الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - باب الرَّجُلِ يَتَحَمَّل بِمالِ غيْرِهِ يَغْزُو
2534 -
حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ سُليْمانَ الأنباريُّ، حَدَّثَنا عَبِيدَةُ بْنُ حُميْدٍ، عَنِ الأسوَدِ ابْنِ قيسٍ، عَن نُبيحٍ العَنَزيِّ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَرادَ أَنْ يَغْزُوَ فَقالَ:"يا مَعْشَرَ المُهاجِرِينَ والأَنْصارِ إِنَّ مِنْ إِخْوانِكُمْ قَوْمًا ليْسَ لَهُمْ ما وَلا عَشِيرَةٌ فَلْيَضُمَّ أَحَدُكُمْ إِليْهِ الرَّجُليْنِ أَوِ الثَّلاثَةَ فَما لأحَدِنا مِنْ ظَهْرٍ يَحْمِلُهُ إِلَّا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ". يَعْني أَحَدِهِمْ. فَضَمَمْتُ إِلى اثْنيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، قالَ: ما لي إِلا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ أَحَدِهِمْ مِنْ جَمَلي (1).
* * *
باب الرجل يتحمل بمال غيره يغزو
يتحمل. أي: يعين غيره على الحمل من مال غيره.
[2534]
[(حدثنا محمد بن سفيان (2) الأنباري) أبو هارون، وثقه الخطيب (3). (حدثنا عَبيدة) بفتح الموحدة (ابن حُميد) مصغر الحمد (عن الأسود بن قيس) العبدي](4)([عن] (5) نُبيح) بضم النون مصغر (العَنَزي) الكوفي، والعنزي نسبة إلى عَنَزة بفتح العين والنون بن أسد ابن ربيعة بن نزار بن معد.
(1) رواه أحمد 3/ 358، والحاكم 2/ 90.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2285).
(2)
من (ر)، والصواب: سليمان.
(3)
"تاريخ بغداد" 5/ 292.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ل).
(5)
ساقطة من (ل) ، (ر)، وأثبتناها من "سنن أبي داود".
(عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد أن يغزو) فرأى في القوم قلة الظهر (فقال: يا معشر) المعشر: الجماعة من الناس (المهاجرين والأنصار) قيل: المهاجرون الذين صلوا إلى القبلتين، ففي ندائهم استئناس لهم وحثهم على ما يذكرهم (إن من) معناها التبعيض. أي: بعض (إخوانكم) وهو في الأصل صفة لقوله بعده (قومًا) أي: ظهروا في الغزو معنا (ليس لهم مال) يملكونه، فمال هنا نكرة في معنى العموم، فيعم نفي (1) جميع المال، فتقديره: لا يملكون (2) شيئًا من المال، وفيه دليل على أن شاهد الإعسار إذا قال: أشهد أنه ليس له مال أن شهادته هذِه صحيحة مقبولة. وإن كان يملك من المال في الغزو يستثنى شرعًا، وهو ثياب البدن وقوت يومه وسكناه، ويدل على هذا أن من أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم لابد أن يكون عليهم ما يستر عورتهم، وأن منهم من يملك قوت يومه، وقد قال أصحابنا: لا يمحض الشاهد النفي، كقوله لا يملك شيئًا، بل (3) يقول: أشهد أنه معسر لا يملك إلا قوت يومه وثياب بدنه. [كذا قال الرافعي وغيره (4)، وأن محض النفي ينضم إليه وهو معسر، وفي الحديث دليل على أن الحالف إذا قال: والله لا يملك فلان شيئًا، وكان يملك قوت يومه وثياب بدنه](5) لا يحنث؛ لأن استثناءه معلوم شرعًا.
(1) ساقطة من (ر).
(2)
في (ر): يملك.
(3)
ساقطة من (ر).
(4)
"الشرح الكبير" للرافعي 10/ 230، وانظر:"حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب" 2/ 418.
(5)
ما بين المعقوفين ساقط من (ر).
(ولا) لهم (عشيرة) أي: قبيلة تنضم إليهم فيقومون به، وينصرونه ويحملونه إذا عيي، وفيه: الحض والتحريض على طعام المسكين وحمله، وقد ذم الله تعالى من لم يحض على طعام المسكين، وهذا الوصف الذي وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم هو تفسير للفقراء أو للمساكين على الخلاف (فليضم أحدكم) إذا كان له البعير الواحد (الرجلين أو الثلاثة) هذا من باب المواساة والرفق بالمشاة، فإذا كان مع الغزاة أو المسافرين في غير الغزو مشاة كثيرون، فينبغي للجماعة أن يتوزعونهم، ويأخذ كل واحد منهم رجلين أو ثلاثة يضمهم إليه، يتعاقبون في الركوب على الدابة يركب كل واحد منهم مرة، ليرتفق بعضهم ببعض على حسب ما يحتمل الحال، وأنه ينبغي لكبير القوم أو أميرهم أن يأمر أصحابه بذلك، ويأخذ هو من يمكنه أخذه فيضمه إليه، وهذا من المعاونة على البر والتقوى الذي أمر الله به، وكذلك يفعل في الإطعام إذا كان معه من لا زاد له يضم إلى من كان معه الزاد رجلين أو ثلاثة على ما يحتمل الحال، وكذا إذا حضر في الإقامة ضيفان كثيرون يتوزعهم الجماعة كما جاء في الحديث الصحيح (1): أن أصحاب الصفة كانوا أناسًا فقراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرة:"من كان معه طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس"، وفي الصحيح (2):"طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة"، وفي لفظ (3): "طعام رجل
(1) البخاري (602).
(2)
البخاري (5392).
(3)
أخرجه مسلم (2059).
يكفي رجلين، وطعام رجلين يكفي أربعة". وهذا كله من باب المواساة والإيثار.
(فما لأحدنا) أي: ليس لكل واحد منا (من ظهر يَحْمِله) بفتح التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم، وفي بعضها: جَمَله (1) بفتح الجيم والميم وجر اللام على الإضافة، ويروى بتنوين (ظهر)، و (يحمله) بفتح الياء وإسكان الحاء المهملة وهو أعم من الرواية الأولى، فإنه يشمل ظهر الجمل وغيره، والمعنى: ليس ينتفع أحد منا بظهر الجمل الذي له (إلا عُقْبة) بضم العين، وهي النوبة من الركوب، سميت بذلك لأن كل واحد منهم يعقب صاحبه في الركوب، ويجوز في عقبة الرفع على البدل، والنصب على الاستثناء (كعقبة) بالتنوين، يحتمل أن يكون المضاف محذوفًا، تقديره كعقبة شخص منهم، ثم فسره بقوله:(يعني: أحدهم) والمراد أن كل واحد من أصحاب الظهور حكمه في الانتفاع بظهره، كحكم الشركاء المشتركين في منفعة الظهر لا يستأثر عنهم بركوب ولا يختص بشيء عنهم، وهذا من المواساة التي أمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم. (ق (ل) يعني: جابر (فضممت إلى) أي: منهم (اثنين أو ثلاثة) رجال، وضرب (ما لي) معهم من ظهري الذي (2) يحملني (إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي) بفتح الجيم والميم.
(1) مكررة في (ل) ، (ر).
(2)
في (ر): أي.