الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - باب في الرَّجُلِ يغْزُو وَأبَواهُ كارِهانِ
2528 -
حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، حَدَّثَنا عَطَاءُ بْن السّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: جِئْتُ أُبايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوي يَبْكِيانِ. فَقالَ: "ارْجِعْ عَليْهِما فَأَضْحِكْهُما كَما أَبْكيْتَهُما"(1).
2521 -
حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيان، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابِتٍ، عَنْ أَبِي العَبّاسِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ أُجاهِدُ؟ قالَ: "أَلَكَ أَبَوانِ؟ ". قالَ: نَعَمْ. قالَ: "فَفِيهِما فَجاهِدْ"(2).
قالَ أَبُو داوُدَ: أَبُو العَبّاسِ هذا الشّاعِرُ أسْمُهُ السّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ.
2530 -
حَدَّثَنا سَعِيدُ بْن مَنْصُورٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْن الحارِثِ أَنَّ دَرّاجًا أَبا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الهيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْريِّ: أَنَّ رَجُلًا هاجَرَ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اليَمَنِ فَقالَ: "هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِاليَمَنِ؟ ". قالَ: أَبَواي. قالَ: "أَذِنا لَكَ؟ ". قالَ: لا. قالَ: "ارْجِعْ إِليْهِما فاسْتَأْذِنْهُما، فَإِنْ أَذِنا لَكَ فَجاهِدْ، وَإِلَاّ فَبِرَّهُما"(3).
* * *
باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان
[2528]
([حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا عطاء بن
(1) رواه النسائي 7/ 143، وابن ماجه (2782)، وأحمد 2/ 160.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2281).
(2)
رواه البخاري (3004)، ومسلم (2549).
(3)
رواه أحمد 3/ 75 - 76، وابن حبان (422)، والحاكم 2/ 103 - 104.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2283).
السائب، عن أبيه] (1) عن عبد الله بن عمرو) بن العاص (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) يا رسول الله (جئت أبايعك على الهجرة) معك إلى الجهاد، كما في رواية أظنها لأحمد (2): إني جئت أريد الجهاد معك، ولقد أتيت وإن أبواي يبكيان .. الحديث. (وتركت أبوي يبكيان) لفراقي، وفيه دليل على شدة احتراص الصحابة على حفظ دينهم فإن هذا ترك وطنه وأهله وأبويه وهاجر إلى الله ورسوله ولم يمنعه بكاؤهما من ذلك.
(فقال: ارجع إليهما) استدلوا به على تحريم الجهاد إلا بإذنهما، هذا إذا كان الجهاد فرض كفاية أو تطوع؛ لأن برهما فرض عين، وهو مقدم على فرض الكفاية، ولم يبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن سفره الذي جاء فيه معصيته يجب عليه التوبة؛ لأنه كان جاهلًا بالتحريم، بل كان يظنه عبادة، فلما علم الحكم وجب عليه الرجوع في الحال، وكذا لو خرج في جهاد تطوع بإذنهما ثم علم في أثناء سفره قبل وجوب الجهاد عليه أنهما رجعا عن إذنهما ومنعاه، فعليه الرجوع؛ لأن منعهما لو وجد في ابتداء الجهاد منعه، فإذا وجد في أثنائه منع كسائر الموانع إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع، وإن كان رجوعهما عن الإذن بعد تعين الجهاد لم يؤثر رجوعهما شيئًا. والأجداد والجدات كالأبوين؛ لأنهما يسميان أبوين حقيقة أو مجازًا، فلا يجاهد عند فقدهما أو جنونهما أو إغمائهما أو كفرهما إلا بإذنهم، وفي وجوب استئذانهم مع بقاء
(1) ليست في (ر)، ومطموس على هامش (ل)، ومستدرك من المطبوع.
(2)
روايات أحمد كرواية أبي داود، لكن الرواية التي ذكرها عند ابن ماجه (2782).
الأبوين المسلمين العاقلين وجهان، أصحهما نعم.
(فأضحكهما) لعل المراد ارجع إليهما لتدخل السرور على قلوبهما برجوعك، كما أدخلت عليهما الحزن بفراقهما، وهو المراد بقوله:(كما أبكيتهما) ويحتمل أن يراد: ارجع إليهما فبالغ في أنواع برهما بما تقدر عليه على [أن](1) تضحكهما حقيقة [كما أبكيتهما حقيقة](2).
