الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، فخذ من حياتك الآن -مادمت حيا- لموتك؛ لأنك سوف تبقى أزماناً طويلة بعد الموت لا تستطيع أن تعمل، لكن ما دمت حيا فاعمل. وفي هذا الحديث فوائد: أولاً: الزهد في الدنيا، وأن الإنسان لا يتخذها موطناً بل معبراً، أو دار وحشة لقوله:«كأنك غريب أو عابر سبيل» . ومن فوائد الحديث بالنسبة للموقوف -كلام ابن عمر-: الاعتبار بهذه الوصية إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء. ومن فوائده: أن الإنسان الحازم هو الذي يغتنم الفرص يأخذ من الصحة للمرض ومن الحياة للموت، وكذلك أيضا كما جاء في الحديث: اغتنم خمساً قبل خمس ومنها الفراغ قبل الشغل الإنسان ما دام متفرغاً فلينهز الفرصة وليتخذ الفراغ مملوء بالعمل الصالح قبل أن ينشغل، ولهذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: تفقهوا قبل أن تسودوا أي: قبل أن تتخذوا سادة لأن الإنسان إذا كان من السادات وسود وصار معروفاً بين الناس انشغل، وسمعت أحد الإخوة يقول: أنت لنفسك ما لم تعرف فإذا عرفت كنت لغيرك، هذا صحيح ولهذا تجد الإنسان في أول حياته وفي غفلة الناس عنه عنده أوقات يستطيع أن يراجع يستطيع أن يزور قريباً أو يعود مريضاً لكن إذا عرفه الناس انكبت الحوائج عليه وحينئذ ينشغل عما كان قادراً عليه بالأمس.
الترغيب في المتشبه بالصالحين:
1412 -
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» . أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان. قوله:«من تشبه» أي: أتى ما يكون به متشابهاً لهم، وذلك بأن يفعل شيئاً من خصائصهم. والتشبه يكون بالعقيدة ويكون بالعبادة، ويكون باللباس ويكون بالعادات، الحديث عام وإذا كان عاماً فينزل قوله صلى الله عليه وسلم:«فهو منهم» على ما تقتضيه الأدلة الأخرى فمثلا من تشبه بقوم في العقيدة فهو منهم، اعتقد ما يعتقدون سواء فيما يتعلق بالعبادة أو بالربوبية أو بالأسماء والصفات هو
منهم حتى لو نفى أن يكون منهم، نقول: أنت منهم، من تشبه بهم في العبادة فهو منهم لو أن إنساناً تشبه بأصحاب الطرق في عباداتهم، وقال: أنا من أهل السنة نعوذ بالله من البدعة وهو يفعل في العبادة ما يفعله أهل الطرق هل يقبل؟ لا هو منهم، من تشبه بهم في العادات فهو منهم، ولاسيما إن نهى الشرع عن ذلك بعينه، إنسان تشبه بالكفار في الأكل باليسار لأنه يوجد الآن أناس يرون أن الأكل باليسار تقدم وحضارة؛ لأن الذي يفعله الأمم المتحضرة على زعمهم فهو حضارة وتقدم فيكون منهم، تشبه بهم في اللباس صار يلبس مثل لباس الكفار نقول: هو منهم، المهم إذا تشبه بهم والتشبه أن يفعل ما كان مختصاً بالمتشبه به، أما ما كان مشتركاً فلا تشبه ثم قول صلى الله عليه وسلم «فهو منهم» هل المعنى أنه يكون كافر؟ نقول: هو على حسب الشبه أي: حسب ما تشبه به، إذا قلنا: تشبه بهم في لباسهم هل يكون مثلهم في الكفر أو هو مثلهم فيما تشبه بهم فيه؟ الثاني لكن قد يقال: إن قوله «فهو منهم» يعني يوشك أن يكون منهم، لأن التشبه بهم في الظاهر يؤدي إلى التشبه بهم في الباطن وعلى هذا فيكون منهم باعتبار المال لا باعتبار الحال. وإذا قلنا: إنه منهم في هذه الخصلة التي تشبه بها فهو باعتبار الحال أما إذا قلنا: فهو منهم أي: أن التشبه بالظاهر يؤدي إلى التشبه بالباطن فهذا يفسر قوله: «فهو منهم» في المال ولاشك أن التشبه بالقول يؤدي إلى محبتهم وتعظيمهم والركون إليهم وهذا قد يجر المرء إلى أن يتشبه بهم حتى في العبادة. ففي هذا الحديث فوائد: منها الحث على التشبه بالصالحين لقوله: «من تشبه بقوم فهو منهم» ويتفرع على هذه الفائدة الحث على إتباع السلف الصالح في العبادة وفي العقيدة وفي المنهج وفي كل شيء، ليكون الإنسان منهم، وهل يتشبه الإنسان بهم في ما لا يفعلونه على