ

- ‌124 - باب في الأَسِيرِ يُوثَقُ

- ‌125 - باب في الأَسِيرِ يُنالُ مِنْهُ وَيُضْرَبُ ويُقَرَّرُ

- ‌126 - باب في الأَسِيرِ يُكْرهُ عَلى الإِسْلامِ

- ‌127 - باب قَتْلِ الأَسِيرِ ولا يُعْرَضُ علَيْهِ الإِسْلامُ

- ‌128 - باب في قَتْلِ الأَسِيرِ صَبْرًا

- ‌129 - باب في قَتْلِ الأَسِيرِ بِالنَّبْلِ

- ‌130 - باب في المَنِّ على الأَسِيرِ بِغيْرِ فِداءٍ

- ‌131 - باب في فِداءِ الأَسِيرِ بِالمالِ

- ‌132 - باب في الإِمامِ يُقِيمُ عنْدَ الظُّهُورِ عَلَى العَدُوِّ بِعرْصَتِهمْ

- ‌133 - باب في التَّفْريقِ بينَ السَّبْى

- ‌134 - باب الرخْصَة في المُدْرِكِينَ يُفَرَّقُ بيْنَهُمْ

- ‌135 - باب في المالِ يصِيبهُ العدوُّ مِنَ المُسْلِمين ثُمّ يدْرِكه صاحِبُة في الغَنِيمَةِ

- ‌136 - باب في عَبِيدِ المًشْركينَ يَلْحقُونَ بِالمُسْلِمِينَ فيسْلمُونَ

- ‌137 - باب في إِباحَةِ الطَّعامِ في أَرْضِ العَدُوّ

- ‌138 - باب في النَّهْى عَنِ النُّهْبَى إِذا كانَ في الطَّعامِ قِلَّة في أَرْضِ العَدوِّ

- ‌139 - باب في حَمْلِ الطَّعامِ منْ أرْضِ العَدُوّ

- ‌140 - باب في بيع الطّعامِ إذا فضَلَ، عَنِ النّاس في أرْض العَدوّ

- ‌141 - باب في الرّجل يَنْتَفِع مِنَ الغنِيمَةِ بِالشَّيء

- ‌142 - باب في الرخْصَةِ في السِّلاحِ يقاتَل بهِ في المعْرَكَةِ

- ‌143 - باب في تَعْظِيم الغُلُولِ

- ‌144 - باب في الغلُول إِذا كانَ يَسِيرًا يَتْركهُ الإِمامُ وَلا يحَرّقُ رحْلَهُ

- ‌145 - باب في عُقُوبَةِ الغالِّ

- ‌146 - باب النَّهْي عَنِ السَّتْرِ علَى مَنْ غَلَّ

- ‌147 - باب في السَّلَبِ يعْطَى القاتلُ

- ‌148 - باب في الإمامِ يَمْنَعُ القاتِلَ السَّلب إِنْ رَأى والفَرَسُ والسِّلاحُ مِنَ السَّلَبِ

- ‌149 - باب في السَّلَبِ لا يُخمَّسُ

- ‌150 - باب مَنْ أَجازَ عَلَى جريحٍ مُثخنٍ يُنَفَّلُ مِنْ سَلَبِه

- ‌151 - باب فيمنْ جاءَ بعْدَ الغَنِيمةِ لا سَهْمَ لَهُ

- ‌152 - باب في المرْأَةِ والعبْد يُحْذيان مِنَ الغنِيمَةِ

- ‌153 - باب في المُشْركِ يُسْهَمُ لَهُ

- ‌154 - باب في سُهْمانِ الخيْلِ

- ‌155 - باب فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا

- ‌156 - باب في النَّفَلِ

- ‌157 - باب في نَفْل السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ مِنَ العَسْكَرِ

الفصل: ‌47 - باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم

‌47 - باب ما يؤْمرُ بِهِ منَ القِيام علَى الدَّوابّ والبَهائِمِ

2548 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفيليُّ، حَدَّثَنا مِسْكِين - يَعْني ابن بُكيْرٍ - حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن مُهاجِرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبي كَبْشَةَ السَّلُوليِّ، عَنْ سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ قالَ: مَرَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِبَعِيرٍ قَدْ لِحَقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقالَ: "اتَّقُوا اللهَ في هذِه البَهائِمِ المُعْجَمَةِ فارْكبُوها وَكُلُوها صالِحَةً"(1).

