الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن تواري عن البهائم وتخفى لئلا تنزعج؛ لأن البهيمة تدري وتعرف، فلذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن توارى عن البهائم فيقال في الجمع: إن أمره إياها أن تشحذها بحجر لا يستلزم مشاهدة البهيمة لأنها لو استدبرت البهيمة شحذتها بدون أن تراها.
ومن فوائد الحديث: أنه يسن اضطجاع الضأن، وكذلك المعز، وكذلك البقر، هذه الثلاث يس اضطجاعها، ولكن على أي الجنوب؟ حسب ما هو أسهل للذبيحة فالذي يعمل باليمين، الأسهل للذبيحة أن يضجعها على اليسار، والذي يعمل باليسار، الأسهل للذبيحة أن يضجعها على اليمين والمقصود إراحة الذبيحة.
ومن فوائد الحديث: جواز الاقتصار على البسملة دون التكبير؛ لأنها لم تذكر التكبير قال: باسم الله ولم يذكر التكبير، وفي حديث أنس السابق أنه سمى وكبر، فدل ذلك على أن التكبير ليس بواجب.
ومن فوائد الحديث: أنه يسن أن يدعو الإنسان بالقبول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بذلك، ولكن هل يقال: إن هذا مشروع في كل عبادة أو فيما ورد به النص فقط؟ الظاهر: الثاني؛ لأننا لم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من صلاته قال: «اللهم تقبل» وإنما كان يستغفر ويقول: «اللهم إنك أنت السلام» وهذه الجملة هي في الحقيقة تتضمن الدعاء بالقبول لأن قوله «اللهم إنك أنت السلام» توسل إلى اله سبحانه باسم السلام ليسلم له صلاته، وهذا، يعني: دعاءه بالقبول لكنه ضمنا.
ومن فوائد الحديث: فضل النبي صلى الله عليه وسلم على أمته حيث سأل الله أن يتقبل من أمة محمد، الأضاحي، وأما اللفظ فيدل عمومه على أنه عام في كل شيء يتقبله الله عز وجل.
لو أن الإنسان أتى بهذا الدعاء بغير هذه الصيغة وقال: يا رب تقبل منا هل يجزئ؟ نعم يجزئ لكن الأفضل المحافظة على اللفظ الوارد في كل الأدعية، كل الأدعية يحسن أو يصلح أن تقتصر على المعنى ويجزئ لكن الأفضل مراعاة اللفظ.
حكم الأضحية:
1296 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلان» رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، ورجح الأئمة غيره وقفه.
«من كان له سعة» أي: قدرة على الأضحية فلم يضح فلا يقربن مصلانا، والنهي هنا الأصل فيه التحريم، وأنه يمنع من قربان المصلى لأن من كان ذا سعة فصلى ولم ينحر فقد خالف قول الله تعالى {فصل لربك وأنحر} [الكوثر: 2] حيث قرن النحر بالصلاة.
هذا الحديث اختلف علماء الحديث فيه هل هو مرفوع أو موقوف يقول: إن الأئمة رجحوا وقفه، والحاكم صححه على أنه مرفوع، ومر علينا قاعدة:(أنه إذا اختلف في الحديث أمر مرفوع هو أم موقوف وكان الرابع له ثقة أخذ بالرفع) فهل نقول: إن هذا مثله؟ الجواب: لا، لأن العبارات التي يسلكها العلماء- رحمهم الله ليست في كل مكان وفي كل سياق، مر علينا قاعدة تشبه هذا (إذا تعارض مثبت وناف أخذنا بقول المثبت) وسبق لنا في رفع اليدين في السجود أن ابن عمر قال: كان لا يرفع يديه في السجود، وأنه مقدم على الحديث الذي يقول: كان يرفع إذا سجد لأن ابن عمر هنا نفيه إثبات لأنه رضي الله عنه تتبع الصلاة يشاهد الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع عند التكبير وعند الركوع وعند الرفع منه ثم يقول: ولا يفعل، هذا لا يمكن أن يقال: لعله لم يطلع؛ لأن أصل تقديم المثبت على النافي هو أن النافي ليس عنده علم فإما نسي وإما جهل، لكن هذا لا يمكن أن يقال: ليس عنده علم لأنه فصل وبين، ولا يمكن أن يقال: نسي؛ لأنه يبعد أن ينسي جملة من ثلاث جمل أو أربع.
على كل حال: كلام العلماء في بعض الأحيان ليس على إطلاقه، هنا نقول: تعارض رافع وواقف فمن نقدم؟ الأصل نقدم الرافع، لأن الرفع لا يناقض الوقف؛ إذ إن الراوي قد يسوق الحديث خبراً وقد يعمل به حكما، إذا عمل به حكما فهو موقوف وإذا ساقه خبراً فهو حديث مرفوع لكن هنا قرينة تدل على أن الوقف أرجح مها الموازنة ابن حجر يقول الأئمة رجحوا وقفه، ومعلوم أن الأئمة أقوى من الحاكم وحده، ثانياً: أن أبا هريرة تولى إمارة المدينة صار أميراً في المدينة فيمكن أن رضي الله عنه يرى وجوب الأضحية أو يرى تأكدها ومنع من لم يضح مع السعة أن يقرب المسجد تعزيزاً له، فهذه قرينة تؤيد أنه موقوف، وكون الأئمة رجحوا وقفه وانفراد الحاكم برفعه أيضاً يؤيد أنه موقوف.
أما ما يستفاد منه: فقد استدل به من يرى أن الأضحية واجبة، ووجه الدلالة: تعزيز من لم يضح بمنعه من المسجد، ولا تعزيز إلا على ترك واجب، أو فعل محرم، وأجاب من لم ير الوجوب بأن هذا الحديث موقوف على أبي هريرة وليس بحجة فلا يدل على الوجوب، ومر علينا بالنسبة لحكم هذه المسألة أن شيخ الإسلام ابن تيمية يرى وجوب الأضحية وكذلك هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله.
ومن فوائده- سواء كان مرفوعاً أو موقوفاً: أن من لم يجد فلا واجب عليه، وهذا هو