الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي لفظ للبخاري: «فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك» .
فبدأ هنا بالحنث قبل الكفارة.
وفي رواية لأبي داود: «فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير» . وإسنادهما صحيح.
فبدأ هنا بالتكفير قبل الحنث على وجه مرتب صريحا لقوله: «ثم» ، و «ثم» تقتضي الترتيب، وهذه الألفاظ المختلفة قد نرجح بعضها على بعض، وقد نقول: إنها تدل على أن الأمر واجب، لقوله:«إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها» ، والخيرية: هنا هل هي خيرية الدين أو خيرية الدنيا أو كلاهما؟ كلاهما جميعا، مثال ذلك: حلف ألا يصومن غدا الإثنين، ومعلوم أن صوم الإثنين سنة، نقول: كفر عن يمينك وصم، دعاه ابن عمه لوليمة عرس أو غيرها فحلف ألا يجيب دعوته، فأشار عليه بعض الموفقين قال: هذا ابن عمك وإجابة دعوته من صلة الرحم وامتناعك قطيعة، فرأى أن الخير في إجابته ماذا تقول؟ كفر عن يمينك واذهب إلى صاحبك، وهل التكفير والإتيان هنا واجب؟ نقول: فيه تفصيل: إن كان الخير واجبا وجب الحنث وفعل الخير، وإن كان مستحبا استحب الحنث وفعل الخير، فإذا قال: والله لا أصلين اليوم في جماعة، إنسان أحمق! كان ابنه يقول له: يا أبت، صل مع الجماعة خير وفضل وأجر، فقال عنادا لابنه: والله لا أصلين اليوم مع الجماعة، حلف على ترك واجب، الخير هنا واجب الذي هو الحنث لو حنث وصلى مع الجماعة صار هذا أمرا واجبا عليه، فنقول: يجب عليك الآن أن تحنث وأن تكفر صل مع الجماعة وكفر، فصار إتيان الذي هو خير والتكفير حسب هذا الخير أن كان واجبا وجب الحنث والتكفير إن كان سنة سن الحنث ووجب التكفير، لأن كفارة اليمين واجبة، وإذا كان ليس خيرا ولا شرا أي: بأن كان شيئا مباحا، كأن يقول مثلا: والله لا ألبس هذا الثوب، فقال له بعض الحاضرين: البسه هذا الثوب أجمل من الثوب الذي عليك، قال: والله لا ألبسه، فهنا نقول: الأولى حفظ اليمين، لكن لو فعل ولبس الثوب وكفر فلا بأس.
الحنث في اليمين على خمسة أقسام:
وقد قسم العلماء-رحمهم الله الحنث إلى خمسة أقسام: واجب، وحرام، وسنة، ومكروه، ومباح، واجب الحنث يعني: قطع اليمين والكفارة إما واجب أو سنة أو حرام أو مكروه أو مباح، متى يكون واجبا؟ إذا توقف على الحنث فعل واجب أو ترك محرم صار
الحنث واجبا مثاله-ما قلنا قبل قليل- إذا قال: والله لا أصلي مع الجماعة اليوم فهنا يتوقف على الحنث فعل واجب، يعني: أنه يجب عليه إذا حنث من هذا اليمين أن يصلي لأن هذه الصلاة فعل واجب، فيكون الحنث واجبا، ويكون الحنث سنة إذا توقف عليه فعل سنة، ويكون مكروها إذا توقف عليه فعل مكروه مثلا نقول: والله لا آكلن الآن بصلا، البصل: أصله مكروه عند قرب الجماعة، ماذا نقول؟ الحنث هنا مستحب، يعني: ألا يأكل، لكن لو قال: والله لآكلن الآن بصلا، قلنا: الحنث مكروه، المباح كما ذكرنا في مسألة الثوب، ولكن العلماء يقولون في قسم المباح حفظ اليمين أولى من الحنث؛ لقوله-تبارك وتعالى:{واحفظوا أيمنكم} [المائدة: 89]. بقي لنا: هل يكفر أولا ثم يحنث أو يحنث ثم يكفر؟ اختلف العلماء في ذلك بناء على اختلاف الروايات، فقال بعض أهل العلم: كفر ثم احنث. عيد على عمر
وقال بعضهم: احنث ثم كفر بناء على اختلاف الروايات، والصواب أن هنا لا بأس بهذا أو بهذا، ولكن إذا كان التكفير قبل الحنث فإنه يسمى تحلة، وإن كان بعده فإنه يسمى كفارة، دليل ذلك قول الله-تبارك وتعالى:{يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تنبغى مرضات أزوجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمنكم} ] التحريم: 1 - 2]. وهو التكفير قبل الحنث وقال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمن فكفرته إطعام عشرة مسكين} [المائدة: 89]. هذا بعد الحنث، والصواب أن الإنسان إذا حلف على شيء وأراد أن يحنث نقول له: أنت بالخيار إن شئت فافعل ثم كفر وإن شئت كفر ثم افعل هذا هو القول الراجح بمعنى: أنه لا يتعين لا هذا ولا هذا.
من فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يحنث في اليمين إذا كان خيرا؛ لقوله: «فرأيت غيرها خيرا منها فكفر
…
إلخ».
ومن فوائد الحديث: الانتقال عن المفضول إلى الأفضل ولو عينه الفاعل، يعني: ينتقل عن المفضول إلى الأفضل ولو كان المفضول قد عين، دليله قوله:«كفر عن يمينك وائت الذي هو خير» ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن فتح الله على رسوله مكة أن يصلي في بيت المقدس قال: «صل هاهنا» فأعاد عليه قال: «شأنك» ، فهذا يدل على أن الانتقال عن المفضول إلى الفاضل جائز ولو كان المفضول قد عين، وبناء على ذلك لو