الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 - باب في السَّبْقِ
2574 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن يُونُسَ، حَدَّثَنا ابن أَبي ذِئْبٍ، عَنْ نافِع بْنِ أَبي نافِعٍ، عَنْ أَبي هُريْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا سَبْقَ إِلَاّ في خُفٍّ أَوْ في حافِرٍ أَوْ نَصْلٍ"(1).
2575 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سابَقَ بيْنَ الخيْلِ التي قَدْ ضُمِّرَتْ مِنَ الحَفْياءِ وَكانَ أَمَدُها ثَنِيَّةَ الوَداعِ، وَسابَقَ بيْنَ الخيْلِ التي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلى مَسْجِدِ بَني زريْقٍ وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ كانَ مِمَّنْ سابَقَ بِها (2).
2576 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبيْدِ اللهِ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ نَبي اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يُضَمِّرُ الخيْلَ يُسابِقُ بِها (3).
2577 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا عُقْبَةُ بْنُ خالِدٍ، عَنْ عُبيْدِ اللهِ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم سَبَّقَ بِيْنَ الخيْلِ وَفَضَّلَ القُرَّحَ في الغايَةِ (4).
* * *
باب في السَّبْق
السبق بسكون الباء مصدر سبقه إذا تقدم عليه. قال الأزهري (5)
(1) رواه الترمذي (1705)، والنسائي 6/ 226 - 227، وابن ماجه (2878)، وأحمد 2/ 256. وصححه الألباني في "الإرواء" (1506).
(2)
رواه البخاري (420)، ومسلم (1870).
(3)
رواه البخاري (2868)، ومسلم (1870).
(4)
رواه أحمد 2/ 157، وابن حبان (4688)، والدارقطني 4/ 299.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2322).
(5)
"تهذيب اللغة" 3/ 170.
والقاضي الحسين وغيرهما: النضال في الرمي، والرهان في الخيل، والسباق يكون في الخيل والرمي. فعلى هذا الترجمةُ بالسبق تشمل ما في الحديث من الخف والحافر والنصل، لكن الغالب استعمال السبق في الرمي في الحيوان دون الرمي؛ لكن قوله تعالى في إخوة يوسف:{ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} (1) أي: ننتضل، كما قاله الزجاج وغيره (2). وقد ورد في شرعنا ما قرره.
[2574]
(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) اليربوعي (حدثنا) محمد (ابن أبي ذئب، عن نافع بن أبي نافع) البزاز، وثقه ابن معين (3).
(عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا سَبَقَ) بفتح الباء على المشهور، أي: لا يجوز أن يجعل المال للسابق من مال (4)، والرواية الصحيحة في هذا الحديث: السبق بفتح الباء، قاله الخطابي (5)"إلا في كذا". وروي بالتسكين وهو مصدر سبقه إذا تقدم عليه.
(إلا في خف) أراد بالخف هاهنا الإبل، أراد: في ذي خف، فحذف المضاف كما قال تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (6)، وخف البعير مجمع فِرسِنه بكسر الفاء والسين، وهو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة، وقيل: المراد بالخف البعير، عبر عن الكل بجزئه. ويلتحق بالإبل الفيل على
(1) يوسف: 17.
(2)
انظر: "معاني القرآن" للزجاج 3/ 95، "تفسير الطبري" 15/ 577.
(3)
"تاريخ ابن معين" برواية الدوري (851).
(4)
بعدها بياض بالأصل، ولعلها (أو جُعْل) كما في "معالم السنن".
(5)
"معالم السنن" 2/ 255.
(6)
يوسف: 82.
الأظهر؛ لأنه ذو خف، وقيل: لا يجوز المسابقة على الفيل؛ لأنه لا يصلح للكر والفر.
