الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - باب في الغَزْو مَعَ أئمَّة الجَوْرِ
2532 -
حَدَّثَنا سَعِيدُ بْن مَنْصُورٍ، حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيَةَ، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي نُشْبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: قالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثَة مِنْ أَصْلِ الإِيمانِ: الكَفُّ عَمَّنْ قالَ: لا إله إِلَّا اللهُ وَلا تُكَفِّرْهُ بِذَنْبٍ وَلا تُخْرِجْهُ مِنَ الإِسْلامِ بِعَمَلٍ، والجِهادُ ماضٍ مُنْذُ بَعَثَنيَ اللهُ إِلى أَنْ يُقاتِلَ آخِرُ أمَّتي الدَّجّالَ، لا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جائِرٍ وَلا عَدْلُ عادِلٍ، والإِيمانُ بِالأَقْدارِ"(1).
2533 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، حَدَّثَني مُعاوِيَة بْن صالِحٍ، عَنِ العَلاءِ بْنِ الحارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبي هُريْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الجِهادُ واجِبٌ عَليْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرّا كانَ أَوْ فاجِرًا، والصَّلاةُ واجِبَةٌ عَليْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرّا كانَ أَوْ فاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الكَبائِرَ، والصَّلاةُ واجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَرّا كانَ أَوْ فاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الكَبائِرَ"(2).
* * *
باب في الغزو مع أئمة (3) الجور
الجَور: بفتح الجيم، هو الظلم.
قال الجوهري (4): هو الميل عن القصد، يقال: جار عن القصد إذا عدل عنه، وجار عليه في الحكم.
(1) رواه سعيد بن منصور في "السنن"(2367) ط الأعظمي، وأبو يعلى (4311).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(437).
(2)
رواه الطبراني في "مسند الشاميين"(1512)، والبيهقي 3/ 121.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(438).
(3)
في (ر): أبنية.
(4)
"الصحاح في اللغة"(2/ 180).
[2532]
(حدثنا سعيد بن منصور) الخراساني (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير (حدثنا جعفر بن بُرْقان) بضم الموحدة الكلابي (عن يزيد) من الزيادة (بن أبي نُشْبَة) بضم النون وإسكان الشين المعجمة ثم موحدة، وهكذا ذكره الدارقطني (1)(عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث) أي: عن خصال ثلاث (من أصل الإيمان: الكف عن كل من قال لا إله إلا الله) فيه أنا مكلفون بالعمل بالظاهر وفيما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس طريق إلى معرفة ما فيه، بل الله يتولى السرائر، وأن من قال: لا إله إلا الله وجب الكف عنه وعن ماله وحكم بإيمانه بالظاهر.
قال القاضي عياض (2): وهذا في مشركي العرب وعبدة الأوثان ومن لا يوحد، وأما أهل الكتاب وغيرهم ممن (3) يقر بالتوحيد فلا يكفي في الكف عنه قول لا إله إلا الله إن كان يقولها في كفره، وهي من اعتقاده، بل لا بد من شهادة أن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
(ولا يُكفرْه بذنب) من الذنوب بضم التحتانية وجزم الراء على النهي، وكذا لا يخرجه بعده (ولا يُخرجه من) ملة (الإسلام بعمل) يعمله من المعاصي، بل هو في مشيئة الله لا يقطع في أمره بتحريمه على النار ولا باستحقاقه الجنة لأول وهلة، بل يقطع بأنه لا بد من دخوله الجنة آخرًا، وحاله قبل ذلك في حكم المشيئة إن شاء الله تعالى عذبه بذنبه
(1)"المؤتلف والمختلف" 3/ 1414.
(2)
"إكمال المعلم شرح صحيح مسلم" 1/ 183.
(3)
زاد في (ر): لا.
وإن شاء عفا عنه بفضله، خلافًا للخوارج في أن من ارتكب كبيرة يخلد في النار.
(والجهاد ماضٍ) حكمه (منذ بعثني الله) أول ما بعثه الله أمره بالتبليغ والإنذار بلا قتال، وأول كلمة سُمعت منه صلى الله عليه وسلم:"أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام "(1). ثم بحد الهجرة أذن الله بالقتال إذا ابتدأ الكفار به، ثم أبيح لهم القتال ابتداء، لكن في غير الأشهر الحرم، ثم أمر به من غير شرط ولا زمان، ووجوب القتال مستمر بعد ذلك (إلى أن يقاتل آخر أمتي) المسيح (الدج (ل) فينتهي الجهاد.
(لا يبطله جور) إمام (جائر) أي: لا يسقط فرض الجهاد بظلم الإمام، ولا بفسقه، ولا ينعزل الإمام بالفسق والظلم ولا يخلع بل يقاتل معه ولا يمتنع عن القتال معه بظلم ظالم (ولا عدل عادل) كما جاء في الحديث الصحيح:"عليك بالسمع والطاعة في يسرك، وعسرك، ومنشطك، ومكرهك، وأثرة عليك"(2) ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"(3). (و) من أصل الإيمان (الإيمان (4) بالأقدار) فإن من (5) مذهب الحق إثبات القدر.
(1) رواه أحمد 5/ 451، والترمذي (2485)، وابن ماجه (1334).
(2)
رواه مسلم (1836) من حديث أبي هريرة.
