المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد: - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

-

- ‌تحريم كل ذي ناب من السباع:

- ‌تحريم كل ذي مخلب من الطير:

- ‌حكم أكل الحمر الأهلية والخيل:

- ‌حكم أكل الجراد:

- ‌حكم أكل الأرنب:

- ‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد:

- ‌حكم أكل الضبع:

- ‌حكم أكل القنفذ:

- ‌النهي عن أكل الجلالة:

- ‌حل الحمار الوحشي والخيل:

- ‌حل أكل الضب:

- ‌حكم الضفدع:

- ‌خلاصة كتاب الأطعمة، وخلاصته تدور على أمور:

- ‌1 - باب الصيد والذبائح

- ‌اقتناء الكلب:

- ‌حل صيد الكلب المعلم:

- ‌فائدة: حكم التسمية عند الذبح:

- ‌حكم ما أكل منه كلب الصيد:

- ‌حكم اشتراك كلبين في الصيد:

- ‌صيد المعارض:

- ‌تنبيه:

- ‌الصيد بالسهم وحكمه:

- ‌التسمية على ما لم يسم عليه عند الذبح:

- ‌فائدة: حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار:

- ‌النهي عن الحذف:

- ‌النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضاً:

- ‌حكم ذبح الحجر وذبح المرأة الحائض:

- ‌فائدة في ذبح ملك الغير وحله:

- ‌شروط الذبح:

- ‌النهي عن قتل الدواب صبراً:

- ‌وجوب إحسان القتلة:

- ‌ذكاة الجنين ذكاة أمة:

- ‌حكم نسيان التسمية عند الذبح:

- ‌2 - باب الأضاحي

- ‌شروط الأضحية:

- ‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:

- ‌حكم الأضحية:

- ‌وقت الأضحية

- ‌عيوب الأضحية:

- ‌حكم ذبح المسنة:

- ‌لا يعطي الجزار من الأضحية:

- ‌إجزاء البدنة والبقرة عن سبعة:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌العقيقة عن الغلام والجارية:

- ‌ارتهان الغلام بعقيقة:

- ‌وقت العقيقة والحلق:

- ‌مسألة السقط وأحكامه:

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌تعريف الأيمان:

- ‌كراهة الإكثار من اليمين:

- ‌فائدة: قرن اليمين بقول: «إن شاء الله»:

- ‌شروط وجوب الكفارة:

- ‌الحلف بغير الله:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌اعتبارنية المستحلف في اليمين:

- ‌من حلف فرأى الحنث خيرا كفر عن يمينه:

- ‌الحنث في اليمين على خمسة أقسام:

- ‌الاستثناء في اليمين:

- ‌تحقيق القول في تعليق الحلف بالمشيئة:

- ‌نية الاستثناء لا تغني في اليمين إلا بالتلفظ به:

- ‌لفظ يمين الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌حكم الحلف بصفة من صفاته تعالى:

- ‌اليمين الغموس من كبائر الذنوب:

- ‌لغو اليمين:

- ‌أسماء الله الحسنى:

- ‌الدعاء بخير لصانع المعروف:

- ‌حكم النذر:

- ‌كفارة النذر:

- ‌حكم نذر المعصية وما لا يطاق:

- ‌وفاء نذر الميت:

- ‌حكم نذر المكان المعين:

- ‌حكم الانتقال عن النذر إلى ما هو أفضل منه:

- ‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام:

-

- ‌كتاب القضاء

- ‌معنى القضاء والفرق بين القاضي والمفتي:

- ‌تولي القضاء فرض كفاية:

- ‌صفة القاضي الصالح:

- ‌وجوب الحذر من تولي القضاء:

- ‌تبعات الإمارة:

- ‌حكم الحاكم أو القاضي أو المفتي المجتهد:

- ‌النهي عن الحكم حال الغضب:

- ‌لا يقضي القاضي حتى يسمع قول الخصمين:

- ‌حكم الحاكم لا يحل للمحكوم له إذا كان باطلاً:

- ‌حكم القاضي بعلمه وضوابطه:

- ‌الاهتمام بإقامة العدل:

- ‌خطر القضاء وكبر مسئوليته:

- ‌حكم ولاية المرأة أمور المسلمين العامة:

- ‌التحذير من احتجاب الوالي عن حاجة المسلمين:

- ‌الرشوة والهدية للقاضي:

- ‌تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس:

- ‌1 - باب الشهادات

- ‌خير الشهود الذي يشهد قبل أن يسأل:

- ‌خير القرون الثلاثة الأولى:

- ‌حكم شهادة الخائن والعدو والقانع:

