الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إقرار أو نظر استيئاس من الإصلاح؟ لا، انظر إليها نظر مريد للإصلاح والحلي عنها، وإذا نظر الإنسان إلي عيوبه هذا المنظار فسوف يوقف، أما أن ينظر إليها ويسكت فهذا غلط، أو ينظر إليها ويقول: إصلاحها غير ممكن ويقول كلمات بها يأس هذا غلط، حاول الإصلاح ما استطعت، واعلم أنك لن تستطيع أن تصلح ما كان فاسداً بمجرد التفكير بل لابد من عمل وممارسة، وكون الإنسان أيضاً يصمد، لأن بعض الناس إذا عجز في أول مرة قال ليس هناك إصلاح ثم يستيأس ويبقي على عيوبه ولا يحاول أن يصلح، وهذا من الغلط.
العيوب كل ما يعاب عليه الإنسان من حلقة أو خلق أو عمل، والإنسان لا يخلو من عيب في خلقه من عيب في خلقته من عيب في عملة، فاشتغل بعيبك عن عيوب الناس ودع عيوب الناس للناس.
التحذير من الكبر:
1449 -
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعاظم فى نفسه، واختال في مشيته؛ لقي الله وهو عليه غضبان» . أخرجه الحاكم، ورجاله ثقات.
«تعاظم» أي: نزل نفه منزلة العظيم، وهدا كبر ظاهر، «واختال في مشيته» أي: مشى مشية المختال المفتخر، وهذا كبر ظاهر، فقوله:«تعاظم» هذا الكبرياء في القلب «واختال في مشيته» هذا الكبرياء في العمل في الظاهر "لقي الله - تعالى - وهو عليه غضبان" لقي الله يعني: يوم القيامة وهو أي الله عز وجل عليه أي: على هذا المتعاظم المختال "غضبان" الجملة في قوله: "وهو عليه غضبان" حال من لفظ الجلالة، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن التعاظم في النفس والاختيال في المشية إذا اجتمعا استحق فاعلهما هذا الوعيد وهو غضب الله عز وجل.
ففيه فوائد منها: تحريم التعاظم في النفس، وليعلم أن الإنسان كلّما تعاظم في نفسه ازداد ضعفاً عند الله وعند الناس، وهذا من الجزاء الذي يكون من جنس العمل وكلّما ذل الإنسان في نفسه وتواضع ازداد رفعةً، ولهذا جاء في الحديث الصحيح:«من تواضع شه رفعه» . وجاء في الحديث الصحيح: "الكبر بطر الحق وغمط الناس". إذن فالواجب أن يذل الإنسان في نفسه، لكن هل يجوز أن يُذل نفسه أمام الناس؟ لا، يذل في نفسه ولا يذل نفسه بمعنى: لا يكون أمام الناس ذليلاً فيتعرض لما لا يمكنه دفعة، يعني: من أسباب الذل أن يتعرض الإنسان لشيء لا يمكنه دفعة، فليكن عزيزاً يبتعد عن أماكن الذل، أما ان يعلو في نفسه فلا.
من فوائد الحديث أيضاً: تحريم الاحتيال في المشية كأن يمشي مثلاً متعكساً مرة يكون علن رجل ومرة يكون على رجل ومرة يكون على رجل، وتجده ينظر في كتفيه في عطفيه، وما أشبه ذلك، ففيه: تحريم الاحتيال في المشية، والاحتيال في المشية واللباس والصوت والهيئة كله حرام {إن الله لا يُحب كل مختال فخور} [لقمان: 18]
من فوائد الحديث: إثبات لقاء الله عز وجل وهو لكل أحد لقوله تعالى: {يأيها الإنسن إنك كادح إلى ربك كدحاً ملقيه} [الانشقاق: 6] ويقول عز وجل: {واتقوا الله واعلموا أنكم ملقوه} [البقرة: 223].
ومن فوائد الحديث: إثبات الغضب لله عز وجل لقوله: "وهو عليه غضبان"، والغضب: صفة تحمل الغاضب علن الانتقام من خصمه: فهي صفة قوة وليست صفة نقص.
واعلم أن أهل السنة والجماعة طريقتهم في هذه الصفة وأمثالها أن يثبتوها لله على وجه الحقيقة دون المماثلة، وأن أهل التعطيل كالأشعرية والمعتزلة والجهمية ينكرونها، لكن إنكار جحد بل إنكار تأويل؛ لأنهم لا يجحدون أن الله يغضب لو جحدوا ذلك لكفروا، لكنهم يثبتون الغضب إلا أنهم يؤولونه وحقيقة تأويلهم أنه تحريف للكلم عن مواضعه.
يقولون: الغضب هو الانتقام أو إرادة الانتقام، انظر التفسير العجيب! فعندنا غضب وإرادة وانتقام، هم ينكرون الأول يقولون: لا يوجد غضب، فيفسرون غضب الله إما بالانتقام وإما بإرادة الانتقام، أتدرون لماذا؟ لأن الانتقام فعل بائن من الله ينزل بالمنتقم منه، فهو كالخلق فلا ينكرونه، أو إرادة الانتقام، لأنهم كانوا يثبتون الإرادة كما قال السفاريني في عقيدته: يثبتون الكلام والحياة والبصر والسمع والإرادة، يثبتون الإرادة.
ونحن نقول: أخطأتم، بل الإرادة والانتقام من اثر الغضب، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى:{فلما ءاسفونا انتقمنا منهم} فجعل الانتقام غير الغضب، والأسف لا يمكن أن يراد به الحزن بل هو الغضب؛ لأن الأسف يطلق على الغضب يقال: فلان آسف أي: غاضب.
إذن القول الحق: أن الله موصوف بالغضب، قالوا: لا يمكن أن يوصف بالغضب؛ لأن الغضب غليان دم القلب لإرادة الانتقام. وجوابنا على هذا أن نقول: هذا الغضب هو غضب المخلوق، أما الخالق فهو وصف يليق بجلاله وعظمته لا نعلم كيفيته.