الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 - باب في الرَّجُلِ يَغْزو يَلْتمِسُ الأَجْر والغَنِيمَةَ
2535 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنا مُعاوِيَةُ بْن صِالِحٍ، حَدَّثَني ضَمْرَة، أَنَّ ابن زُغْبٍ الإِياديَّ حَدَّثَهُ قالَ: نَزَلَ عَليَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ حَوالَةَ الأزْديُّ، فَقالَ لي: بَعَثَنا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَغْنَمَ عَلَى أَقْدامِنا فَرَجَعْنا فَلَمْ نَغْنَمْ شيْئًا، وَعَرَفَ الجُهْدَ في وُجُوهِنا فَقامَ فِينا فَقالَ:"اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُمْ إِلي فَأَضْعُفَ عَنْهُمْ وَلا تَكِلْهُمْ إِلى أَنْفُسِهِمْ فيعْجِزُوا عَنْها وَلا تَكِلْهُمْ إِلى النّاسِ فيسْتَأْثِرُوا عَليْهِمْ". ثمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسي -أَوْ قالَ: عَلَى هامَتي- ثمَّ قالَ: "يا ابن حَوالَةَ إِذا رَأيْتَ الخِلافَةَ قَدْ نَزَلَتْ أَرْضَ المُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلازِلُ والبَلابِلُ والأُمُورُ العِظامُ والسّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النّاسِ مِنْ يَدي هذِه مِنْ رَأْسِكَ"(1).
قالَ أَبُو داوُدَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ حَوالَةَ حِمْصيٌّ.
* * *
باب الرجل يغزو (2) يلتمس الأجر والمغنم
[2535]
(حدثنا أحمد بن صالح) المصري (حدثني أسد بن موسى) ابن إبراهيم الأموي، روى له البخاري في الأدب. [(حدثني معاوية بن صالح، حدثني ضمرة، أن) عبد الله](3)(ابن زُغْب)(4) بضم الزاي
(1) رواه أحمد 5/ 288، وأبو يعلى (6867)، والحاكم 4/ 425.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2286).
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
طمس في هامش (ل) وأقحم بعدها: بفتح الهمزة والسين بن موسى بن إبراهيم الأموي.
(4)
أقحم بعدها في (ر): الإيادي، قال: مر بي أسد، بفتح الهمزة والسين، ابن موسى=
وسكون الغين المعجمة بعدها باء موحدة، حكى المنذري (1) عن الأمير أبي نصر أن له صحبة (2)، وحكي عن أبي زرعة الدمشقي أن اسمه عبد الله (3).
(نزل علي عبد الله بن حوالة) بفتح الحاء المهملة، قال أبو داود: ابن حوالة حمصي. قالوا: سكن دمشق وقدم مصر مع مروان بن الحكم، ولم يرو لعبد الله في الكتب الستة سوى أبي داود (4).
(فقال لي: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغنم) من الكفار ونلتمس الأجر من الله تعالى، أي: ليس غزوهم خالصًا لله، بل خالطه طلب الغنيمة، وليس هذا محبطًا للثواب بالكلية، قال الغزالي (5): بل العدل أن يقال: إذا كان الغالب الأصلي والمزعج القوي هو إعلاء كلمة الله وإنما الرغبة في الغنيمة على سبيل التبعية فلا يحبط به الثواب، نعم لا يساوي ثوابه ثواب من لا يلتفت قلبه إلى الغنيمة أصلًا فإن هذا الالتفات نقصان لا محالة (على أقدامنا) أي: لا على ظهر خيل ولا إبل ولا غيرها، وفيه دليل على شدة ما كانوا عليه من الفاقة (6)، ومع هذا فقد فتح الله على يديهم الفتوحات العظيمة.
(فرجعنا) من غزونا (فلم نغنم شيئًا) من المال في تلك الغزوة
=ابن إبراهيم الأموي، عن ابن زغب.
(1)
"مختصر سنن أبي داود" 3/ 381.
(2)
"الإكمال" لابن ماكولا 4/ 186.
(3)
انظر: "الإكمال" لابن ماكولا 4/ 186، و"تحفة التحصيل" 1/ 175.