(أو حافر) والمراد به الخيل، أي: في ذي حافر كما تقدم، ويلحق بالخيل البغل والحمار على الأصح، والخلاف كما قال سليم (1) في "المجرد"(2) مع العوض، فإن سابق عليهما بلا عوض جاز بلا خلاف، والمراد بالخيل كما قاله الدارمي ما يسهم له، وهو الجذع أو الثني (3).
(أو نَصْل) والمراد به السهام، أي: عربية كانت أو عجمية، وهي النشاب كما سبق. قال الماوردي (4): وقياسه كل سلاح فارق يد صاحبه من الحراب والمزاريق.
وأما الزيادة التي زادها غياث بن إبراهيم للمهدي حين كان يلعب بالحمام فروي له الحديث: "لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل". وزاد فيه: أو جناح. فعلم المهدي ذلك منه وترك لعب الحمام بعد ذلك وأمر بذبحها، وقال: أنا حملته على ذلك (5).
(1) في (ر): مسلم. والمثبت من (ل).
(2)
"المجرد في فروع الشافعية" لأبي الفتح: سليم بن أيوب الرازي المتوفى: سنة 447 هـ، جرده من تعليقة شيخه: أبي حامد عاريا عن الأدلة. انظر: "كشف الظنون" 2/ 1593.
(3)
انظر: "روضة الطالبين" 10/ 352.
(4)
"الحاوي" 15/ 186.
(5)
هذِه الزيادة موضوعة باتفاق المحدثين من وضع غياث بن إبراهيم للخليفة المهدي تقربًا إليه، وهو متروك الحديث لا يكتب حديثه بحال. انظر:"الجرح والتعديل" 7/ 57، و"التاريخ الكبير" 7/ 109، و"التمهيد" لابن عبد البر 14/ 94.
[2575]
(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق) وفي رواية: أجرى (1) وهو بمعناه، والمسابقة هي من العقود (2) اللازمة بالإجازة بشروط مذكورة في كتب الفقه، وهذا الحديث أصل في المسابقة بين الخيل من حيث الجملة وهي مستحبة أو مباحة، فمذهب الشافعي وأصحابه أنها مستحبة لهذا الحديث اقتداء به صلى الله عليه وسلم (3).
(بين الخيل التي قد أضمرت) يقال: أضمرت وضمرت بمعنى، وهو أن تعلف حتى تسمن ثم يردها إلى القوت، وذلك في أربعين يومًا، ثم يشد عليها سروجها وتجلل بالأجلة في بيتٍ كنين حتى تعرق ثم يجف عرقها فيخف لحمها وتقوى على الجري (من الحَفْياء) بحاء مهملة ثم فاء ساكنة ثم ياء مثناة تحت ثم همزة ممدودة، وحكي فيها القصر.
قال الحازمي: ويقال فيه: الحيفاء بتقديم الياء على الفاء، والمشهور الأول (4).
(وكان أمدها) بفتح الميم وتخفيف الدال، أي: غايتها في المسابقة (إلى ثنية الوداع) بفتح الواو والثنية بفتح المثلثة بعدها نون مكسورة بعدها المثناة تحت المكسورة، قال سفيان بن عيينة: سميت ثنية الوداع؛ لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها. قال ابن عمر: وكنت
(1) رواها البخاري (2868).
(2)
في (ر): القعود. والمثبت من (ل).
(3)
انظر: "شرح النووي على مسلم" 13/ 14.
(4)
انظر: "شرح النووي على مسلم" 13/ 14.
فيمن سابق (1). قال سفيان: من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة أميال (2).
قال ابن عبد البر: الأصح أن الميل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة (3)، والأظهر أن المراد بالذراع هنا هو ذراع اليد من الرجل المعتدل الخلقة. وفيه دليل على جواز تضمير الخيل والمسابقة عليها في الجملة إذا لم يكن هناك مراهنة؛ لأن ذلك كله مما ينتفع به في الحروب ويحتاج إليه.
