الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معه والآخرون ساكتون هل يدخل في النهي للعلة أو نقول: إنه من الخطأ أن يحزن الآخرين؟ أحيانا يكون مثلاً رجل كبير في عمله أو في ماله، أو في جاهه، أو في إمارته، فيجلس في مجلس ويجلس إلى جنبه آخر ويتحدثان كل المجلس حديث مع هذا الرجل هل القوم الآخرون يرضون بهذا أو يحزنون؟
عادة يحزنون؛ ولهذا ينكرون على صاحبهم يقولون: استبددت بالرجل فهل نقول: إن هذا منهي عنه؟ نقول: نعم منهي عنه لأن ذلك إذا كان يحزن القوم فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، كل إنسان إذا جلس مع عالم أو مع أمير أو مع وزير كل إنسان يحب أن يكون له معه كلام ويأتي إنسان جنب هذا الكبير ويتحدث معه والآخرون لا يتكلمون لا شك أن هذا يحزنهم ولهذا دائمًا إذا وقع مثل ذلك ألقوا باللوم على صاحبهم قالوا: لما استبددت بهذا الرجل؟
ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن تعليمًا إذا حكم بحكم بين العلة.
ومن فوائد الحديث: أن تعليل الأحكام يستوجب للإنسان فائدتين عظيمتين، أو يحصل به فائدتان عظيمتان: الأولى: الاطمئنان أن الإنسان يطمئن للشريعة ويعرف أن هذا هو المناسب وهو الحكمة، الثاني: القياس قياس ما لم يذكر على المذكور إذا وجدت العلة فنأخذ من هذا أن كل شيء يحزن أخاك المسلم سواء في المناجاة أو غيرها فإنه منهي عنه.
آداب المجلس وأحكامها:
1383 -
وعن ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه، ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا» . متفق عليه.
قوله: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه
…
» الخ نهى النبي صلى الله وسلم عن ذلك لأن فيه عدوانًا على أخيه، وقوله:"الرجل" لا يعني: أن المرأة لا بأس أن تقيم أختها وتجلس مكانها لأن هذا مبني على الأغلب وما بني على الأغلب فلا مفهوم له، وقوله:«ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا» هل معناها ولكن يقول: تفسحوا ليطابق الآية وهي قوله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم} [المجادلة: 11]. أو إن هذا أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم أننا إذا رأينا الرجل ليس له مكان ودخل علينا فإننا نتفسح ونتوسع، والثاني أقرب إلى ظاهر الحديث؛ لأن المعنى الأول يحتاج إلى تقدير والأصل عدم التقدير. [مرة ثانية] قال: ولكن تفسحوا وتوسعوا هل معنى الحديث ولكن يقول تفسحوا وتوسعوا، يؤيد ذلك قوله تعالى:{يأيها الذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس} ، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى خبر من
إقامة الرجل وهو أن نتفسح ونتوسع فكأنه قال: ولكن إذا دخل رجل لم يجد مكانًا فتفسحوا وتوسعوا، نقول: أما الثاني فهو ظاهر اللفظ، والواجب كما كدرنا سابقًا ونكدر الآن الواجب حمل النصوص على ظاهرها ما ل يمنع مانع وهنا لا مانع ونقول: الآية دلت على معنى مستقل، وهذا الحديث دل على معنى مستقل، وأنه ينبغي لنا إذا دخل رجل ونحن قد ملأنا المكان ينبغي لنا أن نتوسع خلافًا لبعض الناس إذا دخل إنسان انتفض من أجل أن يضيق المكان هذا خلاف السنة.
من فوائد هذا الحديث: تحريم إقامة الرجل من مكانه ليجلس فيه وجه ذلك أن الأصل في النهي التحريم ويؤيد التحريم أنه عدوان على الغير، والأصل في العدوان أنه حرام.
ومن فوائد الحديث: أن الرجل بمكانه ما دامت حاجته لم تنقض فلا يقام ويشمل هذا المكان في المسجد، المكان في الدرس، المكان في موضع البيع والشراء، المكان في أي مكان هو أحق به ما لم يتركه، ولكن هل نقول: إنه أحق به في هذه الجلسة فقط بمعنى أنه إذا انتهت الجلسة وجاءت جلسة أخرى فالسابق أحق أو نقول: هو أحق به دائما؟
الجواب الأول؛ لأنه لم يملكه حتى نقول: إنك أحق به دائمًا فعلى هذا مثلاً إذا كان هذا الرجل له مكان بيع وشراء في السوق ونزل به أول مرة ثم أنكف السوق وجاء آخر النهار هل نقول إنه أحق به بمعنى: أنه لو وجد غيره فيه فإنه يقيمه، أو نقول: انتهت أحقيته بالجلسة الأولى؟
الثاني لكن إذا جرت العادة بأن مثل هذا إذا وضع متاعه في هذا المكان فهو له دائمًا ولاسيما إذا كانت الجهات المسئولة تأخذ عليه ضريبة في بقائه في هذا المكان فهنا نقول هو أحق به ما دام متاعه موجودًا فإذا نقله زالت أحقيته، والعمل على هذا الآن.
ومن فوائد الحديث: أن الرجل لا يقيم الرجل من مجلسه ولو كان ابنه، فإذا جاء إنسان ووجد ابنه في الصف الأول فإنه ليس من حقه أن يقيمه لعموم الحديث، لو كان تلميذه هل يقيمه؟
لا، الحديث عام، لو كان عبده أيضًا لا يقيمه لعموم الحديث، إلا إذا كان قد قدم عبده ليجلس فيه فهذا محل نظر. قد نقول: إنه إذا قدم عبده ليجلس فيه حتى يحضر ثم قام العبد عنه فإنه يجلس وقد نقول: إن هذا من باب التحجر لأن العبد لم يتقدم طلبًا للدوام لكن تقدم طلبًا لحماية هذا المكان لسيده وحينئذٍ تبقى هذه المسألة كمسألة التحجر، ومسألة التحجر مختلف فيها من العلماء من رخص في ذلك وقال: للإنسان أن يتحجر مكانًا في المسجد متى شاء، وما دام مكان التحجر معلومًا موسومًا بشيء موضوع فيه فهو أحق به، ومنهم من قال: إنه