- ‌لا تقبل شهادة البدوي على صاحبه قرية:

- ‌العبرة في عدالة الشاهد بما يظهر:

- ‌شهادة الزور:

- ‌الشهادة على ما استيقن وبالاستفاضة:

- ‌القضاء باليمين والشاهد:

- ‌البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌القرعة بين الخصوم في اليمين:

- ‌غضب الله على من أخذ مال غيره بغير حق:

- ‌الحكم بحسب البينة:

- ‌تغليظ اليمين بالزمان أو المكان:

- ‌الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم:

- ‌اليد المرجحة للشهادة الموافقة لها:

- ‌رد اليمين على المدعي إذا لم يحلف المدعى عليه:

- ‌الاعتبار بالقيافة في ثبوت النسب:

- ‌كتاب العتق

- ‌تعريف العتق وبيان بعض أحكامه:

- ‌الترغيب في العتق:

- ‌عتق الأنثى:

- ‌عتق الأغلى أفضل من عتق الأدنى:

- ‌حكم من أعتق نصيبه من عبد:

- ‌السعاية:

- ‌حكم من ملك والديه أو ذا رحم محرم:

- ‌حكم التبرع في المرض:

- ‌تعليق العتق:

- ‌الولاء لمن أعتق:

- ‌بيع الولاء وهبته:

- ‌ باب المدبر، والمكاتب، وأم الولد

- ‌المكاتب عبد ما لم يفيا بما كُوتِبَ عليه:

- ‌ المكاتب كالحر إذا ملك ما كوتب عليه:

- ‌دية المكاتب:

- ‌تركة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌عتق أم الولد بوفاة سيدها:

- ‌كتاب الجامع

- ‌1 - باب الأدب

- ‌معنى الأدب الإسلامي وأنواعه:

- ‌أنواع الأدب:

- ‌اختلاف الأديب باختلاف الأمم:

- ‌حقوق المسلم على أخيه:

- ‌إلقاء السلام ورده:

- ‌حكم إجابة الدعوة والنصيحة للمسلم:

- ‌آداب العطاس والتشميت:

- ‌عيادة المريض:

- ‌آداب اتباع الجنائز:

- ‌وسيلة عدم ازدراء نعمة الله:

- ‌البر والإثم وضوابطهما:

- ‌لا يتناجى اثنان دون الثالث:

- ‌آداب المجلس وأحكامها:

- ‌لعق الأصابع والصحفة:

- ‌آداب السلام وأحكامه:

- ‌سلام الواحد على الجماعة والعكس:

- ‌حكم السلام على أهل الكتاب:

- ‌تشميت العاطس:

- ‌حكم الشرب قائمًا:

- ‌استحباب التيامن في التنعل:

- ‌النهي عن المشي في نعل واحد:

- ‌حكم إسبال الثياب:

- ‌النهي عن الأكل والشرب بالشمال:

- ‌النهي عن الإسراف في كل شيء:

- ‌2 - باب البر والصلة

- ‌البركة في العمر والرزق بصلة الرحم:

- ‌النهي عن قطع الرحم:

- ‌النهي عن عقوق الوالدين:

- ‌التشديد في إضاعة المال:

- ‌بر الوالدين وضوابطه:

- ‌حقوق الجار:

- ‌أعظم الذنوب عند الله:

- ‌من الكبائر سب الرجل أبا الرجل:

- ‌بماذا يزول التهاجر بين الأخوين

- ‌كل معروف صدقة:

- ‌الإحسان إلى الجار ولو بالقليل:

- ‌الترغيب في التفريج عن المسلم والتيسير عليه:

- ‌الدال على الخير كفاعله:

- ‌المكافأة على المعروف:

- ‌3 - باب الزهد والورع

- ‌الحلال والحرام والمشتبهات:

- ‌مبحث حديث الحلال والحرام من جامع العلوم والحكم:

- ‌التحذير من حب الدنيا:

- ‌كن في الدنيا كالغريب:

- ‌الترغيب في المتشبه بالصالحين:

- ‌حفظ الله بحفظ حدوده:

- ‌كيف يكون العبد محبوباً عند الناس

- ‌كيف يكون العبد محبوباً من الله

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه:

- ‌النهي عن الإسراف في الأكل:

- ‌التوبة فضلها وشروطها:

- ‌فضل الصمت وقلة الكلام:

- ‌4 - باب الترهيب من مساوئ الأخلاق

- ‌النهي عن الحسد:

- ‌تعريف الحسد وأقسامه:

- ‌ذم الغضب:

- ‌النهي عن الظلم والشح:

