الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
114 - باب في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ
2659 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ وَمُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ -المَعْنَى واحِدٌ- قالا: حَدَّثَنا أَبانُ قالَ: حَدَّثَنا يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنِ ابن جابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ نَبي اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ:"مِنَ الغَيْرَةِ ما يُحِبُّ اللهُ وَمِنْها ما يُبْغِضُ اللهُ، فَأَمّا التَي يُحِبُّها اللهُ فالغَيْرَةُ في الرِّيبَةِ، وَأَمّا الغَيْرَةُ التَي يُبْغِضُها اللهُ فالغَيْرَةُ في غَيْرِ رِيبَةٍ، وَإِنَّ مِنَ الخُيَلاءِ ما يُبْغِضُ اللهُ وَمِنْها ما يُحِبُّ اللهُ، فَأَمّا الخُيَلاءُ التَي يُحِبُّ اللهُ فاخْتِيالُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عِنْدَ القِتالِ واخْتِيالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَأَمّا التَي يُبْغِضُ اللهُ فاخْتِيالهُ في البَغْى". قالَ مُوسَى: "والفَخْرِ"(1).
* * *
باب في الخيلاء في الحرب
[2659]
(حدثنا مسلم بن إبراهيم)(2) الفراهيدي (وموسى بن إسماعيل) التبوذكي (المعنى واحد قالا: حدثنا أبان) بن يزيد (حدثنا يحيى) بن سعد (3) الأنصاري (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث (عن ابن جابر) لعل اسمه عبد الرحمن (بن عَتيِك) بفتح العين المهملة وكسر التاء المثناة فوق، ابن قيس الأنصاري (عن جابر بن عَتيك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول) إن (من الغَيرة) بفتح الغين، وهو تغير القلب وهيجان
(1) رواه أحمد 5/ 445، والدارمي (2272)، وابن حبان (4762).
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1999).
(2)
رمز فوقها في (ل) للجماعة.
(3)
كذا في (ل)، والصواب: سعيد.
الحفيظة بسبب المشاركة في الاختصاص من أحد الزوجين بالآخر (ما يحب الله) وهي التي في محلها (ومنها ما يُبْغِض) بضم الياء أوله وكسر الغين (الله) وهي التي في غير محلها (فأما التي يحبها الله) تعالى (فالغيرة) التي (في الريبة) وهي التهمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب. رواه أبو عمر النُّوقَاتِي (1) في كتاب "معاشرة الأهلين" من رواية عبد الله بن محمد، والظاهر أنه عبد الله بن محمد ابن الحنفية مرسلًا (2).
وروى البزار (3) والدارقطني (4) من حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "أي شيء خيرٌ للمرأة؟ " قالت: أن لا ترى رجلًا ولا يراها. فضمها إليه وقال: "ذرية بعضها من بعض".
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسدون الكوى والثقب في الحيطان؛ لئلا تطلع النساء إلى الرجال.
وقال عمر: أعروا النساء يلزمن الحجال (5). وإنما قال ذلك لأنهن لا
(1) في (ل): الرقاقي. والمثبت هو الصواب، وهو النوقاتي المحدث الحافظ الأديب، أبو عمر، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان النوقاتي السجستاني. ونوقات: قرية من قرى سجستان. وله من التصانيف: "العلم والعلماء"، "التعظة"، "العتاب"، "صون المشيب"، "الرياحين"، "المسلسلات" توفي أبو عمر قبل الأربع مئة.
انظر: "سير أعلام النبلاء" 17/ 144، "معجم البلدان" 5/ 311، "الأعلام" للزركلي 5/ 312.
(2)
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة 9/ 502 (18009).
(3)
"مسند البزار"(526).
(4)
ذكره المقدسي في "أطراف الغرائب والأفراد" للدارقطني (5798).
(5)
رواه ابن الأعرابي في "معجمه" 2/ 623، والطبراني في "الكبير" 19/ 438، من=
يرغبن في الخروج في الهيئة الرثة، فينبغي أن لا تخرج المرأة إلا لمهم، فإن الخروج للنظارات يقدح في المروءة، وربما يفضي إلى الفساد.
(وأما الغيرة التي يبغضها الله عز وجل فالغيرة في غير ريبة) لأن غيرة الرجل على أهله من غير ريبة من سوء الظن الذي نهينا عنه في قوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} .
وقال علي: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك (1).
(وإن من الخيلاء) بضم الخاء (2) وفتح الياء ممدود من الاختيال وهو التكبر واحتقار الناس (ما يبغض الله) عز وجل، أي: لا يرتضيه (ومنها ما يحب الله) عز وجل أي: يرتضيه (فأمَّا الخيلاء التي يحب الله) ويثيب عليه (فاختيال الرجل نفسه) نصب بحذف الجر، تقديره: بنفسه، أي: إظهار التكبر والعظمة والعزة على العدو (عند القتال) وهو أن يتقدم إلى الحرب بنشاط نفس وقوة جنان رغبة فيما عند الله، ولا يكبع (3) ولا يجبن خوفًا من الموت (واختياله عند الصدقة) بأن تهزه أريحية، السخاء والكرم، فيعطيها طيبة بها نفسه شاكرًا لله على توفيقه لإخراجها، راغبًا
=حديث مسلمة بن مخلد رضي الله عنه مرفوعًا، وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 138: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه مجمع بن كعب ولم أعرفه وبفية رجاله ثقات. وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 135): لا أصل له. وقال الألباني في "الضعيفة" 6/ 350: ضعيف جدًا.
(1)
ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" 2/ 46، ورواه أحمد في "الزهد" (217) عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمان بن داود عليه السلام
…
فذكره مطولًا.
(2)
في (ل): الخيلاء. والمثبت هو الصواب.
(3)
في (ل): يلغ. والمثبت هو الصواب كما في "معالم السنن".
في قبول ثوابه من غير من ولا أذى يسقطان أجرها (وأما) الخيلاء (التي يبغض الله) تعالى (فاختياله) على الغير (في البغي) والاستطالة عليه والتكبر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الأولى قد بغوا علينا"(1) أي: استطالوا علينا وظلمونا. وأصل البغي الفساد.
(قال موسى) بن إسماعيل شيخ أبي داود (و) اختياله في (الفخر) وهو التطاول وتعدد لباقته كبرًا، وإنما أبغض الله هذِه الخصال لأنها تحمل صاحبها على الأنفة من القريب الفقير والجار المسكين، وغيرهم من الثمانية الذين ذكرهم الله في الآية، فيضيع ما أمره الله من الصدقة عليهم.
(1) أخرجه البخاري (2837)، ومسلم (1803).