2549 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا مَهْديٌّ، حَدَّثنا ابن أَبي يَعْقُوبَ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ - مَوْلَى الحَسَنِ بْنِ عَليٍّ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قالَ: أَرْدَفَني رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ ذاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِليَّ حَدِيثًا لا أُحَدِّث بِهِ أَحَدًا مِنَ النّاسِ، وَكانَ أَحَبُّ ما اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لحِاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حائِشَ نَخْلٍ. قالَ: فَدَخَلَ حائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأنصارِ فَإِذا جَمَلٌ، فَلَمّا رَأى النَّبي صلى الله عليه وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عيْناهُ، فَأَتاهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْراهُ فَسَكَتَ، فَقالَ:"مَنْ رَبُّ هذا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هذا الجَمَلُ؟ ". فَجاءَ فَتًى مِنَ الأنصارِ فَقالَ: لي يا رَسُولَ اللهِ. فَقالَ: "أَفَلا تتَّقي اللهَ في هذِه البَهِيمَةِ التي مَلَّكَكَ اللهُ إِيّاها؟ ! فَإِنَّهُ شَكَى إِليَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ"(2).

2550 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن مَسْلَمَةَ القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ سُمَى مَوْلَى أَبي بَكْرٍ، عَنْ أَبي صالِحٍ السَّمّانِ، عَنْ أَبي هُريْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"بيْنَما رَجُلٌ يَمْشي بِطَرِيقٍ فاشْتَدَّ عَليْهِ العَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيها فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكلُ الثَّرى مِنَ العَطَشِ فَقالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هذا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الذي كانَ بَلَغَني فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفيهِ فَأَمْسَكَهُ بفِيهِ حَتَّى رَقيَ فَسَقَى الكَلْبَ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ". فَقالُوا: يا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّ لَنا في البَهائِمِ

(1) رواه أحمد 4/ 180، ابن خزيمة (2545)، وابن حبان (545).

وصححه الألباني في "الصحيحة"(23).

(2)

رواه مسلم (2429/ 342).

ص: 207

لأجرًا؟ فَقالَ: "في كُل ذاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"(1).

* * *

باب ما يؤمر من القيام على الدواب والبهائم

[2548]

(حدثنا عبد الله بن محمد النُّفيلي، حدثنا مسكين بن بكير) الحراني، (حدثنا محمد بن مهاجر) الأنصاري] (عن ربيعة بن يزيد) القصير] (عن أبي كبشة السَّلولي) بفتح المهملة (عن سهل بن الحنظلية) الحنظلية أمه (قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق) تفسيره رواية ابن خزيمة في "صحيحه"(2): قد لصق (ظهره ببطنه) أي: من الجوع.

(فقال: اتقوا الله) أي: خافوه (في هذِه البهائم المُعْجَمة) بضم الميم وفتح الجيم، سميت (3) بذلك لأنها لا تتكلم فتشكو ما أصابها من الجوع والمشقة، وكل من لا يقدر على الكلام فهو أعجمي ومستعجم، (فاركبوها صالحة) منصوب على الحال من المفعول. أي: اركبوها في حال كون البهيمة صالحة للركوب قادرة عليه فإذ عنتت فلا تركبوها، وكذا إذا لم تقدر على الركوب لصغر أو مرض أو نحوه لا يركبها، والتحميل في معنى الركوب، فليتق الله صاحبها في التحميل فيحرم على مستحق منفعتها من مالك أو مستأجر ونحوهما أن يحملها ما لا تطيق حمله.

(وكُلُوها) أي؛ كلوا من البهائم ما يحل أكله من الأهلي والصيد في

(1) رواه البخاري (2363)، ومسلم (2244).

(2)

"صحيح ابن خزيمة"(2545) بلفظ: الحق). طبعة الأعظمي.

(3)

في (ر): سمعت.

ص: 208

حال كونها (صالحة) للأكل منها، أي: غير محرم أكلها ولا مكروه، فلا يجوز الأكل مما عينه للنذر، كما لا يجوز للمحرم أن يأكل مما صيد له ولا ما ذبحه مجوسي أو وثني ولا ما ذبحه مسلم، وليس فيه حياة مستقرة، أو فيه حياة مستقرة لكنه لم يقطع تمام الحلقوم والمريء ونحو ذلك.