وفيه دليل على أن من أساء إلى شخص من جهة من الجهات يحسن إليه من تلك الجهة، الفعل بالفعل والقول بالقول، وإن جاز بغير الجنس، لكن الجنس أولى.
[2529]
([حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي العباس] (3) عن عبد الله بن عمرو: جاء رجل إلى رسول الله) لعله هو الرجل المذكور في الحديث الذي قبله (فقال: يا رسول الله) جئتك أبايعك على الهجرة و (أجاهد) معك فقد ورد الجمع بينهما في رواية في "صحيح مسلم" في كتاب البر من رواية ابن عمرو (4): أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله (5).
(قال: لك أبوان؟ ) فيه جواز حذف همزة الاستفهام، تقديره: ألك والدان، ويجمع بينهما بأنه لما سأله (قال: نعم) تركت أبويّ يبكيان
(1) ساقطة من النسخ.
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
سقط في الأصلين، ومستدرك من المطبوع.
(4)
في (ل)] (ر): عمر. والمثبت من "صحيح مسلم".
(5)
"صحيح مسلم"(2549).
(قال: ففيهما فجاهد)(1) وأضحكهما كما أبكيتهما، والمراد بالجهاد فيهما: جهاد النفس في وصول البر إليهما بالتلطف بهما وحسن الصحبة والطاعة وغير ذلك.
وتقدم أن الجهاد الأكبر هو جهاد النفس الأمارة بالسوء.
[2530]
([حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث] (2) أن دَرَّاجًا) بفتح الدال وتشديد الراء، بعد الألف جيم (أبا الحارث) بفتح السين المهملة، وإسكان الميم. ضعفه أبو حاتم (3) والدارقطني (4) لكن وثقه يحيى بن معين (5) وعلي بن المديني وغيرهما (6)، واحتج به ابن خزيمة (7) وابن حبان (8) والحاكم (9).
(حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان (الخدري: أن رجلًا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن) فيه فضيلة أهل اليمن كما في أحاديث (فقال: هل لك أحد) ممن يجب عليك بره (باليمن،
(1) في المطبوع من نسخ أبي داود زيادة: قال أبو داود: أبو العباس هذا الشاعر اسمه السائب بن فروخ.
(2)
ساقط من الأصول، والمثبت من المطبوع.
(3)
"الجرح والتعديل" 3/ 442.
(4)
"سؤالات البرقاني للدارقطني"(142)، "سؤالات الحاكم النيسابوري للدارقطني"(261).
(5)
"تاريخ ابن معين" رواية الدارمي 1/ 107.
(6)
انظر: "تهذيب الكمال" 8/ 479.
(7)
"صحيح ابن خزيمة (653).
(8)
"صحيح ابن حبان"(193، 539) وغيرهما.
(9)
"المستدرك" 2/ 247.
قال: نعم أبواي) فيه استحباب تعرف أحوال السائل عما يتعلق به السؤال لما يبنى عليه من الأحكام الشرعية (قال: أَذِنا لك؟ ) في الهجرة (قال: لا) فيه الاقتصار في الجواب على ما يحتاج إليه، إذ لم يقل: لا، لم يأذنا لي في الهجرة.
(قال: فارجع إليهما فاستأذِنْهما) في الجهاد (فإن أذنا لك فجاهد) يعني: أذن الأبوان جميعًا، فلو أذن أحدهما ومنع الآخر امتنع، وحكى الدارمي عن ابن القطان أنه لو أذن الأب ومنعت الأم، قبل من الأب، وهذا شاذ، وعكسه أقرب منه؛ لما لا يخفى. (وإلا فَبَرَّهُما) بفتح الباء الموحدة، أمر من البر، من قولهم: صدقت وبررت، ويجوز كسر الموحدة، وهو منصوب على الإغراء بفعل محذوف تقديره: وإلا فالزم برهما. وفي رواية لمسلم (1): "فأحسن صحبتهما". وفي رواية لأبي يعلى (2) والطبراني (3): " فإذا فعلت ذلك فأنت مجاهد".
(1)"صحيح مسلم"(2549) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(2)
"مسند أبي يعلى"(2760) من حديث أنس رضي الله عنه.
(3)
"المعجم الأوسط"(4466) من حديث أنس رضي الله عنه.