الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 - باب في النِّداءِ عِنْد النَّفِير: يا خيْلَ اللهِ ارْكَبي
2560 -
حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ داوُدَ بْنِ سُفْيانَ، حَدَّثَني يَحْيَى بْن حَسّانَ، أَخْبَرَنا سُليْمان بْن مُوسَى أَبُو داوُدَ، حَدَّثَنا جَعْفَرٌ بْن سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، حَدَّثَني خبيْبٌ بْنُ سُليْمانَ، عَنْ أَبِيهِ سُليْمانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَمّا بَعْذ فَإِنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم سَمَّى خيْلَنا خيْلَ اللهِ إِذا فَزِعْنا، وَكانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يأْمُرنا إِذا فَزِعْنا بِالجَماعَةِ والصَّبْرِ والسَّكِينَةِ وَإذا قاتَلْنا (1).
* * *
باب في النداء ينادي عند النفير: يا خيل الله اركبي
(عند النفير) أي: عند الخروج إلى الحرب.
والنفير: الجماعة تنهض إلى القتال وغيره.
(يا خيل الله) إضافة الخيل إلى الله تكريمًا لها وتعظيمًا، كما قال تعالى:{نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} (2).
[2560]
[(حدثنا محمد بن داود بن سفيان، قال: حدثني يحيى بن حسان، أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود، ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، حدثني](3) خبيب بن سليمان) بالمعجمة وتكرير الباء مصغر [(عن أبيه سليمان بن سمرة، عن](4) سمرة بن جندب) حليف الأنصار.
(أما بعد) قال أبو إسحاق: إذا كان الرجل في حديث وأراد أن يأتي بغيره قال: أما بعد، ولأجل حذف ما بعدها ضمت الدال بناءً، وفي
(1) رواه الطبراني 7/ 269 (7102). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(442).
(2)
الشمس: 13.
(3)
سقط من الأصول، ومستدرك من المطبوع.
(4)
سقط من (ر).
"المحكم"(1) أما بعد دعائي لك، وقيل: أما بعد الكلام المتقدم (فإن النبي صلى الله عليه وسلم) كان ينادي عند النفير والفزع من العدو: يا خيل الله اركبي.
قال صاحب "الغريبين": قوله: يا خيل الله اركبي من مختصر الكلام، أراد: يا ركاب خيل الله، فحذف اختصارًا أو اقتصارًا على علم المخاطب كما قال:"لا يفضض الله فاك"(2)، قال: وإنما أراد: أسنانك التي في فيك، فأقام الفم مقام الأسنان (سمى) النبي صلى الله عليه وسلم (خيلنا) المعدة للجهاد في سبيل الله (خيل) بالنصب قوة الله (الله).
قال ابن الأثير: كناية عن طريق النجاة، أي: هذا من باب استعارة المحسوس للمعقول أو الاستدلال بالشاهد على الغائب، فكأنه أراد بقوله: يا خيل الله، يا قوة الله؛ لأن من أراد القوة على قتال العدو ركب الخيل الفحول التي هي (3) سبب للقوة على العدو، فمن أراد الظفر بالعدو فليستعن بقوة الله، كما قال تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (4) قال عكرمة: القوة: ذكور الخيل، ورباط الخيل: إناثها (5). وتظهر هذِه الاستعارة في (6) قوله تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (7)؛ لأن العروة عبارة عن الشيء الذي يستمسك به؛ لأن من أراد إمساك شيء تعلق بعروته،
(1)"المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده 2/ 33.
(2)
جزء من حديث رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث"(894)، وتمام في "الفوائد" 2/ 185 (1484).
(3)
سقط من (ر).
(4)
الأنفال: 65.
(5)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 4614 (4307).
(6)
ساقطة من (ل).
(7)
البقرة: 256.
فكذا من أراد إمساك الدين تعلق بالدلائل الدالة عليه.
(إذا فزعنا) بكسر الزاي، أي: ذعرنا واستغثنا عند الخوف، وفيه استحباب قول هذِه الكلمة عند لقاء العدو والفزع منهم، وتكرر النداء بها على قول صاحب "الغريبين". فيه دليل على المبادرة عند الخوف من العدو إلى ركوب الخيل وأخذ السلاح، ويحتمل أن يراد بركاب خيل الله الاستعانة على العدو بالملائكة الذين يمدهم الله بهم، كما قال تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)} (1) فأمدهم حين استغاثوا بالملائكة مسومين بالصوف في نواصي الخيل وأذنابها (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا فزعنا) من العدو (بالجماعة) أي: بلزوم جماعة المسلمين والانضمام إليهم لاجتماع القلوب والقوة على العدو وترك الفرقة، فإن الاجتماع واتفاق الكلمة هو العروة الوثقى، ولأن الفرقة هلكة والجماعة نجاة، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} (2).
(و) لزوم (الصبر) على الدين والثبات عليه فلا يدعه لشدة عارضة زائلة (و) لزوم (السكينة) وهو فعيلة من السكون وهو ضد الحركة مصدر وقع موقع الاسم نحو العزيمة والقضية (و) يأمرنا [إذا قاتلنا](3) بالجماعة والصبر والسكينة (إذا قاتلنا) العدو أيضًا.
(1) الأنفال: 9.
(2)
الصف: 4.
(3)
زيادة من (ل).