الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والإقرارية، وهذا أمر ظاهر، فالسكوت عن الذب عن سنته ليس من النصيحة بل عليك أن تذب عن سنته صلى الله عليه وسلم كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
ومن النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم: إعانته ومشاركته في الجهاد في سبيل الله كما وقع للصحابة رضي الله عنهم، فإنهم قاتلوا معه ولم يتخلف عنه عاتبهم الرسول صلى الله عليه وسلم أشد عتاب ككعب بن مالك وصاحبه حتى تابوا إلى الله عز وجل فمحا الله عنهم ما جرى.
النصح للولاة وللعلماء:
النصح لأئمة المسلمين، "أئمة": جمع إمام والمراد به: كل من يقتدي به، فيشمل الأمراء، ويشمل العلماء، ويشمل أئمة المساجد، ويشمل نظراء المدارس وغيرهم؛ لأن قوله:"الأئمة" جمع إمام، المراد: كل من يؤتم به سواء الإمامة الكبرى أو الصغرى وسواء إمامة دينية أو إمامة أميرية، النصح لولاة الأمور أو لأئمة المسلمين أمر مهم، وهو أهم نم النصح لعامتهم ولكن كيف يكون ذلك؟ لابد من سلوك الحكمة في النصيحة لهم، فالعلماء لهم نصيحة خاصة والأمراء لهم نصيحة خاصة والطرق الموصلة إليهم تختلف أيضاً باختلاف الأحوال.
فالنصيحة للعالم أولاً: أن يحمل الإنسان ما أخطأ فيه على حسن النية بقدر الإمكان؛ لأن العالم لابد أن يفتي إلا أن يشاء الله وكل إنسان معرض للخطأ، فتحمل خطيئته على أحسن المحامل متى وجدت لذلك مساغاً.
ثانياً: أن تناقشه فيما ترى أنه أخطأ فيه، لكن قد تكون المناقشة علانية وقد تكون سرية، فيتبع الأصلح في ذلك، فإن أشكل عليك بالسرية فلا بأس بالعلانية، السرية في الغالب أنفع وأجدى.
النصيحة للأمراء: أولاً: أن تعتقد وجوب طاعتهم في غير معصية الله؛ لأنك إذا لم تعتقد ذلك فلن تطيعه، ومن الذي أوجبها؟ الله عز وجل في قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]. وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا» وفي مبايعة الصحابة له على ذلك كما في حديث عبادة بن الصامت: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ويسرنا وعسرنا وأثرة علينا» .
ثالثاً: أن تطيع أوامره، هذا من النصيحة لهم إلا في معصية الله، وإن عصوا نطيعهم إلا في معصية الله، يعني: لو كانوا فساقاً يشربون الخمر ويلعبون القمار يجب علينا طاعتهم حتى في هذه الحال؛ لأنه يجب أن نطيعهم وإن عصوا، لكن في المعصية لو يأمروننا بأدنى معصية ولو لم تكن كبيرة، فإنه لا يجب علينا أن نطيعهم وإن عصوا، لكن في المعصية لو يأمروننا بأدنى معصية ولو لم تكن كبيرة فإنه لا يجب علينا أن نطيعهم، ولكن هل ننابذ أو أن نقول: لا نستطيع أن نفعل
نقابلهم بهدوء لعلهم يرجعون؟ الثاني يتعين؛ لأن منابذتهم قد تؤدي إلى أن يركبوا رؤوسهم وأن يلزموك ويكرهوك على الشيء لكن إذا أتيت بهدوء ونصيحة وقلت: ربنا وربك الله، والله عز وجل نهى عن هذا، والذي أوجب علينا طاعتكم هو الله، لكن في غير المعصية وتهادنه فإن اهتدى فهو المطلوب، وإن لم يهتد فأنت معذور لأنك مكره.
الثالث: من نصيحتهم: ألا نثير الناس عليهم، وإثارة الناس عليهم ليس معناها أن نقول: يا أيها الناس ثيروا على أمرائكم هذه ما أحد يقول هكذا، لكن ذكر المساوئ وإخفاء المحاسن توجب إثارة الناس؛ لأن الإنسان بشر، وإذا ذكر لشخص المساوئ دون ذكر المحاسن سوف يمتلئ قلبه بغضاً لهذا المذكور، أما إن ذكر محاسنه ولم يتعرض لمساوئه فسوف يمتلئ قلب الإنسان بفضائله فهذا أيضًا من نصيحتهم، وقد جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم من الدين.
الأمر الرابع: إبداء خطأهم فيما خالفوا فيه الشرع، بمعنى: ألا تسكت، ولكن على وجه الحكمة والإخفاء، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الإنسان من الأمير شيئاً أن يمسك بيده وأن يكلمه فيما بينه وبينه، لا أن تقوم في الناس وتنشر معايبه؛ لأن هذا يحصل به فتنة عظيمة، السكوت على الباطل لا شك أنه خطأ، لكن الكلام في الباطل الذي يؤدي إلى ما هو أشد هذا خطأ أيضًا، فالطريق السليم الذي هو النصيحة، وهو من دين الله عز وجل، هو أن يأخذ الإنسان بيده ويكلمه سراً أو يكاتبه سراً، فإن أمكن أن يوصله إياه فهو المطلوب وإلا فهناك قنوات الإنسان البصير يعرف كيف يوصل هذه النتيجة إلى الأمير بالطريق المعروف، الخامس: احترامه الاحترام اللائق به، وليس احترام ولي الأمر كاحترام عامة الناس، ربما يأتيك فاسق من عامة الناس لا تبالي به ولا تكلمه، ولكن ولي الأمر على خلاف ذلك، ولاسيما إذا كان أمام الناس، لأنك إذا ظهرت أنك غير مبال به فإن هذا ينقص من قدره أمام الناس ونقصان قدر الأمير أمام الناس، لأنك إذا ظهرت أنك غير مبال به فإن هذا ينقص من قدره أمام الناس ونقصان قدر الأمير أمام الناس له سلبيات خطيرة جداً، ولاسيما إذا كثرت البلبلة وكثر الكلام فإنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة، وكما تبين لمن كان منكم متأملاً أحوال الناس اليوم.
السادس: من النصيحة له: ألا تكذب عليه ونظهر له أن الأمور على ما ينبغي وهو خلاف الواقع؛ بمعنى: أن نبين له حقائق الأمور على ما هي عليه إن سيئة أو صالحة؛ وذلك لأن بعض الناس-والعياذ بالله- يغش الأمير، يذكر له أن الأشياء على ما يرام زعماً منه أنه يريد إدخال السرور على الأمير وهذا غلط عظيم، الواجب أن تذكر الأمور على ما هي عليه؛ لأنه لا يمكن لإنسان أن يداوي جرحاً حتى يعرف مادته ويستخرجها، وإلا فكم قال الشاعر:[الوافر]
(إذا ما الجرح ضمَّ على فسادٍ
…
نبين فيه إهمال الطبيب)