وقال بعضهم: في سنة (وسابق بين الخيل التي لم تضمر) بإسكان الضاد (من الثنية) يعني: ثنية الوداع، وكان أمدها (إلى مسجد بني زريق) بتقديم الزاي المعجمة المضمومة وفتح الراء المهملة مصغر مثل حجير، قال سفيان: بين ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل (4).
وقال موسى بن عقبة: ميل (5) ونحوه. وفيه دليل على قول مسجد ابن رسلان ومسجد الباشقرذي، وقد ترجم له البخاري بهذِه الترجمة (6).
(وإن عبد الله) بن عمر (كان ممن سابق) بين الخيل (بها) وهذا من شدة احتراصهم على الاقتداء بالنبي (7) صلى الله عليه وسلم والتأسي به والعمل بما يعلمونه (8).
(1) ذكرها البخاري بعد حديث (2868).
(2)
رواه الحميدي في "مسنده" 1/ 550 (701).
(3)
"الاستذكار" 1/ 237.
(4)
ذكرها البخاري بعد قول سفيان المتقدم.
(5)
ساقطة من (ر).
(6)
"صحيح البخاري" قبل حديث (420) قال: باب هل يقال مسجد بني فلان؟
(7)
ساقطة من (ر).
(8)
ساقطة من (ر).
[2576]
(حدثنا مسدد، حدثنا المعتمر) بن سليمان (عن عبيد الله) بن عبد الله، (عن نافع، عن ابن عمر: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضمر) فيه لغتان: إسكان الضاد مع تخفيف الميم، وفتحها مع تشديد الميم (الخيل) كما تقدم (يسابق عليها بها) [ليرى أيهما أجرى.
هذا] (1) الحديث فيه دليل على استحباب تضمير الخيل، وأما الحديث الذي قبله فيدل على استحباب المسابقة على الخيل التي قد أضمرها غيره، وليس فيه ذكر عوض في المسابقة.
[2577]
(حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عقبة بن خالد) السكوني (عن عبيد الله) بن عبد الله (عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم سبَّق) بتشديد الباء الموحدة، أي: سابق (بين الخيل) ليرى أيهما أجرى كما تقدم.
(وفضَّل) بتشديد الضاد المعجمة (القُرّح) بضم القاف وتشديد الراء جمع قارح، ولا يقال للأنثى: قارحة. وفعل مقيس في جمع ما هو صحيح اللام على وزن فاعل نحو عادل وعدل، وصائم وصوم، وشذ في معتل اللام نحو غُزى جمع غاز (2)، وإنما يقرح ما كان من ذوات الحافر في خمس سنين، يقال: أجذع المهر وأثنى وقرح بالتشديد، ويحتمل أن تكون الراء في القرح ساكنة جمع أقرح، قال الجوهري (3): القرحة في وجه الفرس دون الدرهم. يعني: من البياض، والأول هو المشهور؛ لأن الغرض من المسابقة معرفة
(1) ساقطة من (ر).
(2)
في الأصلين: غازي. والجادة ما أثبتناه.
(3)
"الصحاح في اللغة"(1/ 418).
أسبقهما إلى الغاية المعينة، وما هو أصبر على الجري، فكان يفضل القارح على الصغير؛ لكونه أصبر منه على العمل والجري، وأسبق في (1) الوصول (إلى الغاية) المعينة التي حُدَّت لهما.
والمراد بالمفاضلة والتفضيل هو فيما يسهم له من الخيل وهو الجذع والثني والقارح، فإذا سابق بين القارح والثني والجذع فضل القارح؛ لأنه وصل إلى وقت انتهاء اشتداد قوته، فيكون أصبر وأقوى، كما يفضل بين الآدميين ابن ثلاث وثلاثين على ابن خمسة عشر سنة في الحرب؛ لكونه وصل إلى حال تناهي قوته وكمال عقله.
* * *
(1) مكانها بياض في (ل)، وأثبتناها من (ر).