[2549]

[(حدثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا مهدي) بن ميمون (ثنا) محمد بن عبد الله (ابن أبي يعقوب) الضبي (عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي) بن أبي طالب](1)(عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب: ([قال: ] (2) أردفني رسول الله خلفه ذات يوم) فيه جواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك، وكثرة تواضعه صلى الله عليه وسلم ورفقه بمن معه لاسيما إن كان من أقاربه، وأن صاحب الدابة أحق بمقدمها.

(فأسر إليَّ حديثًا) فيه دليل على جواز المناجاة مع حضور ثلاثة فأكثر؛ لأنه لا يكون سرًّا إلا مع حضور غيره، وورود النهي أن يتناجى اثنان دون الثالث (3)، فيحتمل على أنه كان معه جماعة (لا أحدث به أحدًا من الناس) فيه دليل على استحباب كتمان السر إذا كان فيه مصلحة، لاسيما إذا كان المتكلم كبير القدر. (وكان أحب) بالرفع (ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته) أي: لقضاء حاجته.

فيه دليل على استحباب الكناية عما يستقذر منه إلا لحاجة (هَدَفًا) بمفتوحات، وهو كل ما كان له شخص مرتفع من بناء وغيره (أو

(1) زيادة من (ل).

(2)

زيادة من "سنن أبي داود".

(3)

رواه البخاري (6288) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 209

حَائش) بالحاء المهملة وبالشين المعجمة ممدودًا (نخل) هو جماعة النخل الصغار ولا واحد له من لفظه. وهذا مما يستدل به على أنه يستحب من أراد قضاء الحاجة أن يستتر عن العيون، فإن وجد حائطًا أو كئيب رمل أو شجرًا أو بعيرًا استتر به، فإن لم يجد شيئًا أبعد حتى لا يراه أحد.

(قال: فدخل حائطًا) يعني: بستانًا؛ [سمي بذلك](1) لأنه يحوط ما فيه من الأشجار وغيرها (لرجل من الأنصار) أي: يعرفه، وفيه دليل على دخول ملك غيره إذا كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه راضٍ بذلك، (فإذا) هذِه هي إذا الفجائية (جمل) أي: عند الباب كما في رواية، (فلما رأى) الجمل (النبي صلى الله عليه وسلم حَنَّ) إليه (وذَرَفَت) بفتح الذال المعجمة والراء (عيناه) أي: سأل منها الدمع حين رآه، وفي رواية (2): حتى ابتل ما حوله من الدموع. وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم الدالة على صدق نبوته.

(فأتاه النبي) صلى الله عليه وسلم تواضعًا منه، (فمسح ذِفْراه) مفرد، وفي بعضها: ذفريه. هكذا بغير تاء بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء مقصور، فقلبت الألف منه ياء. والذفرى هو: الموضع الذي يعرق منه البعير خلف الأذن، والألف فيه للتأنيث وهو أول ما يعرق منه، وهذا من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم (فسكت) أي: سكن ما به (وقال: من ربُّ هذا الجمل؟ ) أي: مالكه. فيه دليل على أن الرب إذا كان مضافًا يطلق على غير الله فيقال: من رب الدار؟ ورب المال، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في

(1) زيادة من (ل).

(2)

رواية أحمد في "المسند" 4/ 172، والطبراني في "الكبير" 22/ 275 (705).

ص: 210

الحديث الصحيح في ضالة الإبل: "دعها حتى يلقاها ربها"(1). فأما إذا كان معرفًا بالألف واللام فلا يطلق إلا على الله خاصة، ويكره أن يقول المملوك لمالكه: ربي. بل سيدي.

(لمن هذا الجمل؟ ) لعله كرر السؤال عن مالكه لشدة اعتنائه بمعرفته وكثرة شفقته على الجمل، (فجاء فتى من الأنصار) وفي رواية لأحمد (2): فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انظر من هذا الجمل؟ إن له لشأنًا"، قال: فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته له، فقال:"ما شأن جملك"، فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه؟ ! عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه قال: "فلا تفعل".

