الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
94 - باب مَنْ قالَ إِنَّهُ يَأكل مِمّا سَقطَ
2622 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ وَأَبُو بَكْرٍ ابنا أَبى شيْبَةَ - وهذا لَفْظُ أَبى بَكْرٍ - عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُليْمانَ قالَ: سَمِعْتُ ابن أَبى حَكَمٍ الغِفاريَّ يَقُولُ: حَدَّثَتْني جَدَّتي، عَنْ عَمِّ أَبى: رافِعِ بْنِ عَمْرٍو الغِفاريِّ، قالَ: كُنْتُ غُلامًا أَرْمي نَخْلَ الأنصارِ فَأُتي بي النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "يا غُلامُ لِمَ تَرْمي النَّخْلَ؟ ". قالَ: آكُلُ. قالَ: "فَلا تَرْمِ النَّخْلَ وَكُلْ مِمّا يَسْقُطُ في أَسْفَلِها". ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقالَ: "اللَّهُمَّ أَشْبعْ بَطْنَهُ"(1).
* * *
باب من قال يأكل مما سقط
[2622]
(حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة، وهذا لفظ أبي بكر، عن معتمر بن سليمان، قال: سمعت ابن أبي حكم) بفتح الحاء المهملة والكاف لم يعرف اسمه، وقيل: اسمه الحسن، وقيل: عبد الكبير (2)(الغفاري يقول: حدثتني جدتي، عن عم أبي) واسمه (رافع بن عمرو) ابن مخدج (الغفاري) الكناني الضمري أخي الحكم بن عمرو الغفاري، نزل البصرة، أخرج له مسلم في الزكاة (3).
(فقال: كنت غلامًا أرمي نخل الأنصار) وفيه الاعتراف بما وقع في زمن الصبى من رمي الأشجار المفسد للثمار المأكولة وأنها من تمر النخل التي هي من أكرم الأشجار، وأن النخل هي للأنصار الذين هم
(1) رواه الترمذي (1288)، وابن ماجه (2299)، وأحمد 5/ 31.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(453).
(2)
في النسخ: (عبد الكريم) والمثبت من مصادر الترجمة "تهذيب الكمال" 34/ 435.
(3)
"صحيح مسلم"(1067).
من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم، وأن هذا الفعل تكرر منه؛ لأن لفظة "كان" تدل على التكرار (فأُتى بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ورواية الترمذي (1): فأخذوني وذهبوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فيه دليل على أن من ظلم في شيء وأراد أخذ حقه فليرفع الأمر إلى الحاكم، وإن كان الذي ظلمه صبيًّا (فقال: يا غلام) بالضم؛ لأنه نكرة مقصودة نحو: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} (2).
(لم ترمي النخل؟ ) رواية الترمذي: "يا رافع لم ترمي نخلهم؟ " وفيه استفهام المدعى عليه عن سبب تعديه؛ ليذكر حجته (قال: آكل) أي: إنما أرمي النخل؛ لآكل من ثمرها، فحذف اللام التي (3) للتعليل اختصارًا، ويوضح ذلك رواية الترمذي، فإنه قال فيها: قلت: يا رسول الله، الجوع. يعني: هو الذي حملني على الرمي.
(قال: فلا ترم النخل) فيه النهي عن رمي الثمار التي على الأشجار، ورميها بالأحجار، فإن ذلك يفسدها، وإذا كان فيه فساد الثمرة فلا فرق في النهي بين أن يكون المرمي ملكًا للرامي أو لغيره، وهو مقتضى إطلاق النهي (وكل ما يسقط في أسفلها) لفظ ابن ماجه:"وكل مما يسقط في أسافلها (4) ".
فيه دليل على أن من مر ببستان غيره وهو محوط وفيه فاكهة رطبة أنه يجوز له الأكل منها إذا كان جائعًا وإن لم يكن جائعًا فلا يأكل، وهو
(1)"سنن الترمذي"(1288).
(2)
سبأ: 10.
(3)
ساقطة من (ر).
(4)
في النسخ: (أسفلها) والمثبت من "سنن ابن ماجه"(2299).
رواية عن أحمد بن حنبل، قال: وقد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال في موضع: إنما الرخصة للمسافر إلا أنه لم يعتبرها هنا حقيقة الاضطرار؛ لأن الاضطرار يبيح ما وراء الحائط ورويت عنه الرخصة من الأكل من غير المحوط مطلقًا من غير اعتبار رجوع ولا غيره (1).
وروي عن أبي زينب التيمي قال: سافرت مع أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وأبي برزة فكانوا يمرون بالثمار فيأكلون في أفواههم (2)، وإذا أكل فلا ضمان عليه.
وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: لا يباح له الأكل من غير ضرورة إلا بإذن مالكه ومع الضرورة يأكل بشرط الضمان، وأما إذا كان عليه حائط فلا يباح له الأكل بالإجماع.
(ثم مسح رأسه) لعل هذا الغلام كان يتيمًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على رأس اليتيم ويدعو له كما مسح على رأس عبد الله بن جعفر ثلاثًا، فكلما مسح قال:"اللهم اخلف جعفرًا في ولده". رواه البيهقي في "الدعوات"(3). (فقال: اللهم أشبع بطنه) فيه دليل على استحباب هذا الدعاء للجائع، ورواية الترمذي (4):"أشبع الله بطنك وأرواك". وقال: حديث حسن غريب صحيح.
* * *
(1) انظر: "المغني" 13/ 335.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 13/ 397 (26793)، وابن زنجويه في "الأموال"(472).
(3)
"الدعوات الكبير"(645).
(4)
"سنن الترمذي"(1288).