الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعني: بين الجزاء: فعليه إثم ما اعتدى به أو عليه إثم ما قاله؟ فيه احتمال، فإن قوله:"ما لم يعتد المظلوم" يحتمل أن المعنى فإن اعتدى فعليه إثم العدوان، ويحتمل أنه إذا اعتدى ارتفع إثم الرد عن الأول لقوله:"ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم" فإذا اعتدى ارتفع إثم الرد عن الأول لقوله: "ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم" فإذا اعتدى فعلى كل إثم ما قال هذا ظاهر الحديث ووجه ذلك أن الذي رد صار ظالماً لعدوانه، فلم يتحمل الأول إثم رده المستبان ما قالا فإثمه على البادئ ما لم يعتد المظلوم فإن اعتدى فهل على المعتدي إثم العدوان فقط لأنه هو الذي تجاوز به الحد، أو عليه إثم ما قال حتى فيما لم يعتد به؟ الحديث ظاهره الثاني أنه اعتدى المظلوم ارتفع إثم سبه عن الأول، مثال ذلك: رجل قال لآخر: يا فاسق! قال: أنت فاسق كافر اعتدى بقوله: كافر، فهل إثم الأول في قوله: يا فاسق فقط والثاني آثم في قوله: يا فاسق ويا كافر؟ أو نقول: إثم الأول في قوله: يا فاسق عليه وإثم الثاني في قوله يا فاسق عليه أيضاً لأنه في قوله: يا فاسق لم يعتد أما يا كافر فإثمها على الثاني لكن الذي يظهر لي أن الإثم يرتفع عن الأول باعتداء الثاني، وجه ذلك أولاً: أنه ظاهر الحديث ما لم يعتد المظلوم.
وثانياً: أن المظلوم لما اعتدى تعدى ما أذن له فيه فسقطت الرخصة في حقه وصار آثماً في الكل، نظير هذا من بعض الوجوه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر". فهل يعني ذلك أنها إذا فعلت الكبيرة لم تكن هذه العبادات مكفرة؟ فالجواب: نعم هذا ظاهر اللفظ لكن جمهور العلماء يقولون: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إلا الكبائر، وبين المعنيين فرق، فجمهور العلماء على الثاني أي: أنه يكفر الصغائر حتى مع غشيان الكبائر لكن الكبائر لا تكفرها هذه الصلوات.
النهي عن مضارة المسلم:
1440 -
وعن أبي صرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضار مسلماً ضاره الله، ومن شاق مسلماً شق الله عليه". أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه.
قوله: "من ضار مسلماً" أي: فعل ما يضر أخاه المسلم عمداً، ولهذا جاءت كلمة ضار الدالة على المفاعلة في غالب معانيها وقوله:"مسلماً" قد يقال: إنه احتراز من الكافر وأنه لا بأس بمضارة الكافر، كما سيأتي في الأحكام -إن شاء الله- وقد يقال: إن هذا بناء على الأغلب "ضارة الله" أي: ألحق به الضرر، "ومن شاق مسلماً شق الله عليه"، "شاق مسلماً" أي: فعل ما يشق عليه، شق الله عليه أي أصابه بما فيه المشقة.
وهذا الحديث فيه التحذير من هذين الخلقين وهما مضارة المسلم سواء في ماله أو بدنه أو عرضه أو أهله أو غير ذلك، المهم أن يلحقه الضرر وفيه أيضاً التحذير من المشقة على المسلمين وأن من شاق. شق الله عليه.
ففي هذا الحديث فوائد: أولاً: احترام أعراض المسلمين، وجه أن منتهك أعراض المسلمين مضار بهم.
ومن فوائده: أن الجزاء من جنس العمل، وأن من ضار بإخوانه المسلمين ضار الله به ولكن هل المراد ضار الله به في نفس القضية أم مطلقاً؟ الثاني هو المراد، لأن هذا المضار قد لا يتضرر بهذه القضية لكن يلحقه ضرر فيما بعد، مثال ذلك البيع على بيع أخيه المسلم مع تضرره بذلك، هذه مضارة هل يلزم من هذا الحديث أن يتضرر المسلم في نفس السلعة بمعنى أن تتلف عليه أو تنقص قيمتها أو ما أشبه ذلك؟ الجواب: لا يلزم، المهم أنه عرضة لأن يلحق الله به الضرر.
ومن فوائد الحديث: حماية الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين وأنه هو نفسه يدافع عنهم؛ لقوله: "ضار الله به" ولو لم يكن من هذا -أي من الإسلام والإيمان- إلا هذه الخصلة لكانت كافية مثل قول الله تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} يعني لو لم يكن من فوائد الإيمان إلا أن الله يدافع عن المؤمن يدافع عن المؤمن يدافع عن عرضه عن ماله عن أهله عن كل ما يضره [لكان فيه كفاية].
ومن فوائد الحديث: أن الأحكام قد تقيد بالأغلب لقوله: "من ضار مسلماً" فإنه لا يعني: أنه يجوز أن يضار غير المسلمين؛ لأن غير المسلم إن كان حربياً فلا حرمة له أصلاً وإن كان معاهداً أو مستأمناً أو ذمياً فله حرمة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وحرم أذية المعاهدين". إذن يؤخذ من هذا الحديث أنه قد تقيد الأحكام بالأغلب ولا ينافي ذلك الإطلاق.
ومن فوائد الحديث: إثبات علم الله وقدرته عز وجل وحكمته ورحمته وعدله، لأن مضارة الله للإنسان المضار تستلزم أن الله عليم، إذ لو لم يعلم لم يتبين له حال هذا الرجل وأنه حكيم وأنه رحيم، المهم أن هذا الفعل وهو مضارة الله يدل على عدة صفات لله.
ومن فوائد الحديث: تحريم مشاقة المسلم أي: فعل ما يشق عليه، وجهة الوعيد على من شاق مسلماً، يتفرع عن ذلك أنه يجب على المؤمن سلوك الأهون في معاملة المسلمين، لأنه إذا حرم الضد وجب ضده، وهذا تحقيقه أول من يخاطب به من ولاهم الله أمور المسلمين سواء كانت الولاية عامة أم خاصة فمثلاً الأب هل يجوز أن يكلف أبناءه أو بناته ما يشق عليهم؟ لا يجوز لأنه عرضة لأن يشق الله عليه، مدير المدرسة هل يجوز له أن يلزم من تحت