الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يجوز التحجر بل المكان لما سبق، وهذا القول أرجح وأقرب للصواب؛ لأن الإنسان إنما يتقدم بنفسه لا بمنديله وكتابه وغير ذلك، ثم إن التحجر فيه مفسدة على المتحجر نفسه إذ إنه ربما يأتي وقد تمت الصفوف فيستلزم ذلك تخطي رقاب الناس، ثانيًا إذا علم أن مكانه متقدم فسوف يتساهل في التقدم ويقول ما دام مكان. مأمونًا فمتى شئت ذهبت وهذا ضرر عليه يفوت عليه أجرًا كثيرًا، ثالثًا أنه يوجب إيغار الصدور على هذا المتحجر، ولذلك نسمع دائمًا الشكاوي من الناس فلان جاء متقدمًا متأخرًا تقدم إلى الأمام وما أشبه ذلك فالذين قالوا بالتحريم أقرب، وهو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعيد رحمه الله أما المذهب يقول: تحجر هذا المكان، ولو خرجت إلى أهلك أو غير ذلك ما دام العصا موجودة أو المسواك موجودًا أو المفتاح موجودًا فكأنك موجود، إذا قال قائل: هو يريد أن يضع عصاه ويذهب مثلاً في ناحية أخرى من المسجد ولم يخرج من المسجد، ماذا نقول فيه؟
الصحيح أنه لا بأس، ولا حرج لكن يجب عليه أن يلاحظ الصفوف إذا كان يلزم من تقدمه إلى مكانه أن يتخطى الرقاب فحينئذٍ يجب عليه أن يراعي ذلك.
ومن فوائد الحديث: أنه لو أقام الرجل الرجل من مجلسه لا ليجلس فيه فإنه لا بأس لقوله: «لا يقيمه ثم يجلس فيه» لكن هذه الفائدة غير مقيدة ولا مستفادة من الحديث، لأن هذا الحديث مبني على الأغلب، فو أقمته ولم تجلس فحرام عليك؛ لأنك حرمته مكانه الذي هو أحق به من غيره فيكون قوله:"ثم يجلس فيه" بناء على الغالب.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للحاضرين إذا قيل لهم تفسحوا في المجالس أن يفسحوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولأن الله وعد خيرًا بهذا فقال:{يفسح الله لكم} وهذا وعد من الله يفسح الله لكم هل المعنى: أن المكان يتسع ويكون فيه بركة أو المعنى يفسح لكم من كل ضيق؟
الثاني أعم فيكون الجزاء من جنس العمل.
لعق الأصابع والصحفة:
1384 -
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعامًا، فلا يمسح يده حتى يلعقها، أو يلعقها» . متفق عليه.
المراد بالطعام هنا: ما يتعلق باليد وأما ما لا يتعلق فلا حاجة إلى لعق الأصابع مثاله: لو أكل الإنسان تمرًا جافًا هل يمكن أن نقول له: العق يدك؟
لا، لكن المراد الطعام الذي يعلق باليد يقول:«فلا يمسح يده» يعني: بالمنديل أو بثوبه أو
بأي ماسح آخر حتى يلعقها هو أي: يمص أصابعه يلحس راحته وما أشبه ذلك حتى يدخل بقية الطعام إلى جوفه؛ لأنه لا يدري في أي طعامه البركة، كما جاء في الحديث، وقوله:"أو يلعقها" كيف ذلك؟
يعني: يقول لواحد آخر العق يدي وهذا كان معتادًا عندهم لا يرون به بأسًا أن يقول: العق يدي وكان في زمن مضى يحب الواحد أن يذوق الطعام فقط هذا إذا قلت: يا فلان، يدي الآن فيها طعام العقها ماذا يعمل؟
يفرح لأنه يذوق طعاما فلا تستنكروا هذه المسألة، تقولوا: هذه خلاف المروءة ولا أحد يفعلها نقول: ليس كذلك إذا اعتادها الناس صارت أمرًا معروفًا وإذا كان فيها بقي طعام بين فإن المحتاج للطعام إذا مصها سوف يتلذذ بذلك هناك شيء آخر أيضًا ربما يكون عنده زوجته فيجعل الزوجة تلعقها وهو أيضًا يلعق أصابعها هذا يحصل فيه متعة، الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن ينطق بكلام لغو لا تقبله النفوس، لا يتكلم إلا بكلام تقبله النفوس.
في هذا الحديث فوائد: منها: أنه ينبغي الأكل باليد وهو خير من الكل بالملعقة لقوله: "فلا يمسح يده منها" يدل على أن الذي باشر الأكل وأن آلة الأكل هي اليد وهو كذلك، الأكل باليد أفضل من الأكل بالمعلقة، لكن الأكل بالمعلقة هل هو جائز؟
نقول: فيه تفصيل أما إذا كان المانع له من أكله باليد التكبر والتغطرس ومحاكاة ذوي الترف فهذا مكروه أقل أحواله أنه مكروه، ولهذا لما قال الفقهاء: لا بأس بالأكل بالمعلقة، قال: آخرون: إنه قد يؤخذ م قول الإمام أحمد أكره كل محدث أنه يكره الأكل بها لأن الأكل بالمعلقة كان محدثًا لكن في هذا نظر لأن مراد الإمام أحمد في قول أكره كل محدث يعني: في الدين، على كل حال إذا كان الحامل على الأكل بالمعلقة هو ما أشرنا إليه وهو التكبر والتغطرس ومحاكاة ذوي الترف فإن أقل أحواله أنه مكروه أما إذا كان لعذر فلا شك في جوازه كما لو كان في يده اليمنى جروح لا يستطيع أن يأكل بها فلا بأس أو كان الطعام حارًا فأكل بمعلقة فلا باس، لكن قد يقول قائل: إذا كان حارًا يلدع يده فسوف يلدع فمه، فنقول: لا، الفم أصبر على الحار من اليد، بدليل أنك تشرب فنجان شاي وهو حار لا تتأثر به، لكن لو غمست أصبعك فيه لا تستطيع؛ لأن الفم تعود على الحار، وقد ذكر لبعضهم وقيل له: يا فلان إنك لا تأكل بالمعلقة قال: أنا آكل بملعقة لا يأكل معي فيها غيري وأنتم تأكلون بملاعق كل يأكل بها ما هي الملعقة التي لا يأكل بها غيره؟
يده، فيقول: أنا أعرف يدي نظيفة ولا أكل بها غيري، أما أنتم فكل شفة أكلت بها بملعقة صاحبها فسوف تمس هذه الملعقة وكلامه صحيح.