الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف الظلم لغة وشرعاً:
الظلم: في الأصل هو النقص، ومنه قوله تعالى:{كلتا الجنتين آتت أُكلها ولم تظلم منه شيئاً} [الكهف: 33]. أي: لم تنقص منه شيئاً بل أتت به كاملاً، أما في الشرع فهو العدوان على الغير وعلى النفس أيضاً إما بالتفريط فيما يجب، وإما بالتعدي فيما يحرم عليه يدور الظلم ويكون في المال والنفس والعرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرم كحرمة يومكم هذا" الحديث، فمثال الظلم في المال أن يدعي الإنسان على شخص ما ليس له أو أن ينكر ما كان واجباً عليه، الأول ادعى على شخص أنه يطلبه كذا وكذا ثم اقام بينة زور وأخذه هذا تعدٍّ في أخذ ما ليس له، والثاني الذي أنكر ما يجب عليه تعدي فيما عليه وكلاهما ظلم، كذلك أيضاً لو أن إنساناً أخذ مال شخص سرقةً أو غصباً فهذا ظلم؛ لأنه عدوان على الغير، الظلم في النفس أن يعتدي على نفسه إما بقطع عضو أو جرح أو إهانة كرامة بزنا أو لواط أو ما أشبه ذل، وأما العرض فأن ينتهك عرضه فيغتابه أو يقذفه أو غير ذلك، المهم أن الظلم له ثلاثة أشياء المال، والنفس، والعرض، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ظلمات يوم القيامة"، يكون عقوبة الظالم أن يسلب منه النور فلا يكون له نور، فيكون بمنزلة الكفار والمنافقين؛ لأن المؤمنين يسعى نورهم بين أيديهم وأيمانهم أما الكافر فليس له نور وأما المنافق فيعطى نوراً ثم ينزع منه هذا الذي يظلم يكون ظلمه ظلمات عليه يوم القيامة.
في الحديث: التحذير من الظلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الوعيد على عمل فإنه يكون أشد مما لو نهى عنه فقط؛ لأن النهي عن الشيء بدون ذكر الوعيد يجعله من صغائر الذنوب، وذكر الوعيد يجعله من كبائر الذنوب.
وعلى هذا فنقول في هذا الحديث: تحريم الظلم.
وفيه أيضاً: أن الجزاء من جنس العمل لما ظلم الناس في الدنيا أظلم الله عليه يوم القيامة.
وفي الحديث أيضاً: إثبات يوم القيامة وهو اليوم الذي يبعث فيه الناس لله عز وجل وسمي يوم القيامة لأمور ثلاثة: الأول أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله عز وجل دليل قوله تعالى: {ليومٍ عظيمٍ * يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المنافقون: 5 - 6].
الثاني: أنه تقام فيه الأشهاد كما قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} [غافر: 51].
الثالث: انه يقام فيه العدل: لقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً} [الأنبياء: 47].
ويستفاد من حديث جابر: وجوب اتقاء الظلم؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب لا سيما وأنه علله بقوله: "فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". فيكون حينئذ من الكبائر.
ومن فوائد حديث جابر: أن التقوى ليست خاصة بالله عز وجل بل تكون لله وللمخلوقات فهنا اتقوا الظلم وجهت إلى الظلم، وهو عمل من أعمال الإنسان وفي قوله:{واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281]. أضيفت إلى زمن، وفي قوله تعالى:{واتقوا النار التي أعدت للكافرين} [آل عمران: 131]. أضيفت إلى مكان، وفي قوله تعالى:{واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون} [الممتحنة: 11]. أضيفت إلى الله عز وجل لماذا؟
لأن أصل التقوى اتخاذ وقاية والإنسان يتخذ وقاية من الرب عز وجل ومن عقوباته وعذابه.
ومن فوائد الحديث: أن الظلم من كبائر الذنوب كما سبق وقوله: "واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم" الشح: الطمع فيما عند الغير، فهو محاولة اخذ ما ليس له، والبخل منع ما يجب عليه بذله وتارة نسمع الشح والبخل فنقول: الشح الطمع فيما عند الغير والبخل منع ما يجب بذلك من علم أو مال أو عمل.
وفي الحديث: "البخيل من إذا ذكرت عنده لم يصل عليّ" فهذا بخل بعمل، وإذا قلت: سألت فلاناً من العلماء ولم يجبني، فهذا بخل بالعلم وإذا قلت: سألت فلاناً مالاً ولم يعطني فهذا بخل بالمال، أما الشح فهو الطمع فيما عند الغير وأيهما أشد؟
الشح، لأن منع ما عندك أهون من طلب ما ليس عندك، قال:"فإنه أهلك من كان قبلكم" أهلكهم إهلاكاً حسياً لأنهم بذلك سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم.
ففي هذا الحديث أيضاً: تحريم الشح لقوله: "اتقوا الشح".
فإن قال قائل: إن الله -تعالى- جعل الشح في كتابه من طبائع النفوس فقال تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح} [النساء: 128]. فكيف ندفع ما كان من طبيعة النفوس؟
قلنا: هو كسبيٌ، الشح أمر كسبي والأمر الكسبي يمكن للإنسان أن يحترز منه ويتخلى عنه وإن كانت النفوذ مجبولة على محبة المال لكن الإنسان يغلبه دينه حتى يطفئ عنه حرارة الشح.
ومن فوائد الحديث: الاعتبار بمن خلال من الأمم لقوله: "فإنه أهلك من كان قبلكم".
ومن فوائده: أن ما كان سبباً للعقوبة في الأمم الماضية فإنه يكون سبباً للعقوبة في هذه الأمة، بل لو قال قائل: إنه يكون في هذه الأمة أعظم لأنها أكرم الأمم عند الله، وإذا كانت أكرم