الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: «وإذا مرض فعده» ، إذا مرض مرضا يمنعه عن الخروج إلى الناس بدليل قوله:«فعده» ؛ لأنه إذا كان مرضه يسيرا لم يمنعه من الخروج فلا حاجة لعيادته؛ لأنه سوف يراه الناس فى السوق أو فى المسجد فلا حاجة.
سادسًا: «وإِذَا مات فاتبعه» ، وهل اتباعه واجب أو ليس بواجب؟ يأتي تفضيله في الفوائد إن شاء الله.
من فوائد الحديث: بيان شيء من حقوق المسلم على أخيه وهي ستة أشياء كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هنا.
ومن فوائد الحديث: أن للإنسان حقوقا تثبت للمسلمين بعضهم على بعض، وذلك من أجل روابط الأخوة ووشائج الصلة حتى يكون بعضهم قائمًا بحقوق أخيه فيحصل الالتئام والائتلاف.
إلقاء السلام ورده:
ومنها: أن من حق المسلم على أخيه: إذا لقيه أن يسلم عليه، وهل هذا الحق واجب؟ الجواب: ليس بواجب، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الهجر فيما دون ثلاث فقال:«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» ، وعلى هذا فليس ابتداء السلام واجبا ما لم يصل إلى حد الهجر.
ومنها: أنه لا حق لغير المسلم في السلام عليه لقوله: «حق المسلم على المسلم» ، ولكن هل يجوز للمسلم أن يبدأ غيره بالسلام؟ الجواب: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبدأهم به، فقال:«لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام» ، ولكن إذا سلم الكافر وجب الرد عليه لقوله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]. يعني: على الأقل ردها، وهل يرد بمثله - يعني: غير المسلم - أو أكثر أو أقل؟ أما أقل فلا يجوز، وأما مثله فجائز، وأما الزيادة فالأظهر عدم جوازها؛ لأنه كان لا يجوز أن تبدأه بالسلام فإن الزيادة بمنزلة الابتداء؛ لأن فيها زيادة إكرام وتعظيم واحترام، إذن يردُّ عليه بالمثل، فإذا قال: السلام عليكم، فقل: وعليكم السلام، هذا هو المثل، وأما إذا قال: السام عليكم، فقل: وعليكم، ولا تقل: وعليكم السام، وإن كان قولك: وعليك السام هو العدل، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«قولوا: وعليكم» ، ويحتمل أنه إذا صرح السام عليكم أن لك أن تصرح وتقول: عليك السام، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن اليهود
إذا سلموا وقالوا: السام عليكم، فقولوا: وعليكم»، وهذا يدل على أن اقتصار المسلم على ما ليس فيه أذى هو الأولى؛ لأن هذا من خلق المسلم إذا قال: السام عليكم تقول: وعليك، أما إذا كان لم يفصح بقول: السام أو السلام الواجب، فالواجب أن يقال: وعليكم، وجوبًا لا يزيد، ولا يقول: عليكم السلام ولا وعليكم السلام؛ لأنه يحتمل أنه قال: السام، ويحتمل أنه قال: السلام، فأنت تقول: وعليكم، إن كان قال السام فعليه السام، وإن كان قال السلام فعليه السلام.
ومن فوائد الحديث: أن مطلق السلام كافي، الحديث يقول:«إذا لقيته فسلم عليه» ، ولم يذكر الصيغة، فهل الأولى أن تقول: سلامُ عليك، أو السلام عليك، أو سلام عليكم، أو السلام عليكم، بمعنى: هل الأفضل جمع الكاف أو الأفضل إفرادها، وهل الأفضل التنكير أو التعريف؟ في هذا خلاف بين العلماء، والأظهر: أن الأفضل التعريف مع الإفراد بأن تقول السلام عليك ويجوز أن تقول: السلام عليكم إما تعظيمًا له إن كان أهلاً للتعظيم، وإما للإشارة إلى من معه من الملائكة.
ويجوز سلامُ عليك، أو سلام عليكم بالتنكير؛ لأنه ورد السلام وورد سلام بالتنكير، واختار أصحابنا رحمهم الله أن التعريف أفضل، يعني: السلام عليكم وهذا هو الذي جاع في القرآن: {وَالسَّلَامُ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدى} [طه: 47]. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «السلام على من اتبع الهدى» : وقال في زيارة القبور: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» .
ومن ذلك: «إذا لقيته فسلم عليه» ، ظاهر الحديث أن تبدأ بالسلام، ولو كان أكبر منك أو أصغر أو أكثر أو أقل، وهذا هو الحق أن الأفضل أن تبدأ بالسلام حَتّى وإن كان دونك؛ لأنه أضاع ما هو حق عليه فلا تُضيع أنت السُنة كلها، وإلا فإن الأفضل أن يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد، لكن لو فرض أن واحدا منهم لم يقم بما ينبغي أن يقوم به فلا تدع السُنة، لا تقل: الحق عليه هو الذي يسلم، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، سواء كان صغيرًا أو كبيرا.