الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: فضيلة عبد الله بن قيس؛ حيث إن الرسول خصه بهذا النداء اللطيف الحبوب إلى النفس: "يا عبد الله بن قيس
…
إلخ".
وهكذا ينبغي للإنسان في ملاطفة إخوانه وأصحابه أن يأتي بأساليب المحبة التي تؤلف بين القلوب، لاسيما إذا كان المخاطب أهلاً لذلك.
ومن فوائد الحديث: أن للجنة كنوزاً غير لا حول ولا قوة إلا بالله، وجه ذلك التبعيض كنز من كنوز الجنة.
ومن فوائد الحديث: التبرؤ من الحول والقوة وتفويض الأمر إلى من بيده الحول والقوة في قول القائل: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن فوائده: استحباب هذا الذكر وإن لم يكن عند المشاق، يعني: أن الإنسان ينبغي له أن يكون دائم الذكر بلا حول ولا قوة إلا بالله وإن لم يكن يريد الاستعانة على شيء.
وفي رواية النسائي: "لا ملجأ من الله إلا إليه"، الملجأ: الملاذ والمعاذ، ومنه الملاجئ التي تكون تحت الأرض، والمعنى: لا شيء تلجأ إليه من الله إلا إلى الله، من ينجيك من الله إذا أرادك الله بسوء؟ الجواب: لا أحد، {وإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له} [الرعد: 11]. إذن تلجأ إلى الله، فهو عز وجل، مستعاذ به منه، كما جاء في دعاء القنوت:"أعوذ بك منك"؛ لأنه هو الذي بيده الأمر، هو الذي بيده العقوبة لو شاء أن يعاقب، وهو الذي بيده رفع العقوبة لو شاء أن يرفع العقوبة، وهذا بالمعنى لقول لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن حقيقته تفويض الأمر إلى الله والتبرئ من كل أحد سواه، فلا يلجأ الإنسان إلا إلى ربه، ولهذا كان الإنسان بطبيعته البشرية عند الشدائد لا يلجأ إلا إلى الله، المشركون الذين يعبدون الأصنام ليلاً ونهاراً إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين يعرفون أنه لا يمكن أن يجيرهم من هذا إلا الله عز وجل.
الدعاء هو العبادة:
1485 -
وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه عن النبي قال: «إن الدعاء هو العبادة» . رواه الأربعة، وصححه الترمذي.
بدأ المؤلف رحمه الله في الدعاء؛ لأن الباب ذكر ودعاء، وقد سبق شيء من الكلام على الدعاء وعند الكلام على الترجمة، يقول:"إن الدعاء هو العبادة"، ظاهر الحديث الحصر، وأن الدعاء هو العبادة، ووجه ذلك: أن العابد إذا استعبد لله بعبادة ليس فيها دعاء، فهو داعٍ بلسان الحال،
إذا قال: لا إله إلا الله لا يوجد دعاء، ولكن هو داعٍ بلسان الحال، وهذا وجه الحصر في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إن الدعاء هو العبادة» يعني: كل إنسان يدعو فهو عابد، وكل إنسان يعبد فهو داع]، فصدقت الكلمة سواء كذا أو كذا، يعني: سواء قلت: كل داعٍ عابد، أو كل عابد داعٍ فهو صحيح.
في هذا الحديث: الحث على الدعاء؛ حيث جعله النبي صلى الله عليه وسلم من العبادة، وعلى هذا فداعي الله رابح على كل تقدير إن أعطاه الله سؤاله فقد ربح ربحين، أولاً: العبادة، وثانياً: حصول مطلوبه، وإن منعه إياه وكف عنه شراً فهو أيضاً رابح ربحين، الأول: العبادة، والثاني: دفع المكروه عنه، وإن لم يكن هذا ولا هذا لكن ادخره ثواباً له إلى يوم القيامة فهو أيضاً رابح؛ حيث إنه سيجده مدخراً عند الله عز وجل، لأنه عبادة، وهنا هل نقول: إنه ربح ربحين أو ربح واحداً؟ كل عبادة لها ثواب هو رابح؛ لأنه سوف يثاب على هذه العبادة الحسنة بعشر أمثالها، إذن أكثر من الدعاء سواء أجبت أم لم تجب، لكن إذا دعوت ثم دعوت ثم دعوت ولم يستجب لك هل تقول: لو كان في هذا خير لأعطاني الله إياه ثم تستحسر وتترك؟ الجواب: لا، لا يجوز، كرر الدعاء؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت ودعوت فلم يستجب لي" كرر، والحمد لله ما دام عبادة فكرر، ربما يكون من حكمة الله أن الله أخر إجابتك من أجل أن تكثر عبادتك وهذا خير لك.
- وله من حديث أنسٍ رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ: «الدعاء مخ العبادة» .
أي: لبها، وهذا الحديث بهذا اللفظ في صحته نظر، لكن يكفي أن يكون الدعاء هو العبادة.
- وله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» وصححه ابن حبان، والحاكم.
الظاهر -والله أعلم- أن قوله: «ليس شيء- أي: من مطلوبات الإنسان- أكرم على الله من الدعاء؛ لأن الداعي -أعني: داعي الله- إنما دعا ربه؛ لأنه يؤمن بأنه كريم، وإذا كان يؤمن بأنه كريم صار وصفاً لله عز وجل بالكرم بلسان الحال، وهذا لا شك أنه من أكرم الأشياء على الله عز وجل، والحديث يحتاج إلى النظر في صحته.
* * *