- ‌تعريف الظلم لغة وشرعاً:

- ‌الرياء:

- ‌تعريف الرياء لغة وشرعاً:

- ‌خصال النفاق:

- ‌النهي عن السباب:

- ‌التحذير من سوء الظن:

- ‌التحذير من الغش للرعية:

- ‌أمر الوالي بالرفق برعيته:

- ‌النهي عن الغضب:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌النهي عن التخوض في أموال الناس بالباطل:

- ‌حرم الله الظلم على نفسه وعلى عباده:

- ‌الغيبة وتغليظ النهي عنها:

- ‌النهي عن أسباب البغض بين المسلمين:

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الأخلاق والأعمال والأهواء:

- ‌المزاح بين المسلمين وضوابطه:

- ‌الفرق بين المجادلة والمماراة:

- ‌ذم البخل وسوء الخلق:

- ‌النهي عن مضارة المسلم:

- ‌المسلم ليس بذيئاً ولا فاحشاً ولا لعاناً:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌النميمية:

- ‌كفُّ الغضب:

- ‌ذم الخداع والبخل:

- ‌تحريم التجسس:

- ‌التحذير من الكبر:

- ‌ذم العجلة:

- ‌الشؤم سوء الخلق:

- ‌التحذير من كثرة اللعن:

- ‌النهي أن يغير المسلم أخاه:

- ‌التحذير من الكذب لإضحاك الناس:

- ‌كفارة الغيبة:

- ‌5 - باب الترغيب في مكارم الأخلاق

- ‌الترغيب في الصدق:

- ‌حقوق الطريق:

- ‌الترغيب في الفقه:

- ‌الترغيب في حسن الخلق:

- ‌الترغيب في الحياء:

- ‌الترغيب في التواضع:

- ‌الترغيب في الصدقة:

- ‌من أسباب دخول الجنة:

- ‌النصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكل مسلم:

- ‌كيف تكون النصيحة لكتاب الله

- ‌النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون

- ‌النصح للولاة وللعلماء:

- ‌أعظم نصيحة النصح للعلماء:

- ‌النصح للعامة كيف يكون

- ‌الترغيب في تقوى الله:

- ‌حسن الخلق:

- ‌المؤمن مرآة أخيه:

- ‌مخالطة الناس والصبر على أذاهم:

- ‌الدعاء بحسن الخلق:

- ‌6 - باب الذكر والدعاء

- ‌حقيقة الذكر وأنواعه:

- ‌حقيقة الدعاء وشروط الاستجابة:

- ‌آداب الدعاء:

- ‌فضل المداومة على ذكر الله:

- ‌فضل "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" ومعناها:

- ‌الفرق بين القدرة والقوة:

- ‌فضل "سبحان الله وبحمده" ومعناها:

- ‌الباقيات الصالحات:

- ‌فضل لا حول ولا قوة إلا بالله:

- ‌الدعاء هو العبادة:

- ‌فضل الدعاء بعد الأذان:

- ‌استحباب رفع اليدين في الدعاء:

- ‌حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌سيد الاستغفار ومعناه:

- ‌سؤال العافية في الدين والدنيا والأهل والمال:

- ‌الاستعاذة من سخط الله:

- ‌الاستعاذة من غلبة الدين والعدو وشماتة الأعداء:

- ‌معنى الصمد:

- ‌دعاء الصباح والمساء:

- ‌الدعاء بالحسنة في الدنيا والآخرة:

- ‌من صيغ الاستغفار:

- ‌الدعاء بخير الدارين:

- ‌ينبغي للمؤمن أن يسأل العلم النافع:

- ‌من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد:

الرجل الذي أهدى لكم ورك أرنب أنه يحتقرك لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لو أهدي إلي كراع أو ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت"؛ لأنه صلى الله عليه وسلم غاية المتواضعين.

ومن فوائد الحديث: جواز الإهداء إلى الفقراء، ولا يقال: يخشى أن يكون المهدي ممن من ليستكثر، والله تعالى قال لرسوله:{ولا تمنن تستكثر} [المدثر: 6]. يعني: لا تمن على أحد ليعطيك أكثر مما مننت به، لكن الإنسان هو ونيته وإذا أهديت إلى الأكابر كالملوك والرؤساء والوزراء والأمراء والعلماء حتى وإن ظننت أنهم سيردون هديتك بأكثر ما دمت لست مستشرفًا فلا بأس بذلك.

ومن فوائد الحديث: ما ساق المؤلف الحديث من أجله وهو الأرنب، أرأيتم لو لم يأت نص بحلها فما هو حكمها؟ حلال على الأصل.

‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد:

1273 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد. رواه أحمد، وأبو داود، وصححه ابن حبان. "نهى عن قتل أربع". والنهي عن قتل أربع لا يعني أن النهي مقصور عليها، بل قد يكون هناك أشياء منهي عنها كما يوجد هذا في كثير من السنة مثل:"سبعة يظلهم الله في ظله"، وقد وردت أحاديث صحيحة أن الله يظل غيرهم، "ثلاثة لا يكلمهم الله"، وقد ورد غيرهم.

فالحاصل: أن مثل هذا الحصر يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم لمناسبة المقام، ولا يعني ذلك أن الحصر ينفي ما سواه؛ ولهذا قال الأصوليون: إن أضعف المفاهيم مفهوم العدد، حتى إن بعضهم قال: إنه لا مفهوم للعدد إطلاقًا، فإذا قال مثلاً:"ثلاث من كن فيه كان منافقًا خالصًا" لا نقول: إن هذا حصر، قد يكون هناك أشياء أخرى من النفاق إلا إذا وجد قرينة تدل على الحصر فإن العدد يكون دالاً على الحصر، مثاله: حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: "أربع وأشار بأصابعه"، فهذا يدل على الحصر؛ لأن السؤال يقتضي ذلك، والجواب مركب على السؤال، أما إذا جاء عدد بدون قرينة تدل على الحصر فإنه لا يستلزم الحصر. إذن نهى عن قتل أربع من الدواب، وهل النهي هنا للكراهية أو التحريم؟ الأصل للتحريم، وقال بعض العلماء: إنه للكراهية، لكن ما جوابنا يوم القيامة إذا قتلنا هذه الأربع من الدواب،

ص: 11

وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك؟ نقول: ينهى عن هذا نهي تحريم، وما هو النهي؟ النهي في تعريفه عند البلاغيين والأصوليين هو طالب الكف على وجه الاستعلاء أي: أن الطالب يشعر بأنه عال على المطلوب لأنه لو نهى وهو يعتقد أنه دون المطلوب لكان هذا من باب الدعاء، ولو نهى وهو يعتقد أنه مثله لكان هذا من باب الالتماس، لكن لابد أن يشعر الناهي بأنه أعلى حتى يتوجه الأمر بالكف. يقول:"نهى عن قتل أربع من الدواب": "النملة" معروفة، وظاهر الحديث أنه يشمل الصغار منها والكبار، فالذر من النمل، ما هو أكبر هو أيضًا من النمل، نهى عن قتله احترامًا لها أو استقباحًا لها؟ الأول، احترامًا لها، وذلك جزاء لما قامت به حين مر سليمان بقرية النمل:{قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهو لا يشعرون} [النمل: 18]. تضمنت هذه الجملة إرشادًا وتوجيهًا وتعليلاً للحكم واعتذارًا مما يقع وهي نملة كلام بليغ أولاً: {يأيها النمل} دعتهم بنداء حتى ينتبهوا لما تقول، {ادخلوا مساكنكم} هذا إرشاد وتوجيه أن يدخلوا الملاجئ؛ لأن الناس عندما تقوم الحرب لابد أن يدخلوا الملاجئ إذا لم يكن عندهم ما يقاوموا به، العلة:{لا يحطمنكم سليمان وجنوده} ، معلوم إذا مرت الخيول والإبل على النمل ستحطمهم، ثم قالت:{لا يحطمنكم} ولم تقل: لا يطأنكم، ليكون هذا أبلغ في التنفير، {وهم لا يشعرون} هذا اعتذار، هذه النملة صارت بركة على النمل، أكرم النمل من أجلها، فنهى عن قتلها، فلا تقتل النملة لا في حرم ولا في حل ولا في إحرام ولا في إحلال.

الثاني: "النحلة" نهى عن قتلها؛ لأن قتلها إضاعة مال وحرمان خير كثير، غذ أن النحلة يكون منها العسل الذي فيه شفاء للناس، فإذا قتلت واحدة ثم الثانية ثم الثالثة وهكذا فإن ذلك سبب لضياع ما ينتج منها من هذا العسل المبارك.

