الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضل "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" ومعناها:
1479 -
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مراتٍ؛ كان كمن أعتق أربعة أنفسً من ولد إسماعيل» . متفقٌ عليه.
ذكرنا فيما سبق من قال بلسانه مخلصاً بها في قلبه، وليس مجرد القول، بل من قال بلسانه معتقداً ذلك بقلبه.
"له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، "كل شيء" فالله قدير عليه ولا يعجزه؛ يعني: ليس قادراً مع الضعف، لا هو قادر مع القوة، قال الله تعالى:{وما كان الله ليعجزه من شيءٍ في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: 44]. فنفى عنه العجز، وعلل ذلك قال: لأنه كان عليماً قديراً، والعاجز عن الشيء إما أن يكون لجهله بكيفية عمله، وإما أن يكون لعجزه عن تنفيذ عمله، لو قال لك قائل: اصنع لنا الآن مسجلاً هل تقدر وأنت لم تتعلم؟ لا تستطيع، المانع الجهل، ولو أن إنساناً عنده علم كيف يصنع هذا المسجل لكنه لا يقدر كأن يكون أشل أو مريضاً فأمرته أن يصنع مثل هذا هل يقدر؟ لا؛ لأنه عاجز، ولهذا قال:"إنه كان عليماً قديراً" إشارة إلى أن العجز سببه أحد أمرين: إما الجهل، وإما العجز، فالقدرة تنافي الجهل والعجز؛ إذن هو على كل شيء قدير، كل شيء موجود يمكن أن يعدمه الله، وكل شيء معدوم يمكن أن يوجده الله، ويقال: إن الشيطان أراد أن يختبر جنوده حين قالوا له: ما لنا نراك إذا مات العالم فرحت فرحاً عظيماً وإذا مات العباد لا يهمك، قال: لأن العابد صلاحه على نفسه ولا يفيد غيره، ولا يهمني ذهب واحد أو عشرة، لكن العالم يصلح أمة؛ فلذلك يفرح بموته فرحاً كبيراً، ثم أراد أن يختبرهم فقال: اذهبوا إلى فلان العابد الذي هو مقيم على عبادته ليلاً ونهاراً وقولوا له: هل يستطيع الله أن يجعل السموات والأرض في بيضة أو لا؟ فذهبوا إلى العابد وسألوه: هل يستطيع الله أن يجعل السموات والأرض في بيضة أو لا؟ العابد مباشرة قال: لا أبداً، ما البيضة بالنسبة للسموات والأرض، فأنكر قدرة الله، ذهبوا إلى العالم وقالوا: هل يستطيع الله أن يجعل السموات والأرض في بيضة؟ قال: نعم، إذا أراد ذلك قال له: كن فيكون، فقال لهم الشيطان: انظروا إلى هذا وهذا، فالمهم: أنه ينبغي أن نقيد القدرة بشيء، نقول: هو قدير على كل شيء، لكن متعلق العلم أوسع من متعلق القدرة، لأن العلم يتعلق بالواجب والمستحيل والممكن،
فالله تعالى يعلم أنه لا إله إلا الله، وهذا علم بالواجب، وهو يعلم أنه لو وجد مع الله إلهاً آخر لفسدت السموات والأرض، وهذا متعلق بالمستحيل، والباقي الممكنات كثيرة، لكن القدرة لا تتعلق بما ليس بشيء؛ لأن الله قال: على كل شيء قدير، وما ليس بشيء فإنه لا تعلق للقدرة به؛ لأنه ليس بشيء؛ وقد انتقضوا على الجلال السيوطي حين قال في قوله تعالى في سورة المائدة:{لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيٍ قدير} [المائدة: 120]. فقال: الأخصائيين الاجتماعين العقل ذاته فليس عليها بقادر، وهذا غلط عظيم، هو يريد الخير نعم ولكنه أساء في التعبير، يقول: إن الله عز وجل مثلا لا يقدر على أن يفني ذاته وهذا خطأ؛ لأن إفناء الذات العلية مستحيل، والمستحيل ليس بشيء، والآيات الكريمة تقول:{وهو على كل شيء قدير} والمستحيل إنما هو مفروض في الذهن وليس موجوداً في الواقع، لكن مع ذلك نقول: هذه العبارة خطأ، ثم قد تكون ترمي إلى معنى فاسدٍ وهو نفي الأفعال الاختيارية لله؛ لأن الأفعال الاختيارية تتعلق بمشيئته وهو الذي يفعلها، فإذا قال: ليس عليها بقادر، فيوهم أنه لا يقدر أن يستوي على العرش، ولا أن ينزل إلى السماء الدنيا، ولا يستطيع الفصل بين عباده، ولا أن يضحك إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وعلى هذا فنقول: وهو على كل شيء قدير كل شيء هو قدير عليه، يقدر عز وجل، على أن يفني العالم بكلمة واحدة كما هو قادر على أن يخلقهم بكلمة واحدة:{ومآ أمرنأ إلا واحدة كلمح بالبصر} [القمر: 50]. مهما كان الشيء إذا أراد الله وقال له: كن كان في لمح البصر، قال الله عز وجل:{فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة} [النازعات: 13، 14]. كل المدفونين في الأرض والغائصين في البحار كلمة واحدة فإذا هم على ظهر الأرض، مع أن الأمم لو جعلت تحضر هذه القبور لاستخراج ما فيها تبقى أزمنة لا يعلمها إلا الله، لكن الله بكلمة واحدة يخرجهم جميعاً، ويقول عز وجل:{إن كانت إلا صيحةً واحدةً فإذا هم جميع لدينا محضرون} [يس: 53]. كلهم محضرون عند الله عز وجل صيحة واحدة إذن العقل يحار حيرة عظيمة في كمال قدرة الله عز وجل، إذن أنت إذا كان فيك شيء أو تحتاج إلى شيء لا تستبعده على قدرة الله، لا تقل: أنا لا أدعو بذلك؛ لأنه غير حاصل، بل أدع الله فإن الله تعالى على كل شيء قدير، إن كان فيك ضيقة نفس فالذي جعل هذه الضيقة قادر على أن يرفعها وأن يعيد الأمر كما كان، إن كان عندك فقد مال فالذي أعطاك المال أولاً قادر على أن يرده عليك ثانياً لكنك تستعجل، فالمهم: أن الله على كل شيء قدير.
خطأ شائع:
توجد عبارة يقولها بعض الناس: "إنه على ما يشاء قدير"، هذه الكلمة غلط أولاً: أنها تقييد لما أطلقه الله ما الذي أطلقه؟ كل شيء وثانياً: أنها توهم معنى فاسداً وهو أن ما لا يشاؤه لا