الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعم، للمفاسد العظيمة التي تحصل بالحسد فمنها اعتراض الحاسد على حكمة الله عز وجل لأنك إذا كرهت ما أنعم الله به على غيرك فهذا اعتراض، كأنك تقول: هذا الرجل لا يستحق هذه النعمة، ففيه اعتراض على القدر، كذلك أيضاً الحسد لا يخلو غالباً من البغي على المحسود فنجد الحاسد يبغي على المحسود إما بلسانه أو بفعاله من أجل أن تزول هذه النعمة ومنها أيضاً أن الحاسد دائماً يكون قلياً ضيق الصدر حتى إنه ربما لا يطيب له الأكل ولا النوم وكلما ازدادت نعمة الله على المحسود ازداد نكداً وهمًّا وغمًّا، ومعلوم أن النكد والهم والغم يوجب انقباض النفس وعدم انشراح الصدر بالطاعات وغيرها، حتى إنه ربما يكون يصلي وقلبه يفكر فيما أنعم الله به على المحسود فيقل ثواب الحسنات.
ومنها: أن الحاسد ينحسر أن يسبق المحسود بما أنعم الله به عليه فمثلاً إذا رأى طالب علم قد فضله في العلم تجده يقول: ليس لي حاجة أن أتعب لأنني لن أصل إلى درجة فلان فيتوقف عن الخير بسبب الحسد، وأول من حسد فيما نعلم إبليس، فيكون الحسد إذن من اتباع خطوات الشيطان والتأسي بالشيطان وهذا من مفاسده، وله مفاسد كثيرة لكن هذا الذي يحضرني منها الآن، فالحسد فيه شر كثير.
فإذا قال قائل: الحسد في الواقع غريزة كل إنسان يعرف نعمة الله على أحد يتمنى أن يكون له مثلها.
قلنا: هذا ليس الحسد المذموم هذا الحسد يسمى حسد غبطة ولا بأس به، ولكن احمل نفسك على أن تصل إلى ما وصل إليه هذا الإنسان إن كنت تحسده على علم فاحمل نفسك على طلب العلم حتى تصل إلى ما وصل إليه، إن كنت تحسده على جاه فاحمل نفسك على أن تكون حسن الأخلاق سليم الصدر محسناً إلى الناس باذلاً نفسك لهم وحينئذٍ يكون لك عندهم جاه وهلم جرا، وهذا ليس الحسد المذموم هذا يسمى حسد الغبطة، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"لا حسد إلا في اثنتين".
ذم الغضب:
1421 -
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". متفقٌ عليه.
"ليس الشديد" يعني: ليس القوي بالذي يصرع الناس، والصرعة في صيغ المبالغة أي كثير الصرع قوي الصرع، مثل: همزة لمزة يعني: كثير الهمز واللمز فالصرعة هو كثير الصرع قوي
الصرع، والمصارعة المغالبة أيهما يصرع صاحبه ويضرب به على الأرض، وهذه المصارعة لها أساليب ليست مبنية على قوة الشخص، قد يكون الشخص قوياً فيصرعه من هو دونه، فلها أساليب معينة وهي عند الناس الآن فن من فنون الرياضة ولها عشاق لكنهم في الواقع يضيعون أوقاتهم في غير فائدة، فهل الشديد القوي هو الذي يغلب الناس إذا صرعهم؟
لا، ويذكر أن ركانة بن يزيد كان قوياً شديداً لا يصرعه أحد حتى إنه من قوته قالوا: إنهم يضعون جلد الثور تحت قدميه ويأتي أقوى الرجال ويجر الجلد من تحت قدمه فيعجز ويتقطع الجلد دون أن تزول قدماه، وهذا يدل على أنه قويٌّ جداً، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسم وطلب من الرسول أن يصارعه قال: إن صرعتني يا محمد عرفت أنك نبي وأسلمت فصارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم فلما صرعه آمن، وهذا لا شك انه من فوائد قوة الجسم وحنكته، وقوله:"وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، القوي الذي يملك نفسه عند الغضب، والغضب هو جمرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان" ولهذا تجده يحتمي ويظهر دمه على جسمه يحمر وجهه وعيناه وترتعد أطرافه وينتفش شعره من قوة ما يجري، "الشديد هو الذي يملك نفسه إذا غضب" ولا ينفذ مقتضى غضبه.
ولهذا جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال أوصني قال: "لا تغضب" قال أوصني، قال:"لا تغضب" قال أوصني، قال:"لا تغضب".
* والغضب ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مبتدأ الغضب وهذا يعتري كل إنسان ولا يمنع تصرف الإنسان في نفسه.
والثاني: منتهى الغضب وهذا هو الذي يستولي على الإنسان حتى لا يدري ماذا يقول ولا ماذا يفعل ولا هل هو في الأرض أو في السماء وهذا يقع.
والثالث: وسط بين هذا وهذا وهذا الغضب شديد لكنه يحس بنفسه ولكن الغضب يضغط عليه، فأما الأول وهو الغضب في ابتدائه فحكم تصرف من اتصف به النفوذ، تصرفه نافذ في كل شيء إن حكم بين الناس فحكمه نافذ إن طلق زوجته فطلاقه نافذ إن أعتق عبده فعتقه نافذ كل تصرفاته نافذة هذا متى؟
مبتدأ الغضب، وهذا بإجماع العلماء ولم يختلف فيه أحد وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم القضاء وهو غضبان في قصة الزبير وصاحبه الأنصاري.
الثاني: الغضب الذي يصل بصاحبه إلى حد لا يشعر بنفسه فهذا لا عبرة بتصرفه باتفاق العلماء لأنه ذهب عن وعيه ولذلك تجده ربما يضرب أولاده بعضهم ببعض يأخذ الولد الصغير يجعله عصاً يضرب به الكبير، أشياء عجيبة تذكر عن بعض الغاضبين أشد من المجنون هذا