"الهدهد" معروف، هذا الهدهد نهى عن قتله احترامًا له؛ وذلك لقصته مع سليمان فإن سليمان حشر له جنوده من الجن والإنس والطير لأنه -علية الصلاة والسلام- كان ملكًا، وكان منظمًا لملكه، تفقد الطير ففقد الهدهد، ومع ذلك لم يحكم عليه بأنه غائب قال:{ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين} [النمل: 20] يعني: بل أكان من الغائبين، وهذا واقع، أنت إذا تفقدت جنودك أو أولادك ولم تقع عينك على أحد منهم لا تحكم بأنه غائب ربما أن بصرك صرف عنه، ثم توعده قال:{لعذبنه عذابًا شديدًا أو لأذبحنه} [النمل: 21]. إعدام بالكلية، {أو ليأتيني بسلطان مبين} [النمل: 21]. يعني: إما عذاب، وهذا العذاب حد أو تعزير؟ تعزير، {أو لأذبحنه} إعدام، {أو ليأتيني بسلطان مبين} ، يعني: بحجة قوية تكون عذرًا له؛ {فمكث غير بعيد} [النمل: 22]. فقال الهدهد حين جاء بخبر لا يحيط به سليمان قال

ص: 12

كلمة الطير الواثق بنفسه: {فقال أحطت بما لم تحط به} ، يعني: نتعجب كيف يقول الهدهد لسليمان هذا الكلام، فجعل نفسه في هذه القضية أعلى من سليمان، {فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين} [النمل: 22]. ليس فيه شك {إني وجدت امرأة تملكهم

الخ القصة} [النمل: 23]. فمن أجل أنه كان سببًا في إسلام أمة كان بركة على جنسه من الطيور وهو الهدهد، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله. بقينا في الرابع وهو:"الصرد" وهو طائر معروف، ويمكن أن ترجعوا إلى المنجد المصور حتى تعرفوه بصورته، وهو طائر أكبر من العصفور قليلاً له منقار أحمر، لكن أهل الطيور اختلفوا عندي فيه، ولكن نرجع إلى كتب اللغة، هذا الأخير المجهول الحال هو مجهول العلة أيضاً لا ندري ما السبب، وليس لنا إلا أن نقول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله وكفى، هذه أربع من الدواب نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها، والنهي عن قتلها يتضمن النهي عن أكلها؛ لأنها لم تؤكل إلا بعد أن تذبح أو تقتل فيكون النهي عن القتل مستلزمًا للنهي عن الأكل، والنتيجة أنها تكون حرامًا، ولهذا يمكن أن نكون قاعدة فنقول: كل ما أمر الشرع بقتله فهو حرام، وكل ما نهى عن قتله فهو حرام، ووجه ذلك أنه أمر بقتل الفواسق مثل الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب والعقور أمر بقتلها لفسقها وإذا كانت فاسقة فإنه ربما يتأثر المتغذي بها ويأخذ من فسقها وعدوانها، أما ما نهى عن قتله فظاهر أنه حرام؛ لأنه لا يمكن أكله إلا بقتله فلهذا نأخذ قاعدتين:

الأولى: كل ما أمر الشارع بقتله من الحيوان فهو حرام، وكل ما نهى عن قتله فهو حرام، وحينئذ أيضًا نرجع إلى مسألة جواز قتل الحيوانات هل يجوز أن نقتل الحيوانات كلها أو لا؟ نقول: أما ما كان مباحًا فقتلها حرام؛ لأنني لم اقل: تذكيته، يعني: لو خنقت شاة هذا قتل فهو حرام؛ إذن ما أحله الله فهو حلال بتذكيته، وما أمر بقتله من المحرمات فقتله مشروع إما وجوبًا أو استحبابًا، وما نهى عن قتله من المحرمات فقتله حرام أو مكروه على حسب اختلاف العلماء في هذا، وما سكت عنه ما هو الأصل؟ الحل، معناه: أن كل الصوارير التي عندك في البيت اقتلها وكل الضباب اقتلها، يعني: الذي لا يخوف الصبيان ولا يوقظ من النوم ولا يفسد الطعام ولا يفسد البيت، فقال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز قتله، وإن كان مما سكت عنه؛ لأن الله تعالى يقول:{وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} [هود: 6]. ويقول: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} [الإسراء: 44]. وأنت الآن قطعت رزقها وقطعت تسبيحها لله عز وجل فلا يحل ذلك، وقال بعض أهل العلم: بل يكره ولا يحرم؛ لأن الإنسان إذا قتل هذه الحشرات تعودت نفسه على انتهاك ذوات الرواح وصار فيه شيء من العدوان، وهذا أقل أحواله أن يكون مكروهًا؛ وهناك قول ثالث، وهو: أنه حلال؛ لأنه مما سكت عنه، وقد قال الله تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} [البقرة: 29]. وأقرب الأقوال عندي أنه مكروه إلا لسبب إذا كان هناك سبب فلا بأس.

ص: 13