الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بعض الروايات لهذا الحديث «فتؤذوا الأحياء» ، يعني: إذا سببتم الميت آذيتم الحي وهم أهله وأقاربه يتأذون بذلك، فيكون تعليل هذا الحكم بأمرين: الأول أنه لا فائدة من ذمه وسبه لأنه أفضى إلى ما قدم، التعليل الثاني: مضرة يعني في التعليل الأول ثبتت عدم الفائدة وبالتعليل الثاني تثبت المضرة وهي إيذاء الأحياء. كأقاربه ونحوهم وقد يكون أقاربه من عباد الله الصالحين فيتأذون بذلك.
من فوائد الحديث: النهي عن سبَّ الأصوات والمراد سب أعمالهم الخاصة بهم مثل أن يقول: فلان قليل الصلاة بعدما مات، فلان يرتاد بيوت الدعارة، فلان يشرب الخمر ما الفائدة؟ لا فائدة، لكن إذا كان قال قولاً خطأ فالواجب بيانه لاسيما إذا كان ممن يعتبر بقوله وينتشر بين الناس فإن الواجب بيانه حتى لا يغتر به أحد
ومن فوائد الحديث: مراعاة خواطر الناس فيما يتأذون به وان كان ليس فيهم على وجه المباشرة بناء على الرواية الأخرى: «فتؤذوا الأحياء» .
ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يقول ما لا فائدة منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت» . لأنه لا فائدة من سب الأموات فيما يتعلق بالأمور الشخصية.
لو قال قائل: أيجوز لي أن أسب رئيساً من رؤساء الكفر قد مات كأبي لهب؟ فالجواب: لا، الحديث يدل على أنه لا يسبهم باعتبار عمله الشخصي أما باعتبار إيذائه للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا نعم، يقال: هذا الرجل كان يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم لينتهي غيره عن أذية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك يقال في كل كافر سبه العائد إليه شخصياً لعله: فنهاه عنه وأما ما كان يعود إلى المصلحة العامة كالنيل من أقواله. أو من أفعاله التي قد يُقتدى به فيها فإنه لا بأس لأن السب هنا ينصبُّ على القول أو الفعل لا على الميت.
النميمية:
1444 -
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة قتات» . متفق عليه.
"القتات": النمام فقوله: «لا يدخل الجنة» أي الدخول المطلق الذي لم يسبق بعذاب وذلك أن دخول الجنة نوعان: دخول بلا حساب ولا عقاب، كما في الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أن من أمتي سبعين ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب» ودخول مقيد يسبقه حساب
وعذاب، والمراد في هذا الحديث هو المطلق يعني: لا يدخل الدخول المطلق الذي لم يسبق بعذاب وقوله: «قتات» أي: نمام.
- فما هي النميمة؟ النميمة: مأخوذة من نم الحديث فهي فعلية بمعنى مفعولة أي منمومة ومعنى نم الحديث أي: عزاه إلى قائله، والمراد بذلك النم الذي يقصد به التفريق بين الناس وإلقاء العداوة بينهم مثلاً: يقول فلان قال فيك كذا وكذا، وحينئذ نقول: النمام من ينقل الكلام للناس بعضهم لبعض على جهة الإفساد ينهم والتحريش والتباغض، هذا هو النمام، ووجه ذلك أن النميمة سب لإلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين، وهذا مما ينهي عنه الإسلام أشد النهي، حتى إنه حرم المعاملات التي تؤدي إل ذلك غالبا مثل: الغش والخداع والظلم والبيع على بيع المسلم والشراء على شرائه وما أشبه ذلك، والغالب أن النمام يكون كاذباً يزيد أو ينقل الحديث على غير وجهه، ولهذا قال الله تعالى:{ولا تطع كل حلاف مهين (10) هماز مشاء بنميم} [البقرة: 10، 11].
والإنسان الذي ينم إليك كلام الغير، سوف ينم عنك كلامك إلى الغير، ولذلك يجب الحذر من النمام.
وقولنا في التعريف (على وجه الإفساد) يخرج به نمَّ الحديث على وجه النصيحة لأنّ ذلك ليس داخلاً في هذا الوعيد، مثال ذلك أن ترى شخصاً قد اغترَّ بشخص واصطحبه وصار يُفضي إليه أسراره وهذا الشخص يفشي أسرار صاحبه وينشرها بين الناس ويتكلم فيه، فهنا لا نقول هذه نميمة بل يجب أن تبلغ هذا المغتر بما يفعله به صاحبه وهذا من باب النصيحة وليس من باب النميمة، حتى لو أفضى إلى التفريق بينهما فإنه لا بأس به لأنه مصلحة.
في هذا الحديث فوائد: أن هذه الشريعة مبنية على كل ما يكون فيه التآلف بين المسلمين، وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد بهذا الوعيد الشديد على من نَم، والنميمة سببٌ للتفريق وإلقاء العداوة.
ومن فوائد الحديث: أن النميمة من كبائر الذنوب وجهه أن فيها هذا الوعيد الشديد وكل ذنب فيه وعيد في الآخرة أو حدٌ في الدنيا فإنه من كبائر الذنوب بل إن الكبيرة حدها أوسع من هذا وهي أن يقال: كل معصية رُتب عليها عقاب خاص فهي من كبائر الذنوب، أما المعاصي التي ليس فيها إلا: لا تفعل كذا، اجتنبوا كذا، حرم الله عليكم، كذا بدون ذكر عقوبة خاصة فإنها من الصغائر.
فإن قال قائل: أرأيت لو أن شخصاً سألك وقال: هل قال في فلان كذا فهل يلزمك أن تخبره إذا كان قد قال فيه قولاً يؤدي إلى التنافر؟ الجواب لا، لا يلزمك، ووجه ذلك أنك منهي