(4)
انظر: "تهذيب الكمال" 14/ 441.
(5)
"إحياء علوم الدين" 4/ 385.
(6)
في (ر): الغاية.
(وعرف) بفتح الراء رسول الله صلى الله عليه وسلم (الجَهد) بفتح الجيم على المشهور، وهو: غاية المشقة في تلك الأيام (في وجوهنا) أي: بما ظهر له من رؤية وجوهنا، وعرف أننا لم نغنم شيئًا من المال (فقام فينا) حين رآنا وعرف ما نحن فيه من التعب والشدة ودعا لنا.
(فقال: اللهم لا تكلهم إلى فأضعُف) بضم العين (عنهم) أي: عن القيام بهم (ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا) بكسر الجيم (عنها) ومن دعائه صلى الله عليه وسلم "لا تكلني إلى نفسي فأضيع، ولا إلى غيرك فأهلك"(1)(ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم) أي: يستبدوا بالشيء ويختصوا به دونهم ويفضلوا أنفسهم عليهم، وفيه دليل على استحباب الدعاء للإمام إذا رجعوا من الغزو ورآهم في جهد ولم يغنموا، وكذا يستحب له أن يدعو من رآه في شدة أو جوع أو تعب، فإن في ذلك [رفقًا بهم وتطييبًا](2) لقلبه.
(ثم وضع يده) الكريمة (على رأسي، أو قال) الراوي (على هامَتي) بفتح الميم المخففة، أي: رأسي، لكن شك الراوي فيهما. (ثم قال: يا ابن حَوَالة) بفتح المهملة وتخفيف الواو، وحوالة أمه بنت حمزة بن عبد المطلب (إذا رأيت الخلافة) أي: حكم من ولي الخلافة (قد نزلت الأرض المقدسة) أي: التي يطهر فيها من الذنوب وهي إيلياء.
قال الخطابي (3): إنما أنذر به صلى الله عليه وسلم أيام بني أمية وما حدث من الفتن في زمانهم وانتشر ذكره (فقد دنَت) بفتح النون، أي: قرب وقوع (الزلازل)
(1) لم أجده.
(2)
في الأصول: رفق بهم وتطييب.
(3)
"معالم السنن" 2/ 247.
وفي هذا معجزة عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن عبد الله بن حوالة عاش إلى أن رأى خلافة معاوية بن أبي سفيان في شوال سنة إحدى وأربعين ببيت المقدس، وعاش بعد ذلك إلى أن رأى خلافة عبد الملك بن مروان في سنة ثمانين بالشام، وكانت الزلازل قد قربت؛ فإن في سنة خمس وتسعين كانت الزلازل في الدنيا حتى عم الهدم الأبنية الشاهقة، وقتل الحجاج سعيد بن جبير، وتهدمت دور أنطاكية (و) كثرت (البلابل) جمع بلبال وبَلْبَالة بفتح الباءين وإسكان اللام بينهما، وهو الهم والحزن ووسواس الصدر (والأمور العظام) ورواه الحاكم في "المستدرك"(1) عن ابن حوالة الصحابي أيضًا. يعني؛ الفتن العظيمة بين الحجاج وعبد الله بن الأشعث، واتصلت الحرب بينهما مائة يوم كان فيها إحدى وثمانون وقعة، حكاه ابن الجوزي (2).
وقال ثور بن يزيد: قدس الأرض الشام، وقدس الشام فلسطين، وقدس فلسطين بيت المقدس، وقدس بيت المقدس الجبل، وقدس الجبل المسجد، وقدس المسجد القبة (3).
وثور بفتح المثلثة، قيل: ينسب إليه جبل ثور.
(والساعة يومئذٍ أقرب من الناس) لعله أريد بالساعة: أماراتها، أقرب (من يدي هذِه من رأسك) وقد وقعت علامات الساعة وتواصلت، فنسأل الله العافية والسلامة في الدين والدنيا والآخرة.
(1)"المستدرك" 4/ 425.
(2)
"المنتظم" 6/ 224.
(3)
"تاريخ دمشق" 1/ 152.