الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فوائده: تكرار الحديث سواء كان جملة أو كلمة أو أكثر إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأنه كرر التقوى هاهنا ولم يكرر غيرها من الألفاظ ليبين أهمية كون القلب متقياً.
ومن فوائد الحديث: تحريم المسلم على أخيه من ماله ودمه وعرضه، وغير المسلم ينقسم إلى أربعة أقسام: معاهد وذمي ومستأمن ومحارب، فالثلاثة الأصناف الأولى هؤلاء محترمون معصومون وهم المعاهد والذمي والمستأمن، وأما المحارب فليس معصوماً لا في دمه ولا في ماله.
ومن فوائد الحديث: تحريم هذه الأمور الثلاثة من المسلم على أخيه المسلم وأما على الكافر فكما عرفتم.
استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الأخلاق والأعمال والأهواء:
1436 -
وعن قُطبة بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم جنبني منكرات الأخلاق، والأعمال، والأهواء، والأدواء". أخرجه الترمذي، وصححه الحاكم واللفظ له.
"اللهم" أصلها: يا الله، فحذفت ياء النداء منها؛ لكثرة الاستعمال، وعوض عنها الميم؛ لأنها دالة على الجمع، فكأن الداعي يجمع قلبه على أن الله عز وجل، وأُخرت الميم تيمناً بالبداءة بذكر الله عز وجل، وهذه الكلمة "اللهم" تغني عما نسمعه من أفواه المطوفين: يا الله يا ألله، اللهم إني أسألك يا الله، اللهم ارحمني يا أله، اللهم اغفر لي يا الله، وكأن الله تعالى لا يسمعهم حتى يكرروا هذا النداء الذي لم تسمع منه في السنة أن الرسول دعا بمثل ذلك وإنما يدعو بقوله:"اللهم جنبني منكرات الأخلاق" أي: اجعلني في جانب وهي في جانب، والمراد: المباعدة؛ أي: باعد عني منكرات الأخلاق؛ أي: ما ينكر منها، وعلى هذا فتكون منكرات من باب إضافة الصفة إلى موصوفها؛ أي: الأخلاق المنكرات، والأخلاق جمع: خُلق، وهي صورة الإنسان الطبيعية لا الجسمية؛ لأن الخَلق هو الصورة الجسمية الظاهرة، والخُلُق: الصورة الباطنة المعنوية، وهي - أي: الأخلاق - جمع خُلُق، والأعمال يعني: ما يفعله الإنسان بجوارحه كالضرب والقتل والنهب وما أشبه ذلك، وكذلك الأعمال السيئة كالمعاصي والأهواء، والمراد بها: الأهواء المتصلة لأن الهوى هو الإرادة يقال: هويت كذا بمعنى: أردته، وهي - أي: الأهواء - منها ما هو منكر، ومنها ما ليس بمنكر، والذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه -إن صح الحديث- هو أن يجنبه المنكرات من الأهواء؛ لأن كل إنسان لابد له من هوى والأدواء جمع داءٍ وهو الأمراض، والأمراض بمقتضى هذا الحديث إما أمراض منكرة وهي ما خرج عن العادة سواء كانت أدواء قلبية أو أدواءً جسدية، وأما ما تجري بالعادة ويحصل للناس جميعاً من الأمراض الجسدية فهذا ليس من
المنكرات، يقول: أخرجه الترمذي وصححه الحاكم، والترمذي رحمه الله دائماً يعتني بأحاديث الأخلاق والآداب حتى إنه ينفرد بكثير منها وكذلك أيضاً الرقائق واليوم الآخر وما أشبه ذلك.
من فوائد هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرٌ مفتقرٌ إلى ربه عز وجل لا يستطيع أن يكمل نفسه، ولا أن يدفع عنها ما ينقصها، وجه الدلالة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربه ولو كان يملك ذلك ما احتاج إلى الدعاء.
ومنها: أن الأخلاق تنقسم إلى منكر ومعروف، فما كان محموداً عند الله وعند عباد الله فهو معروف، وما كان مذموماً عند الله وعند الناس فهو مذموم؛ ولهذا يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ما عده المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما عدوه قبيحاً فهو عند الله قبيح.
ومنها حرص النبي صلى الله عليه وسلم على البعد عن منكرات الأخلاق وإذا أثبتنا الضد صار معناه حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التزام محاسن الأخلاق، وكذلك ينبغي لكل مسلم أن يكون حسن الأخلاق يعامل الناس بخُلق حسن.
ومن فوائد الحديث: أيضاً سؤال الله أن يجنب العبد منكرات الأعمال سواء كانت من الأعمال التعبدية أو من الأعمال الاجتماعية المنكرات، التعبدية كالشرك بجميع أنواعه صغيرة وكبيرة جلية وخفية كالزنا واللواط والسرقة والسحر وشرب الخمر إلى غير ذلك، ومن الأعمال غير التعبدية ما يعده الناس فحشاً ومنكراً غير معروف بينهم فإن اللائق بالمؤمن أن يبتعد عن ذلك، ولا يقول: هذا أمر ليس بمحرم ولا أبالي بالناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال محذراً من مثل هذا المنهج: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت"؛ فالإنسان لابد أن يكون له صلة بالله عز وجل وهذا في العبادة ولابد أن يكون له صلة مع الناس؛ لأنه مدني بالطبع فلا يفعل ما ينكر عند الناس وإن كان لا ينكر عند الله.
ومن فوائد الحديث: أن الأهواء نوعان: منكر، ومعروف، فمن كان هواه تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهواه مع الله، وما كان مخالفاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهواه منكر، وقد جعل الله تعالى المتبع لهواه جعله عابداً لهواه فقال تعالى:{أفرءيت الذي اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً فمن يهديه من بعد الله} [الجاثية: 23].
ومن فوائد الحديث: جواز سؤال المرء ألا يصيبه الله تعالى بمرض منكر، وهذا نوع من الدفع، فإذا نزل المرض وسألت الله أن يشفيك فهذا نوع من الرفع، والإنسان مأمور بدفع الأذى عن نفسه ورفعه عن نفسه.