الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إثره هذا منهي عنه، ولاسيما إذا كان هذا السائل يستأثر بالمسئول فهذا منهي عنه، وقد بينا أن كثرة السؤال تشمل كثرة سؤال المال وسؤال العلم، والمراد بسؤال المال ما يستحقه الإنسان، أما ما لا يستحقه فهو منهي سواء كان كثيرًا أو قليلاً.
ومن فوائد الحديث: النهي عن إضاعة المال وهذه كلمة عظيمة جامعة كل ما يبذله فيما لا ينفع لا في دين ولا في دنيا فهو إضاعة، ومن هنا نأخذ تحريم الدخان أو لا؟
نعم، نأخذ ولو قلنا لنا صاحبه: يحدث لي انبساط وأنا أتناوله وغير ذلك نقول: نعم، ولكن آثاره الضارة تربو على منافعه والله عز وجل حرم علينا الخمر والميسر لأن إثمهما أكبر من نفعهما، فنقول: أنت إذا تلذذت به أو انشرح صدرك له لأنك اعتدته حتى الذين يشربون الشاهي إذا فقده يحتاج للشاهي سريعًا، وأظن أيضًا حتى إنك لو تأخرت في الغداء وأنت تشتهيه يضيق صدرك، فعلى كل حال نقول لهذا الذي يقول: إن الدخان يتلذذ به ويشرح صدره نقول: لا عبرة به لأن مضاره أكثر من منافعه وما كان مضاره أكثر من منافعه، فإنه محرم؛ لأن القاعدة الشرعية أنه إذا ربت المفاسد على المصالح صار الشيء حرامًا، هل من إضاعة المال أن تعطيه للسفهاء؟ نعم، لقوله تعالى:{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا} [النساء: 5]. ولا شك أن هذا من إضاعة المال يعطي الصبي يشتري مفرقعات يؤذي الناس هذا حرام.
بر الوالدين وضوابطه:
1398 -
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين» . أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم.
الظاهر أن "في" في قوله: "في رضا الوالدين" للسببية، بمعنى: أن رضا الوالدين سبب رضا الله، وسخط الوالدين سبب لسخط الله، والرضا معروف أن يكون الإنسان مطمئنًا بالشيء منشرحًا به صدره وغير ذلك فإذا أطعت والدك أو والدتك تطمئن به نفسه ويشرح له صدره فهذا هو سبب الرضا، والمراد بالوالدين الأم والأب وهما أحق الناس بالبر.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: الحث على إرضاء الوالدين وجه ذلك أنه سبب لرضا الله عز وجل ولكن هذا ليس على إطلاقه فإن من الوالدين من يرضى بالفسوق ويسخط الصلاح فهل يكون
رضاهما في رضا الله؟ لا، إذن المراد رضا الوالدين إلا فيما يسخط الله، فإن رضا الله مقدم على رضا الوالدين.
ومن فوائد الحديث: إثبات الرضا لله عز وجل، وأنه صفة حقيقية وهي غير رضانا، وهذا الذي عليه السلف الصالح وأهل السنة والجماعة، أي: أن الله تعالى يرضى ويغضب ويكره ويحب وأن هذه صفات كلها حقيقة، لكن من المعلوم أنها لا تشبه رضا المخلوقين أو محبة المخلوقين؛ لأنهما أكمل، وقد قال الله تعالى:{ليس كمثله شيء} [الشورى: 11].
ومن فوائد الحديث: التحذير من سخط الوالدين؛ لأن ذلك سبب لسخط الله، فإن قال قائل: إذا سخطا شيئًا فيه مصلحة للابن، وليس فيه مضرة عليهما، فهل المرتضى هنا اتقاء سخطهما ولو خسر الولد هذه المنفعة أو بالعكس؟ يعني لو سخطا شيئًا فيه منفعة للولد في دينه أو دنياه، قالا: لا تفعله، مثل ما يفعله الآن بعض الناس يقول لولده: لا تطلب العلم، لا تتبع الشباب المتدين، إن فعلت سنغضب عليك هل يطيعهما في هذا؟ لا يطيعهما، وإن كان تركه ليس سخطًا مسخطًا لله، ولكنه ترك كمال وفي مصلحة للابن، وليس فيه مضرة على الوالدين، فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال ففيهما فجاهد، وأمر أن يدع الجهاد وهو فرض كفاية أو سنة كفاية أمره أن يدعه من أجل أن يبقى في شئون والديه؟ قلنا: بلى قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وما قاله الرسول فهو حق والرسول حاكم وليس محكومًا عليه لكن إذا كان الوالدان محتاجين للولد والجهاد في حقه نفل فأيهما يقدم؟ يقدم حاجة الوالدين؛ لأن دفع حاجة الوالدين واجبة، وجهاد النفل ليس بواجب، ثم الجهاد أيضًا ليس كطلب علم أو مصاحبة الأخبار، الجهاد فيه عرضه للموت والقتل وقد يشق ذلك على الأب والأم فبينهما فرق، إذن رضا الله في رضا الوالدين ليس على إطلاقه وسخط الله في سخط الوالدين ليس على إطلاقه، لو أن الأب أو الأم طلبا من ولدهما أن يتزوج بنت عمه وقالا إن لم تفعل فسوف نسخط عليك ونغضب منك، وقال: لا، لا أريدها، نفسي لا تريدها فهل نجبره على أن يتزوجها؟ لا؛ لأن عدم زواجه بها لا ضرر على الوالدين فيه وتزوجه بها ربما يكون فيه ضرر عليه ربما تكون النتيجة عكسية ثم يطلقها بعد أن يدخل بها وتكون النفرة بينه وبين عمه أشد مما لو عدل عن تزوجه بابنة عمه إلى بنت غيره، فالمهم: أنه كما قال شيخ الإسلام: لا تجب طاعة الوالدين إلا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر على الابن فيه، وإلا لكان بعض الوالدين يأمر ولده بما يضره ولاسيما الأمهات، الأم إذا رأت من ابنها أنه يجب الزوجة صارت الزوجة كأنها ضرة لها بعضهن يصرح يقول: إما أنا