قلت: وفي هذِه الرواية فائدة جليلة وهو أن الجمل أو الفرس إذا زمن أو عجز عن العمل لا يجوز ذبحه إلا أن يريد أكله، أما ذبحه لأجل جلده دون أكله فلا، وقد صرح بذلك أصحابنا، (فقال: ) هو (لي يا رسول الله، قال) له: (أفلا تتقي الله في هذِه البهيمة) سميت بهيمة لأنها استبهمت عن الكلام واستغلق عليها فلا تقدر عليه.

وقال الأزهري (3): البهيمة في اللغة معناها المبهمة عن العقل والتمييز.

والمعنى: خافوا الله في هذِه البهائم التي لا تتكلم فتُسألوا ما بها من

(1)"صحيح البخاري"(2438).

(2)

"مسند أحمد" 4/ 170.

(3)

"تهذيب اللغة" 2/ 344 بتصرف.

ص: 211

الجوع والعطش والتعب والمشقة. وفيه الأمر بالقيام بحقوقها الواجبة والمندوبة من العلف والسقي الذي يكفيها، أو تمكينها من الرعي، فإن امتنع أجبره الحاكم على الواجب من ذلك.

وقال أبو حنيفة (1): لا يجبره السلطان، بل يأمره به (2) كما يأمره بالمعروف وينهاه (3) عن المنكر؛ لأن البهيمة لا يثبت لها حق من جهة الحكم؛ لأنها لا تتكلم ولا يصح منها الخصومة ولا يقتص (4) منها خصم، فصارت كالزرع والشجر والجواب عن قول أبي حنيفة: أن البهيمة حيوان تجب نفقته كالعبد، فكان للسلطان إجباره عليه، بخلاف الزرع والشجر؛ فإنه لا يجب سقيه، لكن يكره ترك سقي الزرع والشجر عند الإمكان.

(التي ملكك الله إياها) فيه دليل على أنه إذا وجد في دار الآدمي أو بستانه شيئًا من حيوان أو غيره وادعى أنه ملكه حكم له به (5) بمجرد دعواه إذا لم يكن له منازع، ولهذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ملكه من غير بينة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ملكك الله إياها" أي: أنعم عليك به فلا تقابل نعمة الله بمعصيته، بل بالشكر والإحسان إلى ما أنعم عليك به، ثم ذكر بيان ذلك فقال:(فإنه شكا إلي) وفيه دليل على صحة الدعوى من الأخرس بالإشارة

(1) انظر: "البحر الرائق" 5/ 168.

(2)

زيادة من (ل).

(3)

زيادة من (ل).

(4)

في (ر): ينتصب، والمثبت من (ل).

(5)

ساقطة من (ر).

ص: 212

المفهمة للحاكم، وإن لم يفهمها المدعى عليه، كما يصح بيعه وإقراره وإجارته وسائر العقود والفسوخ.

(أنك تُجيعه) وفي رواية لأحمد (1) عن يعلى بن مرة: فإنه شكى كثرة العمل وقلة العلف (وتُدْئِبُه) بضم التاء وإسكان الدال المهملة وكسر الهمزة بعدها ثم باء موحدة، أي: تكده وتتعبه في العمل، قال الجوهري (2): دأب فلان في عمله، أي: جد وتعب، وأدأبته أنا.

[2550]

[(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن سُميّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح) ذكوان](3)(السمان، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: بينما رجل يمشي بطريق) فيه دليل على جواز المشي في الطرق المسبلة [التي أمر الله بالمشي فيها في قوله تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} (4) قال مجاهد (5): أي: في طرقها. ففي المشي في الطرق المسلوكة فوائد كثيرة.

(فاشتد عليه العطش) وفي رواية في الصحيحين (6): فاشتد عليه الحر. وهو الموجب للعطش مع المشي (فوجد بئرًا) يعني: في طريقه، وهذا من فوائد المشي في الطرق (فنزل فيها فشرب) فيه دليل على جواز النزول في

(1)"مسند أحمد" 4/ 173.

(2)

"الصحاح في اللغة" 1/ 140.

(3)

ساقط من (ل).

(4)

الملك: 15.

(5)

"تفسير الطبري" 23/ 512.

(6)

البخاري (2363)، مسلم (2244).

ص: 213

الآبار التي توجد في الطرق المسَبلة] (1) والشرب منها اعتمادًا على العادة المعروفة القائمة مقام الإذن اللفظي من المستحق، وكذا يجوز الشرب وسقي الدواب من الجداول والأنهار المملوكة إذا كان الشرب لا يضر بمالكها إقامة للعرف مقام الإذن اللفظي.