(3)
رواه البخاري (3062)، ومسلم (111) من حديث أبي هريرة.
(4)
بعدها في (ر): بالقدر. ولعلها نسخة.
(5)
ساقطة من (ل).
قال النووي (1): ومعناه أن الله قدر الأشياء في القدم، وعَلِم الله سبحانه أفها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها، وأنكرت القدرية هذا، وزعمت أنه سبحانه لم يقدرها ولم يتقدم علمه بها، وأنه سبحانه إنما يعلمها بعد وقوعها، وكذبوا على الله تعالى، وسميت هذِه الفرقة قدرية لإنكارهم القدر.
[2533]
[(ثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر (ثنا) عبد الله (بن وهب، حدثني معاوية بن صالح) ابن حدير بضم المهملة مصغر (عن العلاء بن الحارث، عن مكحول) مكحول لم يسمع من أبي هريرة فهو منقطع](2).
(عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجهاد واجب) أي: مستمر وجوبه (عليكم مع كل) إمام أو (أمير) كان عليكم (برًّا) بفتح الباء خبر مقدر (كان أو فاجرًا) لأنكم لو تركتم الجهاد مع الفاجر وقعد الناس كما قعدتم لأدى ذلك إلى ذهاب الإسلام والعياذ بالله، وأدى ذلك إلى قطع الجهاد وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم، وفيه فساد عظيم، قال الله:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (3)(والصلاة) أي: والصلوات الخمس (واجبة عليكم) أي: على كل بالغ عاقل منكم (خلف كل مسلم برًّا) بفتح الباء، أي: بارًّا (كان) الإمام (أو فاجرًا) يعني: فاسقًا (وإن عمل
(1)"شرح النووي على مسلم"(1/ 154).
(2)
ساقطة من (ل).
(3)
البقرة: 251.
الكبائر) جمع كبيرة، وهي التي يجب الحد في فعلها، وفيه حجة لمذهب الشافعي أن الصلاة - قال ابن المنذر: - خلف من لا نكفره ببدعته جائزة (1).
قال أبو داود: سمعت أحمد وقيل له: إذا كان الإمام يسكر؟ قال: لا يصلى خلفه البتة (2). وسأله رجل قال: صليت خلف رجل ثم علمت أنه يسكر أعيد؟ قال: نعم، أعد. قال: أيتهما صلاتي؟ قال: الذي صليت وحدك (3). وفي معنى شارب الخمر كل فاسق فلا يصلى خلفه، نص عليه أحمد (4)؛ لما روى جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبره يقول: "لا تؤمن امرأة رجلًا ولا فاجر مؤمنًا إلا أن يقهره سلطان يخاف سوطه أو سيفه". رواه ابن ماجه (5).
قال [ابن قدامة](6): وهذا يعني: حديث ابن ماجه أخص من حديث الدارقطني: "صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله"(7)، فتعين تقديم
(1)"الأوسط" 4/ 264 - 265، وانظر:"الأم" 2/ 302.
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
"مسائل أبي داود"(299، 300)، وانظر:"الجامع لعلوم الإمام أحمد" 6/ 339 - 340.
(4)
وعنه رواية أخرى أن الصلاة خلف الفاسق جائزة، وهو مذهب الشافعي انظر:"المغني" 3/ 19 - 21.
(5)
"سنن ابن ماجه"(1081). وضعفه ابن الملقن في "البدر المنير" 4/ 434، والألباني في "ضعيف الجامع"(6386).
(6)
زيادة لابد منها، فالكلام هنا لابن قدامة كما في "المغني" 3/ 19.
(7)
"سنن الدارقطني" 20/ 56 من حديث ابن عمر: ورواه أيضًا تمام في "الفوائد" 1/ 173 (401)، وابن الجوزي في "التحقيق" 1/ 477 - 478 (730 - 733)، =
حديث جابر، وحديث:"صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله" أخص من الحديث الأول، والحديث الأول نقول به في الجمع والأعياد، وتعاد، وهو مطلق، فالعمل به في موضع يحصل الوفاء [بدلالته] (1)؛ لأنه قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن إمام قال: أصلي لكم رمضان بكذا وكذا درهمًا. قال: أسأل الله العافية لا يصلى خلف هذا كما لا يصلى خلف من لا يؤدي الزكاة ولا خلف من يشارط، ولا بأس أن يدفعوا إليه من غير شرط. ومذهب الشافعي الجواز خلف الكل للحديث، واستدل بأن ابن عمر كان يصلي مع الحجاج (2)، والذين كانوا في زمن الوليد بن عقبة كانوا يصلون خلفه وقد شرب الخمر وصلى الصبح أربعًا وقال: أزيدكم. رواه مسلم (3). فصار هذا إجماعًا (4).
وأجاب المانعون الجواز بأن حديث: "كل مسلم برًّا كان أو فاجرًا" حديث منقطع؛ لأن مكحولًا لم يسمع من أبي هريرة كما قال المنذري (5) وغيره.
=وضعفه الدارقطني، والألباني في "الإرواء" 2/ 305.
(1)
زيادة من "المغني".
(2)
انظر ما رواه البخاري (1660، 1662).
(3)
"صحيح مسلم"(1707).
(4)
انظر: "المغني" 3/ 20، "الأم" 2/ 302.
(5)
"مختصر سنن أبي داود" 3/ 380.