المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام: - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

-

- ‌تحريم كل ذي ناب من السباع:

- ‌تحريم كل ذي مخلب من الطير:

- ‌حكم أكل الحمر الأهلية والخيل:

- ‌حكم أكل الجراد:

- ‌حكم أكل الأرنب:

- ‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد:

- ‌حكم أكل الضبع:

- ‌حكم أكل القنفذ:

- ‌النهي عن أكل الجلالة:

- ‌حل الحمار الوحشي والخيل:

- ‌حل أكل الضب:

- ‌حكم الضفدع:

- ‌خلاصة كتاب الأطعمة، وخلاصته تدور على أمور:

- ‌1 - باب الصيد والذبائح

- ‌اقتناء الكلب:

- ‌حل صيد الكلب المعلم:

- ‌فائدة: حكم التسمية عند الذبح:

- ‌حكم ما أكل منه كلب الصيد:

- ‌حكم اشتراك كلبين في الصيد:

- ‌صيد المعارض:

- ‌تنبيه:

- ‌الصيد بالسهم وحكمه:

- ‌التسمية على ما لم يسم عليه عند الذبح:

- ‌فائدة: حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار:

- ‌النهي عن الحذف:

- ‌النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضاً:

- ‌حكم ذبح الحجر وذبح المرأة الحائض:

- ‌فائدة في ذبح ملك الغير وحله:

- ‌شروط الذبح:

- ‌النهي عن قتل الدواب صبراً:

- ‌وجوب إحسان القتلة:

- ‌ذكاة الجنين ذكاة أمة:

- ‌حكم نسيان التسمية عند الذبح:

- ‌2 - باب الأضاحي

- ‌شروط الأضحية:

- ‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:

- ‌حكم الأضحية:

- ‌وقت الأضحية

- ‌عيوب الأضحية:

- ‌حكم ذبح المسنة:

- ‌لا يعطي الجزار من الأضحية:

- ‌إجزاء البدنة والبقرة عن سبعة:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌العقيقة عن الغلام والجارية:

- ‌ارتهان الغلام بعقيقة:

- ‌وقت العقيقة والحلق:

- ‌مسألة السقط وأحكامه:

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌تعريف الأيمان:

- ‌كراهة الإكثار من اليمين:

- ‌فائدة: قرن اليمين بقول: «إن شاء الله»:

- ‌شروط وجوب الكفارة:

- ‌الحلف بغير الله:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌اعتبارنية المستحلف في اليمين:

- ‌من حلف فرأى الحنث خيرا كفر عن يمينه:

- ‌الحنث في اليمين على خمسة أقسام:

- ‌الاستثناء في اليمين:

- ‌تحقيق القول في تعليق الحلف بالمشيئة:

- ‌نية الاستثناء لا تغني في اليمين إلا بالتلفظ به:

- ‌لفظ يمين الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌حكم الحلف بصفة من صفاته تعالى:

- ‌اليمين الغموس من كبائر الذنوب:

- ‌لغو اليمين:

- ‌أسماء الله الحسنى:

- ‌الدعاء بخير لصانع المعروف:

- ‌حكم النذر:

- ‌كفارة النذر:

- ‌حكم نذر المعصية وما لا يطاق:

- ‌وفاء نذر الميت:

- ‌حكم نذر المكان المعين:

- ‌حكم الانتقال عن النذر إلى ما هو أفضل منه:

- ‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام:

-

- ‌كتاب القضاء

- ‌معنى القضاء والفرق بين القاضي والمفتي:

- ‌تولي القضاء فرض كفاية:

- ‌صفة القاضي الصالح:

- ‌وجوب الحذر من تولي القضاء:

- ‌تبعات الإمارة:

- ‌حكم الحاكم أو القاضي أو المفتي المجتهد:

- ‌النهي عن الحكم حال الغضب:

- ‌لا يقضي القاضي حتى يسمع قول الخصمين:

- ‌حكم الحاكم لا يحل للمحكوم له إذا كان باطلاً:

- ‌حكم القاضي بعلمه وضوابطه:

- ‌الاهتمام بإقامة العدل:

- ‌خطر القضاء وكبر مسئوليته:

- ‌حكم ولاية المرأة أمور المسلمين العامة:

- ‌التحذير من احتجاب الوالي عن حاجة المسلمين:

- ‌الرشوة والهدية للقاضي:

- ‌تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس:

- ‌1 - باب الشهادات

- ‌خير الشهود الذي يشهد قبل أن يسأل:

- ‌خير القرون الثلاثة الأولى:

- ‌حكم شهادة الخائن والعدو والقانع:

- ‌لا تقبل شهادة البدوي على صاحبه قرية:

- ‌العبرة في عدالة الشاهد بما يظهر:

- ‌شهادة الزور:

- ‌الشهادة على ما استيقن وبالاستفاضة:

- ‌القضاء باليمين والشاهد:

- ‌البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌القرعة بين الخصوم في اليمين:

- ‌غضب الله على من أخذ مال غيره بغير حق:

- ‌الحكم بحسب البينة:

- ‌تغليظ اليمين بالزمان أو المكان:

- ‌الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم:

- ‌اليد المرجحة للشهادة الموافقة لها:

- ‌رد اليمين على المدعي إذا لم يحلف المدعى عليه:

- ‌الاعتبار بالقيافة في ثبوت النسب:

- ‌كتاب العتق

- ‌تعريف العتق وبيان بعض أحكامه:

- ‌الترغيب في العتق:

- ‌عتق الأنثى:

- ‌عتق الأغلى أفضل من عتق الأدنى:

- ‌حكم من أعتق نصيبه من عبد:

- ‌السعاية:

- ‌حكم من ملك والديه أو ذا رحم محرم:

- ‌حكم التبرع في المرض:

- ‌تعليق العتق:

- ‌الولاء لمن أعتق:

- ‌بيع الولاء وهبته:

- ‌ باب المدبر، والمكاتب، وأم الولد

- ‌المكاتب عبد ما لم يفيا بما كُوتِبَ عليه:

- ‌ المكاتب كالحر إذا ملك ما كوتب عليه:

- ‌دية المكاتب:

- ‌تركة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌عتق أم الولد بوفاة سيدها:

- ‌كتاب الجامع

- ‌1 - باب الأدب

- ‌معنى الأدب الإسلامي وأنواعه:

- ‌أنواع الأدب:

- ‌اختلاف الأديب باختلاف الأمم:

- ‌حقوق المسلم على أخيه:

- ‌إلقاء السلام ورده:

- ‌حكم إجابة الدعوة والنصيحة للمسلم:

- ‌آداب العطاس والتشميت:

- ‌عيادة المريض:

- ‌آداب اتباع الجنائز:

- ‌وسيلة عدم ازدراء نعمة الله:

- ‌البر والإثم وضوابطهما:

- ‌لا يتناجى اثنان دون الثالث:

- ‌آداب المجلس وأحكامها:

- ‌لعق الأصابع والصحفة:

- ‌آداب السلام وأحكامه:

- ‌سلام الواحد على الجماعة والعكس:

- ‌حكم السلام على أهل الكتاب:

- ‌تشميت العاطس:

- ‌حكم الشرب قائمًا:

- ‌استحباب التيامن في التنعل:

- ‌النهي عن المشي في نعل واحد:

- ‌حكم إسبال الثياب:

- ‌النهي عن الأكل والشرب بالشمال:

- ‌النهي عن الإسراف في كل شيء:

- ‌2 - باب البر والصلة

- ‌البركة في العمر والرزق بصلة الرحم:

- ‌النهي عن قطع الرحم:

- ‌النهي عن عقوق الوالدين:

- ‌التشديد في إضاعة المال:

- ‌بر الوالدين وضوابطه:

- ‌حقوق الجار:

- ‌أعظم الذنوب عند الله:

- ‌من الكبائر سب الرجل أبا الرجل:

- ‌بماذا يزول التهاجر بين الأخوين

- ‌كل معروف صدقة:

- ‌الإحسان إلى الجار ولو بالقليل:

- ‌الترغيب في التفريج عن المسلم والتيسير عليه:

- ‌الدال على الخير كفاعله:

- ‌المكافأة على المعروف:

- ‌3 - باب الزهد والورع

- ‌الحلال والحرام والمشتبهات:

- ‌مبحث حديث الحلال والحرام من جامع العلوم والحكم:

- ‌التحذير من حب الدنيا:

- ‌كن في الدنيا كالغريب:

- ‌الترغيب في المتشبه بالصالحين:

- ‌حفظ الله بحفظ حدوده:

- ‌كيف يكون العبد محبوباً عند الناس

- ‌كيف يكون العبد محبوباً من الله

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه:

- ‌النهي عن الإسراف في الأكل:

- ‌التوبة فضلها وشروطها:

- ‌فضل الصمت وقلة الكلام:

- ‌4 - باب الترهيب من مساوئ الأخلاق

- ‌النهي عن الحسد:

- ‌تعريف الحسد وأقسامه:

- ‌ذم الغضب:

- ‌النهي عن الظلم والشح:

- ‌تعريف الظلم لغة وشرعاً:

- ‌الرياء:

- ‌تعريف الرياء لغة وشرعاً:

- ‌خصال النفاق:

- ‌النهي عن السباب:

- ‌التحذير من سوء الظن:

- ‌التحذير من الغش للرعية:

- ‌أمر الوالي بالرفق برعيته:

- ‌النهي عن الغضب:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌النهي عن التخوض في أموال الناس بالباطل:

- ‌حرم الله الظلم على نفسه وعلى عباده:

- ‌الغيبة وتغليظ النهي عنها:

- ‌النهي عن أسباب البغض بين المسلمين:

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الأخلاق والأعمال والأهواء:

- ‌المزاح بين المسلمين وضوابطه:

- ‌الفرق بين المجادلة والمماراة:

- ‌ذم البخل وسوء الخلق:

- ‌النهي عن مضارة المسلم:

- ‌المسلم ليس بذيئاً ولا فاحشاً ولا لعاناً:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌النميمية:

- ‌كفُّ الغضب:

- ‌ذم الخداع والبخل:

- ‌تحريم التجسس:

- ‌التحذير من الكبر:

- ‌ذم العجلة:

- ‌الشؤم سوء الخلق:

- ‌التحذير من كثرة اللعن:

- ‌النهي أن يغير المسلم أخاه:

- ‌التحذير من الكذب لإضحاك الناس:

- ‌كفارة الغيبة:

- ‌5 - باب الترغيب في مكارم الأخلاق

- ‌الترغيب في الصدق:

- ‌حقوق الطريق:

- ‌الترغيب في الفقه:

- ‌الترغيب في حسن الخلق:

- ‌الترغيب في الحياء:

- ‌الترغيب في التواضع:

- ‌الترغيب في الصدقة:

- ‌من أسباب دخول الجنة:

- ‌النصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكل مسلم:

- ‌كيف تكون النصيحة لكتاب الله

- ‌النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون

- ‌النصح للولاة وللعلماء:

- ‌أعظم نصيحة النصح للعلماء:

- ‌النصح للعامة كيف يكون

- ‌الترغيب في تقوى الله:

- ‌حسن الخلق:

- ‌المؤمن مرآة أخيه:

- ‌مخالطة الناس والصبر على أذاهم:

- ‌الدعاء بحسن الخلق:

- ‌6 - باب الذكر والدعاء

- ‌حقيقة الذكر وأنواعه:

- ‌حقيقة الدعاء وشروط الاستجابة:

- ‌آداب الدعاء:

- ‌فضل المداومة على ذكر الله:

- ‌فضل "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" ومعناها:

- ‌الفرق بين القدرة والقوة:

- ‌فضل "سبحان الله وبحمده" ومعناها:

- ‌الباقيات الصالحات:

- ‌فضل لا حول ولا قوة إلا بالله:

- ‌الدعاء هو العبادة:

- ‌فضل الدعاء بعد الأذان:

- ‌استحباب رفع اليدين في الدعاء:

- ‌حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌سيد الاستغفار ومعناه:

- ‌سؤال العافية في الدين والدنيا والأهل والمال:

- ‌الاستعاذة من سخط الله:

- ‌الاستعاذة من غلبة الدين والعدو وشماتة الأعداء:

- ‌معنى الصمد:

- ‌دعاء الصباح والمساء:

- ‌الدعاء بالحسنة في الدنيا والآخرة:

- ‌من صيغ الاستغفار:

- ‌الدعاء بخير الدارين:

- ‌ينبغي للمؤمن أن يسأل العلم النافع:

- ‌من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام:

الذي فيه الكعبة، كما جاء ذلك صريحًا في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة"، وهذا هو الذي تشدُّ إليه الرحال.

ومن فوائد الحديث: بيان فساد ما ذهب إليه بعض العلماء من أنه لا فضل في المسجد النبوي إلا المسجد الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأما الزيادات فهي خارجة عنه، فهذا ليس بصحيح، والصحيح أن ما زيد في المسجد فله حكمه، سواء كان في المسجد الأقصى أو النبوي أو الحرام، ودليل ذلك أن الصحابة لما زادوا في المسجد النبوي ما زادوا لم يكونوا يتركون الصلاة في الزيادة، بل كانوا يصلون في الزيادة، ويرون أنها داخلة في المسجد وهو كذلك؛ ولهذا قال العلماء: ما يزيد في هذه المساجد فله حكمها ولو بلغ، ما بلغ إذن التخصيص بمكان معين من أجل البقعة ينهى عنه أي: أنه نهى عن شد الرحل إليه، أما إذا كان لغرض آخر فلا بأس كتجارة أو علم أو مؤونة.

‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام:

1326 -

وعن عمر رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله، إنِّي نذرت في الجاهليَّة أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام. قال: فأوف بنذرك". متَّفق عليه.

قال العلماء: الاعتكاف في الأصل هو: لزوم الشيء ومنه قول إبراهيم لقومه: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} أي: ملازمون عليها، وفي الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله عز وجل فلو لزم المسجد لغير الطاعة إما لكونه لا مبيت له ولا أهل له فليس بمعتكف ولو لزم غير المسجد لطاعة الله فإنه ليس بمعتكف لقوله تعالى: {وأنتم عاكفون في المسجد} عمر رضي الله عنه نذر في الجاهلية قبل أن يسلم أن يعتكف في المسجد الحرام ليلة أو يومًا كما في اختلاف الروايات، ويطلق اليوم والليلة بعضهما على بعض والظاهر- والله أعلم- أنه نذر أن يعتكف يومًا وليلة.

ومن فوائد الحديث: أن تخصيص النذر بالمسجد الحرام يجب أن يوفي به؛ لقوله: "أوف بنذرك" ولم يؤذن له أن يوفي بالمدينة ولا غيرها.

ومن فوائد الحديث: انعقاد النذر من الكفار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر على ذلك.

ومن فوائده: فيما يظهر أنه لو أوفي الكافر نذره في حال كفره سقط عنه؛ لأن الظاهر أن الذين أسلموا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ما كانوا يسألون عن اعتكافاتهم التي نذورها، بل كان يقرهم على ما هم عليه وهذا هو الأقرب أن الكافر لو نذر أن يعتكف في أيَّ مسجد كان واعتكف، فإنه يسقط عنه باعتكافه.

