الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يده من المدرسين والمراقبين وغيرهم بما يشق عليهم؟ لا، أمير البلدة لا يجوز أمير المنطقة لا يجوز، الأمير العام لا يجوز متى أمكن السهولة في معاملة الناس فهي الواجبة.
ومن فوائد هذه الجملة ما سبق في الجملة قبلها، وهو أن الجزاء من جنس العمل.
ومن فوائدها: أن من عام الناس بالسهولة، عامله الله تعالى بمثلها، وقد جاء في الحديث ما سبق، "من يسر على مسلم، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة"، وعلى هذا فينبغي لنا أن نسلك سبيل التيسير على المسلم حتى في الأحكام الشرعية إذا لم يتبين أن الاشد هو الأصوب ولهذا ذكرنا لكم قاعدة فيما سبق أنه: إذا تعارض الدليلان تعارضاً تاماً ولم يكن لأحدهما مرجح من الشرع فالأفضل أو فالأولى اتباع الأيسر وكذلك ذكرنا في خلاف العلماء إذا تعارضت أقوالهم ولم يكن لأحدها مرجح فخذ بالأيسر.
المسلم ليس بذيئاً ولا فاحشاً ولا لعاناً:
1441 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبغض الفاحش البذيء". أخرجه الترمذي، وصححه.
"يبغض": البغضاء ضد المحبة وهي أرق من الكراهة، وقوله:"إن الله يبغض" يعني: أنه سبحانه وتعالى موصوف بهذا البغض الذي يترتب عليه المجازاة والعقوبة، "الفاحش البذيء" الفحش يكون بالقول وبالفعل قد يكون الإنسان فاحشاً بفعله عندما يؤدب يوجع، عندما يمشي على شيء، يُفسد، كرجل مشى في زرع الناس فجعل يبطش بخطواته، يركض الأرض برجله حتى يفسد الزرع، أما الفحش باللسان فظاهر أن يكون الإنسان في أقواله فاحشاً جهوري الصوت غليظاً، والفحش بالقول لا شك أنه خلق ذميم، البذيء يعني: الذي له أو منه عدوان على غيره؛ ولهذا حتى في اللغة العامية الآن "مخرج" يعني: مفسد، والبذاءة بمعنى: الإفساد، تختلف بعضه شديه وبعضه يسير.
من فوائد الحديث: أولاً: إثبات البغض لله لقوله: "إن الله يبغض" ومذهب أهل السنة والجماعة والسلف الصالح إثبات أن الله يبغض كما يثبتون أن الله يحب، وذهب أهل التعطيل من المعتزلة والجهمية والأشاعرة ونحوهم إلى أن الله لا يوصف بذلك وفسروا البغضاء بلازمها وهي العقوبة وقالوا: معنى يبغض أي: يُعاقب.
فجوابنا على ذلك أولاً: أنهم جنوا على النص من وجهين: الوجه الأول: إخراجه عن ظاهره، والوجه الثاني: إثبات معنى له لم يدل عليه الظاهر إلا بطريق اللزوم، ثم إنهم جنوا على النص من وجه آخر من حيث التحريف وهو صرفا للفظ عن معناه بلا دليل.
ثم يقال لهم: هب أن معنى البغضاء: العقوبة فإن العقوبة لا تأتي إلا عن بُغض غذ لا يمكن أن يعاقب من كان محبوباً أبداً، وهل يقال لشخص أمسك رجلاً وجعل يضربه ضرباً شديداً وذاك يصيح: اتق الله، فيقول: الله إني أحبه كل ما تألم ضربه أكثر وقال: أنا أحبك ماذا يقول المضروب؟ يقول: إذا كان هذا مقتضى المحبة عندك فأبغضني من أجل أن يرتفع عني الضرب، هل يمكن أن الله يعاقب من لا يبغض أبداً ما يمكن.
البغضاء تدل على الكراهة؛ إذا لا يمكن أن يعاقب الله على ما يحب، فصار الأمر لازماً لهم حتى لو فروا منه فإنهم لا يسلمون من ظعن الحق بظهوره.
ومن فوائد الحديث: الحذر من الفُحش، وأن الإنسان ينبغي أن يكون رقيقاً طاهر القلب طاهر اللفظ.
ومن فوائده أيضاً: تحريم البذاءة والحذر منها، وأنه لا يجوز للإنسان أن يكون بذيئاً، بل يكون لطيفاً حنوناً رقيقاً مألوفاً عند الناس، يألفونه ويألفهم.
1442 -
وله من حديث ابن مسعودٍ رفعه: ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء". وحسنه، وصححه الحاكم، ورجح الدارقطني وقفه.
قوله: "رفعه" يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم والحديث إما مرفوع وإما موقوف وإما مقطوع، الحديث المرفوع ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف ما أضيف إلى الصحابي ولم يثبت له حكم الرفع، والمقطوع ما أُضيف إلى التابعي فمن بعده وهو غير المنقطع، المنقطع من أوصاف السند، والمقطوع من أوصاف المتن، والمنقطع يلزم منه الضعف لانقطاع سنده والمقطوع لا يلزم منه الضعف قد يكون صحيحاً بالنسبة إلى من أُضيف إليه، المهم أن قوله: رفعه يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم لماذا قال هذه الكلمة رفعه؟ نقول كأن الراوي -والله أعلم- صار عنده تردد هل قاله ابن مسعود مضافاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، لكن هل قاله الرسول عليه السلام باللفظ نفسه، أو قاله بغير هذا اللفظ، لكن الراوي فهم أنه مرفوع، "ليس المؤمن بالطعان" هذه جملة سلبية وقوله:"المؤمن أي: الكامل الإيمان، وقوله: "بالطعان" صيغة مبالغة من طعن يطعن فهو طاعن والمراد بالطعان الذي يطعن في الناس إما بأنسابهم، وإما بأشكالهم، وإما بأعمالهم، المهم أن الطعان هو الذي يطعن في الناس أي يعيبهم، "ولا باللعان" كثير اللعن كل ما يتكلم يقول: لعنك الله أعطني القلم لعنك الله، أعطني الكتاب وإذا تأخر عليه قال له: الله يلعنك لماذا لم