(ثم خرج) منه (فإذا كلب يلهث) قال الجوهري (2): لهث الكلب بفتح الهاء إذا أخرج لسانه من التعب أو العطش، قال الله تعالى:{كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} (3) أي: إن حملت عليه نبح عليك وولى، وإن تركته شد عليك ونبح. و (يأكل الثرى) بالقصر، وهو: التراب الندي (من) شدة (العطش) لتصل برودة التراب الندي إلى جوفه.

(فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب) بالنصب مفعول مقدم (من العطش مثل) بالرفع فاعل (الذي كان بلغني) رواية مسلم: "مثل الذي كان بلغ مني"(4) زاد ابن حبان في روايته (5): "فرحمه"، (فنزل البئر فملأ خفه) وفي رواية ابن حبان (6):"فنزع أحد خفيه"(فأمسكه بفيه حتى رقي): بكسر (7) القاف على اللغة الفصحى المشهورة، وحكي فتحها، وهي

(1) زيادة من (ل).

(2)

"الصحاح في اللغة" 1/ 315.

(3)

الأعراف: 176.

(4)

"صحيح مسلم"(2244/ 153).

(5)

"صحيح ابن حبان"(544).

(6)

هذِه اللفظة في زوائد ابن حبان (859).

(7)

أقحم قبلها: (قال ابن بطال). وليس في "شرحه"، وإنما هو قول النووي، كما يأتي.

ص: 214

لغة طيء في كل ما أشبهه، قاله النووي (1). ويقال: رقي بكسر القاف من الارتقاء، ورقى بفتحها من الرقية.

(فسقى الكلب) قال ابن بطال في "شرح البخاري" في كتاب الوضوء (2): قال المهلب: فيه دليل على طهارة سؤر الكلب؛ لأن الرجل ملأ خفه وسقاه به، ولا شك أن سؤره بقي فيه، واستباح لباسه في الصلاة وغيرها دون غسله؛ إذ لم يذكر في الحديث أنه غسله.

وقال غيره: وفيه وجه آخر، وهو أن في بعض طرق البخاري:"فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه"(3) وذلك يدل على أن تكرر فعله في تناوله من الماء حتى أرواه مرة بعد أخرى، ولو كان سؤره نجسًا لأفسد البئر بذلك. (فشكر الله له فغفر له) قال النووي (4): معناه قبل عمله وأثابه وغفر له.

(فقالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرًا) فيه سؤال المستفتي للمفتي عما أبهم عليه في الفتوى ولم يتضح له معناه، وفيه تسمية الكلب بهيمة فإن طباعه مركبة من طباع السبعية والبهيمية، فلو تم له طباع السبعية ما ألف الناس، ولو تم له طباع البهيمية ما أكل الجيف. (قال: في كل ذات كبد رَطْبة أجرٌ) رواية أحمد (5) وابن حبان في "صحيحه"(6): "في

(1)"شرح النووي على مسلم" 14/ 242.

(2)

"شرح صحيح البخارى" 1/ 267.

(3)

"صحيح البخاري"(173).

(4)

"شرح النووي على مسلم" 14/ 242.

(5)

"مسند أحمد" 2/ 375.

(6)

"صحيح ابن حبان"(544).

ص: 215

كل ذات كبد حرى أجر"، وفيه: "فشكر الله له فأدخله الجنة".

قال النووي (1): والمعنى: أن في الإحسان إلى كل حيوان أجر حتى سقيه وإطعامه ونحوهما أجر، وسمي الحي ذا كبد رطبة؛ لأن الميت يجف جسمه وكبده.

وفي هذا الحديث الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم وهو ما لم يؤمر بقتله، فأما المأمور بقتله فيمتثل أمر الشارع في قتله، والمأمور بقتله كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس وما في معناهن، انتهى كلام النووي.

قال ابن بطال (2): وفي كل كبد رطبة أجر، سواء كان مأمورًا بقتله أو غير مأمور، قال: وكذلك يجب أن يكون في الأسرى من الكفار؛ لأن التعطيش والتجويع تعذيب، والله تعالى لا يريد أن يعذب خلقه، بل يمتثل فيهم فعله من الإحسان على عاصيهم.

(1) شرح النووي على مسلم" 14/ 241.

(2)

"شرح صحيح البخاري" 1/ 268.

ص: 216