ص: 141

ومن فوائد الحديث: جواز الاعتكاف بدون صيام؛ لقوله: "أن أعتكف ليلة" والليل: ليس محلَاّ للصيام، وهذه المسألة مختلف فيها.

من العلماء من يقول: إنه لا اعتكاف إلا بصوم، ومنهم من يقول: إنه يصح الاعتكاف بلا صوم؛ لأن كلاُّ منهما عبادة منفردة عن الأخرى فيصح أن يعتكف بلا صوم، وأن يصوم بلا اعتكاف، والثاني: محلُّ إجماعٍ، وأما أن يعتكف بلا صوم فموضع اختلاف، ولكن الراجح أنه ليس بشرط، وأن الإنسان يجوز أن يعتكف بلا صوم.

ومن فوائد الحديث: جواز الاعتكاف في غير رمضان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك" ولم يقل: إذا أتى رمضان وهو كذلك، لكن لو قال قائل: هل هذا من السُّنة؟ قلنا: لا ليس من السُّنة أن يعتكف في غير رمضان؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يعتكفون في غير رمضان، ولأن الحكمة من الاعتكاف أو العلة فيه هو تحري ليلة القدر، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول ثم الأوسط؛ تحريًا لليلة القدر، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر، ومعلوم أن هذا لا يكون في غير رمضان إذ إن ليلة القدر قطعًا في رمضان وفي العشر الأواخر منها، وهذا هو الصحيح، أي: أننا لا نأمر إنسانًا ولا نقول: يسنُّ لك أن تعتكف في غير رمضان، وبناء عليه تبيَّن ضعف قول من قال من العلماء: يسنُّ لمن أتى المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة لبسه فيه؛ لأنه يقال من أين ذلك؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم يتردد على المسجد كل يوم خمس مرات على الأقل؟ ! والصحابة كذلك هل قال لأحد منهم: إذا أتيت إلى المسجد فانو الاعتكاف؟ وهل كان جاهلاً بهذه السُّنة؟ لا، هل قال لأحد منهم: إذا أتيت إلى المسجد فانو الاعتكاف؟ وهل كان جاهلاً بهذه السُّنة؟ لا، هل كان عالمًا بها وكتمها، لا كل ذلك لم يكن، وعلى هذا فالصحيح أنه لا يسنُّ للإنسان أن ينوي الاعتكاف مدة لبسه بالمسجد وأن الاعتكاف المسنون ما كان في العشر الأواخر.

فإن قال قائل: كيف يقرُّ النبي صلى الله عليه وسلم عمر على أن يعتكف في هذه المدة وليس بمشروط؟ نقول: هذا جرت به العادة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أقرَّ سعد بن عبادة أن يتصدق لأمه بمخرافه بعد موتها، وأقرَّ الرجل الذي قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت أفأ تصدق عنها؟ قال: نعم، وأقر الرجل الذي كان في سرية يقرأ لأصحابه ويختم بقل هو الله أحد، ومع ذلك لم يشرع هذا لأمته، لم يقل: أيها الناس تصدقوا لأمهاتكم بعد موتهن ولم يقل: يا أيها الناس، اختموا القراءة بقل هو الله أحد ولم يكن هو يفعله، ما كان يختم قراءته بقل هو الله أحد، فدلَّ هذا على أن من الأشياء ما يقرُّ عليه الإنسان ولا يقال: إنه مبتدع، ولكنه لا يطلب منه فعل ذلك، وأظن أن بين المرتبتين فرقًا واضحًا؛ لأننا إذا قلنا: إنه سنة دعونا الناس إليه وأمرناهم به، وإذا قلنا: إنه من القسم المباح الذي إذا أراده الإنسان، لم يمنع منه صار من الأمور المباحة، ولكنه ليس من الأمور المشروعة.

ص: 142

كتاب القضاء

ويشتمل على:

1 -

باب الشهادات.

2 -

باب الدعاوى والبينات.

ص: 143