الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - باب في الرَّجُلِ يغْزو بأَجِيرٍ لِيَخْدُمَ
2527 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عاصِمُ بْن حَكِيمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السّيْبانيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الدّيْلَميِّ، أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُنْيَةَ قالَ: آذَنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالغَزْوِ وَأَنا شيْخٌ كَبِيرٌ ليْسَ لي خادِمٌ، فالتَمَسْتُ أَجِيرًا يَكْفِيني وَأُجْري لَهُ سَهْمَهُ فَوَجَدْتُ رَجُلاً فَلَمّا دَنا الرَّحِيلُ أَتاني فَقالَ: ما أَدْري ما السُّهْمانُ وَما يَبْلُغُ سَهْمي فَسَمِّ لي شيْئًا كانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكنْ. فَسَمّيْتُ لَهُ ثَلاثَةَ دَنانِيرَ فَلَمّا حَضَرَتْ غَنِيمَتُهُ أَرَدْت أَنْ أُجْريَ لَهُ سَهْمَهُ، فَذَكَرْتُ الدَّنانِيرَ، فَجِئْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُ فَقالَ:"ما أَجِدُ لَهُ في غَزْوَتهِ هذِه في الدُّنْيا والآخِرَةِ إِلَّا دَنانِيرَهُ التي سَمَّى"(1).
* * *
باب الرجل يغزو بأجير آخر ليخدم
أي: ليخدم الغازي لا ليخدم بنفسه.
[2527]
(حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الله بن وهب) الفهري (أخبرني عاصم بن حكيم) بفتح المهملة (عن يحيى بن أبي عمرو السّيباني) بفتح السين المهملة غير المعجمة ثم مثناة تحت ثم باء موحدة، وهذا من نوادر النسب (عن عبد الله) بن فيروز (الديلمي، أن يعلي بن مُنْيَة) بضم الميم وسكون النون ثم تحتانية، ومنية جدته أم أبيه التميمي، ويقال: يعلي بن أمية. نُسب حينًا إلى أمه وحينًا إلى أبيه، شهد حُنينًا والطائف وتبوك، قتل مع علي في صفين.
(1) رواه أحمد 4/ 223، والحاكم 2/ 112.
وصححه الألباني في "الصحيحة"(2233).
(قال: آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغزو) آذن بمد الهمزة -أي: أعلم بالخروج، ومنه: آذنت الدنيا بصرم (1) - وفتح الذال المعجمة، فيه الإعلام بوقت الجهاد ليستعدوا له.
(وأنا شيخ كبير) هو كالعلة لطلب الخادم بالأجرة؛ لأن الصحابة كانوا مهنة أنفسهم (ليس لي خادم) فيه دليل على أنه كان في الإقامة بلا خادم لسهولة أمر الإقامة (فالتمست) حين أذن بالغزو (أجيرًا) للخدمة في السفر. فيه دليل على جواز اتخاذ الخادم عند الحاجة إليه (يكفيني) ما احتاج إليه في الغزو. وفيه دليل على صحة الاستئجار للخدمة في السفر، فإن قال: على أن يكفيني ما أحتاج إليه في السفر من الخدمة. فيدخل فيه الخدمة في النهار وفي أول الليل إلى الفراغ من العشاء الآخرة، لكن يشترط أن يعين مسافة الغزو فيقول: خمسة فراسخ أو عشرة فراسخ وإن استأجره يومًا أو شهرًا لم يدخل فيه أول النهار (2)، وظاهر الحديث يدل على أنه إذا قال: يكفيني ما أحتاج إليه من الخدمة. أنه يصح، وإن كانت الخدمة مجهولة، ويحمل على العادة [في أمثاله](3).
(وأُجْرِي له) بضم الهمزة أوله (4)(سهمَه) أي: الذي يحصل له من الغنيمة (فوجدت رجلاً) فيه حذف، تقديره: فاستأجرته على ذلك.
(1) جزء من حديث رواه مسلم (2967) من كلام عتبة بن غزوان.
(2)
في (ل): الليل، والمثبت من (ر).
(3)
ساقطة من (ر).
(4)
ساقطة من (ر).
(فلما دنا الرحيل) بالحاء المهملة، أي: الارتحال إلى الغزو (أتاني، فقال: ما أدري ما السُّهمان) بضم السين جمع سهم، وهو النصيب، أي: ما أدري قدر ما يحصل لي، وشرط الأجرة أن تكون معلومة وإن استأجر بمجهول وعمل استحق أجرة المثل.
(وما يبلغ سهمي) من الغنيمة فإنه مجهول (فسمِّ لي شيئًا) معلومًا، سواء (أكان السهم) في الغنيمة موجودًا (أو لم يكن) وفي هذا مثال لكان التامة التي لا تحتاج إلى خبر، والتقدير: سواء وجد السهم أو لم يوجد، ومثله النحاة بقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} (1)(فسميت له) أي: عينت له أجرته (ثلاثة دنانير) لعل المراد به ثلاثة (2) مثاقيل.
(فلما حضرت) أي: وجدت (غنيمتُه) من الغزو (أردت أن أُجريَ له سهمه) الذي ذكرته له أولًا (فذكرت) الثلاثة (الدنانير) التي عينتها له ثانيًا (فجئت النبيَّ صلى الله عليه وسلم) فيه دليل على اعتنائهم بالسؤال عما يطرأ لهم (فذكرت له أمره) أي: أمر الأجير في المرة الأولى والثانية (قال: ما أجد) يحصل اله في غزوته هذِه في الدنيا والآخرة) أي: يحصل من أجرته في الدنيا ومن ثوابه في الآخرة (إلا دنانيره التي سمَّى) وهي الثلاث لا غير ذلك.
قال أصحابنا: وإذا حضر الوقعة أجير استؤجر لسياسة الدواب وحفظ المتاع أو لعمل آخر معلوم، نظر إن لم يقاتل لم يستحق من الغنيمة شيئًا، وإن قاتل فثلاثة أقوال:
(1) البقرة: 280.
(2)
في النسخ: ثلاث.
أحدها: له الأجرة لجميع المدة، [يرضخ له](1) في الغنيمة؛ لأن منفعته مستحقة لغيره كالعبد إذا حضر القتال يرضخ له.
والثاني: يسهم له مع الأجرة؛ لأن الأجرة تجب بالتمكين والسهم بحضور الغنيمة، وقد وجد الكل.
والثالث: يخير بين الأجرة والغنيمة، والأصح أنه يسهم له مع الأجرة، والحديث محمول على ما إذا لم يقاتل.
(1) في (ر): يوضح، والمثبت من (ل).