الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحدثون بالمشافهة، فلو سلمنا جدلا إن هناك تصحيفا في الكتابة لم يكن هناك خطأ في المشافهة، فهذه الأقوال في هذه المسألة، ولكن أقرب الأقوال: أنها شاذة، والشذوذ قد يقع من بني آدم.
ومن فوائد الحديث: النهي عن الحلف بالله إلا والإنسان صادق؛ لقوله: «ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون» ، وتحت أمور أو أحوال:
الحال الأولى: أن يعلم أنه صادق.
والحال الثانية: أن يعلم أنه كاذب.
والحال الثالثة: أن يغلب على ظنه أنه صادق.
والحال الرابعة: أن يغلب على ظنه أنه كاذب.
والحال الخامسة: أن يشك يتردد، أما إذا علم أنه صادق فلا بأس باليمين، وقد تكون اليمين مطلوبة، كما لو أراد أن يقنع شخصا في أمر يحسن إقناعه فيه، كأن يحلف مثلا على فرضية الصلاة وما أشبه ذلك، هذا يعلم أنه صادق، والحال الثانية: ضده أنه يحلف على شيء وهو يعلم أنه كاذب فهذه محرمة، وإذا تضمنت أكلا لمال الغير بالباطل صارت يمينا غموسا من كبائر الذنوب، والحالة الثالثة: أن يغلب على ظنه الصدق فيما حلف فهذا لا باس به وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المجامع في رمضان حيث قال: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم لكن إذا تضمن هذا أكل مال الغير بالباطل فلا يجوز؛ لأن مال الغير محترم، لا يجوز انتهاك حرمته إلا بيقين، والحال الرابعة: أن يغلب على ظنه أنه كاذب فهذا حرام، والحال الخامسة: أن يشك فهو حرام أيضا حتى يعلم أو يغلب على ظنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هنا يقول:«إلا وأنتم صادقون» ، فخرج بذلك كل الأحوال الأربعة الباقية، وهي: أن يعلم أنه كاذب، أو يغلب على ظنه أنه صادق، أو يغلب على ظنه أنه كاذب، أو يشك؛ لأن قوله:«إلا وأنتم صادقون» أي: عالمون بانكم صادقون، فيقال: نعم، هذا أعلى الحالات، لكن قد جاءت السنة بجواز الحلف على غلبة الظن.
اعتبارنية المستحلف في اليمين:
1308 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك» . وفي رواية: «اليمين على نية المستحلف» . أخرجهما مسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك» يعني: أنك إذا حلفت لشخص وأظهرت
خلاف الواقع من باب التورية فاليمين على حسب نية المستحلف الذي عبر عنه بقوله: «صاحبك» ، ولا عبرة بنيتك حتى لو نويت نية تخرجك من الإثم، فإن المدار على نية صاحبك، مثال ذلك: إذا قال لك شخص ادعى عليك مائة ريال وأنت تعلم أنه صادق فقلت: والله ما عندي لك مائة، تريد أن «ما» بمعنى: الذي؛ يعني: الذي عندي لك مائة، وهو سيفهم النفي وأنت الآن تثبت أن له عندك مائة، لكن نيتك غير معتبرة، بل النية على حسب ما يصدقك به صاحبك، وهل يبرأ الإنسان فيما إذا حلف هذا الحلف من المائة؟ نقول: أما ظاهرا باعتبار الحكم لو تحاكما إلى قاض فإنه يبرأ؛ لأن القاضي إنما يقضي بنحو ما يسمع لكن عند أحكم الحاكمين-سبحانه وتعالى لا يبرأ ولا ينفعه هذا التأويل.
في هذا الحديث من الفوائد: أولا: أن الأصل الرجوع إلى نية الحالف ما لم يكن هناك خصم له، فإن كان له خصم فالمرجع نية الخصم، لكن إذا لم يكن خصم فإنه يرجع إلى نية الحالف، لكن العلماء افترضوا أن يحتملها اللفظ، فإن لم يحتملها اللفظ فلا عبرة بها، مثال هذا: لو قال قائل: والله لا أنام الليلة إلا على فراش، ثم توسد كثيبا من الرمل، ونام على الرمل، هو قد أقسم ألا ينام على فراش، وقال: أنا أنوي بالفراش الأرض؛ لأن الله قال: {الذى جعل لكم الأرض فرشا} [البقرة: 22]. والثاني: قال: لا أنام الليلة على وتد-عود يدق بالجوار يعلق به الحوائج- ثم نام على جبل، نقول هذه نيته واللفظ يحتملها، فإن قال: والله لا آكل اليوم خبزا ثم أكل الخبز وقال: أردت بذلك التمر فهل تقبل نيته؟ لا، لماذا؟ لأن اللفظ لا يحتملها. إذن الأصل في الأيمان لإلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ، دليل ذلك قوله-تبارك وتعالى:{ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيسن} [المائدة: 89] أي: على حسب ما عقدتموه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ، وكذلك هذا الحديث، فإن لم يكن له نية رجعنا إلى السبب الذي هيج اليمين وأثار اليمين، لماذا حلف هذا الرجل؟ نرجع إلى السبب، مثال ذلك: قال له رجل من الناس: إن عمرا يقرر البدعة قال له: صحيح؟ قال: نعم، قال: والله لا أكلم عمرا الذي ذكره لصاحبه، ثم كلمه فهل يحنث؟ نقول: لا يحنث اعتمادا على السبب، كذلك أيضا لو قال: والله لا أدخل هذا البيت بناء على منكرات ذكرت في هذا البلد ثم تبين أنه لا يوجد منكرات، وأن ما نقل عن وجود منكرات ليس بصحيح فهل يدخلها؟ نعم يدخل بناء على السبب، ومثل ذلك: رجل رأى امرأته تكلم إنسانا فقال: أنت طالق بناء على أن هذا الإنسان من غير محارمها ثم تبين أنه محرم لها فهل تطلق؟ لا، بناء على السبب، فإن لم يوجد سبب، لا نية ولا سبب يرجع إلى التعيين-وهي المرتبة الثالثة- يعني: إلى ما عينه الحادث كيف